دعوات صريحة لوحدة إسلاميي السودان محنة "الجماعة المصرية"... إخوان السودان يتحسسون سلاح الوحدة """"""""""""""""""" السنوسي أظهر حنقاً كبيراً على مقاطعة المنصة لكلمته.. ومنتسبو الشعبي أوشكوا على إفساد المسيرة """""""""""""""" المحتجون فوجئوا بترسانة شرطية مستحدثة أمام السفارة المصرية.. والمتحدثون تباروا في انتقاد السيسي وعدلي منصور """"""""""""""""""""" قيادي ينتهر شخصاً طالب بإفساح الطريق أمام الزبير أحمد الحسن ويقول له "نحن دايرنهم زي عامة الناس" """""""""""""""""""""" امير الدبابين يطرق باب الوحدة والزبير يقول إن السنوسي شيخي وحاج ماجد يهتف "وحدة قوية إسلامية" """"""""""""""""""""""" صورة مشهدية يرسمها: يوسف الجلال أظهرت مكونات التيار الإسلامي العريض في السودان ميلاً جارفاً نحو وحدة الصف، تفادياً لحدوث ما سموه سيناريو التضييق على حركات الإسلام السياسي، وتبارى المتحدثون في منصة مسيرة "مناصرة الشعب المصري" التي سيرتها تيارات وتنظيمات إسلامية أمس، في المناداة بضرورة توحد الإسلاميين في السودان، لدرجة ان امير الدبابين محمد احمد حاج ماجد لم يتهيب المترتبات التي يمكن ان تنجم عن حديثه، حينما طالب زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي ورئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير بالتوحد، وبدا "حاج ماجد" اكثر جرأة وهو لا يستبطن اشواق الوحدة ويدفع بها الى اجواء العلن في منصة المسيرة التي جمعت – من عجب - بين كادرات الوطني والشعبي، لأول مرة منذ مفاصلة الإسلاميين الشهيرة. تنسيق مبكر وغياب لافت تلاقت خيوط المنددين بالمترتبات الدامية الناجمة عن فض المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية، وتجمعت عند باحة حدائق الشهداء تعلوها لافتات كُتبت بأحرف ناقدة لتطورات الاحداث في مصر، بعدما سرت الدعوات صباح امس للخروج في مسيرة للتنديد بالتدخل الدامي ضد مؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، لكن بدا لافتا جدا ان اصحاب دعوات الخروج في المسيرة قد تغيبوا عن المنصة الرئيسة، اذ لم يكن بين المتحدثين احد كادرات مبادرة السائحون الذين مثلوا طليعة الاصوات الرافضة لأحداث ميدان رابعة العدوية، حتى ان الدكتور اسامة توفيق الذي حرص على تذكير الصحفيين برسالة هاتفية نصية من اجل الحضور لم ترصده كاميرات الصحافة في المنصة. الشرطة تتصدى انسربت دهشة منتسبي التيارات الإسلامية التي تداعت ل(نصرة الشعب المصري) الى داخل النفوس، وآثرت عدم الاصطدام بالترسانة المستحدثة التي نصبتها الشرطة امام مبنى السفارة المصرية قبالة قاعة الصداقة، بل ان تلك القواعد لم تُظهر غضبة مضرية كتلك التي ستفرزها ألسنة المتحديثن حينما يصعدوا الى منصة المسيرة التي تخيرت التجمع امام حدائق الشهداء، التي شهدت من قبل اعتى مسيرات الرفض التي سيرتها مكونات التيار الإسلامي في السودان، حتى ان كثيرين تذكروا في ما يُشبه التداعي، مسيرات مماثلة تحدى من خلالها المحتجون غلاة المجتمع الدولي. المهم ان المسيرة اتجهت ناحية القصر الجمهوري بعدما جُوبهت بترسانة الشرطة، وهناك سيتنافس المتحدثون في دمغ الفريق عبد الفتاح السياسي وزير الدفاع المصري، باقزع الألفاظ، الى درجة ان عضو هيئة علماء السودان الدكتور سعد احمد سعد وصف السيسي بابن اليهودية، وانتهى الى نعت المستشار عدلي