مونتيفيدو - كارلوس كاستيلوس - تومض عينا ريتشارد فارينا وهو باحث من أورجواي عندما يقول إنه " متفائل بشكل يستند إلى العقل " بأنه سيكون قادرا على تقديم دليل علمي على وجود البشر في الأمريكيتين منذ 29 ألف عام مضت من بقايا الحيوانات وجدت في منطقة زراعية بأوروجواي وهذا الدليل سيدعم نظرية لم تقبل بعد في الدوائر العلمية الدولية، والتصور السائد هو أن تواجد الإنسان في قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية يرجع إلى ما بين 12 ألف إلى 14 ألف عام فقط، وأجريت دراسات في البرازيل وشيلي تتحدى هذا التصور غير أنها لم تلق القبول بعد. والفريق الذي يقوده الباحث فارينا على قناعة بأن الأبحاث التي يجرونها ستؤدي إلى إعادة النظر في التصور السائد حول الاستيطان البشري للأمريكيتين إلى جانب أنه " ينبغي شرح هذا التواجد البشري الذي يعد أكثر قدما بكثير مما هو معتقد ". ويحتفظ فارينا بمكتبه في قسم العلوم بجامعة أوروجواي التابعة للدولة بالعاصمة مونتيفيدو بكميات من العظام التي تم العثور عليها في منطقة زراعية بالقرب من قرية سوسي بإقليم كانيلونس الذي يبعد عن العاصمة بمسافة 40 كيلومترا. ومع ذلك فهو يخفي صندوقا صغيرا ويحرسه بحرص حيث يحتوي على ما يصر على أنه الدليل العلمي الذي يثبت نظريته. غير أنه يرفض الإعلان عن محتويات الصندوق حيث أنها ستصبح أقوى حجه لديه لإقناع المجتمع العلمي الدولي وذلك بعد الانتهاء من عملية التحقق والنشر. ويعاون فارينا فريق يضم مجموعة من الطلاب والطالبات الشباب، ويقول إنه يجري أبحاثه منذ عام 1997 في قاع جدول مائي يجف في فصلي الربيع والصيف في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، ويسمح لعلماء الحفريات بأن يعملوا هناك خلال الفترة بين أيلول/ سبتمبر وآذار/ مارس. ويوضح فارينا أن فريقه عثر على حقل يحتوي على الكثير من بقايا الحيوانات الضخمة التي كانت تعيش في المنطقة منذ أكثر من 30 ألف عام، وتوجد عينات كثيرة من أحد أنواع الكائنات الحية وممثلون عن أنواع أخرى من بينها حيوان الجليبتودونت وهو من الثدييات وجمجمة التوكسدون وهو حيوان ضخم منقرض من آكلي العشب وحيوان يشبه الخرتيت وفرس النهر ولكنه لا يمت لهما بصلة وعشرات من العظام. وتم جمع نحو 200 قطعة ولا يزال هناك الكثير تحت الأرض ينتظر الكشف عنه. ويقول فارينا إن فريقه استخرج كل شيء لتتكون له صورة كلية، وإنه وفقا لوضع العظام سنعلم ما إذا كانت هذه الحيوانات قد ماتت بشكل طبيعي في منطقتها أو في مكان آخر وسحبها تيار الماء إلى هذه المنطقة أو إذا كانت تعرضت للصيد من جانب أحد. ويشير فارينا إلى أنه إذا كانت العظام قد ترسبت في هذه المنطقة بفعل تيارات النهر لكانت متجهة قبالة اتجاه معين غير أن وضعها ينم عن الفوضى ويقول إنه مع ذلك فإن ما هو أكثر أهمية واستحقاقا للملاحظة هو أن " الكثير من هذه العظام عليها علامات تقود العلماء بناء على الدراسات المبدئية إلى عدم استبعاد بأنها نتجت عن أدوات استخدمها البشر ". ويضيف فارينا إن هناك بعض " الأجزاء " التي تشجع على التفاؤل بإمكانية التحقق من نظريته ومع ذلك فإنه يستدرك بسرعة قائلا إنه " حتى الآن هذا هو كل ما أستطيع قوله، ولا أريد أن أقول الآن ما يجب أن أقوله في وقت لاحق ". وتم النشر عن الأدلة الخاصة بالعظام التي تحمل علامات تشير إلى أن الحيوانات ربما تعرضت للذبح من خلال مقالات علمية، ويقول فارينا أن العلماء يعتقدون أن هذه العلامات من صنع الإنسان بسبب الشكل الطبيعي للعظام واتجاهات القطع الذي تعرضت له إلى جانب وضع العظام داخل التربة. وتجرى الأبحاث للتأكد من من نوعية الأدوات التي استخدمت لإحداث العلامات في العظام وإذا ما كانت هذه الأدوات حادة أو مستخدمة في القطع أو تنتمي لنوعية أخرى ويصيح فارينا مؤكدا أن هذا هو اكتشاف عمره. ويشير فارينا إلى أن علم الحفريات هو عمل حياته ومهنته بل إنه يكرس ماله الخاص للإنفاق على الأبحاث المتعلقة به. ويقول إنه من حسن حظه أن زوجته تعمل أيضا باحثة في مجال الحفريات وهي تتفهم طبيعة عمله، وإنهما يتحدثان عن مسار العمل عندما يكونان بالبيت بينما يتحدثان أحيانا عن شئون الأسرة أثناء تواجدهما في موقع العمل إلى الدرجة التي تنمحي فيها الفواصل بين الحياة المهنية والخاصة. ويتوقع فارينا أن يسمع سريعا أنباء طيبة عن تفهم اكتشافاته، وهو حريص عند الكشف عن تفاصيل أبحاثه لأن العلم ليس فقط مجرد مناظرة تتضمن مجموعة من الأفكار المنطقية ولكنه أيضا قتال ضد الأشخاص المتحيزين فكريا على حد قوله. ويضيف إنه لكي تقنع هؤلاء الأشخاص فإنك تحتاج إلى كومة من الأدلة القوية للغاية، معربا عن أمله في أن تكون الأدلة التي يجمعها كافية حتى يرى الكثيرون أن نظريته ممكنة. ولكي تقر الدوائر العلمية الدولية البحث يجب أولا إتباع عدد من القواعد العلمية الخاصة بالأبحاث. وفي حالة عدم الموافقة على نظريته فإن فارينا سيسعى للحصول على مزيد من الأدلة على حد قوله، ويضيف إنه يعتقد حقيقة هذه المرة أن تأثير هذه النظرية سيكون كبيرا جدا.