ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي : «الملكية الهاشمية» نموذج للحكم يُؤمن بالتعددية ويمتلك الشرعية
نشر في الراكوبة يوم 18 - 02 - 2014

قال الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني، رئيس الوزراء السوداني الأسبق إن «الملكية الهاشمية» مثلت نموذجا للحكم المؤمن بالتعددية، التي حققت الاستقرار، لانها تملك درجة عالية من الشرعية الى جانب تقبلها للاخر في بناء نظامها السياسي، وإن الدولة ذات الشرعية الهاشمية والنظرة الأوسع فيما يتعلق بممارسة السلطة أكثر استقراراً.
وأضاف المهدي في حديث بمنتدى الدستور للفكر والحوار، أداره الزميل رئيس التحرير المسؤول الاستاذ محمد التل وحضره عدد من الوزراء والاعيان والنواب وشخصيات سياسية واقتصادية واعلامية، أن الوطن البديل مؤامرة على الاردن وفلسطين، ولا يمكن السكوت عنه أو حتى القبول به.
وطرح الامام المهدي مبادرة للاحزاب العربية لدعم الصمود الفلسطيني في الداخل والخارج للوساطة بين حركتي فتح وحماس لانهاء الخلاف السياسي المحتدم بينهما، باعتبار أن أكبر نقطة ضعف في القضية الفلسطينية الان تتمثل في الانقسام الفلسطيني.
ووصف الإمام المهدي ما يجري داخل العالم العربي منذ ثلاث سنوات بالهبات الشعبية، وليست بالثورات، لافتا الى أن هذه الهبات لم يكتمل مسار نضوجها لانتاج ثورات بديلة ومكتملة.
ودعا الى التحرر من ذهنية الاتكال والاستبداد، باعتبارهما معيقين للتطور والتقدم والتحرر العربي، مضيفا أن الحضارة العربية أيقظت أوروبا، ومن ثم استسلمت للركود الفكري والاستبداد السلطوي.
وأشار الإمام المهدي الى أن الدول العربية تعيش حالة أشبه بالانتحار، وأن الصراعات القائمة في المنطقة العربية باختلاف مرجعياتها العقائدية والايديولوجية « سني -شيعي و علماني -اسلامي « لم تستطع أن تحسم معاركها بالنصر، بل إنها مفتوحة أمام خيارات تأخذ هذه البلدان الى الفوضى.
وقال إن دينامية الاسلام تجعله يتمدد عندما تكون الامة الاسلامية ضعيفة وبالتالي فان هذا التمدد يشكل خطرا تنبه اليه مفكرو الغرب وحذروا منه، ولذا لا بد من التعامل معه بمزيد من التصالح والتفهم والانفتاح على الاخر.
وأضاف الإمام الصادق المهدي أن المجتمع الحديث يجب أن يكون مجتمعا تعدديا يؤمن بالآخر والتعايش السلمي والحوار وتداول السلطة.
الزميل محمد حسن التل رئيس التحرير المسؤول:
بسم اللهِ أعظمُ الأسماءِ... والصلاة والسلام على أشرف الخلقِ وسيدهم سيدنا مُحمد النبي العربي الأمين..
نستضيف دولة الأستاذ الصادق المهدي والمعروف بالطبع لا يعرف للحديث، في محاضرة تحت عنوان (الوضع العربي الراهن) وما أوسعَ هذا العنوان وما أوسعَ تشعباته وتعقيداته. فالمتفحص لخارطة الوضع العربي الراهن يجد مزيجاً مريراً من الضعف والوهن والتيه وفقدان البوصلة وغموض المستقبل. فالأنظمة معظمها فاقد للشرعية ونخب كثيرة فسَدت أو فاسدة بالأصل وشعوب ضائعة مضيعة وسط أمواج متلاطمة في بحر كبير من الفوضى وواقع مظلم لا يعرف آخر له.
وما تشهده الساحة العربية اليوم جعل العرب كأمة غير قادرة على مواجهة أي مؤامرة تريد رأسها سواء كانت داخلية أو خارجية رغم أن الوضع الواقع لهذه الأمة يشير إلى مخاطر جسيمة، وأن مكمن الخطر هذه المرة وفي هذا الوقت أكبر مما شهدناه في السابقِ. حيث تمثّل في تحول الربيع العربي من ثورة على الاستبداد والفساد إلى صراعات على أكثر من مساحة عربية، وهو ما يضع الأمن القومي في دائرة مشتعلة تتمدد حرائقها بسرعة فائقة، هذا الواقع العربي المتردي أصبح لا بدّ من مواجهته بالعمل الصادقِ الذي يأتي من خلال أبناء الأمة الصادقين المخلصين لها، بعيداً عن المصالح الضيقة والمريضة وشهوة الحكم المشبوهة من خلال توحيد كل طاقات أبنائها على طريقِ الخلاص على كل المستويات ابتداء من إعادة بناءِ الإنسان العربي على أسس جديدة نظيفة مستندة إلى روح الإسلام العظيم، ويكون ارتكازها الأول النظرة الشاملة لقضايا الأمة حتى تستطيعَ الأجيال القادمة أن تفرز قيادات قادرة على تحمل المسؤولية بعزم وحزم للخروج بالأمة من هذا الوضع الذي إن بقي يسير بنفس اتجاهه سيعصف بنا جميعاً..
الإمام الصادق المهدي: بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أخي الرئيس، إخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويشرفني أن أتحدث إليكم هذا المساء في هذا الموضوع الهام، فهمنا واحد، وأبدأ بمقدمة قصيرة فحواها أنه لفهم واقعنا ينبغي التحرر من الذهنية الاتكالية والذهنية الاستسلامية، أما الذهنية الاتكالية، فالفهم الخاطئ للإرادة الإلهية، الله سبحانه وتعالى استخلف الإنسان، ونفخ فيه من روحه، ووهبه العقل، وحرية الاختيار، التي هي أساس للأخلاق، لولا أن الإنسان حر لا تقويم للأخلاق، لذلك فإن الفهم الصحيح هو أن بأيدينا إرادة حرة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت رقية نسترقيها ودواء نتداوى به، أيردُّ شيئاً من قضاء الله وقدره؟.. قال: هو من قضاء الله وقدره..