منصور رئيس الحكومة المؤقتة في مصر ب"الطرطور". وفي خضم ذلك كله كانت هتافات الجمهور تخرج بصورة اعادت الى الاذهان سنوات الانقاذ الباكرة. أشواق الوحدة.. إعلان أول ضجت ساحة المسيرة بالهتافات، وتحولت الى ما يُشبه المرجل، حينما قدّمت المنصة قائد الدبابين والقيادي البارز بالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية محمد احمد حاج ماجد، وكثّف الحضور من الهتافات الحماسية، بصورة وضعت الرجل في مسارات الاشواق المخبوءة التواقة لوحدة الإسلاميين، حتى انني ذهبت في رحلة استعادية للاحداث والتاريخ، ووجدت نفسي استعيد حدثا مثبتا في ذاكرتي بحروف بارزة، وذلك حينما امسك ذات محمد احمد حاج ماجد الرجل الذي تقدمه المنصة امس لمحادثة الجمهور، بالمايكرفون قبل صعود رئيس الجمهورية الى منصة الاحتفال بالعيد التاسع عشر للدفاع الشعبي المقام بحاضرة ولاية الجزيرة في العام 2007م، الذي كنت اقوم بتغطيته لصالح صحيفة (الاحداث)، وحينها هتف حاج ماجد فيما يمكن تفسيره بالطلب - ليس على وجه الاستعلاء - من رئيس الجمهورية باطلاق يد الدفاع الشعبي من جديد. وهو الطلب الذي اعقب تجميد الحركة الشعبية للشراكة مع المؤتمر الوطني. وتلك الحادثة انتهت بان وجه رئيس الجمهورية بفتح معسكرات الدفاع الشعبي التي أقفلتها اتفاقية نفياشا، بينما انتهى تحميس الجمهور للرجل امس بالهتافات الميّالة للوحدة، بان دعا قائد الدبابين الدكتور الترابي والرئيس البشير الى الوحدة باسرع ما يمكن، حتى ان الرجل الذي بدا متأثرا بهتافات الجمهور التواقة للتوحد، حذّر اسلاميي الخرطوم من ذات مصير جماعة الاخوان المسلمين حال استمروا في الخلاف، وقال بوضوح العبارة "انتهى وقت الخلاف، وحان آوان الوحدة"، بينما انخرط الحضور في هتافات هادرة "وحدة قوية.. وحدة اسلامية". السنوسي يُربك المنصة التنبيه الذي تغلغل على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، وانغرز بصورة كثيفة في شاشات الهواتف النقالة، والقائل ان الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي سيخاطب المسيرة، سرعان ما تبخر في الهواء، بعد ان تيقن الجميع ان الشيخ المثير للجدل لن يحضر، بل ان بعض موفدي الوسائط الاعلامية اظهروا تحسرا على عدم حضور الرجل، كون حديثه يحوي قيمة خبرية عالية التمييز. الشاهد ان التحليلات نحت كلها الى ان الشعبي لن يشارك في مسيرة تجمعه بالمؤتمر الوطني، لكن مع ذلك فقد كسر ظهور ابراهيم السنوسي نائب الترابي في منصة المسيرة امس اسورة التحليل وحطم طوق التخمين، ولعل ما اربك الساحة ان السنوسي الذي كان يتحدث بصورة اشبه ببيت الشعر الشهير "اياك اعني واسمعي يا جارة"، آثر ان يستهل حديثه بما يزيح لبس المواقف، حينما قال ان السيسي – ويعني وزير الدفاع المصري – انقلب على من قاموا بترقيته وتصعيده الى القيادة، في اشارة الى الخلاف التاريخي بين الترابي والبشير، قبل ان يعلنها السنوسي داوية بان "خيانة العسكر مرفوضة عند المؤتمر الشعبي ابتداءً وانتهاءً"، ليخيم الصمت الكثيف على المشهد الاحتجاجي. وهذا القول تحديدا جعل منتسبي الشعبي الذين توافدوا بكثافة - اخبرت عنها مغادرتهم المسيرة فور انتهاء كلمة السنوسي – هذا القول جعلهم يصدعون بالهتاف الاثير الى نفوسهم "يسقط حكم العسكر في مصر والسودان"، ما قاد بعض شباب الوطني الى الدخول في مخاشنة لفظية وعراك بالايدي مع