الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا أول من اكتشف ترحيل الفلاشا وفاوضت الفرنسيين في اعتقال كارلوس..
نشر في الراكوبة يوم 23 - 07 - 2015

كنت الضابط العظيم بالاستخبارات العسكرية ليلة انقلاب الإنقاذ وأسهمت في وقف نزيف الدم
العمل في المجال الأمني مثير ومتجدد وبطبيعتي أحب المغامرة
أجبرنا قادة مايو على تنوير الضباط ب "عملية موسى"
إحساس الشباب بعودة الاحتلال من خلال الرؤساء العرب أسهم في التحاقهم بتنظيم "داعش"
حوار: عبد الهادي عيسى
في هذه السلسلة من الحوارات، نحاول أن نسلط الضوء على الجوانب الخفيَّة في حياة بعض الذين ارتبطوا لدى الذاكرة الجمعية للشعب السوداني بالإشراقات وربما الإخفاقات.
ونسعى من خلال ذلك إلى تتبع سيرة من أسهموا سلبًا أو إيجابًا في حركة المجتمع والسياسة، وبالطبع نهدف إلى تقليب أوراق حياتهم المرتبطة بالجانب العام، دون أن نتطفّل على مخصوصاتهم، حال لم تكن ذات علاقة مباشرة بالشأن العام. دافعنا في كل ذلك أن نعيد كتابة الأحداث والتاريخ، بعد أن تكشّفت الكثير من الحقائق المهمة، حول كثير من الوقائع التي أثرت في المشهد السياسي السوداني.
""""""""""""""""""""""""""""""""
أ - اللواء حسن ضحوي معروف كجنرال صارم وملتزم، لكن كثيرون يودون أن يتعرفوا على الجانب الآخر من شخصيتك؟
أنا من مواليد الخرطوم السجانة في 17 يناير1947م، درست الأولية في مدرسة المايقوما الأولية والوسطى بمدرسة الاتحاد الأهلية والثانوي مدرسة الخرطوم الثانوية القديمة، وحائز على دبلوم وماجستير العلوم العسكرية ودخلت الكلية الحربية مطلع العام 1968 وتخرجنا في اكتوبر1969 ولدي دراسة سنتين في جامعة القاهرة وأنا برتبة النقيب كلية القانون ولكن طبيعة العمل في الاستخبارات والسفر المستمر والعمل بالجنوب والانتداب لدولة الإمارات حال دون مواصلة الدراسة في القانون العسكري.
ب – بدأت حياتك العسكرية في القوات المسلحة ومنها لجهاز الأمن، كيف تم ذلك؟
بصورة تفصيلية أقول، إنني التحقت وأنا برتبة ملازم بالدفاع الجوي عطبرة، ثم خشم القربة لمدة عام واحد انتقلت بعدها للاستخبارات العسكرية في العام 1970م واستمررت فيها حتى العام 1996م وهذا يعني 26 عاماً فى العمل الأمني العسكري.
ت - تحولت للعمل الأمني بعد أن تشبعت بالعمل الاستخباراتي العسكري، أليس كذلك؟
تمت إعارتى لجهاز الأمن كنائب للمدير منذ العام 1990 وحتى 95 والمدير العام لمدة ثلاث سنوات ومدير الأمن الداخلي لمدة سنتين، ونافع علي نافع كان مدير الأمن الخارجي. وفي العام 96 رجعت مرة أخرى مديرًا للاستخبارات العسكرية وانتقلت بعدها لوزير دولة بالتخطيط الاجتماعي تعنى بالاشراف على المنظمات الأجنبية ومتابعة عملية شريان الحياة مع الأمم المتحدة وغير ذلك من الأعمال الإنسانية.
ث – ثم ماذا حدث بعد ذلك؟
ثمة تحول كبير في حياتي، حدث بعد تلك الفترة، فقد تم تكليفي بمنصب وزير دولة في التخطيط الاجتماعي. وأيضاً عملت مديراً للاستخبارات العسكرية، ومديراً لجهاز الأمن الداخلي، وأنا في المعاش اشتغلت مديراً لمركز السودان للقلب، وعضو المجلس التشريعي لمحلية الخرطوم لمدة ثلاث سنوات، ثم نائباً لمدير أكاديمية الأمن العليا لمدة ثلاث سنوات وحالياً أرأس لجنة الخبراء التابعة للمجلس القومي لDDR جمع السلاح وإعادة الدمج التي انبثقت من اتفاقية نيفاشا لللسلام.