الكون قائم على أساس، قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، إذاً ينبغي أن نفهم ما للإنسان من ولاية في الحياة، في الأرض، أما الذهنية الاستسلامية فتلك التي تنسب للمؤامرة كلما يحدث في عالمنا، والحقيقة أن الصديق يناصف والعدو يضارب، هذه من طبيعة الأشياء، ولذلك لا ينبغي أن نستغرب أن يحدث ما يحدث من عدو، أو ما يحدث من صديق.
قال ابن خلدون، كل ظاهرة في الوجود، سواء كانت طبيعية أو اجتماعية تخضع لقانون، ولا بد أن نفهم ذلك إذاً، بحيث نستطيع أن نفهم واقعنا هذا من منطلق هذه القوانين الاجتماعية التي نعيش فيها.
ببساطة، سألخص نظرتي التي أود أن أشارككم بها هذا المساء، النقطة الأولى هي أن حضارتنا أيقظت أوروبا ثم استسلمت للركود، الركود الذي جاء به أمران، الجموع والاستبداد، أما الجمود الفكري الذي انطوى فيه توقدنا الفكري، العلم ما كان فيه قال حدثنا، ما سوى ذاك وسواس الشياطين، هذه الذهنية التي حبست الفكر، وساوت بين التفكير والتكفير، والقرين الآخر الاستبداد، ومقولة ابن حجر العسقلاني: «أجمع الفقهاء على وجوب طاعة المتغلب والجهاد معه»، الجمود والاستبداد يفسران تأخرنا عن زحف التطور الاجتماعي والبحث العلمي، الذي اكتشف به الآخرون سنن الكون وسخروها للإنسان، والتطور الاجتماعي الذي حرر إرادة الشعوب من استبداد الفرد المتغلب، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية، وثّق تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن التنمية البشرية في العالم العربي الصادر عام 2002 لحقيقة أن المنطقة شهدت تطوراً اقتصادياً، وخدمياً في مجالي التعليم والصحة والانفتاح على العالم دبلوماسياً وتجارياً، ولكن في مجال الحكم الراشد خضعت المنطقة لنظام الانفراد الذي يدعمه القهر والأمن الذي يراقب كل الحركات والسكنات، والإعلام المضلل، والاستعانة بالهيمنة الدولية.
في عام 2006، ونحن أعضاء في نادٍ يسمى نادي مدريد، يجمع حوالي 90 من رؤساء سابقين، رؤساء دول ورؤساء حكومات منتخبين ديمقراطياً، هذا المنتدى في عام 2006 كوّن ست بعثات، طافت حول عدد من الدول العربية، واجتمعت بحكام ومعارضين، أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، وبعد عامين، في عام 2008 عقدنا مؤتمراً في منتجع البحر الميت، وهناك دعونا ممثلين ل19 دولة، ممثلين لأحزاب حاكمة ولمعارضين، وقلنا نتيجة لهذه البعثات قد كونا فكرة، وأعلنا في يناير 2008 أن هناك احتقانا بين الحكام والمحكومين، فإن لم يجرِ تفاوض لإصلاح سياسي حقيقي سيقع انفجار، هذا في يناير 2008. الحقيقة أن غالبية النظم الحاكمة استعانت بأساليب القهر الحديثة، وهو القهر الذي أقنع ستالين والفاشيست والنازية، هذه وسائل القهر الحديثة استعين بها واستطاع الحكام أن يسيطروا ويدجنوا الأحزاب السياسية والنقابات والقطاع الخاص والكيانات الوراثية سواء كانت دينية أو قبلية، حتى اطمأن الحكام إلى أن الاستقرار أصبح كاملاً بين أيديهم، بل أصبحوا يفكرون في توريث مقاعدهم لأبنائهم. فات على هؤلاء أن هناك وجوداً جديداً، خارج رادارات السلطة، أنه قد حدث تغيير هيكلي في قدرات وطموحات القوى الشعبية في المنطقة، مفرداتها تغيرات اجتماعية ومعلوماتية واتصالاتية، أفرزت أجيالاً جديدة، هم رأس الرمح في الربيع العربي، أطيح بالطغاة لأن رأس الرمح وجد تجاوباً مليونياً هائلاً ولكن ما حدث يمكن وصفه بالآتي: هبّة وليست ثورة، بمعنى أن كلمة Revolution مترجمة خطأ بثورة، لأن كلمة Revolution حقيقة تعني تغيير واقع بواقع جديد، ثورة كاملة من الواقع القائم إلى الواقع الجديد، ولكن ما حدث لا يمكن أن يوصف بهذه الصفة لأن رأس الرمح هذا أزال طغاة ولكنه لم يخطط للبديل في مكانه.
النقطة الأخرى في هذا المجال، الإجراء أسقط الطغاة وأظهر هشاشة سلطانهم، وكسر حاجز الخوف ورفع الغطاء عن واقع اجتماعي كبير، الحرية دون توازن معين وتخطيط معين أطلقت العنان للواقع الذي كان محبوساً ليتفجر، وتفجر بولاءات دينية وعرقية ومذهبية موروثة انطلقت في مجال الحرية، الحرية كذلك كشفت هشاشة التنظيمات الاجتماعية الحديثة من أحزاب سياسية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني، لأنهم صاروا أشبه بمحرمات الطعام، الميتة والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة، هذه كانت صفة ما يمكن أن نطلقها على القوى المدنية، أحزاب سياسية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني. المنظمات التي كانت ناجية نسبياً من هذه الحالة كانت القريبة من الوجدان الديني، التي تخندقت بأنشطة دينية واجتماعية حظيت شبكاتها الداخلية والخارجية بنوع من الحماية بسبب هذا القرب من الوجدان الشعبي. الحرية أظهرت ضعف التنظيمات المدنية وقوة التنظيمات الدينية وذات الولاءات الموروثة من طوائف وعشائر، هذا ما أظهرته الحرية عندما حلت بعد إزالة الطغاة.
