وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    بعد اجتماعه مع أسامة عطا المنان…برهان تيه يعود من جدة ويشيد بتجاوب رئيس لجنة المنتخبات الوطنية    شاهد بالصورة والفيديو.. (تعال شيل عدسك كان تقدر).. جنود بالجيش يقتحمون موقعاً كان يتواجد فيه نقيب الدعم السريع المتمرد "سفيان" ويعثرون بداخله على "زيت" و "عدس" قام بتجهيزه لطبخه قبل أن يهرب ويتركه    شاهد بالفيديو.. أحد أصدقاء نجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب يظهر حزيناً على فراقه ويكشف أسباب وفاته ويطالب الجميع بمسامحته والدعاء له    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    دبابيس ودالشريف    راشد عبد الرحيم: امريكا والحرب    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفعت السعيد : الجيش عارض «طبخة» التوريث و«تكتيك» التفويض كان مخيفا
نشر في الراكوبة يوم 18 - 02 - 2011

كشف الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع المصري المعارض تفاصيل الساعات الحرجة للحوار الذي بدأ يوم السادس من الشهر الجاري، ولم يكتمل، بين اللواء عمر سليمان النائب السابق للرئيس المصري، وقوى المعارضة، وانسحابه من الحوار قبل يوم واحد من تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، ولمدة 18 يوما.
وقال السعيد الذي التقى مبارك من قبل مرات قليلة، إن الحوار مع سليمان كان يجري في دهاليز غريبة، وكان يوجد أكثر من «ترس» يعمل في اتجاه مختلف بطريقة لا يمكن معها للماكينة أن تعمل، مضيفا في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن التكتيك في يوم تفويض الرئيس سلطاته (لعمر سليمان) كان مخيفا بما يوحي أن البعض كان يريد للأمور أن تسير في الاتجاه الذي انتهت إليه، قائلا عن الجهة التي ربما تكون وراء دفع الأمور بهذا الشكل أنه لا يريد، كمتخصص في التأريخ، أن يخمن، وأنه يترك الأمر إلى حين تظهر الوثائق.
وأضاف رئيس حزب التجمع أنه يعتقد أن الجيش كان يعلم ويعارض «الطبخة الدستورية» منذ عام 2005 لتوريث الحكم لجمال مبارك، قائلا إن الجيش ربما شعر بخطورة المحيطين بنجل الرئيس باعتبارهم «شلة فاسدة»، وإلى نص الحوار..
* انقطعت الاتصالات منذ سنوات بين الرئيس السابق حسني مبارك وممثلي أحزاب المعارضة، وأنت منهم. ما السبب؟
- أنا لم ألتق الرئيس مبارك منذ ما يقرب من عشر سنوات. منذ عشر سنوات كان يحدث أن نلتقي.. الأستاذ خالد محيي الدين وأنا مع الرئيس مبارك. بعد ذلك انقطعت المقابلات.. نحن لم نكن نطلب ذلك. لم يحدث أن طلب خالد محيي الدين أو أنا أي مقابلة. أما كيف سارت الأمور، حتى انتهت إلى ما انتهت إليه الآن، فأنا أرى أن تركيبة النظام كان بها خطأ كبير. وتوجهه كان فيه خطأ أكبر أيضا..
* مثل ماذا؟
- مثل أن برامج الخصخصة (في القطاع العام) تحولت إلى مهنة يجب أن يمتهنها وزراء بذاتهم.. وأن المستثمرين يتعين إرضاؤهم بأي شكل من الأشكال، حتى لو جاء ذلك على حساب أي شيء. كانوا يقنعون أنفسهم ويقنعون الرئيس ربما، بأن هذا هو السبيل للبناء. وأنهم يحتاجون مستثمرين ليأتوا بفرص عمل وحل مشكلة البطالة وزيادة الدخل القومي وبالتالي حل مشكلة الفقر.
