استقرت سفينة القائد الحربي البريطاني نيلسون على قاعدة العمود الرابع في ميدان ترافالغر الشهير بوسط لندن أمس بعد أن أزاح بوريس جونسون عمدة لندن الستار عنها. السفينة المذكورة هي مجسم ضخم لسفينة، يحمل عنوان: «سفينة نيلسون في زجاجة». المجسم الضخم هو العمل الثاني الذي يأخذ مكانه على قاعدة التمثال الفارغة بعد مسابقة أجريت منذ أكثر من عامين في الناشيونال غاليري وصوت فيها الجمهور لصالح الأعمال التي تصلح لاحتلال العمود الفارغ في الساحة اللندنية. وتبدو السفينة في مكانها بجوار عمود تمثال القائد الشهير نيلسون في مكانها الطبيعي إذ إنها لا تشير فقط إلى نيلسون بالاسم بل هي أيضا نموذج لسفينة القائد الشهير «اتس إم إس فيكتوري» والتي خاض فيها حربه ضد جيش نابليون بونابرت. ولكن العمل الجديد من ناحية أخرى يتخطى الصلة المباشرة مع نيلسون وحربه الشهيرة فهو أيضا يتعامل مع الحقبة الاستعمارية لبريطانيا العظمى. الفنان ينكا شونيبار يشير إلى ذلك المعنى في عمله قائلا: «(سفينة نيلسون في زجاجة) هي العمل الأول الذي يعرض هنا ويربط مباشرة ما بين ولادة الإمبراطورية البريطانية والحاضر المتعدد الثقافات لهذا البلد حاليا». ولا بد للناظر لمجسم السفينة من أن يلحظ الأشرعة الملونة للسفينة والمصنوعة من أقمشة تحمل النقوش الأفريقية وهنا يضيف شونيبار: «بالنسبة لي العمل هو احتفال بالثراء العرقي لمدينة لندن ويوضح أيضا الحضارات والأعراق المختلفة التي تنفخ ريحها على أشرعة المملكة المتحدة». الجدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يوضع فيها عمل في الساحة الشهيرة لفنان أسود يعاني من إعاقة جسدية. يقول شونيبار وهو من أصل نيجيري ونشأ في لندن، «العمل بالنسبة لي يمثل شيئا آسرا. أريد للناس الذين قد لا يعرفون شيئا عن التاريخ البريطاني أن يكونوا رابطة مباشرة مع العمل الذي يبدو وكأنه خارج من قصة (رحلات غاليفر في أرض العمالقة)». المجسم الذي يبلغ طوله 15.4 قدم وعرضه 7.7 قدم سيعرض في الساحة على مدى 18 شهرا. وبالنسبة إلى زائر ساحة ترافالغر كان هناك دائما تساؤل حول قاعدة العمود الرابع التي لا تحمل أي تمثال عليها. والمعروف تاريخيا أن القاعدة التي صممها سير تشارلز باري بنيت في عام 1841 كان من المقرر أن يوضع عليها تمثال للملك ويليام الرابع ولكن تعثر ذلك المشروع لنقص التمويل. وفي عام 1999 تبنت الجمعية الملكية للفنون مشروع «قاعدة العمود الرابع» الذي تولى وضع تماثيل متعاقبة لفنانين معاصرين في ذلك المكان. وعبر المسابقة التي أقيمت لاختيار عمل فني يشغل التمثال تنافس ستة فنانين بريطانيين في تقديم رؤيتهم لما يمكن أن يصبح شاغل البقعة الفارغة في الساحة الأشهر. ومن تلك الأعمال اختير عمل تفاعلي للفنان البريطاني أنتوني غروملي الذي قرر أن المساحة الفارغة أعلى العمود يجب أن تكون مخصصة للإنسان، فاقترح أن يمنح الجمهور عبر مسابقة لاختيار الأفضل فرصة للوقوف أعلى العمود للتعبير عن موقف أو إلقاء كلمة. وقال غروملي وقتها إن فكرته هي خليط ما بين ركن المتحدثين في حديقة الهايدبارك وبين تلفزيون الواقع. وبالفعل كانت طبيعة المشاركين من الجمهور لاعتلاء العمود متباينة، فقد اختار بعض من اختيروا للوقوف هناك الغناء وآخر اختار أن يقوم بتصوير الساحة وزوارها بينما قرر ثالث عزف الموسيقى.