بمشاعر ارتفعت فيها روح ثورة 25 يناير وسيادة القانون، استقبل المصريون نبأ قرار النائب العام بحبس الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال 15 يوما على ذمة تحقيقات تجرى معهم في اتهامات تتعلق بالتحريض على الاعتداء على المتظاهرين أثناء الثورة، وهو ما اتفق عليه رجل الشارع المصري ومواقع ومنتديات الإنترنت بالأمس، وعلى الرغم من أن عددا كبير من المصريين أعلنوا تأييدهم للقرار، فإن عددا قليلا أبدى تعاطفه مع مبارك «الأب»، خاصة بعد نقله للمستشفى للعلاج إثر تدهور حالته الصحية. «سيكون يوم 13 أبريل (نيسان) 2011، يوما مشهودا في تاريخ مصر، إذ إنه اليوم الذي شهد حبس الرئيس مبارك ونجليه»، هذا ما عبرت عنه إحدى الموظفات المصريات لزميلاتها أثناء استقلالهن إحدى الحافلات العامة، بينما ردت عليها أخرى: «الظلم وقع على الشعب المصري لمدة 30 عاما، ويجب محاكمة مبارك في ميدان عام لأنه خان الأمانة التي كانت في رقبته». بينما يوضح نبيل حافظ، ويعمل حارسا للأمن، أنه على الرغم من تأييده الشديد لحبس نجلي الرئيس، فإنه يطالب بالرأفة نظرا لحالة الرئيس مبارك الصحية، قائلا: «رغم ما حدث فالرئيس له أيضا إنجازاته، ولا يجب أن نكون قاسين عليه، ولا أن نقوم بذبحه، فالتاريخ سوف يذكر الرجل بحسناته وسلبياته، ويكفي المهانة وحالة الذل التي يعيش فيها حاليا»، ويختتم كلماته بقوله «ارحموا عزيز قوم ذل». ويقول أيمن محمد حجازي، ويعمل بائعا متجولا للفول: «أنا لا أصدق خبر حبس الرئيس مبارك وأولاده حتى الآن، خاصة مع عدم استعجال محاكمتهم منذ رحيله، وعلى الرغم من ذلك أرى أن يكون مصيرهم هو الإعدام، فقد ارتكبوا مع غيرهم جرائم عديدة في حق المصريين، تجعلنا لا نعرف كيفية محاكمتهم حتى نشفي غليل الشعب المغلوب على أمره». ويضيف: «لو كان أمن الدولة قد وجه محاربته واضطهاده إلى هؤلاء السارقين والبلطجية لكان حال مصر قد تغير». ويعلق سيد محمد، حارس إحدى البنايات، قائلا: «أي إنسان فاسد وظالم من حقه أن يحبس، طالما لم يراع ضميره، وبذلك يكون عبرة لمن يأتي خلفه، ونجلا مبارك إذا ثبتت عليهما السرقة فمن المفترض أن ينالا عقوبتهما». وحول رأيه عن دخول مبارك الأب للمستشفى للعلاج بقوله: «دي حاجة بتاع ربنا». وقال على سعيد مصرفي بأحد البنوك: «نحن نثق بعدالة قضائنا ونزاهته، وحاليا مبارك مواطن مصري، وضده بلاغات واتهامات بالفساد، ومن حق الشعب أن يعرف الحقيقة». لم يختلف الحال على الإنترنت؛ فعلى موقعي «فيس بوك» و«تويتر» للتواصل الاجتماعي، انطلقت تعليقات أعضائهما المرحبة بقرار حبس مبارك ونجليه بشكل ساخر ولاذع، والتي تم تبادلها وتناقلها على مدار اليوم، من بينها «في السنة اللي قالوا فيها جمال هيبقى الريس.. حبسناه هو وأبوه»، و«مبارك قاعد دلوقتي مع علاء وجمال بيغني لهم: ماما زمانها جاية»، و«قل رئيس سوابق.. ولا تقل رئيس سابق»، و«سجن طره لو اتعمل مزار سياحي مش بعيد إيراداته تسدد ديون مصر»، «مبارك يكلف نظيف بتشكيل حكومة طرة»، بينما اقترح أحد الأعضاء تغيير اسم سجن مزرعة طره إلى «السجن الوطني الديمقراطي». وعلى صفحة «بورتو طره من أجلك أنت» على ال«فيس بوك»، التي أنشئت خصيصا لتحتفي بانضمام كبار رجال الحكومة السابقين إلى سجن «طرة» على خلفية اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع وإهدار المال العام، رافعة شعار الحزب الوطني (الحاكم) في ما مضى، فقد تسابق أعضاؤها البالغ عددهم 40 ألف عضو في كتابة التعليقات المختلفة التي صبت في تأييد القرار. بينما اتخذ البعض موقفا معتدلا مذكرا غيره بعدم الشماتة، فيقول أحد الأعضاء «مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الشماتة، حيث قال (لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك)»، بينما قال آخر «نرجو الحفاظ على الآداب العامة في التعليقات على الأخبار، وذلك حفاظا على أخلاق ثورة 25 يناير». ائتلاف شباب الثورة يعلن تعليق مليونية الغد.. ويطالب بسحب ترشيح الفقي إلى الجامعة العربية بلاغ للنائب العام يطالب بالتحقيق مع مسؤولي «العربية».. والقناة ترد: سعينا للحصول على مقابلة لكنه اعتذر القاهرة: عصام فضل بعد ساعات من قرار النائب العام المصري عبد المجيد محمود، حبس كل من الرئيس السابق، حسني مبارك، ونجليه جمال