بعد إنجلاء تداعيات تمديد البت النهائي في العقوبات الأمريكية على السودان، لمدة (3) أشهر أخرى، وامتصاص الحكومة غضبتها، سوف ندخل جميعاً في دوامة الانتظار، الانتظار والترقب من قبل الحكومة التي تُعلق كل آمالها وآمال الشعب على القرار الأمريكي برفع العقوبات الاقتصادية، وسوف نطالع بيانات معارضة تُحرض على الإبقاء على العقوبات. وفي الحالتين، يظهر بؤسنا وقلة حيلتنا وعجزنا، الحكومة تعوّل على قرار رفع العقوبات الاقتصادية بينما لم تقم بالإصلاح المطلوب الذي يستوعب القرار الأمريكي، البحث عن صورة جميلة لواقع عكس ذلك. الوضع يشبه تماماً ما يسمونه خبراء البشرة والتجميل بالبحث عن بشرة ذات مظهر جذاب بينما الجلد الميت متراكم وباق. بعض قوى المعارضة التي تبذل كل جهدها في تعطيل القرار الأمريكي، تعتقد أن هذا القرار سوف يمنح النظام عمراً أطول، أو أن المستفيد منه الحكومة وليس الشعب. بينما في الواقع أن القرار الأمريكي برفع العقوبات سوف يضع الحكومة أمام امتحان قاسي، سوف تفشل فيه مالم تقم بما يلزم... خلال السنوات الأخيرة، ما بعد انفصال الجنوب، ظلت العقوبات الأمريكية شماعة الفشل، وربط كثير من المسؤولين فشل سياساتهم بالعقوبات، لدرجة لو سألت عن سبب تراكم النفايات في الأحياء، لن يتردد أحدهم في رمي هذه النفايات في العقوبات الأمريكية. الحديث عن ضرورة إصلاح داخلي سياسي واقتصادي حتى يستوعب القرار الأمريكي القاضي برفع العقوبات، هو حديث خبراء ومختصين، كرروه مرات ومرات في الندوات والمؤتمرات بالتشريح والتفصيل، قدموا (روشتة) متكاملة حتى يستفيد السودان من رفع العقوبات.. أكبر هذه المعوقات هو الفساد، وليس شيء قبله ولا بعده. أخشى أن تنقضي فترة ال (3) أشهر في الانتظار والترقب، وتقديم شهادات حسن السير والسلوك بالنسبة للحكومة، بينما تصب المعارضة جهدها في الحملات والمراسلات لشرح كيف أن هذا القرار يطيل عمر النظام. عجزنا يتمركز في هذه النقطة، التعويل على الحل الخارجي، في أن ينوب عنك أحدهم ليؤدي الواجب الذي ينبغي أن تؤديه أنت. العقوبات أن رُفعت لن تُقدم ولن تؤخر مالم ينصلح الداخل، لاحظت أن كثيرين ممن هم مختصين يربطون رفع العقوبات بأسعار (الدولار) وانخفاضها، بينما كان سعر (الدولار) جنيهين ونصف قبل انفصال جنوب السودان والعقوبات مفروضة.. بعضهم يتصور أن القرار سوف يصدر اليوم، وغداً سوف يصل الدولار (10) جنيهات. صحيح، إذا رُفعت العقوبات نهائياً، سوف يفرح الناس والحكومة أكبر الفرحين، لكن سرعان ما تزول (السكرة) وتأتي (الفكرة) لنجد أن هناك عقوبات أشد قوة وأكثر منعا.. العقوبات السودانية. التيار