جزء من حياتك أمضيته في العمل بالأنشطة الاجتماعية؟
جاءني أخوة كثيرون وطلبوا مني المشاركة في بعض الأنشطة المجتمعية. وتبعاً لذلك أصبحت رئيساً لجمعية أصدقاء مرضى القلب ورئيساً لجمعية الصداقة السودانية الأردنية ورئيساً لجمعية الدفعة 21 قوات مسلحة وسياسيا رئيساً لمجلس الشورى منطقة الشجرة، ورئيس لجنة تخفيف أعباء المعيشة بمحلية الخرطوم، ورئيس مجلس الأمناء لاتحاد شباب محلية الخرطوم، ورياضياً رئيس لنادي الشجرة وقبلها رئيس نادي العلمين وقد لعبت سابقاً في الدرجة الأولى مع فريق الأمير العطبراوي وقد كنت وقتها برتبة الملازم.
ح – حياتك الخاصة بها الكثير من التفاصيل الغائبة عن القراء، ونحن نود اطلاعهم على جزء منها كونك شخصية عامة
حياتي لا تختلف عن كثير من الناس، فأنا سوداني حتى النخاع، ولا أملك أي تفاصيل استثنائية على المستوى الخاص. وأنا متزوج ولدى اثنان من الأبناء وثلاث من البنات وأولادي الاثنان مهندسان والبنات واحدة مهندسة وطبيبة والصغرى تقرأ في جامعة مامون حميدة إدارة أعمال. وفي حفلة زواجي غنى الفنان عثمان حسين وتزوجت وأنا برتبة النقيب وكنت منتدباً في دولة الإمارات.
خ - خبرّنا عن أهم محطاتك العملية التي تنقلت فيها وكانت لك فيها ذكريات ومواقف لا تنمحي من الذاكرة؟
خلال عملي في الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن، تنقلت في العديد من المواقع الهامة والحساسة، وكنت شغوفاً بمهنتي ومحب لها، ومعلوم أن العمل في المجال الأمني مثير ومتجدد وأنا بطبيعتي رجل بحب المغامرة والتنقل والترحل ووجدت نفسي في مجال العمل الاستخباري والموضوعات التي عشتها في حياتي كانت منعطفات تهم مسيرة السودان.
د – دنياوات العمل الاستخباراتي والأمني مليئة بالمفاجآت المزعجة والسارة، فما هي أكبر القضايا العالقة بذهنك في هذا المجال؟
دعني أتحدث معك بصراحة شديدة وبثقة متناهية، أقول لك إنني أول من اكتشف حركة ترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل في منطقة كرساقو بالبحر الأحمر وقرية عروس وأول من كتب في هذا المجال. ومن القضايا الهامة أيضاً مسألة اعتقال كارلوس وقد كنت الضابط المفاوض للفرنسيين في مسألة اعتقال كارلوس.
ذ - ذلك ما كان عن موضوع ترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، فماذا عن انقلاب الإنقاذ، وأين كنت وقتها؟
ذاكرتي لن تنسى تفاصيل انقلاب 30 يونيو، وأذكر أنني كنت برتبة العقيد، وكنت الضابط العظيم بالاستخبارات العسكرية. والانقلاب بدأ حوالي الساعة 2 صباحاً وطبيعة الاستخبارات في حالة الانقلابات انها توصل المعلومات للجهات والاحتياط المدافع عن القيادة العامة وعن الوضع في السودان وكان معي حوالى ثلاثة أو أربعة من الضباط أقل من رتبة العقيد، وكنا "نبطشية" في ذلك اليوم ومنذ الساعة الثانية صباحاً وحتى السادسة صباحاً كنا ننقل المعلومات عن الحركة في المعسكرات ما بين القيادات الخارجية ورئيس الأركان ونوابه وكنا ننقل لهم مجريات وتطورات الأحداث.
ر – روايات كثيرة تداولها الناس عن انقلاب الإنقاذ، وهناك الكثير من المغالطات، فماذا تقول في هذا الجانب؟
رأيت بأم عيني الكثير من المشاهد، وكنت شاهدًا على كثير من المواقف، وأقول لك إن طبيعة الانقلاب كانت دقيقة جدصا وتم شل حركة المواصلات تماماً، تم قطع التلفونات الساعة 2 صباحاً وحتى الساعة 3 صباحاً، وسيطروا على المدرعات الموجودة في القيادة العامة والوحدات، وقد قاموا بفك المواصلات بعد الثالثة صباحاً وفي ذلك الوقت قد سيطروا على كل المعسكرات ماعدا المهندسين.
