السودان والحرب    حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    عودة الحياة لاستاد عطبرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر: الجيش لن يتخلى عن مبارك.. والشباب لن يقبل إلا الرحيل .. ديرشبيغل: الرئيس المصري قد يأتي لألمانيا لعلاج طويل.. جدل سياسي وأهازيج شعرية في «جمهورية ميدان التحرير»
نشر في الراكوبة يوم 08 - 02 - 2011

* ساد الحذر والهدوء الساحة السياسية المصرية، على الرغم من استمرار الشحن المتبادل بين النظام المصري وشباب حركة «25 يناير» المحتجين بوسط القاهرة؛ حيث استمر الشباب على رفضهم للحوار قبل رحيل الرئيس المصري، في حين استمر الرفض هو الرد الوحيد الذي يصل إلى الشباب؛ حيث أكد رئيس الوزراء المصري مجددا في حديث تلفزيوني مع قناة «روسيا اليوم» أن تنحي مبارك أمر مرفوض.
كما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية تصريحات أخرى لشفيق لإحدى الشبكات الإخبارية الأميركية قال فيها: «أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى وجود الرئيس معنا؛ لأن ذلك سيسهل علينا تنفيذ المهمة التي نتطلع إلى إنجازها».
إلى ذلك، أكد موقع «شبيغل أون لاين» على الإنترنت، مساء أمس، أن الرئيس المصري حسني مبارك قد يغادر مصر لإجراء «فحوص طبية طويلة» في ألمانيا، متحدثا عن مناقشة هذا الخيار عمليا.
وأفاد موقع أسبوعية «دير شبيغل» بأن «الأفكار حول زيارة طبية يقوم بها مبارك لألمانيا باتت ملموسة أكثر مما كنا نعتقد حتى الآن»، متحدثا عن «فحوص طبية طويلة» على الأراضي الألمانية.
وأكد الموقع إجراء «مشاورات تمهيدية مع المستشفيات الملائمة، لا سيما عيادة ماكس غرونديغ في بول في منطقة بادي فورتنبرغ (جنوب غربي ألمانيا)»، وذلك نقلا عن مصادر في هذه العيادة.
وتعذر على وكالة الصحافة الفرنسية، التي نقلت النبأ، الحصول على تأكيد لهذه المشاورات من العيادة المذكورة.
وسرت شائعة توجه مبارك إلى مؤسسة طبية ألمانية قبل أيام في وسائل الإعلام.
وردا على سؤال حول صحة هذه المعلومات، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت إنه لم يتم التقدم «بأي طلب رسمي أو غير رسمي بخصوص زيارة مماثلة».
وخضع مبارك في مارس (آذار) 2010 لعملية استئصال المرارة وإزالة لحمية من الاثني عشر في عيادة هايدلبرغ (جنوب غربي)، وأوكل صلاحياته آنذاك إلى رئيس الوزراء أحمد نظيف.
كان أندرياس شكونهوف، أحد الأعضاء البارزين في حزب أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، قد قال عقب صدور تقارير سابقة بهذا الصدد إن بلاده تريد المساهمة إيجابيا في عملية الانتقال السلمي للسلطة في مصر، مرحبا بقدوم الرئيس مبارك إذا أراد ذلك، على حد قوله. وفي الاتجاه نفسه تحدث ألك هوف المتحدث حول السياسات الأمنية في الحزب الديمقراطي الألماني.
إلى ذلك، عقد الرئيس حسني مبارك اجتماعا موسعا بعد ظهر أمس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، ضم أبرز أركان النظام المصري، فقد حضره السيد عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، والدكتور أحمد شفيق، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، والسيد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، والمشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي. كما حضر الاجتماع السيد أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، واللواء محمود وجدي، وزير الداخلية، واللواء مراد موافي، مدير المخابرات العامة، والدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية.
قبل ذلك عقد الرئيس اجتماعا بحضور نائبه مع كل من رئيس مجلس الشعب ورئيس محكمة النقض، وأفادت تقارير صحافية بأن مناقشات في هذا الاجتماع قد دارت حول بعض الإصلاحات السياسية التي يجري الإعداد لها.
على صعيد آخر، قام صحافيون بحمل نعش رمزي للصحافي المصري أحمد محمد محمود الذي لقي مصرعه قبل أيام بعيار ناري تم إطلاقه من قبل أحد حراس وزارة الداخلية عندما كان يقوم بالتصوير الفوتوغرافي لوقائع التظاهرات من شرفة منزله القريب من مبنى الوزارة في وسط القاهرة؛ حيث اخترقت الرصاصة عينه وخرجت من رأسه لقي إثرها مصرعه؛ حيث أكد شهود عيان أن ضابطا برتبة نقيب هو الذي أطلق عليه الرصاص وأدلوا بمواصفاته.
