بدأت فى هذه الايام افواج الرجعة الطوعية للاسر الجنوبية الى ولايات الجنوب المختلفة ,وسط تخوف بعض الاسر من حدوث اضطرابات امنية حال وقوع الانفصال ,بينما هنالك اسر رفضت فكرة الرجوع الى الجنوب لارتباط مصالحها وسبل كسب عيشها ومدارس اطفالها بالشمال ,وبسبب تدنى الحياة العامة فى الجنوب من (صحة ,تعليم ,وتوفر سبل الاعاشة والسكن ) ومن هنا تبدأ معاناة الاسر بترك كل ارتباطاتها الاجتماعية وسبل كسب عيش حياتهم ومدارس ومستقبل ابنائهم لواقع مجهول يستقبل آلاف المواطنين دون ان يوفر لهم ادنى مقومات الحياة ,لهذه الاسباب هنالك كثير من الاسر رفضت فكرة الرجوع حتى اذا انفصل الجنوب ,مستندين على تصريح الرئيس عمر حسن الذى اكد فيه مسئوليته التامة للممتلكات وارواح كل الجنوبيين بالشمال حال وقوع الانفصال. اسرة نبيل قردن كول من الاسر التى رفضت فكرة الرحيل الا اذا كان الامر اجبارى ويسبب لهم بعض المشاكل,(الاحداث) طرقت باب منزل اسرة نيدل الذى يسكن منطقة الحاج يوسف المايقوما منذ 21عاما وهو من ابناء منطقة ولاية جونقلى (دينكا بور) وله من الابناء وول ,ودينك (اكمال ثانوى ) وله من البنات ميرى وهى طالبة بجامعة السودان قسم الجغرافيا اما جاكلين وفكتوريا فهما فى مرحلة الاساس ,اما زوجته ادود عمر فهي من قبيلة المسيرية , ويسكن معهم فى هذا المنزل ابن اخته رمضان قاى الذى يدرس هو الآخر بجامعة السودان قسم ادارة الاعمال . جلست وسط ترحيب لم اكن احلم بجوار افراد هذه الاسرة وكأننى اعرفهم منذ زمن طويل .بدأت الحديث معهم عن شكل علاقاتهم الاجتماعية مع اهل الحى والجيران ردا الجميع وبصوت واحد نحنا علاقتنا مع ناس الحى كويسة خالص بنداخلهم وبداخلونا فى الافراح والاتراح وزاد على ذلك رب الاسرة نيدل قردن قائلا منذ ان سكنا هذا الحى لم يحدث لنا اى مشكلة مع اهل الحى مضيفا ان الاطفال انفسهم لهم صداقة مع اطفال الحى وزملاء المدارس ويقومون بتبادل الزيارات واللعب فى الشارع معا ,.قاطعته قائلا له :رأيك شنو فى موضوع الرجعة الطوعية ,فما كان من الجميع الا تغير ملامح وجوههم وانفجرت براكين الغضب إلى درجة اننى خفت ان تنقطع هذه الجلسة , بدأت اشرح لهم اننى معهم وليس ضدهم ولهذه الاسباب انا هنا ثم طلبت منهم الهدوء ,اول من رد على سؤالى هو نيدل قردن قائلا لى وبصوت عال: (انت لو داير تتحدث عن الرجعة الطوعية امشى محل الترحيلات محل الناس ماشين نحنا ماماشين ) مضيفا جملة استنكارية هو مش السودان دا حق كل السودانين وانا من حقى اقعد فى شندى واللا دنقلا !! معزيا ذلك إلى ان المشكلة سياسية وليست اجتماعية ونحن كسودانيين عايشين فى سلام وامان بس المختلفين هم السياسيين فقط .اما زوجته ردت بطريقة خالية من الغضب حيث قالت لى :انا ماراجعة عشان انا سودانية ودايره السودان يكون موحد.