القاهرة تمضي في تنفيذ مخططها السياسي وتستعد لمحاكمة مرسي وقيادات من الإخوان رغم تهديد واشنطن باحتمال حجب مساعداتها العسكرية. القاهرة - يمثل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أمام المحكمة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني بتهم التحريض على قتل محتجين في إجراء يؤكد ان القاهرة لا تعبأ بما يروج في واشنطن عن أن الحكومة الأميركية باتت تبحث في فرضية خفض المعونات للقاهرة للضغط من أجل ما تقول عنها ديمقراطية في البلاد. وتحتجز الحكومة المصرية محمد مرسي في مكان سري منذ عزله في الثالث من يوليو/تموز. وإذا مثل أمام المحكمة فسيكون هذا أول ظهور له منذ ذلك الحين. وتريد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عملية سياسية شاملة في مصر التي ترتبط باتفاقية سلام مع إسرائيل لكن القيادات المصرية تقول إن ما يحصل في بلادها شان داخلي لا يعني الدول الأجنبية وخاصة الغربية في شيء. ويؤكد قادة مصر المدنيين والعسكريين على حد السواء أن المصريين الذين خرجوا بالملايين في ال30 من يونيو الماضي لإسقاط حكم الإخوان يعرفون تماما ما هو الأصلح لبلادهم، بينما لا تفكر الولاياتالمتحدة من خلال دعمها للإخوان اعتقادا منها أنهم الاقوى والاكثر عددا، إلا تأمين مصالحها ومصالح حليفها الاسرائيلي، وهي التي أحجمت عن تبيه الإخوان إلى مخاطر مساعيهم لأخونة مصر والسيطرة على السلطة بإقصاء جميع المخالفين، وذلك لمجرد أنهم وافقوا على الالتزام بمعاهدة السلام مع اسرائيل كما وعدم المساس بفحواها، وهم الذين شنفوا الآذان بترديد تهم العمالة على رئيسي مصر الراحل أنور السادات وخلفه المطاح به في ثورة 25 يناير 2011، حسني مبارك طوال عقود من الزمن. ويتهم القضاء المصري الرئيس المعزول محمد مرسي وقادة آخرون في الاخوان المسلمين الجيش بالقيام بانقلاب اطاح بمكتسبات ثورة 2011 ضد مبارك. وقال الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية الثلاثاء إن بعض قيادات الإخوان قد اثاروا غضبه بتهديدات مبطنة للمصريين عندما التقاهم اياما قبيل تحركه لعزل الرئيس السابق في مسعى أخير منه لإيجاد مخرج للأزمة التي تردت فيها البلاد والتي كان للإخوان ضلع اساسي في تفاقمها (الأزمة). وذكر السيسي أنه لم يسمع في اجتماع مع نائب المرشد العام للإخوان المسلمين خيرت الشاطر حضره أيضا سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين غير التحذيرات من وقوع هجمات إذا جرى عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، ما اضطره إلى الخروج عن طوعه قائلا لهما "إنتم عايزين إيه.. إنتم خربتم البلد... إنتم عايزين يا تحكمونا يا تموتونا". وأضاف أن الشاطر حذر من "أعمال إرهابية وأعمال عنف وقتل من جانب جماعات إسلامية لا يستطيع هو ولا جماعة الإخوان السيطرة عليها موجودة في سيناء وفي الوادي وبعضها لا يعرفه جاءت من دول عربية"، في حال "ترك الرئيس منصبه فستنطلق هذه الجماعات لتضرب وتقتل وإن أحدا لن يقدر على أن يسيطر عليها". وبعد عزل مرسي اندلعت أعمال عنف سياسي قتل فيها أكثر من ألف أغلبهم من مؤيديه وبينهم أكثر من مئة من رجال الأمن. كما ألقي القبض على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع وعدد كبير من أعضاء الجماعة القياديين الذين أحيل أغلبهم للمحاكمة لكن أيا منهم لم يظهر في محكمة لأسباب أمنية. وكثف متشددون اسلاميون على صلة بتنظيم القاعدة في سيناء هجماتهم على جنود الجيش والشرطة منذ عزل الجيش مرسي ونقلوا حملتهم أحيانا الى مدن مصرية كبرى. وأعلنت جماعة مقرها سيناء المسؤولية عن عملية انتحارية استهدفت اغتيال وزير الداخلية في القاهرة في سبتمبر/ايلول. واشتبك مؤيدو مرسي وقوات الأمن مجددا