وقد ردد صحافيون، عقب انتهاء الصلاة، هتافات ضد رؤساء تحرير الصحف القومية (الحكومية) المصرية ونقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد ووزير الإعلام أنس الفقي، وطالبوا بمحاكمتهم. وأكدت إنجي حمدي، المتحدثة الإعلامية باسم حركة «6 أبريل»، أن شباب الحركة سيقومون اليوم بالتظاهر أمام مبنى التلفزيون المصري على بُعد أمتار قليلة من ميدان التحرير للتعبير عن رفضهم لتجاوزات الإعلام الحكومي ضدهم.
إلى ذلك، اتهم المتظاهرون القائمين على الإعلام الحكومي بتضليل الشعب المصري وتزييف وعيه، ونقل صورة غير حقيقية عن المتظاهرين بالميدان والإساءة إليهم واتهامهم في شرفهم عبر الادعاء بحصولهم على وجبات ساخنة من قبل جماعات ومنظمات بعينها وتقاضيهم أموالا من أجل البقاء في ساحة الميدان.
على الصعيد الميداني، بدا المشهد أمس هادئا، ومارس المحتجون بميدان التحرير طقوسهم اليومية في جمع القمامة في أماكن محددة وتنظيف أماكن نومهم، بينما تزايد بشدة وجود بائعي الأطعمة والمأكولات والمشروبات بين المتظاهرين، وانتشر الفنانون الذين يحترفون الرسم على الوجوه والأجسام، وكان لافتا ما رسمه أحد المتظاهرين على ظهره وبطنه العاريين؛ حيث كتب عليهما «أنا بردان.. ارحل بقى».
وفي خطوة جديدة، دعا المتظاهرون لمظاهرة مليونية اليوم (الثلاثاء) تتخللها حملة لتجميل وإعادة تنظيم ميدان التحرير بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين والحرفيين الموجودين الذين شكلوا فيمن بينهم «رابطة فناني الثورة»، بجانب يوم للعزاء في شهداء الثورة الذين وصلوا حسب تقديرات الشباب في ميدان التحرير فقط إلى 18 شخصا، بجانب التحرك يوم الجمعة المقبل في مسيرات من مختلف المناطق إلى قصر العروبة بضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة.
وقال أحمد ماهر، المتحدث باسم تحالف شباب الثورة ل«الشرق الأوسط»: «لن نقف مكتوفي الأيدي وسيكون لنا كل يوم فاعلية جديدة ولن نرحل ولن نفاوض إلا بعد رحيل مبارك من موقعه».. وحول من تفاوضوا باسمهم في الحوار الوطني، أكد ماهر أن أيا من المشاركين في الحوار لا يمثلهم ولا يعبر عن مطالبهم، واصفا الشباب الذين سعوا ولبوا الحوار بأنهم مجهولون.
وعلى الجانب القانوني، بدأت تحركات متنوعة لتفسير الشق الدستوري في الأزمة المصرية؛ حيث أعلن ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، مبادرة قانونية للخروج بالبلاد إلى الانتقال الدستوري للسلطة في الفترة من 10 إلى 25 فبراير (شباط) الحالي، وذلك بموجب أحكام نص المادة 139 من الدستور وأن يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتعيين عدد 4 نواب له، يشكلون مجلسا رئاسيا لإدارة البلاد لفترة انتقالية، وأن يصدر الرئيس بموجب أحكام المادة 189 من الدستور قرارا بإجراء تعديلات دستورية بشأن المادتين المتعلقتين بانتخاب رئيس الجمهورية ومدد الرئاسة (المادتين 76 و77)، وكذلك ضمانات الإشراف على هذه الانتخابات (المادة 88) وكذلك المواد المتعلقة بالانتخابات البرلمانية (مجلسي الشعب والشورى)، وانتخاب رئيسي المجلسين، والمواد المتعلقة بضمان نزاهة وشفافية هذه الانتخابات، وكذلك تعديل نص المادة 179 بشأن مكافحة الإرهاب.
وأضاف أمين إمكانية استخدام الرئيس المادة 136 من الدستور وإصدار قرار بحل مجلسي الشعب والشورى بعد إجراء التعديلات الدستورية، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة على أن يتولى المجلس الرئاسي 4 نواب لرئيس الجمهورية، إنشاء حكومة تسيير أعمال لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على ضوء التعديلات الدستورية، مع عدم جواز الترشح لرئاسة الجمهورية لأعضاء المجلس الرئاسي، حسب مقترحات أمين.