وبدات تخوفها من مستقبل ابنائها حال الرجوع الى الجنوب لان المدارس فى الجنوب باللغة الانجليزية التى سوف تكون اكبر عائق بسسب تدنى مستواهم فيها ,وان علاقتى مع ناس الحى جعلت منى جزءا لايتجزأ من هذا المجتمع .قطع الحديث بيننا زوجها قائلا :شوف يا استاذ الانفصال لايعنى مغادرة الجنوبيين الموجودين فى الشمال فنحنا اذا حصل انفصال قاعدين فى الشمال كما جاء فى تصريح السيد الرئيس عمر حسن الذى امن على مسئوليته التامة على ارواح وممتلكات الجنوبيين بالشمال حال وقوع الانفصال مضيفا ان رئيس حكومة الجنوب سلفاكير هو الاخر امن فى تصريح حمايته للممتلكات وارواح الشماليين بالجنوب ,لذلك الترحيل اصبح غير ملزم بعد الانفصال ,داخلنى رمضان قاى بسؤال انت تتوقع شنو لوحصل الانفصال هل ستتعرض الاسر الجنوبية الى قتل وتعذيب من المواطنين الشماليين؟ قلت له انا اتوقع كل الخير لأهل السودان ككل.واضاف رمضان قاى ان الاسر الجنوبية التى تم ترحيلها الى ولايات الجنوب لم تكن ترغب فى هذه الرجعه ولكنها متخوفة من حدوث اضطرابات امنية بالشمال اذا اقع الانفصال لذلك تحينوا فرصة الترحيل المجانى ,طرحت سؤالا للكل عن اسباب عدم رغبتهم فى الرجوع الى الجنوب؟ صمت الجميع الا نيدل الذى قال لى :اولا الحياة فى الجنوب صعبة شوية وتفتقر الى ادنى مقومات الحياة من (صحه .وتعليم الخ..) مضيفا لى انه اتى من الجنوب قبل عام , لذلك لايرغب الا اذا كان الامر اجباريا ويسبب له بعض المشاكل. ومضى معددا اسباب الرفض اولا انا ضد فكرة العودة عشان ارتباط مدارس ومستقبل اولادى بالشمال ,وخصوصا بنتى ميرى التى تدرس بالمرحلة الجامعية لو رجعت بكون ضيعت مستقبلها تماما,هنا تدخلت ميرى نفسها قائله :انا اذا استقريت فى الشمال فدا بس عشان اكمل دراستى فقط وما عشان اى ارتباط اخر ,قلت لميرى انت شكلك انفصالية ؟ ردت لى انا انفصالية لأسباب كثيرة منها اننى لم انس معاناة الجنوبيين قبل اتفاقية السلام من (حروب واهانة ) وعشان نحن دايرين نبنى دولتنا الجديدة , تركتها تتحدث ووجهت سؤالى الى رمضان قاى الذى هو الاخر اتفق مع خاله بانه لا يرغب فى العيش بالجنوب ويحلم بان يكون السودان فى تعايش سلمى ,واضاف انه لن يرجع الا اذا كانت الرجعة اجبارية متفقا مع راى خاله فى ذلك . ختمت حديثى معه بسؤال ماذا تتوقع للاسر التى سوف تذهب الى الجنوب ؟هنا ايضا اتفق مع خاله حيث قالوا : نتوقع حدوث مجاعة بسسب عدم جاهزية المواطن الجنوبى من حيث (السكن والاعاشة ,وسبل كسب العيش) مبينا تخوفهم من انتشار امراض بسبب تغير الجو وطبيعة المنطقة, وختم حديثه متخوفا من تشرد الاطفال بسسب عدم وجود مدارس بالجنوب.,وعند خروجى منهم استوقفت الطفلة جاكلين وسألتها عن رأيها فى موضوع العودة الى الجنوب,فردت وعينيها مملوءتان بالخجل قائله :انا دايرة اقعد هنا عشان المدرسة وصحباتى فى الحى والمدرسة. الاحداث