الثورات أفزعت قادة الهيمنة الدولية الذين يولون المنطقة اهتماماً خاصاً، وصف كارتر كيف أن هذه المنطقة أهم بقعة أرضية في الأرض، والسبب معنوي ومادي، معنوي لان هذه المنطقة هي منطلق الحضارات الإنسانية، منطلق الأديان الإبراهيمية، وهي مولد حضارات الإنسان، كذلك هناك ظاهرة مخيفة جداً غير المسائل المادية وهي دينامية الإسلام، أن الإسلام يتمدد مع ضعف المسلمين ومع ضعف دول المسلمين، فالإسلام تمدد في إفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا، والعالم الإسلامي محتل وضعيف جداً، فالإسلام أظهر دينامية مستقلة عن ضعف المسلمين، هذا أصبح مخيفاً جداً، وجعل كثيرين، مع ضعف المسلمين وحالتهم، يتحدثون عن خطر هذا التمدد، لدرجة فيها ما يشبه البرانويا، بات مائير وباتريك بوكانن وتوني بلانكي كتبوا كتبا عن الخوف من هذا التمدد بصورة مزعجة جداً للكثيرين، وأعتقد ما قاله البابا عن هجوم عنيف جداً على الإسلام الإحساس بأن الإسلام يتمدد وكذلك أعلن الناطق الرسمي باسم الفاتيكان «إننا لأول مرة في التاريخ لم نعد الأغلبية». هناك بالطبع المسائل الجيوسياسية، الموقع والبترول وإسرائيل، باعتبار أن إسرائيل تمثل في حقيقة الأمر هندسة سياسية سواء الجانب العاطفي والحديث المتعلق بالصهاينة المسيحيين، أو وجود منطقة تعتبر رأس الرمح في المنطقة للحضارة الغربية، هذه كلها جعلت الاهتمام بالمنطقة أكبر من أي منطقة أخرى في العالم، لذلك اهتموا جداً بالأحداث في المنطقة خصوصاً وأنها فاجأتهم، ولم يدروا ماذا يفعلون، وكانت انفعالاتهم في حقيقة أمرها مضطربة للغاية، كموقف التدخل المباشر في ليبيا، والموقف المتردي في سورية، والموقف المختلف في البحرين، إلى آخر هذه الأمور لا توجد استراتيجية واحدة، وانفعالات مختلفة، لأن التصرفات لا تخضع لاستراتيجية واحدة.
الإدارات التي جاءت بعد الثورات فوجئت بأنه يمكن الاستيلاء على الحكومة، ولكن الاستيلاء على الحكومة وحده لا يعني الاستيلاء على القرار السياسي، هناك مؤسسات الدولة العميقة أو المتجذرة، هناك مؤسسات وممارسات المجتمع العميقة وهناك المحيط الدولي، أصبح واضحاً ان الذين انتخبوا يشاركهم كثيرون غير متفقين معهم في خطتهم وبرامجهم، وهذا حصر قدراتهم بصورة كبيرة للغاية في ممارسة ما اعتقدوا أنهم نالوه بالانتخاب، ثم هنالك الضرورات الاقتصادية الملحة، التي لا تخضع لقرار الصندوق الانتخابي، وما فيها من فقر وعطالة وبطالة، وهذا أيضاً حدَّ من قدرات الولاية الانتخابية والحاجة، المهم أن الطغاة كانوا يقولون «عليكم قبولنا والتسليم لنا، وإلا سيأتي الإخوان المسلمون أو الفوضى»، فأصبح كلامهم، عندما حدث ما حدث بعد الربيع العربي أو بعد دورة الربيع أن ما قلناه كان صحيحاً، أنتم بين أمرين، الفوضى أو السيطرة الإخوانية. وبدا لكثيرين أن الوصاية أفضل من الإخوان ومن الفوضى، هذا أصبح شكل الخيارات الجديدة لدى كثيرين من الناس.
إن للفوضى صلة مباشرة بالاستقرار على حساب الحرية، وهذا في تراثنا كان واضحاً عندما نصح المغيرة بن شعبة الخليفة معاوية بن أبي سفيان أن خذ البيعة ليزيد حتى لا تكون بعدك فوضى، وفعلاً دام الأمر على أساس القوة والتوافق، وهذا مع الزمن أدى إلى نوع من عزلة السلطة الحاكمة من الشرعية ورضا الناس، كما قال أبو العلاء (طموح السيف لا يخشى إلهاً ولا يرجو القيامة والمعادا)، ومقولة الخزاعي (خليفة مات لم يحزن له أحد.. وآخر قام لم يفرح به أحد)، وفي التراث الأوروبي إيفان الرهيب وخطته كانت عندما ورث السلطة خرج من موسكو وقال إنه قد استقال، فحصلت فوضى كبيرة جداً في موسكو وفي روسيا، وذهب إليه الأعيان وطلبوا منه أن يقبل العودة، قال «لا أقبل العودة إلا على أساس الحكم المطلق»، وقبلوا وأصبح هناك الحكم المطلق، إذاً هناك صلة كبيرة جداً ما بين الفوضى والحكم المطلق، وحتى في أعرق الدول الديمقراطية، حالة الطوارئ ترياق تتخذ الدول لمواجهة الفوضى، تضحية بالحرية من أجل الاستقرار، لذلك وفي كل الأحوال إذا ظهرت الفوضى سوف تقود للوصاية، هذا يمكن أن يخلف الربيع العربي، لكنه لن يقضي على التغيير الهيكلي المذكور الذي كان رأس الرمح في التغيير في المقام الأول.
عوامل التغيير الهيكلي تساعده عوامل أخرى، لكي تواجه أية محاولة نحو الوصاية الطاغية وهي منظومة حقوق الإنسان، وقد أصبحت جزءاً من الحوكمة العالمية، والإعلام الفضائي ووسائل الاتصالات التي تكشف المستور، وحقيقة أخرى وهي أن الوجدان العربي متحد في تطلعاته ويؤثر على بعضه بعضاً في هذه التطلعات، هذه العوامل، عوامل ثورية وتتطلب إشباعاً، حتى الآن ظهر أن الدولة ذات النظام الوراثي الهاشمي، والإمكانات المالية أكثر استقراراً، ولكن الاستقرار كامن في توازن جديد، واضح أن الدولة ذات الشرعية الهاشمية والنظرة الأوسع فيما يتعلق بممارسة السلطة أكثر استقراراً، وكذلك الدول الوراثية ذات القدرات المالية، استطاعت أن تقوم بعملية استجابة لكثير من التطلعات، البلدان الجمهورية أي مناطق الربيع حتى إذا لجأت لوسائل القهر لن تهدأ بسبب الهيكلة الجديدة وعوامل التغيير المذكورة، لا التكفير ولا الشيطنة يبديان، مثلاً سورية حافظ الأسد وليبيا القذافي طبقوا ما طبقوا من وسائل القهر والقمع دون جدوى، الاستقرار يتطلب توازناً جديداً، نعم للديمقراطية، ونعم لأجندة حقوق الإنسان، ولكن هنالك تقاطعات تتطلب معادلات حكيمة، فالديمقراطية والحرية دون التقاطعات التي سأذكرها، لن تحظى بتوازن جديد، لن يتحقق الاستقرار، لذلك هذه التقاطعات مهمة جداً ومع الحرية سوف تبرز وتظهر ويمكن أن تتطرف، المعادلة الإسلامية العلمانية السنية الشيعية، المعادلات الإخوانية السلفية، السلفية النظرية والحركية، الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية، تقاطع الأثرياء والفقراء، القومية والقوميات الأخرى، القومية العربية والقوميات الأخرى في الوسط العربي، والمعادلة الدولية بين وطني وقومي وإسلامي، هذه المسائل بها تقاطعات مهمة واحتمال استقطاب ومنازعات. كل النظم في المنطقة سوف تواجه ضغطاً شديداً من عوامل التقاطع هذه.