* وما المشكلة في ذلك؟
- المشكلة أن القائمين على الأمر نسوا أن هؤلاء المستثمرين محدثون.. يعني ليسوا رأسمالية مدركة لخطورة وجود نظام رأسمالي متوحش.. نظام رأسمالي ليس في إمكانه إحداث التساقط الذي يعني إقامة علاقات مع المجتمع عبر بناء مؤسسات أو عبر النهوض بالتعليم المجاني أو غيره.. لكن كبار المستثمرين المصريين كانوا يزعمون أنهم يقومون بمثل هذه الأنشطة، بينما هم ينفقون على الإعلان عن هذه الأنشطة أكثر مما ينفقونه على الأنشطة ذاتها. وتم الرد على طلبي بفرض ضرائب تصاعدية، بأن العودة إلى الضرائب التصاعدية تعني الاشتراكية.
* تعني أنك طرحت هذه الرؤية خلال الاجتماع مع اللواء عمر سليمان في أيام ثورة 25 يناير؟
- حين دعينا إلى الحوار أثناء الاحتجاجات التقينا مع السيد اللواء عمر سليمان، بعد الاستجابة لطلبنا بوقف إطلاق الرصاص على المتظاهرين بميدان التحرير. في بداية الجلسة قلت في غاية الوضوح: سيادة النائب أنت تعرف أن الشعب قد فقد الثقة نهائيا في كل ما يقال.. أمضينا ثلاثين سنة نقول «رعاية محدودي الدخل»، و«أزهي عصور الديمقراطية».. قلت له إن كل هذا الكلام لم يعد يصدقه الناس.. قلت له فلنبدأ باكتساب الثقة بأن نقول الحقيقة، ولن يصدقوكم أيضا، لكن بالممارسة سيكتشفون أنكم تقولون الحقيقة.
* وكيف كان الرد؟
- بدأت المناقشة.. أنا طرحت الفكرة الجوهرية: التعديلات الدستورية يجب أن تكون أكثر انفتاحا.. شروط غير مانعة للترشح للرئاسة، وغيرها من التعديلات الواردة في برنامج حزب التجمع الذي يطالب به منذ عام 1981، وأن تكون مدة الرئاسة دورتين فقط.
* وماذا لاحظت أثناء حوار المعارضة مع اللواء سليمان حين كان الشارع في ثورة؟
- نحن دخلنا الحوار بقلوب مفتوحة وبصراحة شديدة وموجعة، وإذا بالحوار يجري في دهاليز غريبة. تتكلم عن شيء، فتفاجأ بأن أحدا آخر يرتب شيئا آخر، من داخلهم.. كان هناك أكثر من ترس يعمل في اتجاه مختلف؛ وهنا الماكينة لا يمكن أن تعمل، لأن التروس لا بد أن تُعشق مع بعضها لكي تتحرك الماكينة وتعمل.. لكن لو كل ترس يمشي خلف خلاف، فالماكينة لن تعمل. هذا ما كان يحدث، فأعلنت الانسحاب من الحوار لأنني لا أريد أن أكون شاهد زور.
* هل كنت تشعر أثناء الحوار مع سليمان أن وقت الإصلاح جاء متأخرا؟
- أقول لك كيف تعامل الرئيس مبارك مع هذه الوقائع: كان دائما يصل المحطة بعد أن يرحل القطار.. أعتقد أن الرئيس كان يجب أن يتجاوب مع شباب 25 يناير منذ البداية، لكنه استمع إلى من يقولون له إن «كل هذا كلام فارغ»، وأن «الأمر كله تحت السيطرة».. حتى في يوم تفويض الرئيس سلطاته (لعمر سليمان، مع بقائه في الحكم) كان التكتيك مخيفا بما يوحي أن البعض كان يريد للأمور أن تسير في هذا الاتجاه. يعني أن يتم الإعلان طوال ست ساعات عن أن الرئيس سيذيع بيانا مهما.. خلال هذه الساعات الست ارتفع سقف التوقعات، وأصبح النقاش: هل سيرحل ويعطي سلطاته للمؤسسة العسكرية، أم يرحل ويعطيها لعمر سليمان. وجاءت النتيجة بلا هذا ولا ذاك، فانفجر الوضع.
