هدأت الخرطوم ظاهريا، لكنها ما زالت تغلي، بسبب الارتفاع الفاحش في أسعار السلع، الناتج عن قرارات رفع أسعار المحروقات. وحسب ما كتبت الشرق الاوسط - يتوقع مراقبون أن لا يطول هدوء الشارع طويلا، لأن أسباب الاحتجاجات الجماهيرية التي وقعت خلال الأيام الماضية ما تزال كامنة، وأن الأثر الفعلي للقرارات الاقتصادية وزيادة أسعار المحروقات لم يفعل فعله الحقيقي بعد. وحسب جولة في أسواق الخرطوم يمكن تلمس زيادة أسعار السلع الرئيسية، مثل السكر والخبز والبقوليات مثل الفول والفاصوليا واللحوم والخضراوات، كما زادت تعرفة وسائل النقل العام. ويرى مراقبون أن الزيادة تتراوح بين 5 - 20 في المائة بفعل ارتفاع سعر الدولار من 4.3 إلى 5.7 بالنسبة للجنيه السوداني، أما الأثر الفعلي الناتج عن زيادة أسعار المحروقات فلم يدخل دائرة التأثير بعد. يقول الخبير الاقتصادي د. محمد الناير إن الحكومة كان بإمكانها تجنب هذه القرارات، باتباع سياسات اقتصادية تخلق استقرارا في سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) مقابل العملات الأجنبية، بتوظيف العائدات المتوقعة من استئناف تصدير نفط جنوب السودان المقدر بأكثر من ملياري دولار، فضلا عن موارد الصادرات الأخرى بما فيها عائدات الذهب، وبتوسيع المظلة الضريبية. من جهة أخرى قال دستوري ومحلل سياسي طلب عدم كشف اسمه إن الحكومة إذا فهمت أنها سيطرت على الأوضاع، واستطاعت إخماد الاحتجاجات عن طريق القوة الأمنية وحدها، تكون قد وصلت إلى نتيجة خاطئة تماما؛ لأن الأسباب الكامنة وراء الغضبة الشعبية ما زالت كامنة وقد تنفجر في أي وقت وبطريقة أكثر عنفا. وقال المحلل السياسي محمد الفكي - لصحيفة الشرق الاوسط - إن الهدوء الذي يسود الخرطوم لا يعني مطلقا عدم تجدد الاحتجاجات مرة أخرى، وإن احتجاجات هذا العام هي امتداد للاحتجاجات التي شهدتها البلاد في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) من العام الماضي، رغم الفاصل الزماني بينها والذي يتجاوز العام. ويضيف الفكي أن الأوضاع تدهورت أكثر مما هي عليه العام الماضي، وبالتالي فإن تجدد دورة الاحتجاجات سيكون أقصر من المرات السابقة، ويتوقع تجدد المظاهرات في أي وقت بسبب عدم وجود حلول سياسية أو اقتصادية للأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد.