لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع القيادي الإسلامي والخبير في قضايا القرن الأفريقي البروفيسيور "حسن مكي"
نشر في الراكوبة يوم 22 - 11 - 2013

رغم التماسك الكبير الذي كان يبدو على الحركة الإسلامية منذ تسلّمها للسلطة بحكم التوافقات الجوهرية التي كانت تربط عضويتها، إلا أن هناك جملة من التباينات المبدئية بدأت تظهر في هذا الجسم، قادت من قبل إلى ظهور مجموعة (سائحون) والإصلاحيين بقيادة "غازي صلاح الدين"، وهناك مجموعات جديدة في الساحة، حسب بروف "حسن مكي" في طريقها للتكوين بعد أن تجاوزت مرحلة التبلور. واللافت هذه المرة أن المختلفين رأوا الاستنصار بالعامة بعد أن فشلوا في إقناع إخوانهم بعدالة طرحهم.. على المستوى الآخر، تلاحظ مؤخراً تعدد منابر الإسلاميين واختلاف رؤاهم .. (المجهر) حاولت تقديم رؤية علمية لما يدور داخل هذه المنابر وعلاقتها بما يحدث من تفاعلات في الساحة السياسية، فالتقت البروفيسور "حسن مكي" في حوار تناول أسباب الظاهرة وأبعادها المستقبلية.. فإلى التفاصيل وعلاقة ذلك بالحراك السياسي.
} أصبح بعض الإسلاميين يتحدثون هذه الأيام عن عدم وجود حركة إسلامية على خلفية ما حدث للإصلاحيين.. ألم يتم حل الحركة في أوائل التسعينيات.. نريد منك شهادة؟
- الحركة الإسلامية كانت تتكون من ثلاثة مكونات، واجهة تسمى الجبهة الإسلامية القومية، وحركة داخلية تسمى الحركة الإسلامية، والحركة الإسلامية نفسها كانت تتكون من مكونين، مكون علني معروف للأعضاء يتكون من مجلس الشورى والمكتب التنفيذي والأمين العام، ومكون داخلي يتكون من النظام الخاص.
} قيل.. مع بداية الإنقاذ تم حل هذه الأجهزة؟
- مع بداية الإنقاذ تم حل المكونين الأولين.. الجبهة الإسلامية القومية تم حلها، وتم كذلك حل مجلس شوراها توطئة لقيام مجلس شورى موسع وجاء يعرف باسم المؤتمر الوطني.. والحركة الإسلامية تم حل مجلس شوراها ليذوب في التأسيس للحزب الجديد الذي كان في ذهن "الترابي"، بأن يصبح حزباً سياسياً يتم بناؤه في ظل غياب الأحزاب الأخرى، ويخوض به الانتخابات ويحقق به الأغلبية النيابية، ويؤسس للمشروعية المدنية.
} الجزء الثاني ظل موجوداً؟
- الجزء الثاني لم يتم حله أصلاً، وهو الكيان الخاص أو النظام الخاص ويمثل المجموعة التي تشرف وتسهر على الأمن، وجهاز القوات المسلحة، والأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، وإذا كان دور الجهة الإسلامية أو الحركة الإسلامية التبشير بالحكم الإسلامي والتمهيد للانقلاب وتهيئة القواعد الجماهيرية لذلك، كما حدث في الانتخابات التي نالت فيها الجبهة الإسلامية (51) مقعداً، فإن النظام الخاص أو التكوين الخاص كانت مهمته إعداد الشوكة.
} هل قام بهذا الدور؟
- بالفعل قام بدور كبير في مساندة القوات المسلحة، وكان الصلة بين القوات المسلحة والقيادة التنفيذية للحركة الإسلامية، فهذا لم يتم حله وظل موجوداً وعاملاً.
} بذات الفعالية؟
- قد تكون تمت تعديلات، وقيادات هذا النظام فيما بعد بعضها أُريد التقليل من شأنهم، فأسندت إليهم وزارات سيادية، وبعضهم عمل في الدفاع الشعبي وغيره من المؤسسات.