* من برأيك كان يريد للأمور أن تسير في اتجاه انتهى إلى هذه النهاية؟
- لا أحب أن أخمن، لأنني رجل تاريخ.. ولكن أترك هذا الموضوع إلى حين تظهر الوثائق، وليس مجرد الاعتماد على الحكايات المتداولة الآن.. الحكايات هي أسوأ عقبة أمام علم التاريخ.
* بما في ذلك الحكايات عن الفساد؟
- وجهة نظري أن المشاكل موجودة من أيام الرئيس عبد الناصر والرئيس السادات، لكنها تزايدت في أيام الرئيس مبارك.. كان الفساد في السابق يدور حول شخص (مسؤول) أخذ فيلا لنفسه، أو آخر اشترى سجادتين زيادة، أو شخص سافر لموسكو فاشترى خمس فازات كريستال.. يعني كان فسادا «أهبل وأحمق»، لكن الفساد في السنوات الأخيرة كان هو «الفساد المتين». وعقب ظهور جمال مبارك (في بداية الألفية) والحديث عن التوريث، ثم تشكيل لجنة السياسات حيث أحاط بجمال كثيرون من أصحاب المصالح، فانتشر الفساد بصورة جنونية. من قبل كان الناس يتسترون. الآن لم يعد أحد يتستر. جاءت انتخابات مجلس الشورى (منتصف 2010) ثم الشعب (أواخر 2010) وكانت الأسوأ في تاريخ مصر، وتركت جرحا عميقا في قلب الأحزاب السياسية وفي قلب المجتمع المسيس. هنا كان المناخ مهيأ (لما جرى).
* لكن لماذا كان التواصل بين الرئاسة والقوى الحزبية مفقودا منذ عام 2005، سواء عن طريق مستشاري الرئيس أو حوار المعارضة مع الحزب الحاكم؟
- هذا الحوار كان مفقودا لأن المعارضة أصبحت لا تساوي شيئا عند النظام الحاكم. لو كان يحترم هذه القوى لكان قد واصل العلاقة بها. لكن (هم كانوا يقولون) من أنت حتى تنتقد وتتحدث عن وجود فساد وعن الحاجة للديمقراطية والانتخابات الحرة.. هذا الاستعلاء المتجبر كان أحد أسباب (ثورة 25 يناير). واستمر هذا الاستعلاء حتى أثناء الاحتجاجات الضخمة التي كانت تعم البلاد.. ففي الجلسة الأخيرة لمجلس الشورى، التي كانت يوم الاثنين 27 يناير، حين كانت الأمور ما زالت في حدودها، ولا أحد يتحدث عن رحيل مبارك، فوجئت بأن السيد صفوت الشريف (رئيس مجلس الشورى، الأمين العام للحزب الحاكم) يترك زعيم الأغلبية بالمجلس ليتحدث بلا وقت محدد، ثم يعطيني الكلمة بعده باعتباري رئيسا لأكبر مجموعة معارضة، لكنه قال لي إن الكلمة ثلاث دقائق فقط.. هنا بدا امتعاض النظام من أي معارضة.
* في آخر لقاء لك مع الرئيس مبارك، وكان معك خالد محيي الدين، هل رأيت في هذه المقابلة، التي جرت منذ نحو عقد من الزمان، أن الأمور ستسير إلى ما آلت إليه الآن؟
- الرئيس مبارك عندما كان يلتقي بنا كان ينصت جيدا، أما ماذا سوف ينفذ، فهذه قصة أخرى. لم يكن حتى يسألك.. في مرة تجاسرت وقلت له: يا سيادة الرئيس لا تصدقهم.
* تقصد من هم الذين قلت للرئيس أنه لا ينبغي عليه أن يصدقهم؟
- لم أقل له من أعني، فقال لي الرئيس مبارك إنهم أكثر من جهاز (إذا كذب أحدهم صدق الآخر).. فقلت له إنهم من الممكن أن يتفقوا مع بعضهم بعضا على ما سيقولونه لك.. فقال ماذا أفعل؟ هل تريدني أن أنزل مثل عمر بن الخطاب أزور الأسواق في المساء. أنا مضطر لتصديقهم. كان هذا الحديث مع الرئيس قبل أن تتشكل لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك في عام 2002.
