ليس من الصعب على المشتغلين في مجال الثقافة والفنون مقابلة النجوم والمشاهير في هذا المجال، خصوصاً وبيننا وبينهم (دهاليز) مشتركة تجعل من الطبيعي اللقاء بهم والحديث معهم سواء كان على صعيد العمل أو من باب العلاقات الانسانية.. لكن في الآونة الاخيرة أصبح من الصعب الاصطدام بنجم معروف إلاّ مع سبق الاصرار والترصد.. وبالضرورة ليس الأمر «برستيج» من هؤلاء النجوم.. وأخص نجوم الدراما الذين دائماً يترددون على الاذاعة والتلفزيون وبيتهم بالمسرح القومي.. وقد لا يصدق الكثيرون ان اسماء معروفة من أهل الدراما والمسرح لزمت منازلها لتوقف انشطة الدراما بالكامل وان (90%) من أهل الدراما (عطالة).. فبعد ان كانوا يعملون في المواسم فقط.. أًصبح غيابهم حتى عن تلك المواسم امراً عادياً.. وقبل ان يفتقدهم الجمهور في رمضان كما هي عادتهم.. افتقدتهم الميادين التي كانوا حضوراً فيها.. ويبدو انهم ودرامتهم كانوا أول ضحايا الازمة المالية التي ضربت على الأجهزة الاعلامية المملوكة للدولة وغير المملوكة.. حيث يشكو التلفزيون القومي من التكلفة الباهظة للدراما وعلى حسب تصريحات سابقة لمسؤولين بادارة الدراما بالتلفزيون القومي فان المسلسل السوداني يكلف ما قيمته (20) مسلسلاً مصرياً.. وإذا كان المسلسل المصري يكلف (ملياري) جنيه مصري فان عائده اضعاف ما صرف عليه.. يعكس المسلسل السوداني الذي قد يكلف نصف مليار ولا يأتي بعائد لأنه يفتقد للتسويق.. ومن هذا المنطلق رفع التلفزيون يده عن انتاج الدراما المحلية.. وقلصت الاذاعة السودانية مساحة الدراما التي كانت ممتدة طولاً وعرضاً على خارطتها البرامجية الى (1%). ولعل تعقيدات الانتاج والديون هي سبب رئيسي في ايداع أحد نجوم الدراما المسرحية والفاعلين والحريصين على استمرارها عبر الانتاج الذي ادخله في ديون بلغت (150) مليوناً لصالح احدى شركات الانتاج ولم يفلح حتى اتحاد الدراميين في اخراجه من السجن الذي غادره الاربعاء الماضي.. ويرى عدد من أهل الدراما ان سبب ازمتهم الرئيسية هم مخططو سياسات الدولة في مجالات الثقافة والفنون وواضعو ميزانيها، الذين لا يملكون الإرادة للنهوض بالدراما وتسويق الانتاج الدرامي على انه يمكن ان يساعد في دفع حركة الحياة والتنمية البشرية للأفضل.. اضافة الى غياب شركات الانتاج المتخصصة التي انتهت وانهت معها اصحابها بل واودعت عدداً منهم في السجون واسدلت الستار على جهات كانت تشاطر الاذاعة والتلفزيون هم الانتاج الدرامي. أما قلة الأجور، والرقابة على الانتاج الدرامي التي اخذت زبدة الاعمال السودانية والتقنيات الحديثة، وعلى اهميتها غض الممثل السوداني الطرف عنها ولم يعتبرها أزمته.. الى ان توالت عليه الضربات التي اقعدته في المنزل متفرجاً على الآخرين ومتحسراً على حاله. الممثلة القديرة فائزة عمسيب قالت ل (الرأي العام) إنهم نجوم غائبة.. فهي (مركلسة) في منزلها لا تبارحه إلاّ نادراً.. لأنه بحسب قولها.. لا توجد مواسم مسرحية والتلفزيون لم يسدد استحقاقاتهم منذ ثلاث سنوات والاذاعة قلصت برامج الدراما.. صمتت وقالت حالنا لا يوصف.. الدولة ليس لديها المال لتشغيلنا وموسم رمضان الذي تظهر فيه النجوم لا أنا ولا غيري لدينا فيه عمل.. وقالت انها بدأت جادة في التفكير في مهنة اخرى وان استمر الحال كما هو عليه ستشرع في استخراج شهادة صحية لبيع اي من المأكولات أو المشروبات. المسرحي محمد شريف علي عندما سألته عن اسباب غيابه. قال ضاحكاً.. اسباب جفاك!! وقال الحال واقف.. لا شيء.. لا شيء وظل يرددها صمت برهة وقال (حالنا مثل حال السوق واقف) لا يوجد شيء جاد في الحركة المسرحية.. ولا يوجد ما يمكن فعله.. وننتظر النهاية حتى نقول قولنا). وواصلت الممثلة القديرة بلقيس عوض اسباب الغياب بإنهم موجودون تحت ظل الشجر (بنتونس)، وقالت إنها محبطة جداً مما آلت إليه اوضاعهم.. فكانت نصف الدراما السودانية (بالحلومر) لأنه تظهر بالتزامن معه فقط في شهر رمضان.. وتقبلوه كواقع إلاّ أنه وفي السنوات الخمس الاخيرة حتى الحلو مر اختفى.. وقالت ان السبب في كل ذلك التلفزيون الذي يريد ان يقتلع ويخرب الهوية السودانية. وقالت إنه جهاز الدولة الذي ندفع له الضرائب ولا يقدم لنا شيئاً.. ويضيف نجم الدراما السودانية (الغائبة) الكندي الأمين.. على الرغم من ان شهر رمضان على الابواب إلاّ أنهم (ما شغالين)، لأن التلفزيون لم يسدد القديم، والاذاعة قلصت البرامج الدرامية من (80%) إلى (1%) وقال ان الاذاعة بينهم لوطلبتهم بدون اجر لاجابوها بدلاً عن تكرار المسلسلات واعادتها فالاذاعة بدون دراما حسب قوله لا تسوى شيئاً!! أما المسرح فهو يغط في نوم عميق. واضاف النجم ود الفادني ان الحركة المسرحية عموماً متوقفة إلاّ ان بعض الافراد وهو من بينهم يحظون بفرص عمل كفلت لهم البقاء والظهور عبر منافذ وان كانت ضيقة. الرأي العام