بخلاف ما ظهر من تصريحات هنا وهناك من قبل أعضاء الوفدين "الحكومة وحركة التحرير والعدالة" تدفع في اتجاه أن المفاوضات ماضية في طريقها إلى الحل، لا يبدو ما يجعل الكثيرون يستشعرون بان منبر الدوحة في صورته الحالية يمكنه أن يحقق السلام...فمنذ انطلاقة المفاوضات في ثوبها الجديد عقب الانتخابات، ظل الوفدان في هدوء تام، لكنه لا يحمل صفات الهدوء الذي يسبق العاصفة، فكل التحركات التي تمت حتى الآن انحصرت في إطار التحضير وتكوين اللجان وبحسب نائب رئيس حركة التحرير والعدالة للشئون السياسية والإعلامية محجوب حسين الذي تحدث ل(الأخبار) أن حركته فرغت من تكوين وتسمية لجانها التفاوضية، وبذات تؤكد الحكومة ان ملفاتها ورؤيتها جاهزة فقط في انتظار صافرة "الوساطة" التي تبدو "مرتبكة" حتى الآن...مما يؤشر ان المفاوضات غير جادة وان الجميع يدرك صعوبة ان يمضي الحوار دون "حركة العدل والمساواة" التي رفض رئيسها د.خليل إبراهيم الذهاب إلى الدوحة، بعد ان اعتبر المنبر غير محايد، وتدور فيه "مؤامرة" تهدف "لإجهاض" قضية دارفور، مطالبة في ذات الوقت بإصلاحات تقول إنها جذرية تمثلت في مطالبتها بعدم أشراك أي فصائل أخرى في الحوار، بما يعني أنها غير معترفة بالحركات التي تجلس في الدوحة الآن، إضافة إلى إشراك دول الجوار في التفاوض خاصة مصر، يضاف إلى ذلك كله مطالبتها بعودة زعيمها المتواجد حاليا في "لبيا" إلى الميدان بدارفور أولا. وما يدفع أكثر في تقوية فرضيات عدم جدية الوساطة وترددها هو رغم أن وفدي"الحكومة والتحرير" متواجدين في الدوحة بكامل أعضاءهما، وأعلنا جاهزيتهما لتوقيع سلام بعد التفاوض، إلا أن الوساطة نفسها ظهرت عليها علامات الإدراك بأهمية وجود خليل، فعمدت إلى إيقاف التفاوض المباشر بين الأطراف المتواجدة، وضرب الوسطاء أرجاء الأرض بحثا عن سبيل لإقناع الرجل، فالوسيط المشترك جبريل باسولي الذي يراه البعض بأنه فقد بوصلة الاتجاه الصحيح في مهمته، التقى خليل في طرابلس دون جدوى، بحسب الناطق الرسمي لحركة العدل احمد حسين آدم الذي قال في وقت سابق ل(الأخبار) إن الحركة دفعت بالعديد من الأسئلة إلى باسولي تتعلق بمسار الأزمة، إلا انه عجز في الإجابة عليها، واصفا إياه برجل "العلاقات العامة"، وبعدها طار الرجل إلى دارفور ومنها إلى نيويورك لتقديم تقرير أمام مجلس الأمن، وبحسب الناطق الرسمي لوفد الحكومة أن المفاوضات لا يمكن ان تستأنف إلا بعد غد...وبعد باسوليه حط كل من الرئيس التشادي إدريس ديبي والمبعوث الأمريكي أسكوت غرا يشن في ليبيا والتقيا بخليل بهدف إقناعه، ورغم ان محاولاتهما فشلت في دفع الرجل إلى الدوحة، إلا أنه وبحسب أمين العلاقات الخارجية بالحركة د.جبريل إبراهيم أن الرجلين استخدما لغة حادة وهددا خليل بوضع اسم الحركة وقياداتها في قائمة المنظمات الإرهابية واحتمالية محاكمتهم، لكنه سخر من التهديد بقوله انه لا يستند علي قاعدة قانونية خاصة وان العدل حركة مشروعة معترف بها دوليا. هذه الخطوات المصحوبة بتهديد بائن من وسيط اكبر دولة ذات تأثير في العالم، بحسب المراقبين تؤكد ان المفاوضات الجارية شكلية وان كل ما يثار عبارة عن إشارت لحث الرافضين للانضمام...