} هل حل الحركة الإسلامية في ذلك الوقت حظي بإجماع؟
- هذا كان اجتهاداً من اجتهادات "الترابي" واستطاع أن يبيعه للمؤسسات، وطبعاً تقبلته طواعية واختياراً.
} تقبلته كل العضوية؟
- كان هناك (ناس رافضين) أنا كنت ضمنهم.
} ولهذا السبب ظل الكيان الخاص قابضاً على السلطة؟
- أيوه.. أصبح قابضاً على السلطة، وأصبحت السلطة في يد الأمين العام يمارس بعضها مباشرة وبعضها عن طريق الجهاز الخاص. والمشكلة أن الحركات الإسلامية فيها الظاهر والباطن والتدابير السرية، والفكرة كانت أن هناك قوى خارجية تقف ضدها ولابد أن تحمي ناسها ومصادر أموالها وأصولها، ولا تكشف ذلك حتى لأعضاء مجلس الشورى، لأنه قد يتغير أو يغيروا ولاءهم، وقد يكونون مخترقين.. كذلك كان الحال بالنسبة للذين يمولونها، لأن الممولين أيضاً يخافون من دولهم ويخافون على مصالحهم من التقلبات السياسية، لذلك كان النظام الخاص لا يمتد فقط إلى الأجهزة العسكرية وإنما يشمل الأصول المالية إلى يومنا هذا، وربما يتحدث مجلس الشورى وفق محددات معينة لكن تظل سلطة الباطن في يد الأمين العام للحركة الإسلامية أو من يثق فيهم.
} لكن قيل إن الكيان الخاص كوّن بعد المفاصلة وحدثت صراعات في انتخابات الأمين العام؟
- هذا بعد المفاصلة طبعاً نتيجة لمغالاة وضغوط من هنا وهناك، كان بعضهم ضد الحركة الإسلامية وغير مؤمن بها، والغريب أن من كان ضدها ويعتقد أن هذه ازدواجية، أصبح رئيساً لمجلس شوراها.. الإسلاميون عندهم تقلبات.
} قلت لإحدى الصحف إنك لا تنتمي للحركة الإسلامية أو المؤتمر الوطني.. فمنذ متى حصلت المفاصلة بينك وهذه الأجهزة؟
- إذا قلت إنني أنتمي لهذه الأجهزة أكون كذبت على نفسي وعلى غيري وأحمل غيري ما لا يجب أن أحمله له. والإسلاميون للأسف الشديد الصدق لا يريحهم، لكن حقيقة من الناحية العملية والجوهرية أنا لست موجوداً في هذه التنظيمات.
} ألم تكن عضواً في مجلس الشورى؟
- كنت عضواً في هذا المجلس، لكن منذ حل التنظيم أصبحت تائهاً إلى أن قام مجلس شورى المؤتمر الوطني بطريقة سرية، ودخلت في بعض مراحله وكان يقوم على البيعة وأنا رفضت تأدية البيعة.
} وابتعدت؟
- كنت حريصاً على أن أكون قريباً من المؤسسات، فقد كان لديّ وهم بأنني معني بملف الحركة الإسلامية، لذلك ينبغي أن أكون قريباً حتى إذا أردت تجديد كتبي تكون المعلومات متيسرة بالنسبة لي، لكن بعد فترة شعرت أن هذا الأمر غير ذي جدوى، لذلك ما عدت موجوداً في أية مؤسسة من هذه المؤسسات، لا مؤسسات المؤتمر الوطني ولا الحركة الإسلامية.
} بعيد كذلك عن منهجها؟
- أبداً.. هذا لا يعني أنني انقطعت فكرياً ووجدانياً.. ما زلت متشرباً بالأفكار التي قامت عليها الحركات والجماعات الإسلامية، لكن لا أعتقد أنني عضو بمعنى العضو، الذي يدفع الاشتراكات ويلتزم بالقرارات التنظيمية ويحضر الاجتماعات.