الاستبداد كعلاج لهذه المعادلات ليس علاجاً، بل أي محاولة لاحتوائها عن طريق الاستبداد، برأيي، ستفشل، والحرية دون التوازن المنشود في هذه الأطر تقود إلى الفوضى، الحرية تقود إلى الفوضى ما لم يوجد توازن لهذه التقاطعات. لتحقيق التوازن المطلوب، نحن في مؤتمر عقد هنا في عمّان، في مركز القدس للدراسات السياسية، اقترحنا ميثاقاً يخاطب هذه التقاطعات، أهم بنوده معادلة إسلامية علمانية، معادلة سنية شيعية، معادلة إسلامية إسلامية، معادلة اجتماعية، معادلة قومية شعوبية، الوطنية والولاء الأوسع، التعايش الديني بين الولاءات المختلفة، العلاقة الدولية ..الخ، نحن محتاجون بالحكمة والوعي لتوازن جديد حول هذه التقاطعات، وإلا فالحرية ستؤدي إلى فوضى، والفوضى ستؤدي إلى الوصاية، فسنجد أنفسنا أمام هذه المشكلة، نحن محتاجون في رأيي أن نفكر تفكيراً جاداً وإذا دخلنا في مسألة الأسئلة والأجوبة يمكن أن أفضل أكثر حول هذا الميثاق المطلوب لخلق هذا التوازن، دون التوازن هذا، والحرية تكون مطلبا، الحرية ستقود إلى الفوضى والفوضى ستؤدي إلى الطغيان والطغيان سيؤدي إلى ثورة جديدة وهكذا، سندخل في هذه الدوامة التي يمكن أن تطيح بالمنطقة، ولكن مهما حدث، أنا في تقديري أن هذه اليقظة التي حدثت يقظة إيجابية، والتناقضات الموجودة هي بالأصل موجودة، ما أزيل هو الغطاء عنها، ولكن لم تصنعها التطورات، وإنما هي موجودة ولا بد أن نواجه مصيرنا وقدرنا، وأن نحقق هذا التوازن المطلوب.
الجديد أمامنا هذا، أي دولة تقعد عن الاستجابة عن هذا التوازن الجديد ستجد نفسها أمام الضغوط الموجودة، والتي تقودها قيادات واسعة الأفق حكيمة، يمكن أن تستبق هذه الأمور وتقدم التوازن المطلوب في مواجهة هذه التناقضات أمامك، فاختر أي نهج ستنهجه، طريقان: مستقيم وأعوج.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- الزميل رئيس التحرير المسؤول: نشكر سماحة الإمام على هذه المحاضرة.. بالفعل ما أذى الأمة إلا التفرد والاستبداد.. نفتح الآن باب الحوار مع سماحة الإمام.
] النائب الدكتور موسى أبو سويلم: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه ومن والاه.. جزى الله محاضرنا وإمامنا الكبير خير الجزاء عما تفضل به من تسليط الأضواء على أخطر النقاط في الواقع وبالذات ضرورة مراعاة التقاطعات التي تحدث عنها من إسلامية شيعية ودينية وإسلامية إسلامية.. أرى أن أخطر شيء نعاني منه كنا ولا زلنا القضية الإسلامية- الإسلامية، قضية عقل الإنسان المسلم في الانفتاح أو الانغلاق أو الظن أن كل فئة تحتكر الحقيقة وتمانع أن تنفتح على الآخرين، مسلمين بالدرجة الأولى، أي بحوار إسلامي إسلامي، عدا أن يكون الحوار إسلاميا- غير إسلامي.
سؤالي، ما هي الخطوات العملية التي تراها للخروج من الوضع العربي الراهن؟ نحن الآن تقريباً غاب عنا البعد القومي العربي مع الأسف، فكثيرون نسوا أنهم عرب، ونسوا أنهم مسلمون، والبعض نسي بُعد الأمة الإسلامية وخاصة تحت تأثير ما سمي بالربيع العربي، بما له من فضل وبما عليه من مآخذ..
] كمال فاخوري: نحيي الإمام الصادق المهدي تحية عربية إسلامية، لأن القرآن الكريم نزل من رب العالمين باللغة العربية، وأن رسول وقائد هذه الأمة مُحمد هو عربي أصيل، لذلك أحييك تحية عربية إسلامية.. أنا اسمي كمال فاخوري، أردني الجنسية، عربي القومية، مسيحي المذهب، مسلم ثقافة وحضارة وتاريخا.. لا شك أن المحاضرة تعلمت منها الشيء الكثير.
ما هو الخلاف بين الوسط الإسلامي والإخوان المسلمين؟ ثانياً: كنت أتوقع من دولتكم أن تحدثنا عن السودان، فالسودان بلد العروبة وبلد العرب جميعاً، هناك حكم جاثم على صدر السودانيين منذ أكثر من ربع قرن، كانت النتيجة أن انقسم السودان إلى قسمين، وزادت البطالة وزاد الفقر في السودان، كيف أنتم السودانيون يمكن أن تتخلصوا من هذا الواقع؟ ثالثاً القضية الفلسطينية، قضية العرب أجمعين، كيف تنظر إليها في هذا الواقع الآن، مشروع كيري وما يسمى بالوطن البديل ..الخ؟.
