د. أمل البيلي وزيرة الرعاية بولاية الخرطوم دعت مواطني الولاية للزراعة داخل منازلهم لتوفير احتياجاتهم الضرورية من الخضر والفاكهة، الوزيرة أكدت أن نسبة الفقر بالولاية أعلى من المعدل الرسمي المعلن، الوزيرة شككت في الإحصائية التي أعلنتها الإدارة العامة للإحصاء حول نسبة الفقر بالولاية مؤكدة أن نسبة (26%) التي تم إعلانها غير دقيقة، وقالت: (نحن لم نعترف بهذه النسبة في حينها لأن نسبة الفقر بالولاية أكبر بكثير من هذه النسبة، الوزيرة قالت (إن الفقراء في الخرطوم لا يملكون القوت داخل منازلهم ويقطنون في الأطراف مما يترتب عليه أعباء أكثر لاحتياجهم للمواصلات)، بهذا التصريح فإن الوزيرة اتفقت مع السيد صديق الشيخ رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم في دعوته للأسر لتربية الأغنام والحمام والدجاج بالمنازل لتحقيق الوفرة وتخفيف حدة الفقر، السيد رئيس المجلس التشريعي ووزيرة الشؤون الاجتماعية اتفقا في تشخيص المشكلة والاعتراف بها ولكن ربما اختلفا في وصف الحل، أو لعل الحل الذي قدمته الوزيرة يتعارض مع الحل الذي اقترحه السيد رئيس المجلس التشريعي، وذلك يذكر بقصة (المراكبي) الذي طلب منه أن يوصل لضفة النهر الأخرى (خروفاً، وأسداً، وبرسيماً)، واشترط عليه أن يحمل في كل مرة أحد الثلاثة بحيث لا يأكل الأسد الخروف، ولا يأكل الخروف البرسيم، ونجح المراكبي رغم التعقيدات في (الغلوتية)، إلا أننا لا نرى فرصة لتربية الأغنام والحمام والدجاج وزراعة الخضر والفاكهة في مكان واحد حسب اقتراح السلطة التنفيذية والتشريعية وعليهم إدارة (حوار بناء) بغرض الاتفاق على حل واحد، الغريب أن هذا الأمر على أهميته لم يحظ بلجنة من لجان الحوار.. ما يصعب فهمه أن السيدة وزيرة الرعاية الاجتماعية لا تمتلك معلومات عن فقرائها، ولا عن سكناهم ولا شكل بيوتهم، ولو كلفت نفسها وطلبت معلومات من الإسكان أو التخطيط العمراني، لأدركت أن معظم الفقراء يسكنون في بيوت تتراوح مساحاتها ما بين (200) إلى (300) متر مربع، ولعلمت أن أي بيت منها فتحت إحدى غرفه على الشارع ليكون (دكاناً) يدر للأسرة بعض المال، ولعلمت أن فناء المنزل هو (منامة) الفقراء، ينومون في (الحوش) إما لاكتظاظ المنزل أو لعدم وجود كهرباء أو مراوح، ولاشك أنها ستعلم أن معظم هذه البيوت هي من دون ماء ولا كهرباء، وأن شرابهم بعربة الكارو، ولا شك أنها كانت ستدرك أن منهم المستأجرين وربما لا يرضى مالك البيت بالزراعة فيه أو تربية الحيوانات، وهل قامت السيدة الوزيرة بدراسة تأثير الزراعة على المباني التي هي في الأغلب من الطين، واطمأنت على سلامة (المراحيض) وعدم تعرضها للانهيار، وربما لا يفوتها أن تدرس إمكانية زيادة توالد (الذباب) والحشرات والعقارب والثعابين، وربما عقدت ورشة لدراسة تكلفة المياه اللازمة لهذه الزراعة وتأثيرها على خطة مياه ولاية الخرطوم في توفير مياه الشرب التي تعاني أصلاً من انقطاع شبه دائم، وقطعاً ستصل الوزيرة إلى أن مقترحها غير قابل للتنفيذ فضلاً عن أنه سيخلف مشاكل عديدة بين المواطنين، وأولى آثاره المدمرة ستكون إهدار المياه الصالحة للشرب على ندرتها في مشروع لا طائل من ورائه ولا ينم عن خيال أو تتخطيط، وهو يكشف بوضوح كيف يفكر المسؤولون في بلادنا، ربما لو اقترحت الوزيرة أن يتبرع أصحاب المنازل و(الحيشان) الكبيرة باستضافة الفقراء في حدائقهم الواسعة لزراعة الخضروات والفواكه حيث تتوفر المياه، ولعلها تبدأ من عضوية المؤتمر الوطني وأثريائه لأصبح الاقتراح مقبولاً شكلاً، لا شك أن المسؤولين يعانون من نضوب الأفكار وقلة الحياء، يكررون حلولاً مضحكة لمشاكل كبيرة وخطيرة لا يمكن حلها بشوية دجاج وخضروات، المواطن الذي يشقى من (علاما .. لي.. ضلاما) لو كان يرى هذا معقولاً لما انتظر عبقرية مقترحات الوزيرة ورئيس المجلس التشريعي، لعلم السادة المسؤولين فإن الكثير من الأسر تزرع أشجاراً مثمرة وأشجار الظل وهو السبب الرئيس في تحسين درجات الحرارة والمحافظة على البيئة، هذه المقترح على استحالة تنفيذه سيحول الخرطوم إلى مزرعة كبيرة تعج بالحيوانات والحشرات والذباب فتزداد اتساخاً على اتساخ وهو فكرة فطيرة لن تحل مشكلة الفقراء. الجريدة