قبل هذا قلنا إن الميزانية التي تعرضها الحكومة سنوياً ويتطاير الجدل بسببها ليست هي وحدها التي تقصم الظهر الحكومي وترهقه .. بل إن هنالك بنود صرف آخرى تفوق ربما مجمل الميزانية الحكومية وعددنا يومها حجم بنود الصرف تلك .. وهي في الحقيقة صرف على حكومات داخل البطن الحكومي. تساءلنا عن موازنة المؤتمر الوطني السنوية كم تبلغ ؟ وهل هي موازنة قابلة للمراجعة القانونية ؟ وهل هنالك حدود فاصلة بين الجيب الحكومي والجيب الحزبي؟ تساءلنا قبلا كم تبلغ ميزانية الاتحاد العام للمرأة في المركز والولايات؟ إيجار المباني وتأسيسها وصرف العربات وميزانيات التسيير؟ وكم تبلغ ميزانية الاتحاد العام للطلاب السودانيين في المركز والولايات .. مبانٍ وعربات وأموال تسيير؟ وكم تبلغ ميزانية الاتحاد الوطني للشباب السوداني ؟ وكم تبلغ ميزانيات مراكز الدراسات الإستراتيجية الحكومية؟ بالطبع لا أحد يمتلك إجابات شافية عن كل هذه الأسئلة ولا أظن أنه في مقدور أي صحفي أن يذهب إلى هذه المؤسسات ليسأل هذه الأسئلة وذلك أن الإجابة معروفة سلفاً.. (هذه مؤسسات حزبية خاصة ليس من حق الصحافة أن تسأل عنها) ولكنك عزيزي القارئ تستطيع أن تخمن حجم هذه الميزانية من خلال ما سربه بعض عضوية أمانة الطلاب بالحزب الحاكم للصحافة قبل يومين بأن أمانتهم الطلابية تستبدل السيارات بمبلغ 22 مليارا .. ما عليك إذن إلا أن تضرب هذا المبلغ في خمسة (اتحاد شباب + اتحاد عام طلاب + زائداً اتحاد مرأة + مراكز دراسات + أمانة طلاب الحزب الحاكم ) لتتحصل على قيمة فاتورة العربات في هذه الواجهات الحزبية ثم اجلس قبالة القبلة وتحوقل وقل حسبى الله ونعم الوكيل. هل عرفتم الآن من أين يأتي كل هذا الرهق الاقتصادي ؟ هل عرفتم لماذا ميزانية الصرف على الصحة لا تتجاوز أكثر من 3% والصرف على التعليم لا يتحاوز ال4% والصرف على الزراعة في بلد سلة غذاء العالم أكثر من 7% ؟. الغريبة أن أحد منسوبي الاتحاد العام للطلاب السودانيين سخر من الرأي العام الذي اشمأز من مثل هذا الصرف فكتب في صفحته أن طلاب المؤتمر الوطني قادرون عن طريق التبرعات بواحد جنيه على شراء طائرة إيرباص؟ ولكن هل هذا صحيح؟ هل حقاً أن طلاب الحزب الحاكم يتبرعون من جيوبهم لتوفير مصاريف نشاطهم؟ أم ان الأموال تأتيهم جاهزة من الحزب؟ هل حقاً مبلغ ال22 مليارا تبرع به طلاب الوطني؟ هذا مضحك ومثير للسخرية فإن كانوا قادرين على جمع مبلغ مثل هذا فلماذا لايزال أهلنا في دارفور يتقسمون في معسكرات النزوح ؟ لماذا لا يبذلوه في إعادة هؤلاء الضحايا إلى قراهم ؟ لماذا يتركوننا ننتظر عطاء الدول المانحة؟ لماذا لا يهرعون به الى مراكز غسيل الكلى المتعطلة؟ ألم أقل لكم إن المصيبة أكبر من المبلغ المذكور. الصيحة