] عيسى الجراجرة – كاتب وصحفي: نحيي الإمام الصادق المهدي على هذه المحاضرة الطيبة وأنا أشهد أنني أول مرة أسمع محاضرة من أولها إلى آخرها تتفجر بالفكر النير القادر على تطوير الحياة العربية لو وضع موضع التنفيذ.
] السفير الدكتور موفق العجلوني: نظرة إلى واقع العالم العربي، الوضع مؤلم جداً، إذا نظرنا للسودان نعلم ماذا يجري فيه، وإذا نظرنا إلى اليمن نعلم ما يجري هناك، وإذا نظرنا إلى العراق وسورية ولبنان، وهذا الحال مؤلم ومقلق، كيف برأيكم تنظرون إلى الدول العربية، فلا توجد وصفة واحدة لعالمنا العربي، «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، فلا بد أن يبدأ كل بلد في معالجة أموره الداخلية أولاً ثم ننظر بصورة شمولية.. برأيكم أين نتجه في عالمنا العربي، وأين يتجه بالذات السودان الشقيق؟.
] عبدالهادي الكباريتي: الإمام الفاضل محاضرتك اتسمت بالمجاملة وأنت بحر كبير، لديك الفكر الثاقب ومخزون هائل، كنا نتمنى منك تشخيص الوضع القائم المؤلم، كيف الصهاينة الآن يذبحون الأقصى والصخرة والأرض العربية والتدمير وكل المحطات الفضائية لا تذكر القضية الفلسطينية، بل تأخذ النشرة الجوية حيزاً أكبر، فالأخبار الرئيسية هي سورية، السودان، العراق، مصر، لا يستطيعون أن يذكروا الصهيونية.. كما كنت أتمنى أن تقول لنا كيف أصبح السودان سودانين، وكيف يحدث هذا في السودان؟.
] الإمام الصادق المهدي: السؤال الأول ما هي الخطوات العملية لمواجهة الظرف الحالي، برأيي قبل العمل لا بد من الفكر، لذلك اقترحنا كما قلت ميثاقا لخلق ذهنية وثقافة التوافق في التقاطعات المذكورة، باعتبار أن هذه الخطوة الأولى، ولكن رأيي أنه إذا استطعنا أن ننشر هذه الفكرة، وأن تجد هذه الفكرة تجاوباً بحيث أن القوى المختلفة، الإسلامية والعلمانية والتيارات المختلفة جميعها، تقبل ضرورة التعايش، لأننا لن نستطيع نحن أهل السنة أن نجتث الشيعة، ولن يستطيع الشيعة أن يجتثوا أهل السنة، ولن يستطيع الاتجاه الإسلامي أن يجتث العلمانيين، ولن يستطيع العلمانيون أن يقضوا على التوجه الإسلامي وهكذا، المشكلة يجب أن ندرك أن المجتمع الحديث مجتمع تعددي، وهذه التعددية تفرض قبول التعايش السلمي، وأيضاً وجود التعدد المسيحي واليهودي والإسلامي، هذا كله يستوجب برأيي الاتفاق على هذه الرؤية التوفيقية، والميثاق المقترح هو ميثاق توفيقي لأنه لا نستطيع أن نجتث بعضنا البعض، ولا بد من احترام الآخر والتعايش، هذا لا يعني إلغاء الفكر أو الهوية، ولكن قبول التعايش وإيجاد وسائل سلمية للتداول في السلطة والحوار، أما فيما يتعلق بالخطوات العملية، فهذه مسألة تترتب على مسؤوليات الأحزاب السياسية والقيادات السياسية أن تطرح ما تريد أن يتحقق، ذلك أملاً في أن الجامعة العربية خاطبت الأمانة العامة للجامعة العربية بأن تعقد مؤتمرا، فكلامي لهم أن الجامعة العربية ليست جامعة دول، فهي جامعة من المفروض أن تكون للشعوب، ويعملوا مؤتمرا للشعوب أو لممثلي هذه الشعوب حتى يناقشوا ماذا نفعل، لأنه في تقديري نرى الآن أن الدول العربية والدول الإسلامية تنتحر ولا بد أن نوقف هذا السفك للدماء وهذا الانتحار، فهناك ضرورة الآن لإيجاد ميثاق تتحد حوله الإرادة ووسائل لبث نتائج هذا الميثاق. في رأيي القوى السياسية المختلفة هي التي تتولى أمر الدعوة لهذا الفجر الجديد الذي يمكن أن يوفق ما بين الديمقراطية والتأصيل.