وعلاء، احتياطيا على ذمة التحقيقات في قضيتي قتل المتظاهرين والفساد المالي، أعلن ائتلاف شباب الثورة، أمس، تعليق المظاهرة المليونية التي كان يعتزم تنظيمها غدا، الجمعة، في ميدان التحرير، وإعطاء فرصة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومجلس الوزراء، لتحقيق بقية مطالب الثورة. وقال بيان ائتلاف الثورة إنه من بين المطالب التي ينتظر ائتلاف شباب الثورة تحقيقها خلال الفترة المقبلة إقالة المحافظين ورؤساء الجامعات، وحل المجالس المحلية، وحل جميع تشكيلات الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا)، وإعادة مقاره إلى الملكية العامة، ومنع أي محاولات للالتفاف على المطالبة بحله، وسحب ترشيح الدكتور مصطفى الفقي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية. وقال المنسق العام لحركة «شباب 6 أبريل» عضو ائتلاف شباب الثورة، أحمد ماهر، ل«الشرق الأوسط»: «إن الائتلاف سيتفرغ في الفترة المقبلة للحوار مع كل من مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، للإسهام في صياغة ملامح الفترة الانتقالية»، واصفا قرار حبس مبارك ونجليه بأنه «انتصار للثورة» وتأكيد إمكانية فرض إرادة الشعب. وأضاف: «سنركز في حوارنا مع المجلس العسكري ومجلس الوزراء على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ومشاريع القوانين المكملة للإعلان الدستوري». من جانب آخر، تعقد محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في عابدين، اليوم، الخميس، ثاني جلسات الدعوى المقامة ضد رئيس مجلس الوزراء، لإلزامه برفع اسم الرئيس السابق، حسني مبارك، وزوجته، سوزان مبارك، من جميع الميادين والشوارع والمدارس والمكتبات والجمعيات وكافة المنشآت العامة، واستبدال أسماء شهداء ثورة 25 يناير (كانون الثاني) بهما. وفي سياق آخر، تقدم 4 من المحامين، أمس، ببلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، طالبوا فيه بالتحقيق مع مسؤولي قناة «العربية» ومكتبها في القاهرة، على خلفية التسجيل الصوتي الذي بثته القناة للرئيس السابق مبارك يوم الأحد الماضي. وقال البلاغ الذي تقدم به المحامون ممدوح إسماعيل، وأشرف عبد الغني، وممدوح الشويحي، ومحمود الهواري: «أذاعت قناة (العربية) شريطا مسجلا للمواطن محمد حسني مبارك المتهم بصفته رئيسا سابقا لجمهورية مصر العربية باتهامات فساد وقتل لشعب مصر وخيانة للوطن، وقد تضمن الشريط إثارة للشعب المصري بجميع طوائفه ومحاولة من مبارك لإثارة الشعب وإحداث انقسام داخلي في الجبهة الداخلية وإثارة الشكوك في سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي فرض عليه الإقامة الجبرية، ومع ذلك استطاع أن يخترقها وينشر رسالته الصوتية التي تضمنت تهديدا للشعب وتأثيرا على القضاء بإظهار أنه بريء، في غير المكان المخصص للدفاع عن تلك الاتهامات التي حكم بها الشعب كله وخلعه على أساسها من رئاسة جمهورية مصر العربية، وقد سببت إذاعة التسجيل الصوتي في فتنة وبلبلة وثورة غضب شعبية هددت السلام الاجتماعي». وأشار البلاغ الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى أنه «يعاقب بالحبس كل من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشارات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة طبقا للمادة 102 مكرر من قانون العقوبات».واعتبر المحامي ممدوح إسماعيل في تصريح ل«الشرق الأوسط» «ما فعلته قناة (العربية) أضر بمصلحة البلاد وكاد أن يتسبب في فتنة بين الشعب والجيش، لذلك طالبنا بالتحقيق مع مسؤولي القناة، ومع كل من ساعد في وصول الرسالة المثيرة للفتنة التي أضرت بالمصلحة العامة للبلاد ومن أذاعها على القناة». من جهته، قال ناصر الصرامي مدير العلاقات العامة لفضائية «العربية» في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: لقد كان من المفترض على فريق المحامين الذي بصدد رفع دعوى قضائية على «العربية» أن يقول: «شكرا» لأن ما بثته «العربية» من خطاب الرئيس السابق مبارك سرّع في تقديمه إلى المحاكمة مع نجليه، وكشف أن «العربية» سعت إلى الحصول على مقابلة خاصة من الرئيس السابق مبارك على مدار شهرين، لكنه أرسل إلينا رسالة قصيرة بعد ذلك يعتذر بسبب الظروف، ومعها الشريط الصوتي الذي بثته «العربية».