جاء في الأنباء، أن كوريا الشمالية، منحت السودان حق التصرف في قصر الشباب والأطفال، الذي يعد رمزا لعلاقات الصداقة بين البلدين،وبمثابة هدية لتدريب شبابنا في مختلف المجالات،وقد كنت شاهدا على حفل افتتاحه في 29 مايو 1977، وفي احد طوابقه الخمس، كنت ضمن فصل الفنون الجميلة،وكان بجانبي احد الإخوة من جنوب السودان اسمه نيال ، موهوب في الرسم، ومر وقتها الرئيس الراحل جعفر النميري ببزته العسكرية،وبطلة مهيبة، يرافقه وفد كوري وسفراء ووزراء،كان القصر تحفة فنية رائعة، اكتست جمالا بأعلام البلدين، وكانت مراسم الافتتاح دقة في التنظيم وحسن الاستقبال في أعلى مراتبه وكان رجال المرور و المراسم والحراسة في تمام تنظيمهم وضبطهم لموكب الرئيس إلى القصر الذي يطل على مقرن النيلين حيث مجلس الشعب" الجمعية التأسيسية – المجلس الوطني " . شيد مجلس الشعب ( البرلمان)بمنحة من رومانيا ، وقبلها كان مقراً للسجن الحربي الذي حول لمكان ثانٍ. وهو يشابه مبنى الكنيست الإسرائيلي ، وبلغت تكلفته 10 ملايين دولار دفعت الحكومة السودانية 60% ورومانيا ب40%.وبقول وبدا تشييده 1974م واكتمل عام 1976م وتم تصميم السور الخارجي بواقع 5 أعمدة كبيرة و25 صغيرة لتعطي دلالة 25/5 ذكرى استلام جعفر النميري على السلطة في الخامس والعشرين من مايو 1969. كان موقع قصر الشباب والأطفال قبل تشييده، ارض فضاء تضم ضريحا لأحد المتصوفة يدعى "بر ابو البتول" ، وكان في موقع مجلس الشعب أيضا أضرحة أخرى ، وكان الاعتقاد أنها لأولياء يحرسون لكبري امدرمان وتم أزالتها بواسطة الشيح ابو زيد ابو حمزة مرشد جماعة أنصار السنة، وسواعد جماعته، بتكليف من النميري وبخطاب من وزير الداخلية وقتذاك السيد أحمد عبد الرحمن القيادي البارز في حركة الأخوان المسلمين بعد المصالحة الوطنية والجبهة القومية الإسلامية 1986 ، ومن الطرائف التي ذكرها الشيخ ابو زيد خلال زيارته إلى الدوحة 2014 انه بعد أن أنجز المهمة ، ظل يدعو لعام كامل أن يظل كبري امدرمان ولا يقع ، وإلى يومنا هذا ظل الكوبري شامخا بينما أصبحت الأضرحة هباء منثورا وشيد القصر والبرلمان على أنقاض تلك الأضرحة . وبحسب موسوعة السودان الرقمية ،تنقلت تبعية القصر بين عدة وزارات وكان يتبع لوزارة الشباب والرياضة ثم آلت تبعيته لوزارة التربية والتعليم ومرة آخرى لوزارة التخطيط الاجتماعي ثم عادت تبعيته مرة أخرى لوزارة الشباب والرياضة عندما أصدر الفريق الركن عمر حسن أحمد البشير قراراً بإنشاء وزارة الشباب والرياضة تحت رعاية الوزير الأستاذ حسن عثمان رزق. ومن أهداف تأسيسه، التدريب الحرفي للشباب والتدريب النسوي في (الاقتصاد المنزلي، التفصيل ، أشغال الإبرة، إنتاج حيواني، إنتاج زراعي، الرسم على الزجاج، حلقات عامة وحلقات خاصة) والتأهيل في الفنون (الموسيقى، الدراما، المسرح ،مسرح الطفل، الخط العربي، تصوير فوتوغرافي، تصوير فيديو). وذلك لتخريج كوادر تساعد في سد النقص في التخصصات المهنية والحرفية وصقل العمالة المدربة للإسهام في مشروعات التنمية. يتخرج في قصر الشباب والأطفال حوالي(1500) دارس ودارسة في مختلف التخصصات بدرجة دبلوم عام لمدة ثلاثة سنوات وكورسات لمدة 6 أشهر. ولقد بلغت جملة خريجي القصر حتى عام 2002م عدد 30.000 دارس ودارسة .