شباب المؤتمر الشعبي، قبل ان يفض العقلاء هذا الخلاف الشبابي. اللافت ان كلمة السنوسي تخللها غضب موشح في جباه الرجل ومناصريه، فقد تعرض السنوسي الى مقاطعة من المنصة جعلته يقول بصريح العبارة "سأترك المايكرفون.. لم نجتمع بكم قبلاً – يعني الوطني - وهذه التجربة كشفت لنا الكثير"، لكن الرجل المشحون بتوجسات مسبقة، ظن ان مقاطعة مقدم المتحدثين له نتاج لعداءات تنظيمية معروفة، مع ان المقاطعة جاءت لإتاحة الفرصة لرفع نداء صلاة العصر، غير ان مشهد غضبة السنوسي تكرر لأكثر من مرة اثناء كلمته التي فاقت مدتها كل المتحدثين، بمن فيهم المتحدث الرئيس الامين العام للحركة الإسلامية الزبير احمد الحسن. طرقٌ ثانٍ على أشواق الوحدة لم يكن بمقدور السنوسي – في ظل توق الحاضرين المكرور لوحدة الإسلاميين- ان يقول كلمته ويمضي دون ان يؤكد على قول سابقه محمد احمد حاج ماجد، بل ان السنوسي قال بجلي الكلمات ان "الحادثات الدموية في مصر تحتم توحد الإسلاميين بالسودان"، وهو الحديث الذي قوبل بهتافات داوية وانشرح له صدر السامعين، لتنسف هذه الانشراحة التوتر الذي شاب كلمة الرجل في المنصة وفي الساحة. الشاهد ان حديث السنوسي فتح منافذ واسعة لقراءة واقع الاحداث المتحركة مثل رمال لا تهدأ على حال من الثبات. وسريعا انخرط مراقبون في فحص دقيق لتوالي المناسبات التي جمعت نافذين في الوطني بنافذين في الشعبي، بعدما كان الغريمان لا يجتمعان حتى تحت سرادق عزاء. وبالعودة الى الاحداث المتسارعة نجد ان الترابي تقابل تتالياً مع البشير من بعد طول قطيعة، في صيوان عزاء والدة عضو انقلاب الانقاذ التجاني آدم الطاهر، قبل ان يحزم رئيس الجمهورية المشير البشير امتعة التعازي متجهاً لمواساة الدكتور الترابي في وفاة شقيقه عبد الحليم. وربما بعد هذا لن يُوصم من يظن ان ابواب التلاقي بين الخصمين مشرعة، حتى ان مرافقي لم يستبعد في ما يُشبه التنبؤ، توافد الترابي والبشير الى المنصة تزامناً او منفردين. ماء الزبير المثلج تمكن الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير احمد الحسن من رسم واقع تقاربي بين المؤتمرين الوطني والشعبي، حينما صب ماء حديثه المثلّج على الاغماء والتشهيات التي اعتلت وجوه الحاضرين، في اعقاب حديث السنوسي الذي جاء ميالاً لوحدة الإسلاميين. واوشكت حميمية المنصة المتبادلة بين السنوسي وقادة المؤتمر الوطني وبالاخص الزبير، ان تمتص كل بخار الغضب الذي اعتمل بالنفوس، وعلق بمكامن العاطفة والعداء طيلة سنوات مفاصلة الإسلاميين الشهيرة، ولم يخيب الزبير احمد الحسن امنيات الحضور ممن قطعوا بان حديث السنوسي عن الوحدة المرتجاة احرج شيخ الحركة الإسلامية، لكن الرجل الذي جاء حديثه مرتبا، تخير ان يشيح بوجهه ناحية الشق العدائي، ميمماً شطره نحو الضفة الاخوية القديمة، وتبعا لذلك اعلن الزبير ان "الوقت قد ازف لوحدة الصف الإسلامي"، وهي الكلمات التي جاءت تتويجا لحديث السنوسي الذي ظن كثيرون انه انزلق الى اتخاذ قرار تاريخي بعدم الممانعة في وحدة جامعة مع كل تنظيمات الإسلام السياسي، بل ان الزبير اصر اصرارا كبيرا على ان تأتي كلماته في حضرة ابراهيم السنوسي مسبوقة بكلمة شيخي السنوسي، فكان ان قال غير مرة واحدة خلال كلمته امس ان ابراهيم السنوسي شيخي ومعلمي. وهذا ما جعل قائد الدبابين محمد احمد حاج ماجد يهتف "وحدة قوية إسلامية". تخويف من