هذا مقرونا بما بدا شبه اتفاق بين "وفد الحكومة والتحرير" وكأن هناك مسودة جاهزة فقط في انتظار التوقيع عليها، فكل التصريحات تدفع في هذا الإطار، حيث قال رئيس وفد الحكومة للمفاوضات د.أمين حسن عمر في وقت سابق انه لا يوجد اختلاف كبير بينهم ووفد التحرير والعدالة...وهذا بدوره حسب المراقبين يؤكد الاتجاه المشكك في جدية المفاوضات، لاسيما وان البعض يرى رئيس التحرير والعدالة د.التجاني السيسي بأنه رجل باحث عن مناصب حكومية متدثر في ثوب حركة وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، وعبارة عن قيادات متفرقة في عواصم ومدن العالم المختلفة...غير ان ما يدحض هذا الاتجاه بوادر الخلافات التي ظهرت مؤخرا بين الوفدين بسبب دعوة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بحضور المفاوضات، باعتبارها أول شظايا الاختلاف التي بدأت في التناثر، ففيما قال التجاني السيسي في تصريحات صحفية إنه اتفق مع الوساطة على كيفية دعوة النازحين واللاجئين والقوى السياسية وقوى المجتمع المدني إلى حضور هذه المحادثات، وأضاف "من المهم جداً أن نجلب كل هذه القوى (إلى المفاوضات) حتى نتأكد تماماً من أن السلام الذي سيأتي إن شاء الله هو سلام شامل وعادل" مبينا أن القوى السياسية التي يتم دعوتها للمشاركة في المفاوضات " هي قوى موجودة في السودان و معروفة، وستوجه إليها الدعوات لتأتي (إلى الدوحة) وتشارك في المفاوضات". وأضاف: "نحن ننشد نظاماً ديمقراطيا في السودان، وبالتالي إذا كان هذا النظام الذي ننشده سيكون نظاماً ديمقراطيا فينبغي أن تعرف آراء القوى السياسية (السودانية) في ما يحدث هنا في الدوحة... هذه التصريحات رفضها وفد الحكومة السودانية ، معتبرا ان التفاوض الآن في الدوحة يجري بين حركات تحمل السلاح ضد الدولة، واتخذت منه أسلوباً لتحقيق أهدافها، وليس قوى سياسية مسجلة وفقا للقانون وتمارس العمل الديمقراطي السلمي بصورة منظمة، وتساءل الناطق الرسمي لوفد الحكومة د.عمر آدم رحمة في اتصال هاتفي ل(الأخبار) من الدوحة عن الكيفية التي سيتم بها إشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في المفاوضات؟ وزاد" نحن ننتظر لنرى" وقال عمر "إن القوى السياسية شاركت في ملتقى أهل السودان الذي عقد بكنانة حول دارفور وأبدت رأيها حول القضية في كتاب محفوظ، إضافة إلى أنها شاركت في الانتخابات عبر برامج انتخابية، أوضحت فيها رأيها حول معالجة الأزمة في دارفور، وقد أفسح لها المجال في كافة الأجهزة الإعلامية" وأضاف "بالنسبة للمجتمع المدني الدار فوري هناك مخرجات لمؤتمرات عقدت وهي الآن في يد الجميع تمثلت في تقرير لجنة ثامبو مبيكي حول دارفور وآخرها وثيقة هايدر بيرج حول دارفور التي صدرت قبل خمسة عشر يوماً" وقال رحمة فيما يتعلق بالنازحين؛ الحكومة مؤمنة على دعوتهم إلى الدوحة باعتبارهم أصحاب مصلحة ومعنيين بالمسألة ولا اعتراض لها على ذلك، مبينا ان وفد الحكومة يسعى بقدر الإمكان لاستصحاب كل الآراء في التفاوض للوصول إلى سلام شامل ودائم بدارفور، لكن الأمر يجب ان يتم بالتفاهم بين الأطراف؛ على حد تعبيره. تقرير: آدم محمد أحمد الأخبار --- كاريكاتير على الدويد