يتكون مبنى قصر الشباب والأطفال من خمسة طوابق و طابق أرضي مفتوح على ثلاثة اتجاهات يصلح لمختلف الأنشطة، توزيعها خاليا على النحو التالي الطابق الأول: مكتب المدير العام – مكاتب تنمية الأسرة- قسم التصوير (فيديو – فوتوغرافي) قاعة الإلكترونيات. الطابق الثاني: مكتبة ثقافية شاملة – مكاتب العلاقات العامة والإعلام. الطابق الثالث: قاعات كمبيوتر تم تأهيلها بعدد 60 جهاز كمبيوتر للدارسين. الطابق الرابع: الإدارة الثقافية بأقسامها المختلفة (لغة انجليزية – دعوة وإعلام – سكرتارية – ترجمة). الطابق الخامس: الإدارة الفنية بأقسامها ( الموسيقى – الدراما – الخط العربي – الرسم والتلوين) وتشمل الملحقات:- - صالة رياضية بمواصفات عالمية تمارس فيها الأنشطة الرياضية مثل تنس الطاولة، الكاراتيه، التاكندو والسلة والطائرة وخلافه. ملاعب السلة والكرة الطائرة في الفناء الخارجي - حوض سباحة يجري تشييده بمواصفات عالمية لخدمة محبي السباحة داخلياً وخارجيا ًوتدريب الأطفال والنشء وكذلك يخدم مصابي العمليات. وهو أول حوض سباحة يجري تشييده بمدينة أم درمان ويمكن أن يستقبل المنافسات الداخلية والخارجية. - قاعة للسينما والمسرح وصالة عرض وملحقاتها. - صالة معارض كبرى تصلح لإقامة معارض المؤتمرات. - قاعة الشهيد دكتور محمد أحمد عمر وتسع حوالي 300 شخص. مبنى من طابقين للإدارة. - ثلاثة جملونات كبيرة للإدارة الحرفية لتصنيع وتدريب الشباب على الآليات الصغيرة والحرفية. - مسجد يستوعب عدداً كبيراً من الموظفين والدارسين بالقصر. - مسرح صيفي لإثراء الحركة الثقافية يتسع لعدد 1000 شخص. فاصلة أخيرة من الضرورة بمكان، التفكير بعقلانية حول مستقبل قصر الشباب والأطفال، لأنه حق لكل الأجيال، فأما أن يستمر في دوره لتأهيل الشباب في المجالات المذكورة، وتطويره وتوفير الموارد المالية، وحسن إدارته، ليظل شامخا يخرج الأجيال، أو تطويره إلى جامعة للعلوم والتكنولوجيا،أو أن يحول إلى مدينة طبية متكاملة فيها كل التخصصات ، على أن تطرح أسهمها على المغتربين أولا وكل الشعب السوداني، لتوفير موارد مالية عظيمة، ورفده بأحدث المعدات والكوادر الطبية المؤهلة،و تستقطب كوادرنا المهاجرة، على أن تكون إدارته مستقلة ،ليدار بأعلى معايير الجودة العالمية في مثل هذه المرافق لتماثل مؤسسات طبية في دول قدمت نموذجا يحتذي. على أن يكون المشروع تحت رعاية مباشرة لرئاسة الجمهورية. وقبل كل ذلك نخشى من القرارات الخاطئة ، ولا نريده أن يكون مجرد لافته يتبع لوزارة وعلينا مشاركة كل الناس في العصف الذهني حول مستقبل قصر الشباب والأطفال، فهو مل الشعب واليه يعود ، ولا نريد أن يكون مجرد جدران أو "بيتا للأشباح" بفعل الإهمال والنسيان . وعلينا ان نذكر محاسن النميري- عليه الرحمة- لان التاريخ لم يبدأ بقاعة الشهيد دكتور محمد أحمد عمر! [email protected]