بريطانيا تلك الدولة العظمى التي ارتبطت بالسودان عبر تاريخ استعماري.. ما تزال لاعباً دولياً أساسياً في الشأن السوداني خاصة قضايا السلام والتحول الديمقراطي وقضايا التنمية لذلك كان الجلوس لسفير الحكومة البريطانية بالخرطوم وإجراء هذا الحوار معه حول العديد من القضايا المهمة التي تهم البلدين. حوار: بكرى خليفة تصوير: أحمد طلب موضوع ديون السودان مع الاتحاد الأوربي هذا الملف من المتوقع أن تتولاه المملكة المتحدة وهو موضوع شائك ومعقد، ماذا ستقدم حكومتكم في هذا الجانب ؟ بخصوص ديون السودان ناقشها وزير الخارجية البريطاني سمن بشكل مطول مع نظيره السوداني كرتي ووزير المالية وكما ترى هذه قضية شائكة، ولكننا ندعم جهود السودان لإعفاء هذه الديون وبالتالي على السودان الالتزام ببعض الأشياء منها تخفيف حدة الفقر كما نشجع السودان على القيام بذلك، ونحن نعمل بجهودنا الخاصة على تخفيف حدة الفقر من خلال المساعدات الإنسانية التي نقدمها. هل الإعفاء مربوط بإصلاحات اقتصادية على الحكومة أن تقوم بها.؟ أعتقد أن الأمر مربوط بالسياسة والإدارة الاقتصادية. هنالك مبادرة ما يسمى بالدول الفقيرة والمثقلة بالديون وقد اتبعتها كثير من البلدان لتحسين وضعها وقد أثبتت التجربة أنه من غير إدارة اقتصادية حكيمة إعفاء الديون لا يحقق أي مصالح ومن خلال مبادرة (الهبيك) الدول الفقيرة المثقلة بالديون يمكن أن تحقق نتائج جيدة وممتازة للبلاد وهو الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلكه السودان. الحكومة السودانية سبق أن أستدعت السفير السابق أكثر من مرة لا نتقاده للأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتأثيرها على الشعب السوداني، هل تتخوف أن تتعرض لمثل ما تعرض له إذا قدمت أي انتقادات ؟ على السودان أن يتبنى سياسة راشدة ومفيدة اقتصاديًا خاصة بعد الآثار التي ترتبت عليه بعد انفصال جنوب السودان ولذلك فإن تعليقاتنا في مجالسنا الخاصة والعامة دائمًا نشجع الحكومة السودانية على أن تتبنى سياسات اقتصادية تحقق مصالح شعب السودان وتحقق له الرفاهية التي يتمناها. السفير السابق اتهم الحكومة السودانية بأنها تعيق إيصال المساعدات الإنسانية إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق على ماذا استند فى هذا الاتهام ؟ من الواضح والضرورة أن نتبنى مسألة الحوار لأن البشير في خطابه الأخير قال إنه لا يمكن حل النزاعات إلا بالحوار وهو محق في ذلك وهذا الأمر ينطبق في السودان وجنوب السودان وفي اعتقادي فإن المفاوضات بين الحكومة والعناصر المتمردة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ستبدأ في العاصمة أديس أبابا في فبراير الجاري ونحن نرحب بهذه المفاوضات وأتمنى أن يؤدي هذا الحوار لحل دائم للازمة. وهنالك أزمة طاحنة في هذه المناطق ومن أجل مصلحة الإنسان في هذه المناطق نتمنى أن تكون هناك إتاحة للمنظمات لإيصال مساعداتها وتقديم خدماتها للمتضررين وعلى الحكومة والجماعات المتمردة أن تفعل ما بوسعها لعمل ذلك. وللأسف في شهر ديسمبر الماضي لم تفلح المساعي لتحقيق عملية التحصين ضد شلل الأطفال بسبب النزاع القائم هناك لذلك فالمنظمات تخشى من أن يتفشى المرض هنالك. دائما تلقون اللوم على الحكومة ولم نر الحكومة البريطانية تمارس ضغوطاً على الحركات المسلحة للاتجاه للعملية السلمية؟ نلتقي أحياناً مع الحركات لكن ليس على المستوى الوزاري ولكن على مستوى بعض كبار المسؤولين ببعض قادة المتمردين من وقت إلى آخر ودائماً نقول لهم إننا لا نشجع على الاستخدام العنيف للقوة، ولكن نحثهم على استخدام الوسائل السياسية لتحقيق الغاية ودائماً في اجتماعاتنا معهم نشجعهم كما نشجع الحكومة فى اجتماعتنا معهم أن يسمحوا بإيصال المساعدات الإنسانية وكما قلت من قبل ما حصل في مسألة تحصين الأطفال.. وهذا ما لم يتحقق وهو أمر سيئ. وزير الخارجية السوداني في حديث سابق له اتهم بريطانيا بمناصبة العداء للسودان بوقوفها وتحضيرها لكل القرارات السالبة التى أصدرها مجلس الأمن ضد السودان؟ كان السيد سمن وزير شؤون إفريقيا هنا في السودان وكان له لقاء مع السيد علي كرتي وقد أمضيا وقتاً طويلاً يتحدثون في الشؤون الدولية وجنوب السودان واحدة منها كما ناقشا القضايا الثنائية، وقد خرج السيد سمن بأن هناك أوجهاً للالتقاء كثيرة بين السودان وبريطانيا كما أن هنالك نقاط اختلاف عديدة بين الجانبين وهذا أمر عادي في العلاقات بين البلدان وأعتقد أن هذا الاجتماع دفع العلاقات بين البلدين.. والمملكة المتحدة لها تاريخ طويل في السودان ومايزال لها وجود هنا ونعمل طبعاً على إنهاء الصراعات والازدهار الاقتصادي والحقوق الاجتماعية والسياسة المدنية ونخصص موارد ضخمة لهذه البلاد ونحن لدينا سفارة ضخمة تعمل في هذا الشأن والمجلس البريطاني يقدم خدمات كبيرة للسودانيين الذين يريدون تطوير لغتهم الإنجليزية والسودان واحد من الدولة القليلة التي تحظى ببرنامج التنمية البريطانية والحكومة البريطانية تبذل جهوداً كبيرة لمقابلة تطلعات الشعب السوداني. الحكومة السودانية قالت إنها تسعى للتقارب مع بريطانيا لكنها أوضحت أن المملكة في سياساتها وتشريعاتها ترفض أي تقارب مع الحكومة الحالية؟ للإجابة على هذا السؤال أقول إن وزير شؤون إفريقيا زار السودان خلال الأيام الماضية وبالأمس القريب كان هنالك أيضاً وزير زائر وهذا يدل على تطوير العلاقات بين البلدين وليس الأمر مرتبط بحكومة المؤتمر الوطني.. لدينا علاقات عادية مع الحكومة وإذا كان هنالك انتقادات فهذا أيضاً أمور عادية تجري. إبان حقبة الاستعمار البريطاني للسودان خرجت الكثير من الآثار السودانية للخارج لبريطانيا وغيرها بطرق مختلفة هل يمكن أن تعيد بريطانيا هذه الآثار إذا تمت المطالبة بها أم أن السبب يكمن فى تقصير الحكومة السودانية في المطالبة بهذه الآثار؟ أعتقد أن موضوع الآثار ليس قضية كبيرة بين البلدين ويوجد تعاون كبير بين البلدين في هذا المجال، وهنالك كثير من علماء الآثار البريطانيين وعدد من البعثات البريطانية تعمل في السودان وتجد كل التعاون من الجهات السودانية وفي نهاية هذا الأسبوع سيكون هناك احتفال كبير عن الإرث التاريخي السوداني ستشارك فيه مجموعة من المتحدثين البريطانيين وواحد من الأشياء التي يجب أن أتحدث عنها محاولة ترقية العمل في ريادة الأعمال وقد دعمنا وأسسنا فكرة برنامج مشروعي وهو في مجال ريادة الأعمال وجذب الكثير من الشباب وختام البرنامج في الثلاثين أرجو من الجميع ان يشاهدوه. ليس هنالك نزاع على هذه القضية متسائلا: هل ذهبت وشاهدت الآثار السودانية المعروضة في المتاحف البريطانية. هنالك مجموعة صغيرة معروضة وأعتقد أنها معروضة برضاء الحكومة السودانية وهنالك مجموعات أخرى موزعة فى بلدان أخرى. مقاطعة هل تتحمل الحكومة البريطانية مسؤولية أن هذه الآثار خرجت في حقبة الاستعمار هل تساهمون فى استعادتها للسودان؟ يقول باقتضاب أعتقد أنني جاوبت على هذا السؤال. العديد من الدول التي كانت تستعمر دول أخرى وحصلت خلال الفترة الاستعمارية انتهاكات تقدم اعتذاراً لهذه الشعوب ألا ننتظر أن تتقدم بريطانيا باعتذار للشعب السوداني؟ أعتقد أن البلدين لها الكثير من الأشياء التى تعتذر عنها وأعتقد أن الفترة الاستعمارية للسودان كانت جزءاً من الإرث ما بين السودان وبريطانيا والتاريخ هو التاريخ لا يمكن أن نغيره وهو جزء من الإرث لتلك الفترة وأعتقد أننا يجب أن نبني على ذلك لتطوير علاقاتنا وبريطانيا تعمل في هذا الشأن وتساعد السودان على بناء هذا التاريخ. مقاطعة هل تتفق معي أن بريطانيا كانت السبب في انفصال الجنوب باتباعها لسياسية المناطق المقفولة التي اتبعتها في جنوب السودان؟ أعتقد أن خيار جنوب السودان في أن ينفصل لم يكن له علاقة بسياسة بريطانيا. مقاطعة هل يمكن أن تعتذروا عن الأشياء السيئة في تلك الحقبة؟ أعتقد أن الحقبة الاستعمارية هي جزء من تاريخنا وجزء من ماضينا ولها مساوئها وإيجابياتها. خطاب البشير الأخير في اعتقادكم هل يلبي الطموحات ؟ أعتقد أن الرئيس ذكر مجموعة من الأشياء المهمة منها الدعوة للإصلاح وإتاحة الحريات وكذلك تحدث عن مسألة السلام في السودان والإدارة المسؤولة عن الاقتصاد لكن الأهم من ذلك أن ما قيل يجب أن يُرى على أرض الواقع وليس أن تقال وسننتظر ونرى. كثير من المدارس والكليات فى السودان تقول إنها تدرس المنهج البريطاني ما صحة ذلك وهل هي نفس المناهج في المملكة المتحدة؟ لا ولكن نحن نعمل مع وزارة التربية والتعليم على أساس إصلاح المنهج الحالي الموجود في مجال اللغة الانجليزية بدعم من البنك الدولي. مقاطعة بعض المدارس تقول إن منهجها مجاز من بريطانيا ولديها تفويض بذلك ؟ هذا ليس صحيحاً. حفيد غردون باشا زار السودان مؤخراً والتقى بالسيد الصادق المهدي هل يطوي اللقاء الصفحة التاريخية بين حفيدي (غردون والمهدى) ؟ الشيء الذي أعرفه أن الجنرال غردون ليس له أبناء لكن لما أثير عن صحة أن الرجل هو حفيد غردون لا املك إلا أن أقول هنالك بعض الأشياء الغامضة في الحياة. العادات والتقاليد السودانية ماذا تعرف عنها وما أكثر ما أعجبك ولفت نظرك عن السودان والمجتمع السوداني ؟ بالنسبة للعادات والثقافة السودانية أنا لي ثمانية عشر شهراً وما زلت اكتشف السودان وقد قمت ببعض الجولات إلى بعض مناطق السودان وخصوصاً مناطق الآثار والأماكن السياحية لاكتشاف هذا الإرث الغني ويعجبني الكرم السوداني الأصيل كا تعجبني العلاقات الودية التي يبديها السودانيون وهي مسألة ودية لأي زائر أجنبي للسودان وهذا شيء جميل وإن خيرتني أن أمراً معيناً أعجبني ولفت انتباهي لقلت لك الثوب السوداني أكثر ما شدني وأعجبني ، أحب ألوانه وحتى أسمائه كما عرفت أن بعضه مربوط بأسماء أماكن وأشخاص وأفكار وبابتسامة كبيرة قال إن الشيء الذي يسعدني أنني لن أرتدي واحداً لأنه سيكون صعباً وغير عملي لي كرجل لأنه خاص بالمرأة تفجرت الأوضاع بقوة خلال الشهر الماضي بدولة جنوب السودان برأيك ما هي أسباب الصراع والحلول المقترحة؟ نحن ككثيرين من الناس مشغولون بما يحدث في الجنوب الشهر الماضي والتطورات السريعة التي حدثت وقد كنا ككثير من الآخرين ننشط في هذا الشأن مع شركائنا والعديد من الأطراف لوقف العدائيات في جنوب السودان ولدى حضور وزير شؤون إفريقيا لدى السودان قبل أسبوعين اعترف بدور السودان المؤثر وشجع السودان للاستمرار في هذا الدور مع الإيقاد ونحن كمجتمع دولي أن نعمل مع بعضنا البعض لإنهاء الصراع في الجنوب. مقاطعة هل طرحت بريطانيا مبادرة لوقف الصراع بين سلفاكير ونائبه مشار؟ ليس كل ما نفعله ظاهر للعيان هناك جهود يقوم بها مسؤولون على مستوى وزراء الحكومة البريطانية مع شخصيات مثل رياك مشار وحكومة الجنوب وبالتالي فإننا نلعب دوراً مؤثراً ومهماً في دعم مبادرة الإيقاد.