} هذا يعني أنك غير محسوب على عضوية الحركة الإسلامية؟
- نعم.. أنا الآن لست محسوباً عليهم، لكن الترمومتر الموجود في ذهني ما زال عاملاً أقيم به الأشياء وأرصد وأتابع.
} متى شعرت بإحساس الغربة؟
- منذ العام 1994م شعرت بالغربة، وأنني بعيد عن الحركة الإسلامية، فبعد أن أصبحت صاحبة الدولة والصولة والجولة أخذت تنحى منحى الجمعيات السرية.
} كيف؟
- أصبحت تدير الدولة بطريقة سرية، وتختار للمناصب بمعايير لم أكن موافقاً عليها، ولم أكن أنا وحدي الراغب في الانسحاب، لكن القائمين على الأمر أنفسهم يشعرون بأن المرحلة ليست مرحلتي.
} كيف فسرت شعورهم حينها؟
- ربما لأن لديّ استقلالية في القرار والتفكير والرؤية، لذلك أحسوا أنهم لا يصلحون لي، وأنا كذلك شعرت أنني لا أصلح لهم.
} إذا كنت مختلفاً منذ تلك الفترة لماذا لم تخرج مع مجموعة المفاصلة؟
- أية مفاصلة؟
} مفاصلة مجموعة "الترابي"؟
- بالعكس أنا أول من تمرد على "الترابي" منذ 1994م.. كان ينبغي أن أكون مع تيار الدولة، لكني تحفظت.
} لماذا تحفظت؟
- شعرت أن مسألة البيعة والولاء ليست لنيل وظيفة أو حظوظ سياسية، وإنما المسالة أهم من ذلك بكثير، فتكامل الشخصية ووضعيتها والحفاظ على هيبتها ومكانتها وسلامة الموقف مع الله تعالى أهم من ذلك بكثير.
} على أية خلفية تتحدث؟
- أنا صدمت لما حدث في اجتماع مجلس الشورى.. الناس قد يعتقدون أن هذا ربما يعود لقرابتي ب"غازي" بحكم النسب، لكن حقيقة ما حدث جعلني أشعر بأن المياه لم تتغير.
} (شنو) الذي لم يتغير؟
- يعني أعضاء في الحركة الإسلامية تمت دعوتهم لاجتماع مجلس الشورى، يتم حجبهم من قبل جهة في الأمانة العامة عن حضوره.
} أليس من حقها؟
- مجلس الشورى منتخب من المؤتمر العام الذي يمثل الإرادة الكلية للحركة الإسلامية، والعضو المنتخب في مجلس الشورى وضعيته وقوته تعادل قوة الأمين العام وأعضاء الأمانة العامة، بل أحياناً يفوقهم في القوة.
} من أين يستمدها؟
- باعتباره منتخباً من الكلية الانتخابية، فهو أهم من المكمل.. الأمانة العامة الآن فيها أشخاص مكملون سقطوا في انتخابات مجلس الشورى، وجاءوا يقولون إن إخوانهم يريدون تكوين حزب جديد، أو تآمروا، أو شقوا الصف.
} ألم تكن المحاسبة مسألة معروفة في نظم الحركة؟
- (طبعاً) إذا كانت هنالك شكوى فيمكن أن تدرج في اجتماع مجلس الشورى، لكن حسب أدبنا والعضو المشتكى منه يأتي كغيره من الأعضاء، حتى أيام كنا في مجلس شورى طلاب كان هذا هو التعامل المتبع، وإذا ثبت أن هنالك شكوى حقيقية وتُكون لجنة بعد أن تنظر في الشكوى وتقول مرافعتها أمام مجلس الشورى، يطلب من العضو الذي يكون موجوداً أن يقول رأيه في الشكوى، وبعدها يتم الجرح والتعديل للعضو إذا كان في وظيفة عامة مثلاً، وعندما ينتهي الموضوع يعود الشخص، وإذا كان هنالك قرار بالفصل يحال إلى المؤتمر العام، والعضو يمارس وظائفه إلى حين انعقاد المؤتمر العام.
