القاهرة (رويترز) - أظهرت النتائج الأولية يوم الخميس أن المشير عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري السابق حصل على أكثر من 90 في المئة من الاصوات في انتخابات الرئاسة لينضم بذلك إلى قائمة رؤساء مصر من ذوي الخلفية العسكرية. لكن انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات عن المتوقع اثار تساؤلات عن مصداقية الرجل الذي حقق شعبية كبيرة واعتبره أنصاره البطل الذي يمكن أن يحقق لمصر الاستقرار السياسي والاقتصادي في أعقاب عزل الرئيس الاخواني محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في انتخابات حرة. وقالت مصادر قضائية إن السيسي حصل على 93.3 في المئة من الاصوات مع اقتراب عمليات فرز الاصوات من نهايتها بعد تمديد التصويت ليوم ثالث. وحصل منافسه الوحيد السياسي اليساري حمدين صباحي على ثلاثة في المئة من الأصوات الصحيحة بينما بلغت نسبة الأصوات الباطلة 3.7 في المئة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 44.4 في المئة من إجمالي عدد الناخبين البالغ 54 مليونا. وكان السيسي دعا الأسبوع الماضي إلى نزول 40 مليون ناخب للتصويت. وبلغت نسبة التصويت 52 في المئة في الانتخابات التي فاز فيها مرسي عام 2012. وأشارت جولة لمراسلي رويترز في عدد من اللجان الانتخابية خلال أيام التصويت الثلاثة إلى انخفاض الاقبال على التصويت. وربط البعض انخفاض نسبة الاقبال بلا مبالاة بعض الناخبين واعتراض آخرين على تولي ضابط من القوات المسلحة رئاسة البلاد واستياء بين الشباب ذوي الميول الليبرالية مما يرون أنه قمع للحريات ودعوة الإخوان المسلمين لمقاطعة الانتخابات. وقال محمود ابراهيم (25 عاما) الذي يسكن في حي إمبابة الشعبي "الانتخابات دي تمثيلية. مهزلة. التصويت ضعيف لكن الإعلام كذب على الناس. كل ده علشان رجل واحد. وانخفض المؤشر الرئيسي للبورصة 2.3 في المئة يوم الاربعاء بعد أن رأي البعض أن نسبة التصويت مخيبة للامال كما انخفض في المعاملات الصباحية يوم الخميس 0.9 في المئة. وفي السوق السوداء شهد الجنيه المصري تراجعا بسيطا. لكن محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية قال إن مجتمع الاعمال سعيد جدا بالنتائج وأضاف "أنا وأصدقائي عندنا أمل كبير." وشدد آخرون على أهمية الاستقرار الذي يمثله السيسي. وقال أنجوس بلير رئيس سيجنت للتوقعات الاقتصادية "الكل يريد شكلا ما من أشكال الاستقرار حتى تستطيع أن تتخذ قراراتك الاستثمارية. عندما يكون هناك استقرار فإنه يجعل تقييم المخاطر أسهل كثيرا." واحتفلت أغلب الصحف المصرية بنتيجة الانتخابات ووصفتها صحيفة الأخبار اليومية بأنها تمثل "يوم أمل لكل المصريين". وانطلقت الألعاب النارية في سماء القاهرة بعد أن بدأت النتائج في الظهور ولوح أنصار السيسي بالاعلام المصرية وأطلقوا أبواق السيارات في الشوارع المزدحمة. وتجمع نحو 1000 شخص في ميدان التحرير رمز الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم حسني مبارك عام 2011. ويرى أنصار السيسي الذي أعلن عزل مرسي في يوليو تموز الماضي في أعقاب احتجاجات شعبية ضخمة على حكمه أنه الشخصية القوية التي يمكنها أن تضع نهاية للاضطرابات التي اجتاحت مصر. لكن منتقديه يخشون أن يتحول السيسي إلى حاكم مستبد جديد يعمل على حماية مصالح المؤسسة العسكرية ويخمد الآمال في الديمقراطية والإصلاح. ويتمتع السيسي بتأييد القوات المسلحة ووزارة الداخلية وكثير من الساسة ومسؤولين سابقين من عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك بدأوا يظهرون مرة أخرى في الصورة. وحصل السيسي على تأييد السعودية والإمارات والكويت التي ترى في جماعة الإخوان المسلمين خطرا عليها وضخت الدول الثلاث مليارات الدولارات لمساعدة مصر على اجتياز الفترة الانتقالية. وقال محمد زلفة عضو مجلس الشورى السعودي "يمكن لمصر والسعودية أن تعملا معا للتصدي للتهديدات سواء الداخلية مثل الاخوان المسلمين أو الخارجية مثل ايران وأنصارها في المنطقة." وأضاف "أعتقد أن السعوديين سيفعلون كل ما بوسعهم لدعم السيسي الآن بعد انتخابه لأن الشعب المصري يؤيده." ويواجه السيسي مشاكل كثيرة منها ضرورة رفع معدلات النمو الاقتصادي والتخفيف من حدة الفقر والبطالة وإصلاح منظومة دعم الطاقة. وقال سايمون وليامز كبير الاقتصاديين في بنك اتش.اس.بي.سي الشرق الاوسط "العمل الشاق يبدأ هنا. آخر 12 شهرا كانت عن (عزل) مرسي. والآن على النظام أن يحقق نتائج." وأحد الاختبارات الكبرى أمام السيسي مسألة دعم أسعار الطاقة التي تستنزف مليارات الدولارات من موازنة الدولة كل عام. وقد حث رجال أعمال السيسي على رفع أسعار الطاقة رغم أن ذلك قد يؤدي إلى احتجاجات وإلا فإنه سيجازف بمزيد من التدهور الاقتصادي. وتنبأ تامر أبو بكر رئيس شركة مشرق للبترول بأن السيسي سيرجيء أي قرارات جريئة في الاشهر القليلة الاولى من رئاسته رغم أنه وصفها بانها حتمية. وقال إنه بعد "30 أو 40 سنة من الدعم وعندما تبدأ تغييرات سترتفع الاسعار وكل شيء سيصبح أصعب. وسنكون أغبياء إذا لم نفكر في ذلك