واستشرافا لمستقبل الإخوان المسلمين في المرحلة المقبلة، أكد الدكتور محمد مرسي، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة: «رأينا ومبادئنا كما هي، وما وضعناه في برنامج الحزب المعلن عام 2007 لن يتغير»، مضيفا أن الإخوان يريدون أن تحكم مصر بالإسلام ولا أن يحكم الإخوان بالإسلام، مشيرا إلى أنهم لم يقرروا بعدُ ما إن كانوا سيتحولون لحزب سياسي أم يبقون كجماعة مستقبلا، لافتا إلى أنهم سيظلون يمثلون هيئة إسلامية تعمل على أساس مرجعية إسلامية لإقامة دولة مدنية تحافظ على حقوق الإنسان وحق الجميع في التعبير عن رأيه بحرية وفق القانون والدستور الذي يقره الشعب ويتوافق عليه.
وفي مدينة الإسكندرية، ولليوم الثالث على التوالي من أسبوع الصمود، شهدت المدينة مسيرات حاشدة قوامها عشرات الآلاف من المتظاهرين المطالبين بتغيير النظام في مصر؛ حيث جابت المسيرات الشوارع، وتعمد المتظاهرون التوقف لدقائق أمام قصر رأس التين الجمهوري - أحد مقرات رئاسة الجمهورية بالإسكندرية - ثم واصلوا السير مرورا من أمامه.
وقال صابر أبو الفتوح، القيادي الإخواني وعضو مجلس الشعب السابق وأحد المشاركين بالتظاهرات: «جميع الخيارات ما زالت مفتوحة أمام الشعب المصري ما دام النظام لم يقدم حتى الآن ضمانات حقيقية لجدية تنفيذه للإصلاحات التي طالبت بها القوى السياسية، خاصة شباب المتظاهرين». إلى ذلك، واصل الآلاف من الشباب الاعتصام، على مدار اليوم، بالساحة المقابلة لمحطة قطار «سيدي جابر» تضامنا مع زملائهم في القاهرة. وأعلن المتظاهرون بالإسكندرية أن اليوم سوف تنطلق مظاهرات مليونية من جميع المناطق بالمدينة عقب صلاة الظهر لتلتقي عند ميدان سيدي جابر (شرق الإسكندرية) لتكون بذلك المظاهرة المليونية الثالثة التي تتم الدعوة لها بالإسكندرية منذ بدء الاحتجاجات، كما أنهم سوف يختتمون «أسبوع الصمود»، يوم الجمعة بعمل كبير من شأنه أن يكون فارقا في مسيرة الاحتجاجات التي بدأت في مصر قبل 14 يوما.
إلى ذلك، وعلى موقع «فيس بوك» نفسه الذي انطلقت منه شرارة المظاهرات في مصر، انطلقت حملات لإعادة بناء ما خربته موجة المصادمات بين المحتجين والشرطة في الأيام الأولى للمظاهرات بمدينة الإسكندرية ومدن أخرى ودعوات لتخطي الأزمة المالية التي عاناها المصريون جرَّاء توقف الحياة في الأيام الماضية.
فقد شهد الموقع إعلانا أطلقته «الحملة الشعبية لإنقاذ الشعب المصري» التي أسسها شباب من مدينة الإسكندرية، توجه الحملة دعوات عبر «فيس بوك» لتكوين شبكة للتنسيق لتجميع الأغذية والأدوية والتبرعات المالية، وإرسالها لمن يحتاجها حتى لا يتم «تجويع الشعب المصري أو الضغط عليه في ظل الظروف الراهنة»، بحسب هؤلاء الشباب. وأعلن القائمون على الحملة «ترحيبهم بالمتطوعين الذين يودون الاشتراك بعملية توزيع الإعانات العينية».
وتقول رانيا البنا، من المنسقين للحملة، ل«الشرق الأوسط»: نحن مجموعة من الشباب المصريين نهدف إلى إنقاذ ومساندة إخواننا المصريين، خاصة من يعملون باليومية؛ فقد توقف عملهم منذ أيام وليس لهم مصدر دخل آخر، فنحن نطالب كل من لديه طعام ومواد تموينية زائدة على حاجته مثل الأرز، والمعكرونة، والزيت، والسكر، والدقيق، والمعلبات، فضلا عن الأدوية التي أصبح بعض أنواعها شحيحة في الصيدليات، بالتبرع»، مشيرة إلى أن «الحملة الشعبية لإنقاذ الشعب المصري» لا تتبع أيا من الأحزاب أو الحركات السياسية في البلاد. وتضيف: «اخترنا مركزا لتجميع الأغذية والأدوية وإرسالها لمن يحتاجها حتى لا يتم تجويع الشعب المصري أو الضغط عليه في ظل ظروف التظاهرات»، لافتة إلى الحاجة لنحو 40 شابا لحراسة المكان المخصص لتجميع التبرعات وتوزيعها وجهود الأطباء والممرضات ومن لديهم خبرة بالإسعافات الأولية في المظاهرات.
