تستقبل المحروسة رمضان هذا العام بإنتاج عدد كبير من المسلسلات يصل إلى أكثر 30 مسلسلا تلفزيونيا، بميزانية شارفت على المليار ومائة مليون جنيه مصري، أولها وأعلاها إنتاجا مسلسل "أستاذ ورئيس قسم" بطولة عادل إمام، ومسلسل "الكابوس" بطولة غادة عبد الرازق، ومسلسل "طريقي" بطولة شيرين عبد الوهاب، ومسلسل "ذهاب وعودة" بطولة أحمد السقا، ومسلسل "مريم" بطولة هيفاء، ومسلسل "لهفة" بطولة دنيا سمير غانم، ومسلسل "يا أنا يا أنتي" بطولة فيفي عبده وسمية الخشاب، ومسلسل "حارة اليهود" بطولة منة شلبي وإياد نصار. ميزانية المسلسلات وتشهد شوارع القاهرة في الأيام الأخيرة إعلانات مكثفة لهذا العدد الكبير الذي يدخل الماراثون الرمضاني، وتعدت تكلفة إنتاج هذه الأعمال الدرامية مبلغ المليار ومائة مليون جنيه مصري، حيث تخطت ميزانية مسلسل أستاذ ورئيس قسم 70 مليون جنيه، وراتب الفنان عادل إمام في هذا العمل يبلغ حوالي 35 مليون جنيه، وذهاب وعودة السقا 60 مليون جنيه، ونشرت وسائل الإعلام المصرية أجور الفنانين في هذه المسلسلات ويلي عادل إمام الفنان كريم عبد العزيز، ويتقاضى 20 مليون جنيه عن دوره بمسلسل وش تاني، وبذلك يتساوى مع هيفاء وهبي عن دورها في مسلسل مريم، ويتقاضى أحمد السقا نحو 18 مليون جنيه عن دوره في مسلسل ذهاب وعودة، وبذلك فهو يتساوى مع النجمة غادة عبد الرازق في مسلسل الكابوس، و17 مليون جنيه هو الأجر الذي تقاضاه أحمد مكي مقابل مسلسله المعهود، الكبير أوي، الموسم الخامس. أكبر مسخرة وينتقد عدد من الإعلاميين المصريين هذا الكم من المسلسلات في الشهر الكريم، وقال الكاتب الصحفي مجدي الجلّاد، رئيس تحرير جريدة "الوطن"، إنه ستبدأ أكبر "مسخرة" سنوية في تاريخ مصر مع بداية رمضان، وهي عرض المسلسلات التي تحتوي على كم هائل من المشاهد الساخنة في الشهر الكريم، وأضاف "الجلاد" أن رمضان هو شهر كريم وعلى المواطن أن يلتزم بصلاته، حيث إن رمضان له مكانة خاصة عند الله عز وجل، ورأى "الجلاد"، أن ما يحدث من عرض "مسلسلات إغراء" في رمضان وتكدس الشهر بالمسلسلات يعد جريمة في حق الوطن والعالم الإسلامي أجمع. وسائل إفسادية كما دعت تيارات إسلامية على رأسها السلفيون إلى عدم مشاهدة التلفزيون فى شهر رمضان، خاصة الأعمال الدرامية، كما دعوا إلى التفرغ للعبادات في هذا الشهر، فيما تناقضت ردود أفعال أهل الفن على هذه الدعوات حيث رفضها البعض، بينما اتفق معها فريق آخر، مؤكدين أن المسلسلات فى شهر رمضان تحتوي على مشاهد جريئة يمكن تأجيل إذاعتها بعد شهر رمضان. وبدوره حذر الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بمصر من مشاهدة المسلسلات في شهر رمضان المبارك، ووصفها ب"الوسائل الإفسادية"، مطالبًا بالتغلب على الشهوات خلال مدة الصيام التي تقرب من 16 ساعة. ودعا برهامي جميع المصريين لمقاطعة المسلسلات، والتركيز في العبادات خلال شهر رمضان المبارك، متعجبًا من انتشار الإعلانات على جميع الأعمدة في الشوارع، وخاصة الموجودة على الطريق الدائري، واستنكر برهامي غلق بعض القنوات الدينية، قائلًا إنها كانت منفذًا لبعض النصائح الدينية للمصريين، من ناحيته قال سامح عبد الحميد، القيادي السلفي، إن على المصريين أن يستعدوا لشهر رمضان بنفس همة ونشاط العاملين وعليهم عدم متابعة القنوات الفضائية خلال شهر رمضان. فيما قال عصام حسنين، القيادي بالدعوة السلفية، إن شهر رمضان جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله سُنَّة، وزمانه استجابة للدعاء، وعتقا مِن النيران، حري بالمؤمن الحريص أن يعزم عزمًا صادقًا على اغتنامه، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان أجود النَّاس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل. كما طالب حسنين أعضاء الدعوة السلفية بألا يقوموا بأي