تمر اليوم ذكرى إنقلاب يونيو المشئوم . مغامرة من مجموعة من طلاب السلطة بدعم من تنظيم لم يستطع صبرا على الوسائل الديمقراطية من أجل الوصول الى السلطة، كلّفت وطننا وحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي، ودفع بني وطننا ثمنها قتلا وتشريدا وتعذيبا. حزب صغير كان يزعم لنفسه إمتلاك الحقيقة ، لم يقدم شيئا لهذا الوطن سوى إعادة إنتاج سيرة الاستبداد وإن بصورة أشد فظاعة بحكم أن من دفع بهم الانقلاب الى السلطة حملوا بجانب التربية القديمة للعسكر، عقلية الاسلاميين التي تزعم لنفسها وحدها احتكار الحق و الحقيقة وأن من يجرؤ على الوقوف في وجهها أو معارضة توجهاتها. هو كافر يعارض مشيئة وحكم الله. كان يجب إنتظار ربع قرن ليتكشف الوهم وتنفضح الاكذوبة عن أكبر عملية نصب وإحتيال في التاريخ بإسم الدين. الزمرة التي إستولت على السلطة بالقوة وسخّرت كل مقدرات الوطن وكل مكاسب بنيه من أجل ترسيخ هذه السلطة غير الشرعية وحمايتها من طموح أبناء هذا الوطن وأحلامهم المشروعة في الحريات والعدالة وكفالة الحقوق. وحتى يبعدوا أنفسهم وسلوكهم عن النقد والمساءلة أعلنوا أنهم جاءوا لتحكيم شرع الله ما يعني أن على الناس تحملهم ما داموا ينطقون بأسم العناية الالهية وينفذون مشيئتها. وأن كل المصائب (الصغيرة) التي ستعترض حياة الناس من جوع ومسغبة وموت ماهي الا إبتلاءات صغيرة، وإمتحانات من المولى لصدقية هؤلاء الماضين في درب الدين الحق. وفي خضم الابتلاءت التي وقعت فقط على رؤوس المواطن المسكين، كان حداة الدرب من (الاتقياء) يغرقون تدريجيا في النعيم الحرام. وفيما يزداد المواطن فقرا وضياعا كانوا يزدادون ثراء وتتضخم أرصدتهم وتتطاول عماراتهم في ماليزيا وغيرها. الرعب من تجارب شعبنا السابقة دفعهم لتجربة كل شئ لنزع فتيل الثورة قبل وقوعها. حاولوا تجييش المجتمع ووضعه من خلفهم. سعوا لتجويع الناس وتدمير القيم، طردوا مئات الالوف من الاكفياء ممن دفعت الدولة مال الشعب في سبيل تأهيلهم، طردوهم من وظائفهم وهم يعلمون أن ذلك سيعود سلبا على مؤسسات الدولة ونظامها. لكن من قال أنهم يكترثون لرفاهية الوطن وتقدمه. ان من برر إستيلائه على السلطة بإنقاذ الوطن من التشرذم وإنقاذ قواته المسلحة من الاهمال، إنتهى بهم الأمر الى تقسيم الوطن وإشعال الحروب في كل مكان فيه، وتدمير القوات المسلحة واستبدالها عيانا بيانا بقوات من المرتزقة أرتكبت من الجرائم ما يندي له جبين الانسانية وبسبب ممارساتها اصبح رأس النظام نفسه مطاردا من العدالة الدولية. ميليشيات اصبحت تابعة لجهاز قمعي سئ السمعة أذل أهل السودان وعذّب وقتل مناضليه وإغتصب حرائره وحاول السيطرة على كل شئ في وطننا ، ثرواته ومؤسسساته، صحافته وأجهزة إعلامه بل وحتى بعض أهل الوسط الفني لدمغ أكبر عدد من بني وطننا بجريمة الانتماء الى جهاز مشبوه إمتهن القتل والتعذيب والاغتصاب وبقى دائما فوق كل قانون، ما دامت ممارساته في عرف أهل النظام تحمي النظام من السقوط. والهدف كله هو قتل بذور الثورة في مهدها وإشاعة الاحباط وسط الاجيال الجديدة من إحتمالات التغيير ليصبح الظلم واقعا يتعايش معه الناس ولا يسعون لتغييره. ساعة الحساب آتية. فالشعوب العظيمة لن يقرر مصيرها ومستقبلها مجموعة من اللصوص والأفاقين وتجار الدين. الشعوب العظيمة لن يفت في عضدها ما يمارس ضدها من نظام صغار النفوس من قتل وتعذيب وإرهاب وإمتهان للكرامة. وصبرها الطويل لن يعني بحال سكوتها وتقبلها للظلم. بل هو صبر الحليم، هو إرث الحضارة المتاصل في نفوس عظيمة، تسلّطت عليها حفنة نفوس صغيرة لا ترى أبعد من مكاسب الدنيا مكسبا. نفوس فاسدة إستحلت المال العام واباحت لتفسها كل حرام ، نفوس مجرمة يرسلون الطائرات تدك البيوت فوق رؤوس الالعجزة والنساء والأطفال، لا يراعون حرمة دم أو مال. ولا يهمهم إن مات جميع الناس ما داموا هم يتقلبون في نعيم السلطة. شعبنا يراقب كل ممارساتهم السيئة، كل ظلمهم وإستبدادهم وفجورهم ، ويؤخرهم الى يوم قريب تشخص فيه الابصار. www.ahmadalmalik.com [email protected]