بالنسبة للفرق بين الوسط الإسلامي والإخوان المسلمين.. الحركة الإخوانية حركة لديها تنظيمها، وفي تقديرنا أنها لا تراعي بالقدر المطلوب الانفتاح نحو الآخر، الإسلامي وغير الإسلامي، وأن تنظيمها هذا، برأينا، قد حبسها في منطلقات ظهر ضررها، كما حدث في السودان، وظهر ضررها في مناطق أخرى، إن هذا التوجه بما فيه من تعصب وتمكين وانفراد يخلق ردود فعل مختلفة، ولذلك نحن نعتقد أن ما حدث مثلاً في تونس هو يشبه تصرفاً أشبه ببرنامج الوسطية، وعندما كانت السلطة بيد الإخوان المسلمين في مصر، نحن ابتهجنا للغاية لننبههم أن التجربة السودانية حققت ما حققته من مطالب للسودان، ونحن نعتقد أنكم ينبغي أن تتعاملوا مع الآخر بالاعتراف الكامل.. وأنا وآخرون من منتدى الوسطية قدمنا ثلاث مرات وساطة بهدف أن ينتبهوا إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع الآخر، مثلاً بعد أن أعلن رئيس الجمهورية في ذلك الوقت السيد محمد مرسي الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، اقترحنا عليه اقتراحا بسيطا جداً، أولاً إلغاء هذا الإعلان الدستوري، ثانياً التعامل مع الآخر بتعديل بعض بنود الدستور المقترح في ذلك الوقت، ثالثاً الاتفاق على حكومة انتقالية واسعة التمثيل، ورابعاً إذا اتفق على ذلك الأطراف الأخرى، جبهة الإنقاذ سوف تقبل منكم استمرار الرئيس حتى نهاية الفترة. وكان رأي الآخرين، من جبهة الإنقاذ أنهم يوافقون على هذا. السيد محمد مرسي قال «هذه المقترحات قابلة للنقاش والدراسة»، ولكن المرشد والحزب رفضوا واعتبروا أن هذا كلام غير مقبول. نحن نعتقد أن نهج الوسطية فيه قبول للآخر، الآخر المذهبي والآخر الديني والآخر الملي، قبول للآخر وتعايش معه، ورفض أية نزعة للتمكين والانفراد، وكذلك رفض أية نزعة للتعصب، ونعتقد أن النظرة الوسطية تتجنب التعصب التنظيمي والتعصب البرنامجي، لأنه واضح لنا أن الإخوة الذين ينطلقون من مرجعية إخوانية، كما حدث لنا في السودان، النهج كان نهجا، حيث عندما قام الانقلاب عندما اعتقلوني وجدوا في جيبي مذكرة، مشاكل السودان لن تحل بالقوة، تعالوا نتفاوض حتى نصل إلى نتيجة، مشاكل البلاد تحتاج إلى رؤية مشتركة، لكن لم يسمعوا هذا الكلام واستمروا في الخط الذي استمروا فيه مما خلق استقطاباً حاداً وأدى إلى ما أدى إليه، فأعتبر ان الفرق نحن نعتقد أن الإسلام يوجب الحكمة ويوجب استيعاب الآخر، ليس قهراً ولكن بالحوار معه وإمكانية التعاون، فنحن نعتقد أن الوسطية تعني هذا النهج الذي يحول دون العصبية البرامجية والعصبية التنظيمية، ولكن نعتقد أن لديهم التزاما أكبر وأكثر بهذه العصبية البرامجية والتنظيمية، وكذلك نحن نعتقد أن الحركة الإخوانية بدأت مؤخراً تقبل أشياء مثلاً قبول الديمقراطية، وحقوق الإنسان، نحن نعتقد أننا سبقنا في هذا المجال ونعتقد أن الآلية الديمقراطية يمكن التوفيق بينها وبين المرجعية الإسلامية، في رأيي أن هذا هو الفرق، وأعتقد أنه إذا كانت الحركة الإخوانية استطاعت أن تخرج من العصبية الفكرية والتنظيمية يمكن أن تقترب من الفكر الوسطي الذي نعتقد أنه أولى بإدارة أو الهيمنة على المنطقة في المرحلة القادمة، وكما قلت، بصرف النظر عن التسمية، نعتقد أن ما حدث في تونس أشبه ما يكون بنهج الوسطية.
السؤال عن السودان، التجربة السودانية مفيدة لأنها في رأيي قدمت نهجاً هو الذي ينبغي أن يتجنب، لأن هناك شخصا سئل ماذا استفدت من أخطائك؟ قال: استفدت طريقة أخرى من تجنب الخطأ، فالتجربة في السودان بما فيها من انفراد واستقطاب تجربة نحن قلنا لإخواننا في مصر بأن يتجنبوا التجربة السودانية ما استطعتم، لان التجربة السودانية ستخلق عندهم استقطابا، ولكن للأسف أن بعض الإخوة في السودان نصحوهم نصيحة أخرى، وهم قبلوا تلك النصيحة وحدث ما حدث.
أما فيما يتعلق بالسودان، لا شك أن التجربة في السودان مسألة تقرير المصير وانفصال الجنوب كانت متوقعة، لأن الإنجليز أثناء حكمهم للسودان كانوا قد قاموا بعمل فصل عنصري، وطبقوا سياسة فيها الشمال شمال والجنوب جنوب، وكانت فكرتهم أن يفصلوا الجنوب أو أن يلحقوه بإحدى مستعمراتهم، كينيا أو أوغندا، ولكن وجدوا أن الجنوب لا يمكن أن يكوّن دولة مستقلة، وإذا أضيف إلى كينيا أو أوغندا سيزيد من تناقضاتها، ولذلك في آخر لحظة قرروا إلحاقه بالسودان، لكن الفترة التي حكم فيها الإنجليز خلقوا في الجنوب هوية جديدة، أنلجوفونية مسيحية، وليس مسيحية وطنية، بل مسيحية أوروبية، هذا كان المشهد. المشكلة التي أدت إلى إجماع الجنوبيين على تقرير المصير هي أنه عندما أعلن النظام الجديد في السودان أنه إسلامي عربي، دعا هاري جونستون، وهو شيخ أميركي سابق، دعا كل الأحزاب الجنوبية إلى واشنطن، وتفاكروا في أن السودان اتخذ نهجاً عربياً إسلامياً، ونحن لسنا مسلمين ولا عربا نجمع على المطالبة بتقرير المصير، هذا الذي حدث، ولكن من المشاكل التي نحن نعتقد أنها زادت الأمر سوءاً أن النظام وافق لينال مباركة الأسرة الدولية، على إجراء استفتاء تقرير المصير قبل أن تحسم قضية الحدود وقبل أن تحسم قضية تقرير مستقبل البترول، وقبل أن تحسم قضية مياه النيل، هذا ترك قنابل موقوتة، وفي تقديرنا كان ينبغي قبل إجراء تقرير المصير أن يتفق على هذه القضايا، لأن الحروب الحالية في السودان ثلاثة منها الحرب في أبيي والحرب في جنوب قردوفان والحرب في جنوب النيل الأزرق هي مرتبطة بمشاكل في الحدود، وكان يمكن أن يقال «سنجري تقرير المصير ويقرر الجنوبيون ما يشاءون، ولكن