جدل سياسي وأهازيج شعرية في «جمهورية ميدان التحرير»
أحد المحتجين: لا أعلم إن كنا سنفوز.. فهم لديهم السلطة لكننا لسنا ضعفاء
بعد دقائق قليلة بعد منتصف الليل يوم الأحد غسلت الأمطار شوارع القاهرة الناعسة وعبر أحمد عبد المنعم مع أصدقائه الكوبري الذي يؤدي إلى عاصمة موازية في ميدان التحرير الذي أصبح فكرة بقدر ما هو مكان. وقال: «رؤيتي تمتد إلى ما هو أبعد مما يصل إليه نظري». تعد الثورة المصرية مزيجا من تنافس بين إنذارات نهائية وفوضى وثورة وحرية وخضوع. لكن تصبح منطقة ميدان التحرير أكثر هدوءا خلال الليل، حيث تفسح هتافات الثورة مجالا لإلقاء الشعر والسياسة.
مقصف يقدم شطائر جبن، أو متطوعون يقدمون أكواب شاي لمن يقفون على الحواجز، أو صيدليات ممتلئة عن آخرها بالبيتادين، أو فنانون طبقوا ما يؤمنون به على أرض الواقع، فمدينة القاهرة الخاصة بهم تبدأ عندما تنام المدينة. الجميع مرهق، لكن لا يبدو أن أحدا منهم ينوي التفريط في لحظة يلونها التحدي. أوضح عبد المنعم وهو يمر بجانب نقطة تفتيش يتبول فيها جندي على دبابته: «الكل مستيقظ هنا. قد أكون منهكا، لكن عندما يبزغ نور النهار يمكنني أن أستنشق عبير الحرية. ما أراه هنا لم أره في حياتي أبدا» أو كما هو مكتوب على إحدى الدبابات: «الثورة في التحرير لا نوم في السرير».
يفد نحو مليون شخص إلى أكبر المدن في العالم العربي التي يبلغ عدد السكان بها 18 مليون. وتتردد أبواق السيارات المتفرقة في ساعة الذروة التي تمتد طوال اليوم لا يطغي عليها سوى جلبة أكثر مدن العالم ازدحاما. وطالما أثار الانتقاد الخاص بالمعاني التي تمثلها المدينة الشعور بالحنين إلى ملامح لعاصمة أقدم وأكثر نقاء حفظتها أفلام الأبيض والأسود المصرية. التحرير يمثل الاشتياق والإبداع.
ومع حلول الظلام يتجول الباعة الجائلون في الشوارع الآمنة بجانب العشاق متشابكي الأيدي ورجال ما زالت الضمادات تلتف حول أجزاء من جسدهم من جراء القتال مع مؤيدي الحكومة الذين حاولوا الاستيلاء على الميدان. كان أحدهم يصيح قائلا: «كوب شاي بجنيه واحد»، بينما يوزع متطوعون خبزا ويصيح أحمد خاطر ردا على تردد الناس في أخذه بدافع الأدب قائلا: «أرجوك خذ رغيف. لقد جئنا من أجلك».
في الشارع أحضر رجال كراسيهم على الرصيف المبلل لمشاهدة عرض للشعر العامي يلقيه رجل قعيد على كرسي مدولب وخطابات لمتظاهر يلف نفسه بعلم مصر وشعارات يقودها محمد محمود البالغ من العمر 16 عاما يتمتع بالفصاحة، حيث قال وهو يقف تحت المطر مشيرا إلى حسني مبارك: «الله راعي هذه الأزمة» كذلك صاح بهتاف يتسم بالقافية «يا مبارك نحن الشعب في الميدان». وأعقب ذلك خطاب انتهى بعبارة: «أخيرا القرار أصبح بأيدينا». وقالت عزة خليل، أخصائية السرطان التي عملت على مدار الساعة في صيدلية أقيمت على مقربة من صف من الدبابات: «بعد أن نتخلص منه سننظف الميدان ونعتز به، حيث سيكون رمزا لشيء جديد». وتسير عزة حاملة صندوقا به ضمادات وسوائل ومطهرات وأجهزة استنشاق ومحاليل وريدية وأنسولين وهو ما شبهته ب«صيدلية» تمولها تبرعات ويديرها دكتور خليل وهو مسلم علماني وزميلة محجبة ومسيحي شاب. ينام الرجال الذين أصيبوا من جراء المواجهات تحت مظلة بالقماش بجوار الخيام التي ينام بها الرجال. لم يغادر دكتور خليل الميدان إلا لبضع ساعات خلال يومين. وأضافت عزة: «البعض يغادر الميدان ثم يعود سريعا لأن الجو في الخارج قبيح للغاية».
