** تعريف الكارثة هو أي حدث مأساوي يخلف خسائر بشرية أو مادية.. أي ليست بالضرورة أن تكون هناك خسائر بشرية ليسمى الحدث المآساوي بالكارثة، فالخسائر المادية تكفي ليكتسب الحدث الماساوي اسم وصفة ( الكارثة)..هكذا التعريف العلمي الموثق في المراجع والكتب.. وعليه، ناهيكم عن ضحايا سيول وأمطار هذا العام، وتجاوز عددهم عشرين مواطناً، رحمهم الله، وما هم إلا بعض أفراد رعية حياتها قاب قوسين أو أدنى من الموت.. نعم، قدر المواطن في بلادنا إن لم يمت بماء السيل مات بنار الحرب..!! :: وناهيكم عن هذا الموت، إذ بلغت مآسي أمطار وسيول ليلة وضحاها - بالخرطوم و نهر النيل و جنوب وشمال كردفان- لحد أن صار طموح بعض الأسر فقط إمتلاك (مشمع وبطانية)، وهذه هي الكارثة ..نعم، فالكارثة في أحداث الساعة ليست هي الأمطار والسيول التي أرسلها قضاء الله الذي يؤمن به أهل السودان، بل هي إدارة السلطات لمخاطر السيول والأمطار بشكل (غير لائق).. تلك الإدارة الحكومية هي (الكارثة الكبرى)، وليست القضاء والقدر.. والعلم الذي عرف الكارثة بالحدث المأساوي، لم يغفل عن تصنيفها ..هناك كارثة طبيعية، ومنها السيول والأمطار، وهناك كارثة من صنع الإنسان، ومنها ( العجز والفشل)..!! :: والذين تجرفهم السيول، وتهدم منازلهم الأمطار، هم الذين يدفعون ثمن كوارث صنعتها السلطات، وهي كوارث ( العجز والفشل) ..قرى بأكملها في مجرى السيل، بعلم وأمر وتخطيط وتوزيع السلطات، و هذه هى الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر ..شوارع المدائن وأنفاقها وميادينها تحتفظ بمياه الأمطار لحين التبخر أو التسرب إلى جدران المنازل لسوء تخطيط السلطات، وهذه هي الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر..وتتفاجأ القرى والمدائن بالسيول القادمة من بعد آلاف الأميال لجهل السلطات اوتجاهلها تكنلوجيا الإنذار المبكر، والجهل والتجاهل هما الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر..وتتمزق الشوارع كما الأوراق وتنهار الجسور قبل أن تكمل العام عمراً لسوء التخطيط والتنفيذ، وهذه الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر..!! :: وهكذا الكوارث ..خلف كل كارثة جهل مسؤول أوعجز مسؤول أوفشل مسؤول أوفساد مسؤول، و أقدار السماء أسمى وأنقى من أن نصفها بصفات العجز والفشل والجهل والفساد.. إذ تلك صفات بشرية، وللأسف هي تسري كما الدم في أوردة وشرايين سلطات التخطيط والتنفيذ..وعلى سبيل المثال الراهن، بعد موت البعض تحت أنقاض منازلهم وتشرد البعض الآخر بعد أن جرفت السيول منازلهم، يطل وزير البني التحتية بولاية الخرطوم - عبر التلفزيون القومي – ليقول للرأي العام وضحايا السيول بالنص : ( إزالة مياه السيول والأمطار في وقت وجيز بحاجة إلى إزالة بعض الطرق)، هكذا يكشف الوزير سوء التخطيط .. وهذا يعني أنهم في فصول الصيف والشتاء والربيع، عندما رصفوا الطرق المستهدفة بالإزالة - والتي تعيق إنسياب مياه الأمطار والسيول – كانوا على علم بأن فصول السنة ثلاثة و ليست أربعة.. وعليه، شكراً للسيول والأمطار وهي تُعلم عقول ولاة أمر التخطيط ( مبادئ الفصل الرابع)..!! [email protected]