الأندلس دولة عربية عاشت ثمانية عقود قبل أن يتم إسقاطها وتهجير شعبها ، فكان ذلك بداية مسلسل الهزائم التي منيت بها الأمة العربية ، وأدت إلى اقتطاع أجزاء من وطنها واحداً بعد الآخر لحساب الجوار الأقوياء. أما آخر هذه الاقتطاعات فهي الانفصال الوشيك لجنوب السودان. بين الأندلس الفردوس المفقود وجنوب السودان في أعالي النيل ، مسلسل من الخسائر والتراجعات الجغرافية ، فدول الجوار أخذت تقتطع الأجزاء الطرفية من الوطن العربي جزءا بعد آخر: عربستان والجزر الثلاث لإيران ، لواء الاسكندرون هدية فرنسية لتركيا ، فلسطين هدية بريطانية لإسرائيل ، إقليم أوجادين الصومالي للحبشة بالقوة ، ويقف شمال العراق الآن على الدور وهو واقعياً دولة كردستان العراق القائمة فعلا ولا يؤجل إعلانها رسمياً سوى اعتراض تركيا وإيران ، خشية أن يفتح قيامها شهية أكرادهما للانفصال. نظام الحكم في السودان انقلابي عسكري قيل أنه يملك مشروعاً ، أما المشروع السوداني للحكم العسكري فهو تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد 40 بالمائة من سكانه ليسوا مسلمين ويفضل معظم السكان المسلمون دولة مدنية لا دينية. ولهم تجارب في الممارسة الديمقراطية. والنتيجة القضاء على وحدة السودان كثمن لاستمرار العسكريين في الحكم. من أسهل الأمور أن نعدد الهزائم (ونبكي مثل النساء ملكاً مضاعاً ، لم نحافظ عليه مثل الرجال) ولكن ما العمل ، والجوار ، سواء كانوا اصلاء أم دخلاء ، ما زالوا يتطلعون إلى الأرض العربية وثرواتها الطبيعية باعتبارها جوائز للطامعين. ومن أصعب الأمور أن نجيب على السؤال : ما العمل؟ وفي هذا المجال ليس هناك نقص في النصائح الجاهزة: الوحدة والديمقراطية ، ولكن من يعلق الجرس؟. إذا كانت الوحدة والديمقراطية من ثالث ورابع المستحيلات ، فلا اقل من بروز دولة عربية قائدة ، فالدور ينادي ويبحث عمن يقوم به ، مصر تملك الثقل السكاني ، والسعودية تملك الثقل المالي والاقتصادي ، وهناك قوى عربية تستحق أن توضع في معادلة 1+1=2 وليس 1-1 = صفر. المهمات المرحلية العاجلة ليست مستحيلة: وحدة السودان ، وحدة وعروبة العراق ، وحدة الضفة والقطاع. وندخل سنة جديدة- وندعو: الله يستر!. د. فهد الفانك