يوم الأحد في واحد من أشد الأيام دموية منذ عزل مرسي حيث قالت وسائل اعلام رسمية ان الاشتباكات أدت الى مقتل 57 شخصا وإصابة 391 آخرين، كما قتل عدد من عناصر الشرطة والجيش في هجمات ارهابية بف جنوبسيناء. وطرح الجيش المصري الذي يقول انه تحرك لحماية إرادة الشعب المصري خارطة مستقبل تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة. وقال القاضي نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة الأربعاء في بيان إن دائرة بمحكمة جنايات القاهرة ستحاكم مرسي. وأضاف أن مرسي والعضوين القياديين في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي وعصام العريان والداعية الإسلامي وجدي غنيم سيحاكمون في القضية بتهمة الاشتراك "بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة" في قتل عدد من المتظاهرين وتعذيب واحتجاز عدد آخر. كما سيحاكم 11 متهما آخر بتهم القتل أو التعذيب أو الاحتجاز. وقال بيان رئيس محكمة استئناف القاهرة إن 60 متظاهرا احتجزوا في القصر الرئاسي وعذبوا ثم سلموا للشرطة. ومن بين المتهمين بالقتل أو التعذيب أو الاحتجاز أسعد شيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وقت وقوع اشتباكات في ديسمبر/كانون الأول 2012 أمام قصر الاتحادية الرئاسي بين مؤيدين ومعارضين لمرسي أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين. وأحيل للمحاكمة أيضا أحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت والمستشار الرئاسي ايمن عبد الرؤوف. ووقعت الاشتباكات خلال احتجاجات على إعلان دستوري أصدره مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني العام 2012 وسع سلطاته وحصن جمعية لكتابة الدستور ومجلس الشورى الذي كان يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين من القضاء. وقال مسؤول اميركي ان الولاياتالمتحدة تميل الى حجب معظم المساعدات العسكرية الاميركية لمصر، باستثناء المساعدات المخصصة لتعزيز مكافحة الأرهاب والامن في شبه جزيرة سيناء واولويات اخرى من هذا القبيل. واضاف المسؤول ان الرئيس باراك اوباما لم يتخذ قرارا نهائيا بشان هذه المسألة التي حيرت المسؤولين الاميركيين مع محاولتهم ايجاد توازن بين رغبة في ان ينظر الى واشنطن على انها تشجع الديمقراطية والحقوق ورغبة في الحفاظ على قدر من التعاون مع الجيش المصري. وفي القاهرة قالت وزارة الخارجية الاربعاء إنها لم تتلق أي بيان رسمي من واشنطن بشأن هذا الموضوع، بينما أكد محللون أن واشنطن تظل في الوقت الراهن أعجز من تتخذ أي إجراء "عقابي" ضد مصر لأن الأخيرة تمتلك أكثر من ورقة ضغط يمكن ان تلعبها في مواجهة "قصر نظر الإدارة الأميركية" ولأنها ليست عاجزة إلى حد انها لا تقدر على البقاء إلا متى صرفت واشنطن هذه المعونة، خاصة مع استعداد دول خليجية عديدة عى الوقوف الى جانبها إلى حين خروجها من هذه المرحلة بأمان. وقال بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية "العلاقة ما بين مصر وأميركا علاقة مشاركة وليست علاقة مانح ومتلق". ومصر من بين اكبر الدول التي تحصل على مساعدات عسكرية واقتصادية اميركية منذ عشرات السنين بسبب معاهدة السلام التي ابرمتها عام 1979 مع اسرائيل حليفة الولاياتالمتحدة. وتقدم الولاياتالمتحدة لمصر منذ فترة طويلة مساعدات سنوية تبلغ نحو 1.55 مليار دولار من بينها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية. وقالت مصادر أمنية ان من المتوقع أن يحاكم مرسي في معهد أمناء الشرطة القريب من مجمع سجون طره جنوبيالقاهرة حيث احتجز مبارك الى أن نقل للإقامة الجبرية في أغسطس/آب. وأضافت المصادر ان السلطات ستبقي على مرسي في منطقة معزولة لأسباب أمنية ولتجنب الاحتجاجات.