السعوديون أنتجوا 150 عملا هذا العام بدلا من 350 في أعوام سابقة د.عبد العزيز الخضيري وزير الثقافة والإعلام السعودي - غلاف «يحدث أن تجمع الحكايات أشتاتها» الرياض: فتح الرحمن يوسف * نشاط بحثي الناقد السعودي الدكتور سلطان القحطاني، لا يرى اختلافا في المشهد الثقافي في السعودية في عام 2014 عن السنوات السابقة، أكثر من النشاط الذي وجد في معرض الرياض الدولي للكتاب، أو الأنشطة المنبرية في الأندية الأدبية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وبعض البرامج الثقافية الإذاعية. وفي مجال النشر، يعتقد القحطاني أن كتاب «الرواية والتاريخ» الصادر عن نادي الباحة الأدبي، كان الأبرز في مجال النشاط البحثي، مبينا أن هذا الكتاب كان من مخزون السنتين السابقتين، لكن صدوره أوجد مفهوما جديدا لدى المتلقين، بسبب وجود الباحثين الأكاديميين من البلاد العربية. ولفت إلى النشاط الذي شهدت به الندوات والأندية الأدبية في تنوع الطرح والموضوعات، كنادي الرياض الأدبي، ونادي الأحساء، ونواد أخرى، خرجت من المفهوم السائد عن الأندية إلى المفهوم الثقافي بطروحات جديدة، تهم الشباب وعامة الناس. وأضاف إلى ذلك، ملتقى جامعة الملك فيصل عن الإعلام الإلكتروني واستضافة المختصين لمناقشة موضوع التأثير وغيره، مشيرا إلى أنه كان لهذه الموضوعات الجديدة القديمة، الدور الأبرز هذا العام. وقال القحطاني: «إن تقييم المنجز متوقف على ما يجدّ فيه من شأن ثقافي مؤثر غير مكرر، وحسب ما ذكرت آنفا أجد أنها خطوات جيدة في بداية طريق مهم وحساس، تجب المثابرة عليه وتطويره إلى الأفضل». وفي رأيه ما تزال المحطة الأبرز والأمثل لم تأت بعد، وهي إنشاء المراكز الثقافية في المدن التي فيها أندية أدبية، لتضم تحت سقفها كل الفصائل الثقافية على تنوعها، من فنون وآداب. نقلة نوعية وتراجع كمي وفي هذا الإطار، قال الكاتب والروائي السعودي عبد الحفيظ الشمري: «قد لا نقول إن هناك أحداثا مفصلية هذا العام في مجال العمل الثقافي والأدبي، إلا أن هناك تواصلا للفعاليات على نحو معرض الكتاب الدولي، الذي يعد عملا سنويا، إلا أنه يتفاعل بشكل لافت، وتتطور أدواته ومحاوره إلى تنوع وأسلوب جديد». ومع ذلك يعتقد الشمري، أن هناك من يسعى إلى جعله مناسبة لفئة معينة، من خلال توجيه الدعوة إلى أسماء معينة وتجيير الأنشطة، في هذه المناسبة، لأشخاص يزعمون أن المعرض من صنعهم، حتى تتكاثر في هذا السياق العروض والندوات التي قد لا يكون لها أثر فاعل. وما يميز هذا العام ثقافيا وأدبيا، وفق الشمري، أن العمل الروائي ما يزال يتواصل بشكل مناسب، وإن تراجع حجم الإنتاج، مبينا أنه يعد حالة صحية، لأن الرواية ستعود إلى أهلها بعد هذا الهوس والنهم الذي سيطر عليها من قبل الكثير من المجربين في حقل الكتابة. ولفت إلى أن عودة الرقم إلى 150 رواية هذا العام بدلا من 350 في أعوام سابقة، يشكل تحولا نوعيا في مفهوم كتابة الرواية من قبل كتابها الأصليين وليس من قبل الطارئين عليها. وأضاف الشمري: «هذا العام شهد تواصل جائزة الملك فيصل العالمية، وحازتها إضمامة متميزة من العلماء والمثقفين الذين شهدت لهم الساحة العلمية والثقافية بالعطاء، وكذلك مهرجان الجنادرية الذي يقدم في كل عام تنوعا ثقافيا». ونوه أن بعض المؤسسات الثقافية شهدت تراجعا خطيرا في أدوارها، ولم تقدم شيئا يذكر على نحو جمعية الثقافة والفنون التي تراجعت كثيرا في العام الحالي ولم تشارك بأي محفل، بل سجلت عجزا وتهالكا في مشاريعها، حتى إنها لم تحتفل بيوم المسرح العالمي. وزاد: «جمعية الفنون لم تقدم أي عمل تراثي أو فني، بل إن آخر