} في أي سياق فهمت ما تم بشأن الإصلاحيين؟
- أعتقد أن هذه الضجة ليست متعلقة بحسن سير وسلوك أو بضبط لائحي.
} متعلقة بماذا أذن؟
- ببساطة متعلقة بصراع كلاسيكي حول هل سيمدد للرئيس أم سيخلفه شخص آخر؟؟ وفي الحالتين لا يريدون أن يواجهوا بضوضاء من قبل أي شخص.
} يعني أفضل لهم أن يكون هؤلاء بعيدين؟
- نعم.. أفضل أن يكونوا بعيدين وفي بعض النظم مثل هؤلاء تتم تصفيتهم، فهذا أهون.
} الخروج؟
- أيوه.. أهون يطلعوا بدل تحصل لهم حاجات، لكن البلد كلها ما فيها دستور، الشخص يضع يده على الكتاب ويقسم إنه يحمي الكتاب والدستور.. رغم ذلك هذا لا يعني شيئاً بالنسبة له وإلا انظري إلى الولاة المنتخبين كرئيس الجمهورية حسب الدستور، الآن يتم نقلهم من مكان إلى مكان، ويتم الاستغناء عن بعضهم.. وفي التعديلات القادمة مبشرون بذهاب مزيد من الولاة تحت ستار الاستقالة.. هكذا تخرج الأمور وتبقى تخريجاً في النهاية، لكن هي في الحقيقة تزيف للإرادة العامة.
} ................؟
- الحركة الإسلامية كنز كبير، علمت الناس الصلاة والصوم والالتزام بالمبادئ العليا والتعليم، لكن السياسة دخلت بمفاهيم تزوير الانتخابات، وهذا تزيف للإرادة. وهذا أصبح جزءاً ممارساً الآن على أنه عبادة، والبعض يتقربون إلى الله بتزييف إرادة الناس، وبعد واحدة من الانتخابات المزورة طلب أحدهم من الناس أداء صلاة الشكر، بعضهم قال (يا أخوانا كذبنا على الناس كمان نكذب على الله؟!).
} تقصد الانتخابات الأخيرة؟
- أنا لم أحدد شيئاً.. أترك التحليل لفطنة القارئ.
} إذن الحركة الإسلامية بمبادئها المعروفة للناس أصبحت خارج سياق الدولة؟
- الوضع كله أصبح خارج سياق السيطرة، لأن واحدة من مشاكل هذا الوضع أنه وضع كل السلطات في يد الرئيس، فهو رئيس المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، ورئيس الجمهورية، وقائد الجيش، وراعي التعليم العالي، والذين يديرون الدولة نيابة عنه يعرفون أن زمن الرئيس (24) ساعة كبقية الناس يسافر فيها ويمرض وينام ويذهب للمناسبات الاجتماعية، ويمكن لكثير من الناس أن يديروا الدولة نتيجة لشخصنة الدولة والحزب والحكومة والمؤسسات في شخص واحد.
} هناك كثير من الجدل يدور حول مسألة البيعة والآن جدد هذا الجدل بعد خروج المجموعة الإصلاحية من المؤتمر الوطني ؟
-مسألة البيعة فيها إشكال كبير، من يبايع من، حتى أنا لا أفهمها، فسابقاً عندما بدأوا يعلنون عن مجلس شورى المؤتمر الوطني كان الناس يذهبون لمبايعة الاثنين "البشير" و"الترابي"، وسمعت أن "البشير" مبايع "الترابي".
} هل تعرف شيئاً عن هذا الموضوع ؟
-هذه المسألة لا أعرف عنها شيئاً لكن كان هناك بيعة عامة يقف فيها الأمين العام الأسبق دكتور "الترابي" والرئيس "البشير" ويبايعهم رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني، لكن أنا كنت أظل جالساً لا أبايع والحمد الله، ولم أدخل في هذا الأمر.
} لماذا ؟
-لأنني كنت أعتقد أن الحكاية جد (ما لعب).