ز – زادت وتيرة العمل المناهض للانقلاب من بعض منسوبي القوات المسلحة، لكن مع ذلك لم تكن هناك مواجهات نارية مكثفة؟
زيادة العمل الأمني والاستخباراتي وتكثيفه وترتيبه بصورة جيدة، قلل من نسبة الخسائر، وكان هناك اثنان فقط من الشهداء أحدهما من مجموعة الانقلاب وهو طبيب في السلاح الطبي وحاول الدخول عبر السور وتم إطلاق النار عليه. والآخر حرس القائد العام للقوات المسلحة – حينها - فتحي أحمد علي، وقد قاوم عملية الاعتقال فتم إطلاق النار عليه ولكن طبيعة العمل الاستخباري قللت من الخسائر.
س – ساور الناس – يومها – الاحساس بأن الخرطوم في طريقها إلى الانزلاق إلى حمامات من الدم، لكن الأمور عادت لطبيعتها؟
ساعدت – بوصفي الضابط العظيم بالاستخبارات العسكرية – في أن يتفادى الجميع الاصطدام وأول بلاغ لي لضابط الاستخبارات العظيم لمنطقة الخرطوم ببداية الاعتقالات لمدير الاستخبارات وبعض القيادات وقلت له هذا مؤشر لانقلاب وعندما بدأ في إيقاظ الضباط وجد معظم الوحدات قد رحبت بالانقلاب ولأن الدعوة كانت عبر القيادة العامة وأنها هي التي استلمت السلطة وهذا بدوره جعل المصادمة تكون ضعيفة.
ش – شرع منفذو الانقلاب فوراً في الترتيب للأوضاع الجديدة، بعدما وجدواً ترحيباً من قادة الوحدات التي سيطروا عليها؟
شاءت الأقدار أن يكون انقلاب الإنقاذ بعد مذكرة القوات المسلحة التي تبين مدى حالة الإحباط التي وصلت إليها الوحدات العسكرية خاصة تجاه السياسيين في ذلك الوقت وهي حكومة الأحزاب بقيادة الصادق المهدي وقد كان الوضع ملائماً لقبول القوات المسلحة للتغيير.
ص – صبيحة الانقلاب مباشرة، تبيّن للكثيرين أن الانقلاب تقف وراءه الجبهة القومية الإسلامية، كيف تفادى الانقلابيون الغبن الشعبي حينها؟
صحيح أن كثيرين عرفوا هوية الانقلاب والجهة التي تقف وراءه في لحظات مبكرة، لكن الحركة الانقلابية كانت منظمة حيث قاموا بعمل اتصالات وقد صدرت تعليمات باعتقال القيادات السياسية من منازلهم ومدير الاستخبارات والنائب عمليات ورئيس هيئة الأركان وتحركوا تجاه الإذاعة فى وقت مبكر لإذاعة البيان وآخر الوحدات التي استسلمت كرري والمهندسين واستسلمت كرري بعد الرابعة صباحاً والمهندسين استسلمت السادسة صباحاً.
ض – ضباط سلاح المهندسين استفادوا من قربهم من العاصمة، وهيأوا أنفسهم لمقاومة الانقلاب، قبل أن يستسلموا لاحقاً، أليس كذلك؟
ضريبة العمل
ضم سلاح المهندسين في الصباح الباكر معظم قياداته، بعدما تم إخطارهم بالتغييرات التي طرأت على المشهد الانقلابي. فكان أن حضروا مبكراً والسبب أن ضباط المهندسين كانوا قريبين وعندما شعروا بهذه الحركة الانقلابية استدعوا قياداتهم وهي الوحدة الوحيدة التي استطاعت جمع كل قياداتها في الصباح المبكر وقاوموا في بادئ الأمر لكنهم في الآخر تفاوضوا مع الانقلابيين عندما شعروا بأن الانقلاب ناجح بنسبة أكثر من 90% وفي الآخر استسلموا للأمر الواقع.
