لم تعرف منطقة أبيي النزاع والصراع الذي يبدو عليه اليوم، إلا بعد اكتشاف النفط الهائل الذي تتمتع بها المنطقة، ومما ساعد على ذلك الخلافات السياسية التي صاحبت تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب التي وقعت عام 2005، اتفاقية لم يستطيع موقعوها تنفيذها وعلى وجه الخصوص بروتوكول واستفتاء أبيي الذي أصبح شبه مجمد في رئاسة الجمهورية. جهود ومحاولات بذلت على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي لإيجاد مخرج على الأقل للأزمة، إلا أنه ليس هنالك تقدم يذكر حيال تلك القضية مقارنة بالبنود الأخرى في اتفاقية السلام، مما دعا العديد من الساسة وأصحاب الرأي إلى القول بأن الأزمة لا تحل إلا بقرار سياسي يصدر من رئاسة الجمهورية يقر بضم أبيي إلى الجنوب، مع الحفاظ على حقوق قبائل المسيرية في الرعي والتجوال. تصريحات البشير الذي كان يخاطب أنصاره في ولاية جنوب كرفان بأنه إذا ما أراد الجنوب ضم أبيي وفقاً لدستوره الجديد فإنه لا يعترف بالدولة الوليدة، لم تلق استحساناً لدى العديد من قيادات منطقة أبيي، حيث يرى دينق أروب كوال رئيس إدارية أبيي أن تصريحات البشير قد تشجع قبائل المسيرية على استخدام العنف، مما قد يخلق عدم استقرار في المنطقة. وقال الدكتور شول دينق ألاك، رئيس منبر استفتاء أبيي، إن البشير يريد إجهاض الدولة الوليدة التي ستعلن قريباً، مضيفاً بأن جنوبية أبيي لا تحتاج إلى تفسيرات وتوضيحات، مشيراً بأن أبيي بعد التاسع من يوليو/ تموز ستكون جنوبية بقوة القانون والجغرافية والتاريخ والعرف. ويرى مراقبون بأن تصريحات البشير تلك جاءت في هذا التوقيت باعتبارها آخر ورقة ضغط يستخدمها المؤتمر الوطني الحزب الحاكم في الشمال للضغط على المجتمع الدولي لحسم ملف ديون السودان، إضافةً إلى حذف اسم السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب. ويرى آخرون بأن الشمال سيفقد أكثر من سبعين في المئة من البترول عقب الانفصال، وهذا مما قد يؤثر سلباً على اقتصاد دولة الشمال التي تعتمد بصورة مباشرة على النفط، لذلك لا بد من بدائل أخرى تدعم اقتصادها والتي تكمن في نفط أبيي المتنازع عليها. العربية أحزاب بجنوب السودان ترفض ضم أبيي مثيانق شريلو-جوبا أعلنت أحزاب في جنوب السودان رفضها ضم منطقة أبيي -الغنية بالنفط والمتنزاع عليها بين شمال البلاد وجنوبها- للجنوب في مسودة الدستور الانتقالي للدولة الوليدة بعد اجتماع عاصف دعا له رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الأربعاء الماضي. وكان الرئيس السودانى عمر البشير قد أعلن رفضه الاعتراف بدولة الجنوب في حال أقدمت الأخيرة على ضم منطقة أبيى ضمن دستورها الانتقالى. ومن المتوقع أن يصبح الجنوب دولة مستقلة عن الشمال في التاسع من يوليو/ تموز المقبل بعد أن أسفرت نتائج الاستفتاء عن رغبة الجنوبيين العيش في وطن مستقل. وقال رئيس حزب منبر جنوب السودان الديمقراطى مارتن إيليا، عقب انتهاء الاجتماع مع رئيس حكومة الجنوب، إن الأحزاب غير راضية عن التعديلات التي أدخلت في مسودة الدستور الانتقالى بدون مشاورتهم. وأبدى إيليا عدم موافقتهم بضم منطقة أبيى في دستور جنوب السودان إلا بعد إجراء استفتاء المنطقة، موضحا أن الأحزاب ستتقدم بجملة من المقترحات في الاجتماع الذي يعقد في جوبا هذه الأيام. انتكاسة وطنية وأشارت فقرة بالمادة الثانية من الباب الأول لمسودة الدستور الانتقالى لجنوب السودان أن منطقة أبيي -كما رسمتها محكمة لاهاى عام 2009– هي مشايخ دينكا نقوك التى حولت إلى كردفان عام 1915 وتعتبر جزءا من أرض الجنوب. ويرى الناشط المدنى أجو لول في حديثه للجزيرة نت أن رفض تلك الأحزاب لضم منطقة أبيي بدستور جنوب السودان يُعد انتكاسة كبرى للأهداف الوطنية وتراجعا بمستوى الخطاب السياسي ودليلا كافيا على أن تلك الأحزاب تتلقى الدعم والتأييد من شمال السودان لتقويض السلطة بدولة الجنوب. وأضاف لول "هذا يفتح الباب لنزاع جديد بين الشمال والجنوب" داعيا تلك الأحزاب أن تعي أن قضية أبيي هي موضوع يشغل الرأي العام في جنوب السودان. ويؤكد المستشار القانونى د. وليم أوطون للجزيرة نت أنه من الناحية القانونية فإن من حق الجنوب إدراج منطقة أبيي بالدستور الانتقالى باعتبار أن محكمة التحكيم الدولية حددت تبعية أجزاء واسعة من المنطقة لعشائر دينكا نقوك التي تتبع لبحر الغزال، وأن قرار التحكيم كان ملزما لجميع الأطراف. ويعتبر حزب المؤتمر الوطنى السودانى تضمين منطقة أبيي بدستور الجنوب الانتقالى انتهاكا لجميع الاتفاقيات. ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من قبل حكومة الجنوب حول هذا الموضوع. المصدر: الجزيرة