* نشرت صحيفة «الأهالي» الصادرة عن حزب التجمع عام 1998 أن الرئيس مبارك عين عمر سليمان نائبا له ثم تراجع. هل كان هذا خبرا أكيدا في وقته؟
- كانت مجرد أقاويل. وتلقينا في حينه مكالمة غاضبة من أحد الأجهزة بأن هذا غير صحيح، ولا تحشروا أنفسكم في هذا. لكن أنا أذكر حين التقيت بالرئيس مبارك في أيام حكمه الأولى، ضمن وفد التجمع المكون من خالد محيي الدين والدكتور يحيى الجمل وأنا، أنه طرحت على مبارك فكرة تعيين نائب له، فقال: سأرى، ولم ير. وطرحت عليه أيضا فكرة أن يترك الحزب الحاكم، فقال لو تركت رئاسة الحزب فمن أين ستكون مشروعيتي (كرئيس للدولة). أعتقد أن هذه إجابات كانت جاهزة له ليرد على أي أسئلة من هذا النوع.
* وما الذي جعل الرئيس مبارك يتخذ خطوة تعديل المادة 76 من الدستور عام 2005 طالما أنه لم يتشاور بشأنها مع الأحزاب التي كانت تتحاور مع حزبه الحاكم حينذاك؟
- الأمور كانت تسير في الاتجاه الذي وصلت إليه بالتعديل الذي تمت به المادة 76. أنا كنت أراهم (قيادات من الحزب الحاكم) وهم يجتمعون في أحد المكاتب في مجلس الشورى.. أفتح عليهم الباب وأقول لهم: هل ما زلتم تطبخون، فيضحكون ويقولون لي نعم.
* تعني أنه كان هناك توجه عام ل«طبخ» مثل هذه التشريعات.. من أجل ماذا؟ هل كان من أجل التوريث كما كان يعتقد البعض في الشارع المصري؟
- نعم. هو بالتأكيد كان يسير في هذا الاتجاه.. «يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب».. وفي أول انتخابات رئاسية متعددة وفق المادة 76 عام 2005 طلبوا مني الترشح في هذه الانتخابات، فقلت إنني لا ينفع أن أكون كومبارس في مسرحية معدومة النتائج.
* هل برأيك كان الجيش يعارض عملية «طبخ» التشريعات من أجل التوريث؟
- معلوماتي نعم (أنه كان يعارض).. وأن الرئيس حذر منها، لكنني غير متأكد.. لكن كان يتناثر كلام بأن جمال مبارك لم ينضج بعد.. وأن الشلة التي حوله فاسدة، لكن بالقطع أنا لا أعرف الحقيقة.. هذا تحليل: أعتقد أنهم (في الجيش) كانوا غير موافقين على هذا.. ربما ليس بسبب أن المؤسسة (عسكرية) و(مجموعة جمال) من المدنيين، ولكن ربما بسبب ما شعروا به (في الجيش) من خطورة المحيطين به (بجمال).
* كيف تنظر إلى السلطة التي تسيّر أمور البلاد الآن؟
- نحن طبعا نثق في القوات المسلحة، ونريد دولة مدنية حقا ديمقراطية ليبرالية حقا. لكن حين نأتي لتشكيلة اللجنة الدستورية نجد أنه أمر مثير للدهشة. أنا أتخيل أن مصر تتجه عن عمد نحو النموذج التركي (في الحكم)..
* هل بالإسلام الإخواني أم بتيار إسلامي عام؟
- ليس شرطا.. نموذج تركي فيه الجيش هو حامي الشرعية، لكن هذا مجرد تخيل سياسي الآن، لكنه ليس معرفة حقيقية (بما ستؤول إليه الأمور).
* هل تمت استشارتكم قبل تشكيل اللجنة الدستورية؟
- لا.. على الإطلاق.. أنا مفاجأ بالسرعة الشديدة (التي يجري بها عمل التعديلات الدستورية) ومفاجأ بأنهم رفضوا كل اقتراحاتنا الخاصة بقانون انتخاب جديد على أساس القائمة النسبية المفتوحة، وغيرها. ولا أعتقد أنه تمت استشارة أحزاب ائتلاف المعارضة (الوفد والناصري والجبهة إضافة للتجمع) لأن العقلية (الحاكمة) لا تعمل على هذا النحو.