ط - طبيعة العمل العسكري جعلتك تجوب مناطق كثيرة وتقوم بمهام كبيرة ومتعددة، فهل هناك مهمة خاصة تمنيت القيام بها؟
طوال مدة ال 26 سنة التي قضيتها في المجال العسكري، قمت بالعديد من المهام الكبيرة، ولكن أي ضابط استخبارات كان يتمنى أن يصل إلى رتبة المدير وقد وصلت مدير استخبارات من 95 إلى 97 لمدة سنتين بعد أن كنت معاراً لجهاز الأمن لمدة خمس سنوات، وقد كانت أمنيتي أن أكون مديراً لجهاز الأمن الداخلي باعتبارها وظيفة أكبر من مدير استخبارات وعادة إدارة الأجهزة الأمنية يعتبر هماً وطنياً ثقيلاً وهو عمل مرهق بدنياً وذهنياً ومنصب مدير جهاز الأمن الواحد لا يتمنى أن يظل بها لسنتين أو ثلاث وللأسف أنا ظللت ما بين الاستخبارات والأمن لمدة 7 سنوات وهي كانت من أصعب الأوقات لدرجة أن مراحل الدراسة لأبنائي لا أستطيع متابعتها والإنسان لا يتمنى أن يمكث فيها لفترة طويلة وهي من الوظائف المرهقة وبعدها تقلدت وظائف مدنية ووزير فقد كانت خفيفة علي جداً.
ظ – ظهر اسمك في العديد من العمليات الخاصة، والعمليات الكبيرة، فأي تلك المهام لا تزال راسخة في ذهنك؟
ظلال عملية ترحيل الفلاشا وما ترتب عليها من تداعيات، لا تزال عالقة بذهني. وأذكر أنني كنت – حينها - برتبة المقدم ركن في العام 1980 وحتى 1984م وقد بدأ النشاط بواسطة المخابرات الأمريكية واليهود في ترحيل الفلاشا من المناطق الحدودية الاثيوبية ومن داخل اثيوبيا والمعسكرات الحدودية مع السودان وعملوا على ترحيلهم بسيارات حتى مراسي البحر الأحمر ويوجد مرسى اسمه عروس قام بتأجيره اليهود لفترة سنتين تقريباً ورحلوا منه جزءاً كبيراً جدًا عن طريق السفن.
ع – علمنا أن لك دوراً ملحوظاً في كشف هذه العملية، كما تفضلت قبل قليل، فهلا فصلّت لنا في هذا الجانب؟
عملي في تلك المنطقة كان يتركز بصورة أساسية على مكافحة التهريب، لذا كشفنا حركة اليهود في هذه المراسي على اعتبار أن أحد واجباتي في منطقة البحر الأحمر هو مكافحة التهريب، وسياراتنا كانت تغطي حوالي 26 مرسى بالبحر الأحمر وقد كنا نصادف حركة اليهود وهم يرحلون ليلاً عن طريق السفن.
غ – غموض كبير يكتنف تلك الفترة، ولا زالت تلك الأحداث تحتاج إلى تبيان، فماذا أنت قائل في هذا المقام؟
غيّر الأمريكان واليهود طريقة ترحيل الفلاشا، عندما شعروا بوجود رقابة شديدة في منطقة البحر الأحمر، لذلك انتقلوا إلى مناطق جنوب بورتسودان في منطقة اسمها سمسم بالقرب من القضارف وذهبوا إلى مطار اسمه كرساغو بالقرب من جبيت ورحلوا منه أيضاً وقد كانت توجد طائرة أمريكية تقل المجموعات ومن ثم انتقلوا إلى مطار الخرطوم من صالة الحجاج لترحيل الفلاشا.
ف – فجّرت المحاكمات التي جرت لمحاكمة المتورطين في ترحيل الفلاشا الكثير من الحقائق وثبت أن العمليات تمت بتنسيق مع القيادة العليا للبلاد؟
فعلاً، بعد محاكمة الفلاشا اتضح بأن هنالك اتفاقاً بين الرئيس جعفر نميري وعمر محمد الطيب مع الأمريكان على ترحيل الفلاشا وقد كان اتفاقاً مدفوع الثمن وقد قاموا بوعدهم بإنشاء رئاسة للجهاز وطبيعة العملية وسريتها منعتهم من تنوير القيادات. وحتى القائد العام سوار الذهب كان لا يعلم بترحيل اليهود الفلاشا ولا حتى الاستخبارات، وقد كان يعلم بها فقط ضباط جهاز الأمن في ذلك الوقت.
