كما هو معلوم أن الولاياتالمتحدة الأميركية هي رابع أكبر دولة في العالم بعد روسيا والصين من حيث المساحة تقع في القارة الأمريكيّة الشمالية، وتبلغ مساحتها حوالي 10 ملايين كيلو متراً مربعاً، نظام الحكم فيها جمهوري دستوري رئاسي فدرالي. وتبعا لنظام الحكم المتبع في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو النظام الفدرالي، فقد تمّ تقسيم أمريكا إلى عدد من الولايات تبلغ الخمسين ولاية، تقع منها 48 ولاية ما بين المحيطين الهادي والأطلسي وهناك ولاية ألاسكا التي تقع في شمال غرب القارة الأمريكيّة الشمالية على الحدود الشمالية الكنديّة، بالإضافة إلى ولاية هاواي التي تقع في المنتصف من المحيط الهادي. أما عدد ولايات السودان بعد الانفصال 17 ولاية غير أن الحكومة الدستورية الأسطورية بخلاف الولاياتالمتحدة تضم الرئيس ونائبيه وخمسة مساعدين وأكثر من 31 وزيرا و37 من وزراء الدولة ثم الولاة بعدد الولايات التي تتوالد ونوابهم وأجهزتهم والمئات من المعتمدين ونواب المعتمدين والموظفين الإداريين الكبار . ورغم كل هذا الجيش الإداري والتنفيذي والحكومة عاجزة عن توفير ابسط الخدمات للمواطنين من مياه وكهرباء وعلاج وتعليم وغذاء وأمن وهي من أبجديات مهام أي حكومة في العالم علما بأن حكومات العالم التي نالت استقلالها بالتزامن مع السودان تجاوزت هذه المهام منذ زمن طويل لما هو أكبر . أما المفارقة تكمن في أن عدد الوزراء في الحكومة الأمريكية التي يبلغ حجم اقتصادها 16 تريليون دولار أي انه (أكبر اقتصاد) في العالم هو 14 وزيرا فقط رغم أن عدد ولاياتها خمسين ولاية كل ولاية مساحتها بحجم دولة. ويبلغ عدد الوزراء في اليابان التي تجاوز حجم اقتصادها 6 تريليون دولار (ثالث اقتصاد) في العالم 14 وزير أيضاً وينص الدستور الياباني على أن أقصى عدد هو 17 وزير. المسؤولون المعينون في الحكومة السودانية هم نفس الوجوه التي حكمت لأكثر من عقدين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر دون أن يحققوا أي من الإنجازات بكل هذا الجيش الجرار الذي استنزف موارد البلاد من مرتبات ومخصصات ويكفي النظر فقط للفصل الأول من الميزانية المعلنة لمعرفة الخلل والنظر لأزمة المياه لمعرفة حجم الفشل ولا أحد يتقدم باستقالته لفشله . في بريطانيا لمجرد الفشل في تحقيق نتيجة انتخابية مرضية أعلن زعيم حزب العمال إد ميليباند عن استقالته من منصبه كرئيس للحزب بسبب إخفاق الحزب في الانتخابات.. كما أعلن نيك كليغ زعيم الحزب الليبيرالي الديمقراطي استقالته من رئاسة الحزب بسبب التراجع الكبير في عدد المقاعد الذي حصل عليها حزبه في الانتخابات.. واستقال نيجيل فاراج زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة بعد خسارته لنحو 2800 صوت أمام المحافظين. . قدم رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية باري أوفاريل استقالته من منصبه، بعد أن ظهرت معلومات تفيد بأنه قبل زجاجة نبيذ هدية يصل ثمنها إلى 3000 دولار أسترالي . أدب الاستقالة في الحكومات والأنظمة الديمقراطية حافل بمثل هذه المشاهد التي تعزز احترام قيمة الانسان وقيم الشفافية وهي ثقافة منعدمة تماما تقابلها ثقافة تفشي الفساد الإداري والمالي والتعيينات الإدارية العشوائية لأناس غير مؤهلين تستنزف الموارد وتوسع من دائرة إهدار المال العام وتضاعف من حجم الأزمة. أما في بلادنا تعتقد الحكومة وجيشها الجرار من المسؤولين العاطلين أن الشعب يجب ان يكون في خدمتهما وأن يعمل على اقتطاع وتوفير الموارد المالية اللازمة من قوته الضروري لتيسير سبل الحياة الرغدة وتوفير الامتيازات اللائقة والسيارات الفارهة لمن يتم تعيينهم من محاسيب السلطة بغض النظر عن جدوى التعيين او مؤهلات من تم تعيينه وبغض النظر عن عجزه في أداء مهامه دون تسجيل سابقة لأي مسؤول بأنه استقال لأنه فشل في أداء واجبه لأي سبب بل أنه قد يقيم مأتما أو مناحة إذا استبدل لاعتبارات شكلية . هل السودان في حاجة إلى كل هذا الجيش الجرار من الوزراء والمسؤولين الذي حقق اعلى درجات الفشل الإداري والتنفيذي وفشل في توفير ابسط الخدمات للمواطنين ؟ أم أن الولاياتالمتحدةواليابانوبريطانيا بكل مواردهم الاقتصادية وما حققوه من رفاهية لشعوبهم لم يرتقوا لفهم نظرية الحزب الحاكم في فلسفة الحكم في السودان . [email protected]