من بايع إماماً وأعطاه ثمرة فؤاده وقلبه، فما له أن يخذله أو ينكث عن مطلوبات البيعة، ولكن الآن إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
} هذا الوصف هل يمكن فهمه في سياق معمم ؟
لا، أعتقد أن هناك قيادات جيدة تفهم هذه الأشياء وضميرها يحاسبها، لكن كثير من الناس يذهبون في السياق العام (وفي المظاهرة) ولا يحسون بأن هذه بيعة تعني شيئاً بالنسبة لهم، وإلا فالذين بايعوا "الترابي" أين هم الآن؟ والذين بايعوا "البشير" ليقبضوا المناصب أين هم الآن؟ والذين بايعوا الدستور ويرون الآن خرق الدستور والألاعيب، فالسمع والطاعة في المنشط والمكره في الأمر بالمعروف، والآن الأمر بالمعروف انعدم وأصبح الناس يقرأون عيون القادة لينفذوا ما يريدون (ليبسطوهم، هذه جوقة تعمل حسب مطلوبات القائد).
} ألا يوجد اجتهاد فقهي لحالة من خرجوا من المؤتمر الوطني بالنسبة لمسألة البيعة أو الذين بقوا وأصبحوا يشكون في صحتها؟
-(بس) تعلنها، وتقول له أنا ليس مبايعك (ما تغشو) وتقول أنا مبايعك وتتآمر عليه.
} الخروج من الحزب ألا يحسب في خانة الإعلان مثلما فعل الإصلاحيون؟
-نعم، هو إعلان.
} كيف تنظر لخروج الإصلاحيين في الحركة الإسلامية وتأثيراتها على الطرفين؟
-هي ظاهرة ستكون صحية إذا التزموا بأدب الحوار ومدافعة الخصومة السياسية، واستطاعوا تقديم نموذج ، الحكومة الآن لا تقدم نموذجاً، فلا بأس من أن تكون هناك تعددية سياسية إسلامية، رغم وجود المؤتمر الشعبي إلاّ أن مشكلة حزب المؤتمر الشعبي الكبيرة، أن "الترابي" هو الذي صنع كل شيء، وله الفضل في تأسيس الحركة الإسلامية بنسبة (70%) وهو شخص صبور يعمل من خلال المؤسسات، ويعرف ماذا يعني الخروج على المؤسسية، وهو من أعلم علماء العالم الإسلامي، لكن حينما أصبح المشروع ليس مشروع الحركة الإسلامية، وإنما مشروع "الترابي" تركه الناس.
} قيل هناك أسباب لها علاقة بارتباط الناس بالسلطة والثروة؟
-الآن أحد الأسباب التي دعت الناس إلى عدم الانحياز للترابي هو أن كثيرين منهم انحازوا إلى الدولة الغنية، وذهبوا مع الغنائم كما في " أحد" لكن أعداداً كبيرة لم تمض مع "الترابي" لأنها جربته "والمجرب لا يُجرب" والآن مجموعة "الترابي" ومجموعة الحكومة والمجموعة الجديدة بقيادة "غازي" عليها أيضاً أن تؤسس لأرضية جديدة لأنها محملة بأثقال وأوزار 23 عاماً من التجربة السابقة.
} وهناك بالطبع مجموعات أخرى لها رأي كذلك؟
-طبعاً هناك مجموعة رابعة تدق الآن في الجرس، وهي مجموعة منبر الحوار التي تضم "الطيب زين العابدين" و"الأفندي" و"التجاني عبد القادر" و"خالد التجاني" و"محمد محجوب هارون" هؤلاء يشكلون نواة هذه المجموعة، وهناك مجموعة خامسة هي مجموعة منبر السلام العادل، لكنها أقل بأساً بعد إبعاد "الطيب مصطفى" من (الانتباهة). فلندع كل هذه المجموعات تعمل وتتحاور. هناك مجموعات إسلامية أخرى مثل مجموعة الإخوان المسلمين ومجموعة السلفيين.