مطبوعاتها (الفنون) توقفت لتوفير المبالغ التي تصرف على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وسكرتير الجمعية، في حين غاب أي نشاط لها هذا العام». وقال الشمري: «ما يمكن أن نذكره كإنجاز، هو تحرك بعض المؤسسات الثقافية لإعادة إحياء التراث على نحو ما تبذله هيئة السياحة والآثار وبعض الجهات الفاعلة للحفاظ على هوية التراث وحفظه والاستفادة منه». ويرى أن دخول مباني «قلب مدينة جدة التراثي» في منظومة العمل التراثي الدولي التابع لمنظمة اليونيسكو، تعتبر خطوة مهمة في هذا المجال، وسيتبعها العام المقبل خطوة أخرى تتمثل في المدينة القديمة في الهفوف بمنطقة الأحساء، حيث ستدخل في هذه المنظومة العالمية لحفظ التراث الإنساني والتاريخي على حد تعبيره. * خوجه يغادر كرسي «الثقافة» الدكتورة عائشة يحيى الحكمي، الأستاذ المساعد بجامعة تبوك السعودية، ترى أن كل عام تشهد الساحة الثقافية السعودي تناميا ثقافيا معرفيا جديدا كل الجدة، وذلك كون «إنتاج وتلقي المعرفة، يمثلان هاجسا قويا بزيادة أهمية الجامعات، وبوجود جيل شباب طموح يشكل 60 في المائة من عدد السكان». الحكمي، ترى أن مغادرة الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق، كرسي الوزارة، تعد أحد أهم أحداث 2014 الثقافية، حيث تولى عبد العزيز الخضري الوزارة من بعده. وترى الحكمي أن هذا التغير والتغيير، حفز المثقفين على طرح أفكارهم وطموحاتهم واستبشارهم بتوسيع حراكهم الثقافي. وتعتقد أن عام 2014 شهد تميزا في الساحة الثقافية السعودية، من حيث منافسة المرأة القوية، وحماسها للمضي في تحقيق المزيد من الإنجازات، من خلال مشاركتها في الإصدارات والمحافل والمنابر الثقافية. ولفتت إلى أن عام 2014. شهد تنافسا شديدا للإبداع والنتاج المعرفي بين المثقفين في الأدب والمسرح والسينما والتصوير والفنون التشكيلية، حيث أخذت القفزات الثقافية تهيئ الأجواء للحصول على مزيد من جوائز المراكز المتقدمة. كذلك تعتقد الحكمي أن تواصل حضور المرأة السعودية على الصعيد العلمي والثقافي محليا وعالميا، يعتبر ذا أهمية ضمن الحراك الثقافي في المملكة، وشهد في الأعوام الأخيرة، حالة اطراد ونجاحات على الصعد الداخلية والخارجية، من خلال ملتقيات ثقافية وإصدارات ومعارض وتسابق في مضامير الإصدارات الفردية. ووفق الحكمي، تدعم الجامعات هذا الوهج الثقافي، مبينة أنها أصبحت محركا خطيرا للحراك الفكري بعد أن تنسمت مواقع متميزة في أدوارها. فهي منارات علمية وثقافية وأدبية يعول عليها الكثير، وهي مصانع توليد الازدهار المعرفي المقبل خاصة مع تنامي سعيها المنافسة على معايير الجودة. وبرأيها، تأتي وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات الثقافية والمنتديات الخاصة لتساند الجامعات. ولعل خير صورة لذلك تتبدى في المشاركات الخارجية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات في المؤتمرات الخارجية والمحلية، ومشاركات الأدباء والمثقفين على كل المستويات رسمية وخاصة في معارض الكتب العربية في الشارقة وأبوظبي والكويت وبيروت والقاهرة. كذلك تعتقد الحكمي أن الأيام الثقافية للمملكة العربية السعودية في ألمانيا في 23-9-2014 وتجسيد المشهد المعرفي في المجتمع السعودي للآخرين وما وصلت له الثقافة في المملكة من قفزات حضارية وجه آخر من الأحداث الثقافية البارزة. وترى الحكمي أن معرض الرياض للكتاب تميز من بين أحداث عام 2014، مؤكدة أنه جسد تظاهرة ثقافية حاشدة تبرز مستوى الوعي الثقافي لدى المواطن والمقيم في المملكة، ومشهدا حقيقيا لمن يعتقد بمغادرة الكتاب الورقي دائرة الاهتمام.