المعتمد آفة الحكم المحلي..شمال كردفان نموذجاً استحدث منصب المعتمد في الحكم المحلي بعد إلغاء منصب المحافظ والمحافظات في العام2003م تنفيذا لتوصيات مؤتمر تقييم وتقويم تجربة الحكم اللامركزى لعام 2002م واصبح المعتمد يقود العمل التنفيذى والسياسي بالمحلية إضافة لترؤسه للجنة الأمن وبعد صدور الدستور الإنتقالي لعام 2005م وصار الحكم المحلي شأنا ولائيا أصبح تعيين المعتمد وإنشاء المحليات من إختصاص الولاية، هذا الوضع حفز قيام محليات جديدة لم تكن مستوفية للشروط الموضوعية لإنشاء المحليات فتزايد العدد حتى وصل إلي (189) محلية جغرافية في السودان بدلا عن (143) في العام 2003م كما ظهر منصب معتمد الرئاسة لأول مرة في العام 2005م ووصل عددهم الآن إلى (62) معتمدا للرئاسة بالسودان. وبولاية شمال كردفان يوجد(13) معتمدا يتمتعون بكافة صلاحياتهم الدستورية في المحليات ولكنهم في مجلس الوزراء يتحولون إلى مراقبين؟؟؟!! هذا الوضع لم يمكن المعتمد من التعبير عن الواقع الذى تعيشه محليته ولا يسهم في حل مشاكلها الكثيرة والمتعدده..وكأنما القانون يريد أن يمكّن المعتمد من المخصصات فقط. فالمعتمد في المحلية له مخصصات عالية ومتصاعدة ومفتوحة حيث نجده إضافة لراتبة الشهرى المقدر، له جملة من البدلات الأخرى مثل بدلات اللبس والضيافة وتذاكر السفر الداخلية والخارجية والبديل النقدى ،كما يتمتع السيد المعتمد ببنود أخرى للصرف تخصم من ميزانية المحلية رغم قلتها تتمثل في تأهيل وتثبيت مكتب المعتمد ومدير مكتبه والسكرتاريه والمستشارين والكوادر المساعده له ودفع مرتباتهم ومخصصاتهم المالية أضف إلي ذلك أسطول العربات التى تعمل مع المعتمد والكوادر المساعده لهم وتكاليف الوقود والصيانة والنثريات والضيافة الخاصة بمكتب المعتمد إضافة إلي مرتبات ومخصصات ومعينات العمل الخاصة بالحراسة والمراسم والعلاقات العامة والإعلام. فالإيفاء بهذه المخصصات فرض واقعا مريرا ومؤلما وأصبحت أغلب المحليات تعمل فقط لتغطية مخصصات المعتمد وأعوانه ويدلل ذلك تردى الخدمات وضعف تقديمها في المحليات فلا توجد إنجازات تذكر في كافة المحليات سوى مشاريع الأثر السريع الإسعافية التى تكفلت بها حكومة شمال كردفان ضمن مشاريع النفير والنهضة بالولاية تقديرا لمساهمات المحليات المقدرة في النفير وتبنى المعتمد لمشاريع المنظمات العاملة في المجالات الخدميه والمشاريع القومية الأخرى تحت مسمى شراكة. ورغم مجهوداته المتواضعة في مجالات التنمية والخدمات فإن المعتمد يهيمن على كافة السلطات والصلاحيات التنفيذية والإدارية والمالية والسياسية والتشريعية – في ظل غياب المجالس التشريعية المحلية- ومجالس النفير الفاعلة ، فضلا عن إتاحة قانون الحكم المحلي فرصة أخرى له عندما لم يحدد من هو أمين الخزينة بالمحلية؟! ليصبح المعتمد هو المسئول الاول عن تصريف الشئون المالية والتصديق بالصرف فالمال يجرى على يديه وحده دون رقيب أو حسيب مع العلم أن المعتمد ليس بموظفٍ في الخدمة العامة ولا يخضع لقوانين المراجعة..وفي كثير من المحليات المال عنده لا يكمل دورته المستندية؟؟!!!. هذا الوضع أضعف دور المجلس الشعبي للمحلية وقلل فرص المشاركة في إتخاذ القرار والعمل الجماعي وغيب تطبيق معاني الشورى وتنفيذ مبادئ الحكم الراشد. ووجود المعتمد علي رأس الجهاز التنفيذى للمحلية بدلا عن المدير التنفيذى أفقد المحليات القيادة المهنية المتخصصة والمؤهلة والمدربة ذات الخبرات المتراكمة في قيادة العمل التنفيذى. فالمعتمد ورغم هذه الصلاحيات والمخصصات العالية إلا أنه فشل في أن يحقق الغايات والأهداف التي أنشأت من أجلها المحليات ولم يشبع رغبات المواطنين الذين يطمحون في ترقية الخدمات الأساسية ، فوجود المعتمد أوقف عجلة التنمية والتطور وقتل روح التفاؤل والطموحات في نفوس مواطني المحليات وأصبح يشكل عبئا ثقيلا على كاهل المواطن. فالمواطن في شمال كردفان وفي ظل التغييرات الكلية التي تعيشها البلاد وإنجاحا لمخرجات الحور الوطني يرى ضرورة محاسبة المعتمدين في جميع الملفات وخاصة الوديعة المليارية ومن ثم حلهم وتكليف المدراء التنفيذين بالمحليات بعد نموذج النجاحات الكبيرة التى حققوها في محلية الرهد أبودكنة بعد وفاة المعتمد (تبار) وبمحلية بارا بعد إستقالة معتمدها(أبوزول) ومحلية أم دم حاج أحمد بعد أحداث الشغب المؤسفة وفي جبرة الشيخ بعد ذهاب معتمدها أحمد وادي مستشفيا..فهذه التجارب يجب أن تعزز بمنح المدراء التنفيذين مزيد من الفرصة وتأخير تعيين معتمدي حكومة الوفاق الوطني إلي نهاية العام الجاري ومن ثم عقد ورشة متخصصة لتقييم التجربة وتنفيذ مخرجات فورا لتصبح شمال كردفان أول ولاية تبادر بمعالجة هنات تطبيق قانون الحكم المحلي الذى نؤكد أنه تجربة ناجحة ينقصها التطبيق السليم وأنه الأقرب لإنزال الخدمات للمواطن. ونهمس في أذن مولانا هارون بأن المواطن في الفترة القادمة وفي ظل الضغوط المعيشية الكبيرة وتذبذب الأمطار وسعر الدولار وإرتفاع أسعار الذره فإن المواطن لا يتحمل وجود دستورى ذو مخصصات عالية..مع العلم أنه لا يفرط في محليته ولا يقبل تذويبها ولكنه يتطلع إلي إستحداث نظام جديد يكون أقل تكلفة وأكثر عدالة من المعتمد.. ويفضل أن يشرف على المحليات في ظل تكليف المدير التنفيذى وزير الحكم المحلي ليعبر بصورة صادقة عن مشاكل وأشواق وطموحات أهل المحليات. وإن كان لا بد من تعين معتمدين يجب إكمال حلقات وأركان الحكم المحلي أولا بقيام المجالس التشريعية المحلية وتفعيل مجالس النفير لإحكام الرقابة على المعتمد وتقليص سلطاته ومخصصاته حتى تنعم المحليات بالتنمية والخدمات. ادم ابوعاقلة [email protected]