} ألا ترى أن مجموعة "غازي صلاح الدين" ربما تكون أقرب إلى المؤتمر الشعبي؟
-أنا ليس لديَّ معلومة عن هذا الموضوع.
} هناك من يتحدث عن أنك قريب من الإصلاحيين؟
-قريب بمعنى ماذا؟
} بكل المعاني؟
-إذا كان قريباً بمعنى التواصل، فأنا متواصل مع الجميع سواء كانت المجموعة الإصلاحية أو "السائحون" أو مجموعة المؤتمر الشعبي، كما لي في الحكومة أصدقاء كثر. أما إذا كنت تقصدين بمعنى الانتماء والالتزام فهذا شيء مختلف.
} ماذا تقصد بمفردة " التواصل" ؟
-أقصد بأننا نتواصل لمعرفة الأخبار نتبادل الكتب. هو تواصل اجتماعي ثقافي، الحياة ليست سياسة فقط.
} ذكرت الصحف أنك هوجمت من شباب المؤتمر الشعبي، ما أسباب هذا الهجوم؟
-أنا لا أقرأ الصحف، لكن لم يهاجموني دعوني إلى منتدى وكانت حلقة النقاش ممتازة، وتحدثنا عن السرية، وذكرت لهم أنني كنت عضو مجلس شورى عشرات السنين، ولم أكن أعلم ميزانية الحركة الإسلامية. وإذا كتبت الصحف كذلك فهذا صحيح، ولكن من حقي أن انتقدهم، ومن حقهم أن ينتقدوني، فالشخصية العامة يجب أن توضع تحت المجهر، وتشرح لأن الناس يقتدون بها ولا أعتقد أن هذا الموضوع فيه حساسية .
} هل قابلت الترابي قريباً؟
-أنا أعتبر "الترابي" شخصية استثنائية عالمية، له ما له، وأنا أحترمه وأعتبر نفسي استفيد منه كثيراً، وتعلمت على يده ، لكن الآن يجمعني به المشهد العام ، إذا كتبت كتاباً أو مجلة أذهب إليه في منزلة وأعطيها إياه ، لكن لست جزءاً من دوائره السياسية، لكن التواصل الاجتماعي والثقافي والفكري والروحي بالنسبة لي ليس فيه مشكلة.
} وماذا عن علاقتك بالرئيس؟
-ليس لديَّ علاقة مع الرئيس، لكن أعتقد أنه يحترمني، وأنا أحترمه على المستوى الخاص، حينما نتقابل في التعازي، وغير ذلك لكن لست من خاصته.
} هل قدمت إليكم دعوة لحضور مؤتمر شورى حزب المؤتمر الوطني الأخير كمراقب؟
-لا .. لكن في المؤتمر العام الثامن اتصل بي النائب الأول "علي عثمان" هاتفياً وقدم لي دعوة للحضور. والتزاماً مني حضرت جزءاً من ورقته. وحقيقة "علي عثمان" كان حريصاً أن أكون بجانبه في مجالس الحركة الإسلامية. وكنت أذهب كضيف وأقول هذا حينما أتحدث.
} كيف ترى مستقبل الحركة الإسلامية في السودان ؟
-لا أرى أي مستقبل في العالم الإسلامي كله إلاّ للإسلاميين، لأن القومية العربية سقطت والقوميات الصغيرة سقطت. وفي السودان إذا نظرتي تجدي في الخرطوم قرابة ال1000 مسجد جديد. الإنسان مهما قيل عن تراجعات لا ينال الثقة إلا عن طريق الغاية الدينية خاصة بعد انفصال الجنوب، لا يتم إصلاح إلا عن طريق الغاية الدينية، صحيح أنها محتاجة إلى مراجعات، والناس مصدومين فيها خاصة في الجانب الاقتصادي، ومشكلة الذين يرفعون الراية الدينية لديهم قصور في فهم الحداثة والنظريات الاقتصادية، وخطاب الذين يرفعون الراية الدينية ومن يشكلها؟ هم أئمة المساجد الذين في معظمهم خريجو فقه العبادات وقليل من فقه المعاملات. وكثير من المساجد يطغى عليها السلفيون بما في ذلك من تشدد وغلو. استنساخاً للماضي الذي يشوه المستقبل بأشياء مجزأة ومنتقاة من الماضي. لذلك الراية الدينية محتاجة إلى تجديد وخطاب جديد ولا يمكن أن يشكل بخطابات التعبئة والحشد وشعارات الإسلام دين ودولة ولا خطابات أئمة المساجد, فالقنبلة الذرية والتقنية والثقافية لا يمكن أن ينتجها أئمة المساجد فهي لا تحتاج إلى لسان فقط، وإنما إلى عقل أيضاً .