* هل ترى أنه في الوقت الحالي يمكن أن تكون هناك انتقائية في التعامل مع التيارات السياسية؟
- واضح.. الانتقائية واضحة تماما.. يكفي أن تنظر إلى تشكيلة اللجنة الدستورية.. وحتى القرار الذي صدر بخصوص تشكيل اللجنة؛ قيل إنها ستضم عددا من الشخصيات السياسية، واتضح أنها تضم شخصيات سياسية بذاتها.
* هل تتوقع أن يكون للأحزاب دور كبير في المرحلة المقبلة؟
- هناك فرق بين ما يجب وبين ما تعتقد، وبين ما تتوقع. أنا يقيدني دائما أنني أشتغل بالتاريخ. لا ينفع أن تقول: «لو أن».. عندما تقع الواقعة أنت تدرس ما هو محيط بها وما هو ممكن أن تؤدي إليه.. لو أنك أنت سألتني قبل تشكيل اللجنة الدستورية: ممن ستتشكل اللجنة الدستورية؟ سأقول لك إنه سيأتي يحيى الجمل وأحمد كمال أبو المجد وفلان وعلان، ممن كان تم اختيارهم في المرة السابقة. في السياسة أنت لا تعرف ما هو داخل الصندوق المغلق.. أنت لا تعرف فيما يفكرون. وعليك أن تنتظر إلى أن يعلنوا لكي تحدد (موقفك).
* تعني أن اللجنة الأولى لتعديل الدستور، تلك التي كانت مكلفة من الرئيس السابق مبارك، كانت أكثر توازنا؟
- هذه اللجنة لم تكن مكلفة من الرئيس مبارك، ولكن كان يجري اختيارها عبر السيد اللواء عمر سليمان.. ولم نعرف من سيكون فيها، لكننا سمعنا أنه سيكون فيها الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والدكتور يحيى الجمل، وقيل إنه سيكون فيها عدد من الشخصيات السياسية..
* إذن كيف تنظرون إلى العهد الجديد؟
- دعنا نستبشر خيرا.. أكيد سيكون هناك قدر كبير من التساؤلات لأنك تتعامل مع صندوق مغلق. في السابق كان يمكن أن تفتح الباب في مجلس الشورى وتدخل على صفوت الشريف، وتسأل المجتمعين (من أقطاب النظام)» «أنتم.. ماذا تنتوون؟». لم تكن تتلقى إجابة واضحة، لكن كان في مقدورك أن تقول لهم رأيك: «لا بد أن تعملوا كذا»، ويردون عليك: «طيب لما نشوف». الوضع الآن اختلف. وسوف نتأنى ونتأمل ونرى.
* أخيرا كيف تنظر إلى الخطاب الإعلامي وأنت تتابع التطورات؟
- حين أقرأ الصحف اليوم أشعر بالدهشة والإشفاق على الكتبة.. أنت تتملق الحاكم وحين يأتيك حاكم جديد يكون أمامك خياران، إما أن تثبت على موقفك فتعرض رقبتك للخطر، أو أن تغير موقفك فتفقد احترامك لنفسك.. أذكر أنني في إحدى المرات حين كنت جالسا مع الرئيس مبارك، قبل سنوات، أنني تجاسرت، حين أخرجت ورقة من جيبي، كأنها خرجت بطريق المصادفة، مكتوب فيها جانب من قصيدة للمتنبي، قرأتها على مسامع الرئيس، وتقول: «إذا اشتبكت دموع في خدود.. تبين من بكى ممن تباكى».. واليوم اتضح أن من بكى هو الرئيس وأولاده وعائلته، والذين تباكوا كانوا هم كل الآخرين.. هذه مأساة حقيقية في المثقف العربي لأنه لا يملك حرية الاختيار، إلا إذا قرر أن يكون خارج الرؤية.. خارج الصندوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.