شهد البرلمان العربي في دورته العادية الثانية جلسة ساخنة ليل أول من أمس، إذ نشب خلاف حاد بين أعضائه حول المشاركة في مراقبة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان وموضوع المقاومة. الأعضاء انقسموا حول مراقبة الاستفتاء، حيث رأى عدد كبير منهم أن المشاركة تعني أن يكون البرلمان شاهدا على انفصال جزء من الأرض العربية، وهو ما يتناقض مع مبادئه وأهدافه الرامية لتحقيق الوحدة العربية. في المقابل، رأى آخرون، خصوصا الأعضاء السودانيين، وأبرزهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان السيد عبدالعزيز الحسن، ضرورة أن يحترم البرلمان العربي تعهداته، حيث سبق أن وقع اتفاقية مع مفوضية الاستفتاء في جنوب السودان، كما يجب أن يراقب البرلمان العربي هذا الاستفتاء المصيري. وفي هذا الاطار، انتقد عدد من الأعضاء، انفراد رئيسة البرلمان وهيئة مكتبه، بتوقيع مذكرة التفاهم مع مفوضية الاستفتاء في جنوب السودان، مطالبين من وقعها بتحمل المسؤولية. من جهتها، أنهت رئيسة البرلمان هدى بن عامر حالة الجدل والخلاف بإحالة الموضوع على التصويت، حيث اعترض عليه 17 عضوا من إجمالي أعضاء البرلمان ال 22. على صعيد آخر، نشب خلاف مماثل حول البند الخاص بدعم المقاومة في القرار الخاص بفلسطين، فقد كان القرار يدعو إلى دعم كل أشكال المقاومة الفلسطينية والعربية ضد إسرائيل. واعترض الأعضاء الفلسطينيون، وجميعهم من حركة «فتح» باستثناء عضو واحد من «الجبهة الشعبية»، وطالبوا بتوسيع الفقرة، وأن تتضمن مطالبة كل الدول العربية بفتح حدودها للمقاومة ضد إسرائيل. وبدا أن هدف نواب «فتح»، «اثارة» في رئيس لجنة الشؤون الخارجية السوري عبدالعزيز الحسن، أكثر منه تغيير الصياغة، واختلط الحابل بالنابل في الجلسة، فيما طالب رئيس كتلة «فتح» في المجلس التشريعي الفلسطيني عزام الأحمد، النائب السوري عبدالعزيز الحسن، مازحا، بأن يرفعوا أيديهم عن الفلسطينيين. يذكر أن أعضاء فلسطين في البرلمان العربي، لا يوجد بينهم أي نائب من حركة «حماس»، رغم أنها تسيطر على الغالبية في المجلس التشريعي، وبالتالي هم أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني. في سياق متصل، دان البرلمان العربي قرار مجلس النواب الأميركي الذي يعارض أي قرار قد يصدر عن مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية ويهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) في حال طرح الموضوع على مجلس الأمن. وحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن انهيار عملية السلام في المنطقة ورفضها لمبادرة السلام العربية، والوقف التام لعمليات الاستيطان التي تمارسها تحت سمع وبصر العالم. ودعا إلى ضرورة العمل على كل المستويات من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام. وطلب البرلمان من رئيسته متابعة تطور عملية المصالحة واتخاذ ما من شأنه دعم المصالحة الوطنية. وفي ما يتعلق بالجولان العربي السوري المحتل، جدد البرلمان التأكيد على مواقفه السابقة وفي مقدمها ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان إلى حدود الرابع من يونيو 67 استنادا لقرارات الشرعية الدولية. وطالب البرلمان بإخضاع كل المنشآت النووية والبرامج النووية في الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي ما يتعلق باحتلال إيران لجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث، طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى، طلب البرلمان من طهران مجددا قبول حل النزاع حول الجزر الثلاث المحتلة بالطرق والوسائل السلمية وفق الأعراف والمواثيق وقواعد القانون الدولي، ولاسيما المفاوضات المباشرة الجادة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية من أجل بناء الثقة وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي. ورحب البرلمان بممارسة البرلمان العراقي مهامه والشروع في تشكيل الحكومة الجديدة من كل القوى السياسية.