لا أريد الخوض في الحيثيات التي دفعت وزيرة الدولة بالعدل تهاني تور الدبة للاستقالة، ولا الضغوط التي تعرضت لها من الرأي العام، ولا سوء الطالع الذي أوقعها في هذه الأزمة، المهم في تقديري أن الوزيرة وصلت لقناعة بوجوب ترك الوزارة لتفادي المزيد من استفحال الأوضاع، هذا التوجه في هذه المرحلة يعتبر فعلاً توجبه وتمليه الشبهات التي حامت حول ضلوعها في استغلال السلطة والنفوذ، ومحاولة التأثير على سير العدالة بحضورها شخصياً لقسم الشرطة وانتظار الإفراج عن ابنها، في كل الأحوال فإن شخصية الوزيرة بعد هذه الأزمة لن تكون مثل شخصيتها قبلها، وأدائها لن يكون نفس الأداء.. لعل الجميع يتذكر استقالة وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة الأستاذة أميرة الفاضل، الوزيرة دفعت باستقالتها لأسباب إنسانية صرحت بها للإعلام وهي التفرغ لرعاية والدتها، لا أحد يجهل أنها تعابير ناعمة عن استياء الوزيرة من تدخلات نافذين في عمل الوزارة لاسيما التصرفات المالية في موارد الصناديق الاجتماعية، قبلت استقالة الوزيرة لظروفها الإنسانية، رغم أن الدولة كان يمكن أن توفر لها من يرعى والدتها وهي كانت تستطيع أن تستأجر من يقوم بالرعاية، الحقيقة أن الأستاذة أميرة الفاضل أيقنت بتعذر إصلاح حال الوزارة والصناديق التابعة لها بسبب تدخلات النافذين والذين لا يرد لهم طلب، فنأت بنفسها عن تحمل أفعال غيرها، الحكومة أضاعت فرصة كبيرة لإرساء أدب الاستقالة لأي سبب، أو من غير سبب! الحكومة لم تتعامل بالجدية الكافية مع استقالة وزيرة الدولة بوزارة العدل لاسيما وأن الأمر لا يتعلق بسوء التقدير أو الإهمال في الوظيفة العامة، فهو يتعلق باستغلال السلطة والنفوذ فقط لمجرد وصول الوزيرة لقسم الشرطة ومقابلة وكيل النيابة، وبعد هذا لا يمكن التعويل على سلطة النيابة التقديرية في الاشتباه والاتهام وإعمال سلطة القبض وفقاً للمبدأ القانوني المتهم برئ حتى تثبت إدانته، من حق الوزيرة أن تتمسك باستقالتها، ونحن ندعم هذا الحق ولا أحد يستطيع إجبارها على التراجع عنها كما أن رفض السيد رئيس الجمهورية للاستقالة لا يعني أن تقبل الوزيرة بالتراجع عنها، ليت الوزيرة تتمسك بحقها فى الاستقالة. الجريدة