قبل ذلك نعرف ونعرّف أين ينتهي الجنوب ويبتدئ الشمال في الحدود» لم يقوموا بذلك بل تركوها معلقة، والآن هي واحدة من أسباب الحروب الموجودة حالياً. المهم أن السودان دخل في هذه التجربة، وهناك أشخاص الآن كونوا جبهة قاموا بتسميتها بالجبهة الثورية، وهذه الجبهة مكونة من مسلحين في دارفور وفي جنوب قردوفان وجنوب النيل الأزرق بهدف الإطاحة بالنظام بالقوة.. هناك قوى سياسية في داخل السودان ترى تأييد أو التجاوب مع هؤلاء، لكن المعارضة رأيها مختلف، نرى أن أية محاولة للإطاحة بالنظام بالقوة ستستنسخ في السودان السيناريو السوري، ولذلك ينبغي تجنب هذا، وندعو لحركة سلمية، وإذا حدث تغيير فيجري عن طريق هذه الحركة السلمية، أو أن يحدث مثل استنساخ لما حدث في جنوب إفريقيا، وهو نظام الكوديسا، وهو ما اتفق عليه ديكلارك ومانديلا واتفقوا على نظام حقق سلاما وتحولا ديمقراطيا، فهذا وارد وممكن. نحن نطرح هذا الكلام منذ مدة ونحاول جمع الصف، وأصبح يؤيدنا جبهة عريضة بمن فيها عناصر من داخل المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم، نعتقد أن هذا خلق الآن جبهة عريضة، الرئيس البشير في 27 الشهر الماضي أعلن أنه يقبل الآن حوارا مفتوحا بدون سقوف مع الرأي الآخر، ودون استثناء أحد، فنحن رحبنا بهذه الخطوة ونعتقد أن الظروف الحالية ظروف ضاغطة باتجاه وضع جديد، لأن الوضع الاقتصادي أصبح بصورة خطيرة جداً، متدهورا، لأن جبهات الحرب موجودة، وتشكل خطراً أمنياً، لأن هناك عزلة دولية يواجهها النظام، وهناك ملاحقة دولية لرئيس النظام ولقادة النظام في المحكمة الجنائية الدولية، ولأن هناك تحركات داخل الحزب الحاكم تتجاوب مع أجندة التغيير الذي ننادي به، إذاً تعددت هذه العوامل، نتيجة لهذا المناخ الجديد، الرئيس البشير كرئيس للمؤتمر الوطني دعا حزب الأمة وقيادة حزب الأمة قبل أيام، وهذه الدعوة قدمنا فيها مشروعا أسميناه بوصلة للمستقبل، هذه البوصلة تقوم على الآتي: نحن في حزب الأمة سنعقد ورشة لكي تجمع كلمة أكبر قاعدة من القوى التي تمثل الرأي الآخر، القوى السياسية والمدنية التي تمثل الرأي الآخر، وسنحدد مطالبنا هذه، المؤتمر الوطني سيحدد مطالبه، ونحن اقترحنا وهم وافقوا، أن يعقد مؤتمر تحضيري، هذا المؤتمر التحضيري تكون رئاسته محايدة، ليس من المؤتمر الوطني ولا من حزب الأمة، بل تكون رئاسته محايدة وتقوم فيه مجموعة عمل تمثل بعض الأحزاب ذات الوزن، ليتفق هؤلاء على ملتقى جامع، هذا الملتقى الجامع يرجى أن يتفق في المؤتمر التحضيري على اسمه، ثانياً من يدعى له، ثالثاً أجندته، رابعاً زمانه ومكانه. هذا ما نأمل أن يحدث، إذا حدث هذا نعتقد أنه سيكون مشروع وفاق وطني، ونعتقد ان ما حدث في تونس مثلاً كان قدوة حسنة لهذا الطريق، لأن به توفيقا ما بين الرأي والرأي الآخر، ونعتقد أن السودان بما فيه من تجربة سياسية وبما فيه من تواصل بين القوى السياسية مناسب أن يفعل هذا وأن يقبل هذه الخطوة نحو خريطة طريق متفق عليها.
أعتقد أن المعطيات العامة واحدة، وهي أن هناك رأيا عاما شعبيا يتطلع لمفاهيم معينة، فإذا لم يستجب لها لن يتحقق الاستقرار، وهذه المعادلات والتقاطعات موجودة عندنا، الإسلامية العلمانية، والإسلامية الإسلامية، الإخوانية السلفية وهكذا، فهذه جميعها موجودة وكذلك القومية. فلا بد أن نفكر في معادلة تستوعب أن لدينا مسلمين ومسيحيين، لأن كلمة عرب تفرق بيننا، فهناك آخرون غير عرب في السودان، وإلا إذا حرصنا على تعبير العربي وحده فالآخرون سيستقطبون ضد هذا التوجه، فلا بد أن نسعى ونحرص على الوحدة الوطنية.
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والنظرة إليها والوطن البديل، فالوطن البديل التفكير بها مؤامرة، لأن معنى ذلك تصفية القضية الفلسطينية، اليوم كان لدي مقابلة مع الفضائية الفلسطينية وعلمت أنه وجهت لنا دعوة لنحضر مؤتمرا قاموا بتسميته الأحزاب العربية في نصرة القضية الفلسطينية، ورحبت بهذه الفكرة وقلت لهم بأننا نريد أن تدعونا لأننا نعتقد أن من أكبر نقاط الضعف الموجودة حالياً هي الانقسام الفلسطيني، وأنتم حاولتم وساطات الدول، لكن وساطات الدول مقيدة بالوسائل الدبلوماسية، لكن الآن يقبلوا وساطة شعبية، ونحن إذا دعوتمونا سنكون من هذه الاجتماع وفد يزور غزة ورام الله ويقدم مبادرة، كل الذي نرجوه أن يقرر أهل فلسطين بأن يعطونا دور تحكيم، ويقولوا لنا بأنهم سيقبلوا بتحكيمنا حتى ننهي هذه الدوامة، لأن أكبر نقطة ضعف الآن في القضية الفلسطينية هي الانقسام الفلسطيني.
ونعود للوضع في السودان، فالدولة الحديثة لديها إمكانات أن تعيش بصورة كبيرة، ورأينا ما حدث في النظم التي غابت عليها الثورات العربية 30-40 سنة، مثلاً إذا نظرنا إلى أوغندا «عيدي أمين» فهذا كان يأكل لحم البشر، ويضع أجزاء منهم في الثلاجة، واستمر إلى حين أن جاءت قوة خارجية، فممكن أن تستمر كدولة فاشلة لمدة طويلة، لكن الذي حدث في السودان أن النظام حصل له نوع من ال(ميتمافوسيس) لأنه جاء بشكل وعندما قام بعمل اتفاقية السلام غير الشكل، وبدا هناك رهان على السلام في السودان، وغير الكثير من طبيعته وسياساته في اتفاقية السلام، وهذا أعطاه نفسا للاستمرار. نحن نعتقد انه في هذه الفترة كان موجودا في السودان معارضة مستمرة ولكن لم تطح بالنظام، وإن كانت قطعت شوطا كبيرا لخلق رأي عام قوي يريد التغيير، ونعتقد أن هذه النظم إذا استخدمت القهر والإعلام والاقتصاد يمكن أن تعيش فترة طويلة بصرف النظر عن جدواها.