فعل آخر سوى الطاعة فقط، وأن يرفعوا شعار "مغلق للإصلاح" ويتجنبوا متابعة ما يغضب الله. يأتي ذلك في الوقت الذي رفض فيه عدد كبير من الفنانين وصف الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان ب"الوسائل الإفسادية"، مشيرين إلى أن تعميم القاعدة في أي شيء خطأ فادح، وجهل ببواطن الأمور، فيما اتفق عدد من الفنانين مع تصريحات "برهامي" واصفين الدراما التليفزيونية التي أصبحت تقدم خلال الفترة الأخيرة بالمفسدة الأخلاقية. الإبداع محل نقد وقال الفنان الكبير عزت العلايلي إن "برهامي" ليس نبيًا أو رسولاً، ينزل عليه الوحي كي يحرم ويحلل ما يشاء، موضحًا أن تعميم القاعدة خطأ فادح، فطوال شهر رمضان وعلى مدار سنوات كثيرة ماضية، كانت هناك العشرات من الأعمال الدينية التي تناولت سير الصحابة وعظمتهم في الإسلام، كما كانت هناك الأعمال التاريخية التي علمتنا التاريخ الديني والحضاري والإسلامي، هذا بالإضافة إلى الكثير من أعمال الدراما الاجتماعية التي ناقشت العديد من القضايا الشائكة، ووضعت لها حلولاً كي نتعلم منها. ولفت عزت العلايلي، إلى أنه بالفعل يرفض في الوقت نفسه وجود الأعمال الجريئة في رمضان، أو التي لا تتفق مع مبادئ الشهر الكريم، مؤكدًا أنه مع الإبداع أيا كان حتى ولو كانت له رؤية جريئة، ولكن مع عرضه خارج رمضان، مشددًا على ضرورة عدم المجازفة بأي أعمال غير مناسبة للشهر الكريم، حتى لا يكون الفن والإبداع المصري محل نقد للمتاجرين بالدين الإسلامي وتعاليمه، أما الكاتب فيصل ندا، فقال "أتفق تمامًا مع ياسر برهامي"، موضحًا أن الأعمال التليفزيونية أصبحت خنجرًا في قلب الشعب المصري، والمجتمع العربي بشكل عام، مشيرًا إلى أن شهر رمضان وعلى مدار السنوات الأخيرة، أصبح توقيتًا لعرض أعمال الدعارة والمخدرات، مؤكدًا أن خروج الفنانات بقمصان النوم عبر دراما رمضان يُحرض على فجور المرأة المصرية، ويساعد على تدمير عادات وتقاليد المجتمع المصري، مؤكدًا أن المهازل التي تصنع بحجة حرية الإبداع، تساعد على تدمير كل شيء جيد في المجتمع، خاصة بعد انتشار الأعمال التي هدفها المتاجرة بالإفيهات الجنسية، ومحاولة جذب الجمهور بأعمال جنسية خارجة، لا تقدم سوى "الهلس"، معربًا عن أمنياته في أن يخيب صناع الدراما التليفزيونية هذا العام ظنه، ويقدموا شيئًا هادفًا يستحق المشاهدة. برامج المقالب كما يشهد الشهر الكريم في مصر عرض عدد كبير من برامج المقالب التي يلتف حولها الناس، وتطورت هذه البرامج تطوراً سريعاً في السنوات الأخيرة من حيث التكلفة والتكنولوجيا المستخدمة والإمكانيات، ومن حيث الأفكار أيضاً، وخلقت بعض البرامج قدراً كبيراً من اللغط لأنها حاولت إبراز ردود الفعل لدى الممثلين والمشاهير. ويقول علي عجوة، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة: إن برامج المقالب غير ملائمة سواء فى شهر رمضان، أو غير رمضان، وتطور البرامج بتلك السرعة، ودفع مبالغ كبيرة فيها، نتيجة المنافسة الشرسة لتحقيق الأرباح، فأصبحت الساحة الإعلامية أشبه بالسوق التي تباع فيها البرامج وتُشترى، والقنوات الخاصة لا تهتم سوى بالعائد والأرباح، ولا تعير المحتوى أو المضمون أي اهتمام، ولذلك هم شركاء حقيقيون في تدمير الذوق العام، حتى أصبح الجمهور لا يهتم سوى بالتفاهات والماديات، ويضيف عجوة: "الحل الوحيد أن تقوم وسائل الإعلام بعمل نقد ورصد لبعضها البعض، حيث تتبنى هي عملية تُعرف ب«الفلترة»، وأن تطهّر نفسها بنفسها باستمرار، وأن تطرد العملة الجيدة العملة الرديئة، وتسليط الضوء على تلك السلبيات له أثر واضح في توعية الجمهور بخطورة جلوس أبنائهم أمام برامج المقالب، وسماعهم لألفاظ وتعبيرات خارجة، والمشاهد نفسه يتم خداعه أحياناً من خلال تمثيلية مدبرة بين الضيف ومعد البرنامج تظهر في صورة مقلب". اليوم التالي