بعبع العلمانية بمثلما جمعت مواقف التنديد والادانة بين طيوف المتحدثين كلهم، فان جميع من اعتلى المنصة امس، لم يشأ الا ان يمهر توقيعه المحذر والمخوف من العلمانيين والليبراليين، بل ان المتحدثين كلهم بلا استثناء قالوا ان ما حدث في مصر سيحدث في السودان حال تُركت الفسحة للعلمانيين، وحال "استمرت حالة المهادنة مع المجتمع الدولي الداعم للعلمانية"، وهذا التخويف المستمر تنزّل بردا وسلاما على آذان الحضور، فكانت الهتافات تترا منددة بالتيارات غير الإسلامية من قبل الجميع بوعي غير كامل وبتمييز ناقص، لدرجة ان الهتافات نادت بسقوط حكم العسكر، دون ان تتفطن الحناجر – مصدر الهتاف الجمعي – الى ان الاحزاب السياسية تصنف – بلا مواربة - الحكومة الحالية في ذات تصنيف حكومة السيسي المصرية. لا لتمييز القادة معلوم بالضرورة أن في مثل هذه الحادثات تتساوى الكتوف ولا تشمخ الانوف متعالية، ولعل هذا ديدين غالب مزاج الذين تداعوا لما سموها "نصرة الشعب المصري"، حتى انه حينما طالب احد الحضور ان يُفسح الطريق امام الامين العام للحركة الإسلامية الزبير احمد الحسن للنزول من المنصة عقب انتهاء المسيرة، قام احد آخر بزجر الطالب، وقال له "لا تعاملوهم كالملوك نحن نريدهم مثل عامة الناس"، وربما هذه المساواة التي ارداها الرجل هي التي لم تمايز بين الامين العام للحركة الإسلامية بولاية الخرطوم عبد القادر محمد زين الذي جاء متأخرا، ما كان سبباً في ان يتخذ موقعه بين الحشود. مهاتفة من الميدان أظهر المحتجون أمس شوقاً منظوراً لأن تعانق اسماعهم مكالمة هاتفية قال متحدث المنصة الرئيس ان طرفها الآخر "صناع الثورة والصمود في ميادين مصر"، لكن تلك المكالمة لم تأت ابدا وفشل وصلها مرتين، وحالت الشبكة دون اتمامها، فقد كان للحماسة الزائدة والربكة التنظيمية المفرطة – بجانب عطب الشبكة – باعها ايضا في الحيلولة دون اجراء المكالمة، لجهة ان الكثيرين تسابقوا لمعانقة المايكرفون، دون اذن مسبق، ما قاد لانتهاء المسيرة دون ان تُسمع اكثرية التيارات والتنظيمات الإسلامية في السودان صوتها الى حشود الجماهير التي بدت اقل من المتوقع بكثير، كون المسيرة معلنة ومحاطة برعاية الاجهزة الرسمية للدولة، وهذه القلة تحديدا اوعزت الدكتور عبد الرحمن محمد عبد الرحمن عضو لجنة مناصرة الشعب المصري للتشديد على ان المسيرات المناوئة لحكومة السيسي وعدلي منصور ستستمر في الجمعة المقبلة، بل ان الرجل طالب كل من كان حاضرا ان يحرص على اصطحاب عشرة من اصدقائه واهله لحضور التظاهرة القادمة في ذات الساحة. منصة الأطياف الكثيرة احتشدت منصة المسيرة أمس بعديد الوجوه والتنظيمات ذات المرجعيات الإسلامية حتى فاضت، لكن مع ذلك فقد انتزع وجود اللواء "م" عبد الله حسن أحمد البشير، شقيق الرئيس التفاتة المراقبين والحضور، على الرغم من ان الرجل لا يحمل توصيفاً تنظيمياً غير صفة مدير منظمة معارج الطبية، بينما ربض المرشد العام الاشهر لجماعة الاخوان المسلمين صادق عبد الله عبد الماجد على كرسي بالمنصة الرئيسة، بعدما كان الرجل بسنوات عمره الضاربة واقفاً مع الحشود، في الوقت الذي ظهر فيه المرشد الحالي للجماعة علي جاويش في المنصة باكرا، بجانب رئيس حزب العدالة أمين بناني نيو، فيما تخير صهره المثير للجدل الطيب مصطفى زعيم منبر السلام العادل أن يكون وقوفاً بين حشود الجماهير. الاهرام اليوم