أطلق المحتجون على هذا الأسبوع «أسبوع الصمود» وهو يتوفر هنا بكثرة. لكن يوجد نوع من الحصار أيضا، حيث يخشى البعض من تحول التفاؤل إلى الاستسلام للواقع المر. ينتج عن النيران القريبة مزيد من الدخان من أكثر من حريق، حيث دخل الناس في جدال حول ما إذا كان على مبارك الرحيل اليوم أم اليوم الذي يليه. قد لا يمثل أي من الاثنين الإجابة الصحيحة، حيث بدأت الحكومة تتماسك في مواجهة انتفاضة دخلت يومها الثالث عشر. قال محمد علي، أحد المحتجين: «لا أحد يدري ماذا سيكون شكل الحياة بعد التحرير. لا أعلم إن كنا سنفوز أم لا، فهم لديهم السلطة، لكننا لسنا ضعفاء. الكلمات أقوى من الأسلحة».
في الثالثة ترددت الكلمات في أنحاء الميدان في شكل أغنيات تعود إلى حقبة الستينات والسبعينات. تقول كلمات إحدى الأغنيات: «يا مصر عددنا ما زال كبيرا فلا تخافي من قوة الآخرين». وقام محيي صلاح بعزف أغنية على العود وغنى أخرى أمام الجمهور. وكلمات الأغنية هي: «إن مت يا أمي فلا تبكي، فقد مت حتى تعيش بلدي».
واحتدم الجدل السياسي، حيث تناقش المئات من خلال مكبر الصوت عما إذا كان يجب منع التلفزيون الرسمي للدولة في التحرير وإزالة الصور الشخصية من إشارات المرور. لكن تم رفض الاقتراحين عن طريق رفع الأيدي.
لم يغب حس الدعابة الذي يتمتع به المصريون عن المشهد، حيث كتب أحد المحتجين المتزوج حديثا على إحدى اللافتات: «ارحل يا مبارك مراتي وحشتني» وقال البعض على سبيل الدعابة إن «مبارك يحرق نفسه احتجاجا على شعبه». وتساءل أحد الفلاحين من الجنوب قائلا: «أين يمكنني أن أجد شباب الفيس بوك؟».
ومع قرب بزوغ الفجر، يبدأ الشباب الكتابة على الكومبيوتر والدخول على موقع «تويتر» الإلكتروني ومواقع القنوات الفضائية العربية من خلال شبكة الإنترنت اللاسلكي الذي وفرته الشقق المحيطة بالميدان. انتظر رجال لساعتين في صفوف أمام الحمام الوحيد في جامع عمر مكرم. وتمت إقامة خيمتين للمفقودات، بينما ضمت خيام أخرى فنانين وصف أحدهم التحرير ب«ثورة النور». كان هناك شيء صحيح في هذا الوصف وهي فكرة الزوال.
قال علي سيف، البالغ من العمر 52 والذي يعمل مصورا فوتوغرافيا وشارك في الانتفاضة منذ اندلاعها: «لقد شفاني الله من كل الأمراض والأوجاع»، مشيرا إلى إصابته بمرض السكري والقلب. وقال إبراهيم حميد الذي يقف بجواره: «هذا هو إحساس الحرية».
ومع بزوغ أول خيط لضوء النهار بعد الخامسة بقليل يتردد أذان الفجر، حيث ينادي المؤذن: «الصلاة خير من النوم»، فيستيقظ الرجال والنساء ويتجمعون بينما يتداخل الأذان مع ثورة تمتد في مدينة الألف مئذنة. ويرتبط التحرير للحظة بالقاهرة مرة أخرى. كان محمد فاروق يقف أمام مدخل كوبري قصر النيل المؤدي إلى التحرير. ويقول: «إنك تشعر أن هذا هو المجتمع الذي نريد أن تعيش فيه».
*خدمة «نيويورك تايمز»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.