في الوقت الذي انبرى فيه رئيس المجلس الاعلي للتصوف محمد صالح محمد الشريف، للهجوم العنيف على الفساد البنيوي في هياكل الدولة، وفي الوقت الذي طلب فيه من "البشير" محاربة الفساد واستراداد اموال الشعب السوداني، ومحاسبة كل من اعتدي على المال العام، اثناء فعالية نظمتها بعض الطرق الصوفية بشرق النيل لدعم حملة البشير الانتخابية.. وفي الوقت الذي دعا فيه محمد الشريف، الرئيس لتوسعة دائرة الحوار الوطني ليسع الجميع.. قام البشير باستعارة لسان ومفردات ومصطلحات نافع علي نافع المنفرة وغير المنضبطة سياسيا، للحديث عن بعض المكونات السياسية السودانية الوطنية الكبيرة. ووصف البشير اتفاق "نداء السودان" الذي وقعته الجبهة الثورية وحزب الامة ومنظمات المجتمع المدني في الثالث من ديسمبر الجاري باديس ابابا، بانه "صنيعة امريكية وصهونية". مشددا على ان حزبه "سيرد على دعاة العلمانية بتمتين وتطبيق الشريعة". وقال البشير لدى مخاطبته حشود جماهيرية بمنطقة شرق النيل، إن أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية تقف وراء اتفاق (نداء السودان)، مشيرا الى ان "الشعب السوداني موحد ضد من اسماهم بأعداء الشريعة، وانه ضد اتفاقيات إعلان باريس ونداء السودان، التي أعدتها أجهزة الموساد، والسي آي إيه – على حد قوله. واضاف: أن دعاة إلغاء الشريعة الإسلامية "واهمون"، وانهم علمانيون يريدون تفكيك القوات المسلحة، وحل أجهزة الدولة". ومضى يقول: "إن الانقاذ عندما ناصرت الشريعة الاسلامية لم يكن ذلك من اجل المزايدة السياسية، وانما بغرض تمتينها وتطبيقها". وقلل البشير من قدرة المعارضة على اسقاط نظامه وانهاء سنوات حكمه التي امتدت لاكثر من ربع قرن من الزمان، ومضى يقول: "وزي ماقال اخونا نافع، نحن بنقول للدايرين يغيرونا: ألحسو كوعكم" وباهى البشير بان المجال مفتوح امام من يريد ممارسة العمل السياسي من داخل السودان، دون اللجوء الى خيار العمل العسكري المسلح، وقال ان هناك احزاب سياسية كثيرة توجد بالداخل مثل الحزب الشيوعي والحزب الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي، مؤكدا ان العمل السياسي متاح بالبلاد. لكن مراقبين سخروا من حديث الرجل، لكونه ينافي الواقع والمنطق، خصوصا في ظل الكبت والتضييق على الحريات، لدرجة اعتقال بعض قادة العمل السياسي المدني، بينهم اثنين ممن تقدّمت اعمارهم جدا، مثل فاروق ابو عيسى وامين مكي مدني.