القاهرة تنتقد قرار أميركا بتجميد بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية، مستغربة اتخاذه في توقيت حيوي تخوض فيه البلاد حربا ضد الإرهاب. القاهرة - من ياسمين صالح من المصريين من قال 'لتذهب المعونة إلى الجحيم' انتقدت مصر الخميس قرار الولاياتالمتحدة تجميد بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية لها غير أن واشنطن أكدت أنها لن تقطع علاقاتها معها. وقال مجلس الوزراء المصري إنه يرى هذا القرار غريبا "في هذا التوقيت الحيوي الذي تخوض فيه مصر حربا ضد الإرهاب". غير أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال إن واشنطن ستنظر في استئناف بعض المساعدات لمصر "على أساس الأداء" فيما يتعلق بالسير وفق "خارطة الطريق" التي تعد بإجراء انتخابات نزيهة. وتواجه واشنطن مشكلة في التعامل مع مصر حليفتها الرئيسية بالمنطقة. فمصر تسيطر على قناة السويس وأبرمت معاهدة سلام مع إسرائيل ولكن جيشها عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو/تموز بعد احتجاجات حاشدة مناهضة لحكمه. وفي واحدة من أشد موجات العنف التي شهدتها في تاريخها الحديث لجأت قوات الأمن إلى استخدام القوة في التعامل مع احتجاجات نظمها أنصار مرسي. وبدأ إسلاميون متشددون يصعدون هجماتهم على القوات المصرية لتمتد هذه الهجمات من شبه جزيرة سيناء إلى مدن رئيسية أو بالقرب منها بما في ذلك القاهرة. وأعلنت واشنطن يوم الأربعاء أنها ستوقف تسليم مصر دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وصواريخ بالإضافة إلى مساعدة نقدية قدرها 260 مليون دولار ولكنها أبقت على بعض المساعدات الأخرى. وانتقدت الحكومة المصرية القرار الأميركي وقالت في بيان "حول قرار الولاياتالمتحدة تجميد بعض المساعدات العسكرية لمصر أعرب مجلس الوزراء عن استغرابه لصدور هذا القرار في هذا التوقيت الحيوي الذي تخوض فيه مصر حربا ضد الإرهاب." وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي في حديث مع محطة إذاعية خاصة إن القرار كان خاطئا وإن مصر لن تستسلم للضغط الأميركي وإنها ماضية في طريقها نحو الديمقراطية كما هو محدد في خارطة الطريق. لكنه أكد أيضا حرص مصر على استمرار العلاقات الطيبة مع الولاياتالمتحدة. ويبرز موقف الولاياتالمتحدة الاختلاف مع حليفتها الخليجية السعودية التي رحبت بعزل مرسي وأهالت الدعم المالي على الحكومة الجديدة في مصر. ويثير أيضا تساؤلا حول الجهة التي قد تلجأ إليها مصر -ثاني أكبر متلق للمساعدات الأميركية بعد إسرائيل- للحصول على مساعدات عسكرية. وقال كيري إن واشنطن تريد التأكد من أن خارطة الطريق المؤدية إلى الانتخابات مازالت هدفا أساسيا للحكومة الانتقالية. وقال للصحفيين أثناء زيارة لماليزيا "الحكومة الانتقالية تفهم جيدا التزامنا تجاه نجاح هذه الحكومة.. وهذا ليس بأية حال انسحابا من علاقتنا أو إنهاء لالتزامنا الجاد بمساعدة الحكومة." وتقدم الولاياتالمتحدة مساعدات سنوية لمصر بقيمة نحو 1.55 مليار دولار من بينها 1.3 مليار دولار للجيش. ورفض مصدر عسكري مصري الخوض في تفاصيل بخصوص تأثير القرار على العتاد العسكري نظرا لأن الكشف عن مثل هذه المعلومات يمس الأمن القومي. وذكرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن القرار الأميركي له "تأثير محدود على الوضع المالي الخارجي للبلاد" ولا يؤثر كثيرا على وضع الدين. وقالت وزارة الخارجية الاميركية إن واشنطن ستستمر في تقديم الدعم العسكري لمصر في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة انتشار الأسلحة وتحقيق الأمن في شبه جزيرة سيناء كما ستواصل تقديم تمويل في مجالات مثل التعليم والصحة وتنمية القطاع الخاص. وكانت صحيفة التحرير المصرية الخاصة المناهضة للإسلاميين أكثر جرأة في انتقادها للموقف الأميركي إذ قالت في عنوانها الرئيسي "لتذهب المعونة الأميركية إلى الجحيم". وقال مصطفى السيد أستاذ العلوم السياسية إن قرار الولاياتالمتحدة ينم عن استيائها من أسلوب تعامل الشرطة مع الإخوان المسلمين وإن هذا قد يحدث تحولا في الأساليب التي تتبعها وزارة الداخلية في التعامل مع المحتجين. وعبر عن اعتقاده باحتمال الرجوع عن القرار بمجرد أن تنتهي مصر من وضع دستورها وتتحرك صوب إجراء الانتخابات. وترفض جماعة الإخوان العمل مع الجيش الذي تقول إنه قام بانقلاب وأهدر مكتسبات الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في عام 2011. ويقول الجيش إنه تحرك استجابة لإرادة الشعب. وفضت قوات الأمن المصرية اعتصامين لأنصار مرسي بالقوة مما أسفر عن مقتل المئات واعتقال العشرات من جماعة الإخوان المسملين من بينهم عدد كبير من كبار قادتها. ويحتجز مرسي في مكان غير معلوم منذ عزله. ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني لاتهامه بالتحريض على العنف في خطوة يرجح أن تزيد التوتر بين الجيش والإخوان. وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ في البلاد وفرضت حظر التجول في عدد من المحافظات. وصدر حكم قضائي بحل جمعية الإخوان المسلمين. وفي أحدث حلقات العنف اشتبك أنصار لمرسي مع قوات الأمن ومعارضين للإخوان يوم الأحد وذكرت وسائل إعلام حكومية أن 57 شخصا قتلوا. ومما يزيد من خطر إراقة دماء جديدة دعا حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان إلى مليونية الجمعة تتجه إلى ميدان التحرير مركز الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بمبارك. وقالت مصادر أمنية إن رجل شرطة وأربعة مجندين في الجيش قتلوا الخميس في هجوم بسيارة ملغومة في سيناء. ونقلت بوابة الأهرام الإلكترونية عن اللواء عبد الناصر العذب رئيس أركان الجيش الثالث الميداني أن قوات الأمن ألقت القبض على "خمسة عناصر إرهابية" ضالعة في هجوم استهدف مديرية أمن بجنوب سيناء هذا الأسبوع وأسفر عن مقتل ثلاثة مجندين.