} أحد أحفاد الإسلاميين تحدث عن أنهم أصبحوا سلفيين بعد ما رأوه من الحركة الإسلامية ؟
-السلفيون لديهم مقبولية، من بعض الشابات الراغبات في الحجاب وبعض الشباب الذين يعجبهم التدين الخالي من الشرك والبدع، كثير من هؤلاء نتيجة تلقيهم تعليمهم الأولى والثانوي في دول الخليج تأثروا بالمذهب الحنبلي والوهابي.
وأهل السودان مالكية لكن لا يعرفون ذلك جيداً . هنالك فوضى لأن كل من يمتلك لحية يعتقد أنه يفتي في الدين. بعضهم لديه شهادة ثانوية، وهي لا تؤهل للفتوى، ولا حتى للتفسير، لأن التفسير مدارس تحتاج الى تخصص ودراسات متعمقة.
} قيل بعض السودانين تأثروا بتجربة إيران الشيعية؟
-أعتقد أن تجربة السودان مع إيران لم تكن سيئة. أنا حينما أنظر أجد أن تركيا قدمت للسودان أكثر مما قدمته إيران قبل الثورة، وما زالت تطالبه بالديون منذ عهد الشاه، نحن نطالب بعلاقات وتعاون لكن بصورة متوازنة مع إيران.
} كيف نظرت للحديث عن التغييرات السياسة والتنفيذية المرتقبة ؟
لا أعتقد سيكون هناك جديد، المطلوب تغييرات هيكلية، وهي لا تتم إلا بشرطين الأول أن يعلن الرئيس "البشير" عدم ترشحه مرة أخرى التزاماً بالدستورية، ولأن ما لم يقدمه في ل(24) عاماً لن يستطيع تقديمه مستقبلاً. الأمر الثاني أن يفوض سلطاته إلى شخصية قومية تدير المرحلة الانتقالية وتكون حكومة انتقالية.
} ما هي قراءتك لإشراك قوى أخرى في التشكيلة الحكومية القادمة ؟
-القوى الأخرى نفسها قوى مستهلكة ومستنفذة للطاقة، والناس لا يستطيعون قراءة المشهد السياسي لأن الوظائف السياسية تحجب أعينهم عن مطلوبات إعادة الهيكلة .
} اتفاقية مياه النيل في الاجتماع الأخير في الخرطوم فشل وزراء الخارجية مصر، إثيوبيا والسودان في التوصل إلى اتفاق ؟
-سد الألفية واقع، والمطلوب فقط الدخول في إدارة مياه السد، كيف تكون وتأمين سلامة السد، وإذا أمكن تخفيض كمية المياه المخزنة.
} بالنسبة لمصر هل سيصحح التغيير السياسي المعادلة السابقة مع إثيوبيا ؟
-لا نستطيع الحديث عن العلاقات مع مصر، لأنها في حالة توتر سياسي أظنها ستستمر لثلاث أعوام قادمة.
} تتحدث أحد المواقع الإسفيرية عن أنك في أوائل التسعينيات أصدرت فتوى تحرم الغناء ما صحة ذلك ؟
-أبداً هذا غير صحيح، ليس لديَّ رأي ضد الغناء، وبل أحيانا أغني لنفسي.
المجهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.