ق - قادة تلك العملية تعمّدوا أن تتم في سرية تامة، وكانت في دائرة أمنية ضيقة؟
قام عمر محمد الطيب بتدبير العملية وتنسيقها وعندما قمنا بكشفها أحرجوا ووجدوا أنفسهم مضطرين لتنوير هيئة الاستخبارات وفي مستوى محدود جداً. وفي الآخر بعد الانتفاضة المسألة انكشفت واليهود الذين كانوا متواجدين في منطقة عروس انتقلوا إلى منطقة شمال محمد قول ونزلت لهم طائرة في منطقة منبسطة صالحة لنزول الطائرات بطبيعتها وأخذتهم إلى إسرائيل.
ك – كثيرٌ من الناس، تمنوا لو أنهم امتهنوا مهنة غير التي احترفوها، فلو لم تكن ضابطاً ماذا كنت تود أن تكون؟
كنت - قبل أن أقدم للكلية الحربية – أتمنى أن أكون مهندساً معمارياً، وعملت محاولة ثانية بعد أن قدمت للكلية الحربية ولكن تم قبولي بالكلية الحربية وفضلت الاستمرار فيها فقد كانت طبيعة الشباب في ذلك الوقت تجنح نحو الوظيفة السريعة وقد استسلمت للوظيفة العسكرية ولو لم أكن ضابط قوات مسلحة لتمنيت أن أكون مهندس معمار.
ل – ليتك حدثنا عن الراهن السياسي، وخاصة مستقبل الحوار الوطني، بعدما طوّفنا في الماضي؟
لدي قناعة راسخة بأن هذا الوقت يعد مناسباً لتنشيط الحوار الوطني وتوحيد رؤى السياسيين في الدولة، وينبغي الاتعاظ بما يجري من حولنا من تفكك وانعدام للأمن في العديد من الدول التي كانت متماسكة كالعراق وسوريا وحتى مصر يمكن ان تكون نموذجاً للتفكك، بعد ان استطاعت دول الغرب تعميق الأزمة في الدول العربية وصوّرتها وكأنها حروب دينية بين الشيعة والسنة.
م – ماذا تقول عن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وطه وعبد الرحيم والصادق المهدي وغازي والطيب مصطفى؟
من وجهة نظري أعتقد أن الرئيس البشير هو المناسب في الوقت الحاضر لحكم السودان، أما علي عثمان محمد طه فهو مفكر ولا يمكن الاستغناء عنه، وأما الفريق ركن عبد الرحيم محمد حسين فهو مبدع نشط وكإداري وأتوقع له النجاح في ولاية الخرطوم وهو فقد كبير للقوات المسلحة، وأما المهندس الطيب مصطفى فهو صاحب رأي قوي ونافذ ورأي شجاع ويفترض أن يكون في الصف الإسلامي لقيادة البلاد، وأما الدكتور غازي صلاح الدين العتباني فهو أيضا رجل شجاع وصاحب رأي ومثل يصعب تنازله عن بعض مبادئه وعدم المرونة أبعدته عن الساحة السياسية وأتمنى عودته أيضاً، وأما الإمام الصادق المهدي فهو رمز وطني لا يمكن تجاوزه وعلى الجميع العمل على إعادته للصف الوطني.
ن – نحى كثيرون إلى أن داعش تمثل الخطر القادم؟
مؤكد خاصة وأن الاحباط السائد وسط الشباب يصبح مدعاة لالتحاقهم ب "داعش" وسبب الاحباط هو استجابة الحكام لموجهات الغرب وهذا بدوره يزيد من نسبة الاحباط وكلما زادت نسبة الاحباط وسط الشباب سينضمون لداعش بحجة أنه الفكر الوحيد المعادي لأمريكا وإسرائيل.
ه – هل هناك وسيلة لإيقاف التحاق الشباب ب "داعش"؟
هناك عدة وسائل مثل إيجاد نقاش وسط الشباب الذين تم تجنيدهم لهذه المجموعات وأنا أعتقد بأن الطريقة السودانية هي الأنسب في مجالسة هؤلاء الشباب.
و – ولكن هؤلاء الشباب كثيرو الاعتداد بآرائهم؟
واحدة من الأسباب التي يمكن أن تقلل التحاق الشباب بتنظيم داعش هي تكثيف جرعة الحوار وكلما يتم اكتشاف خلية يجب الجلوس معهم والتقليل من اندفاعهم.
ي – يرى الشباب الذين يلتحقون ب "داعش" أنها نموذج لمحاربة الغرب؟
يقيني أن بعض الشباب يرون في "داعش" سبباً للخلاص من الاستعمار الغربي غير المباشر والذي خرج من الباب ورجع عن طريق الشباك عن طريق الحكام العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.