السؤال حول كيف ننظر إلى العالم العربي، أقول أن العالم العربي الآن فيه حالة من الضياع ولا بد من إيجاد مخرج من هذا الضياع.
أما الكلام عن المشروع الصهيوني فأعتقد أن ما نفعله الآن هو أننا نحقق للمشروع الصهيوني أغلى أمانيه، لأننا نقتتل فيما بيننا، نقتتل شيعة وسنة، نقتتل علمانيين ومسلمين، نقتتل سلفيين وإخوانا، فنحن نقتتل الآن بالصورة التي تجعل إسرائيل تتفرج علينا وتقول كما ذكر نكسون في كتاب له في أواخر السبعينيات، قال فيه أنه إذا كان هناك حرب يتمنى الإنسان أن تكون هي هذه الحرب، الحرب العراقية الإيرانية، وإذا كان هناك حرب يتمنى الإنسان أن لا ينتصر أحد طرفيها، أي نقتتل حتى النهاية، وما يحدث الآن للأسف هو مشروع اقتتال بين هذه التيارات وهذا الاقتتال لا نتيجة له، لأنه سيظل موجودا سني وشيعي، وسيظل موجودا علماني وإسلامي، وسيظل موجودا عربي وغير عربي، واستخدام الوسيلة الأمنية لتحقيق النصر التام على الآخر مستحيل، لأجل ذلك نقول ضروري جداً أن نعي أننا الآن ننفذ أغلى أماني العدو دون أن يصرف شيء لأننا نحقق له أمانيه.
] العميد المتقاعد تركي الفاعوري: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا مُحمد النبي الهادي الأمين، نرحب بدولة الدكتور المفكر العربي الدكتور الصادق المهدي في الأردن، وهو أخ لنا ورجل فكر ورجل علم.. الرسول عليه الصلاة والسلام سيد البشرية خاتم الأنبياء والمرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، مبعوث رحمة للعالمين، ومبعوث للبشرية كافة، وهو هادي الأمة، قال نصرت بالرعب مسيرة شهر.. وقال ما غزي قوم في عقر دارهم قط إلا ذلوا.. فنحن أرهقنا الخوف والاستكانة والعباءة الغربية المهترئة التي لا ترحم المسلمين، وخذلنا أنفسنا وخذلنا بعض قادتنا وبعض حكامنا ومسؤولينا بالكذب على شعوبهم، فالكذب دمر الأمة العربية والإسلامية.. فما رأيكم في هذا الطرح، الكذب والخوف والعباءة الغربية؟.
] السيد عادل: بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الكريم وبعد.. سعيدون جداً أن نقدم أحد الأئمة السودانيين الإمام الصادق المهدي، الذي قدم ورقة وفكرة مهمة جداً، أعتقد أن الرؤية التي طرحها السيد الإمام هي التي أفضت إلى التحول الكبير الذي يحدث في السودان الآن.. السيد الرئيس عمر البشير والسيد الإمام الصادق المهدي التقوا قبل أيام قليلة، هذا الحراك السياسي الذي يشهده السودان الآن هو نتاج لتفاعلات وللتقاطعات التي ذكرها السيد الإمام، فالرؤية اليوم التي يراها الإمام من التوافق حتى لا يصبح السودان ولا تصبح الأردن وسورية والعراق وكل المناطق هي مناطق للصراع. الآن نتحدث في السودان أن الحكومة السودانية طرحت التوافق الوطني بين الأحزاب السودانية كافة، وأيضاً من غير شروط ومن غير سقوف.. وهذه الرؤية ممكن أن تكون معالجة لكافة القضايا في الساحة العربية.
] الإمام الصادق المهدي: الكذب والخوف والاستعانة بالآخر أمر خاطئ ليس فقط في السياسة، بل في السياسة والاقتصاد والأخلاق وكل شيء، ولذلك أي إنسان يكذب أو يخاف في إبداء الموقف الوطني الصحيح، أو يستعين بعباءة الأجنبي في أي مجال من المجالات أمر خاطئ، لكن أؤكد لكم أن هذه المعاني كل الناس أخلاقياً يتفقون عليها.
بالنسبة لما يحدث في السودان، أعتقد أن المدهش في السودان أن مشاكله على كثرتها ما يحيط به من بلدان مشاكلها أكثر، فلو تتبعنا ما يحدث لجيراننا في الجنوب فهناك حالة سيئة للغاية، اقتتال على الهوية القبلية، كذلك إفريقيا الوسطى والكونغو، وتتابعون ما يحدث في ليبيا. السودان إذا استطاع أن يعالج مشاكله بصورة فيها أمر أشبه ما حدث في تونس ممكن أن يلعب دورا كبيرا جداً في استقرار المنطقة كلها، لأنه لدينا جوار الآن لأسباب مختلفة فيه اضطراب شديد وفيه ضرورة للخروج من هذا الاضطراب بتوافق، وهذا أحد العوامل التي نأخذها في حسباننا أن يتمكن السودان ويلعب دورا كبيرا، مثلاً حوض النيل، فالسودان يجاور دور المنبع ودولة مصر، فالسودان ممكن أن يلعب دوراً مهماً وإلا الاستقطاب الذي سيحدث في حوض النيل سيكون مدمرا جداً لمستقبل حوض النيل، كذلك السودان يقع في منطقة فيها هو بوابة للعرب في إفريقيا وبوابة للأفارقة لدى العرب، وممكن جداً أن يلعب هذا الدور، كذلك السودان لديه جناح في غرب إفريقيا وجناح في شرق إفريقيا، وهذا أيضاً يمكنه من أن يلعب دوراً مهماً بالنسبة لإفريقيا نفسها، فالسودان لديه موقع جيوسياسي إذا كان استطاع أن يعالج مشاكله فيستطيع أن يقوم بدور مهم جداً في المنطقة، دور قاري ودور دولي، ونأمل أن يتمكن من تحقيق هذه التطلعات بإذن الله تعالى.
- رئيس التحرير المسؤول: نشكر سماحة الإمام الصادق المهدي ونشكر الحضور.
الدستور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.