** إلى حد ما يمكن القول أن محاورة الدكتور أمين حسن عمر مغامرة صحفية، فهو كثيراً ما يمارس قسوة وتهكما على الأسئلة، وينحو إلى تغطية الإجابات بغلالة فلسفية، وفي الوقت نفسه يصعب حمله على الاعتراف، أمين لا يحب الاعترافات التي تشف عن روحه، ولكنه هذه المرة كان مزاجه جيداً، يمكنني أن أقول ذلك، إذ أن فكرة الحوار نفسها تحلق في فوق أشواقه الخاصة، وتتكئ على مظلة رمضانية، كان ضيفي يفضل الحديث حول قضايا فقهية، غالباً ما تستغرقه، وعندما لا يرغب أمين في الكلام والمحاججة السياسية فنحن بصدد مرحلة جديدة .. حسناً، من هنا كانت البداية، ومن قبل كان الرجل غارقاً في وحل الملف الدارفوري، ولكنه مع الرهق الذي بدا في عينيه، لم يغادر محطة الدفاع عن النظام، بإستماتة عرف بها، رغم أنه قالها بالصوت العالي "أنا الآن في هامش الحكومة".. نهاراً كانت شوارع الخرطوم في أول أيام الصيام خالية من المارة والسيارات، حتى تخالها ضرب عليها حظر التجول، مكتب أمين في مبنى الحكم الاتحادي هو نفسه المكتب القديم، بدلة السفر معلقة في مكانها، وقد تخفف الرجل قليلاً من الشعر الكثيف، والأسى، مثل ما تخفف من مكارسيته الأولى، ومن الأعباء ربما، في الحقيقة كلما اقتربت من ميدان الفكر والثقافة بدا أمين أكثر هدوءاً ورحابة، ويحمد للرجل أنه واضح في طرح رؤاه، وعندما كان يتحدث بطريقة لاذعة كنت اتحسس جهاز التسجيل مراراً، وكان هو يتحرك في كرسي القماش يمنة ويسرى، يصطاد التعابير وينسج فكرته بشغف، بل كان مرتباً في الحقيقة، وهو منذ البداية تليق به الألقاب الفكرية والأكاديمية، حسناً لننظر ما قاله وما سيقوله. + ما الذي تبقى من أيام الطفولة في الذاكرة؟ _ طفل عادي من مدينة عطبرة، والدي موظف، نحن أبناء موظفين في السكة حديد + كيف كانت الحياة وقتها؟ _ الحياة بسيطة كانت، مافي تعقيد، ولا في طلبات كثيرة عند الأطفال والأسر. + لماذا عطبرة تحديداً كانت مركز ثقل للحزب الشيوعي؟ _ ما كانت مركز، ولكن الحزب الشيوعي ركز عليها لوجود عدد كبير من العمال، في السبعنيات، كان هنالك ثمانية وعشرون ألف عامل وموظف في السكة حديد. + ألم ينجحوا في استقطاب الأغلبية هنالك وسط العمال وقتها؟ _ غالبية العمال كانوا أحزاب تقليدية، والدائرة غالباً بيفوز فيه أي مرشح محسوب على الاتحادي الديمقراطي، لأنه يحظى بتأييد طائفة الختمية، والقادرية من ناحية أخرى، وكانت هنالك جيوب صغيرة للأنصار في العكد والدامر المجاذيب. + ما الذي أغرى أمين لينتمي للمعسكر الاشتراكي؟ _ الثقافة الاشتراكية كانت سائدة وهي واحدة من تعبيرات الثقافة الغربية، ثمة تعبير ليبرالي رأسمالي، وتعبير أشبه بالمعارضة لهذا، هو التعبير الاشتراكي، وقد أثر في الأحزاب التقليدية. + هل تريد أن تقول إن الأحزاب التقليدية ذات طابع اشتراكي؟ _ بالطبع هنالك تيار واسع من الاتحادي الديمقراطي كان أشبه بالتيار الاشتراكي، وتيار ليبرالي رأسمالي، وكان من بينهم ناس موسى المبارك وزروق، حتى شيخ علي عبد الرحمن بعض الناس كانوا بيسموه الشيخ الأحمر، وفي حزب الأمة الصادق المهدي كان يتكلم عن الاشتراكية السندكالية، وكان بعض الناس يتندرون عليه من هذا الباب. + ماذا عن الإسلاميين؟ _ جبهة الميثاق الإسلامي برنامجها اشتراكي مائة في المائة. + بمعنى ماذا؟ _ بمعنى إنه قائم على فكرة الاشتراكية التعاونية، وهي قريبة من الاشتراكية الفابية بتاعة حزب العمال التي أثرت على الشيوعيين. + على أي تيار كنت محسوباً يا دكتور؟ _ قعدت فترة من الوقت في الحزب الشيوعي، وكنت من الكوادر المحسوبة على الجانب الثقافي فيه، وأعتقد أن التثاقف بين الأفكار حاجة طبيعية. + تلك الفترة تكاد تكون مخفية تماماً فهل تم تجنيدك رسمياً للحزب الشيوعي؟ _ أنا من دخلت أولى ثانوي كنت محسوبا جبهة ديمقراطية، ما كانوا بقولوا حزب شيوعي. + هل تعرفت على رموز الحزب الشيوعي؟ _ طبعاً طبعاً + هل التقيت بعبد الخالق والشفيع؟ _ جميعهم، ودخلنا في المعمعة والكلامات ولمن حصل إيه، وجدل البلشفيك والمنشفيك، والصراعات. + لماذا تراجعت جاذبية الثورة الحمراء وخفت وهج النظرية الماركسية؟ _ الحزب الشيوعي طبعاً نظرية قامت على مرحلة من مراحل تطور العلم والفلسفة في العالم، عندما كانت الفلسفة تميل للتفسير بالعامل الواحد، وتطور وسائل الإنتاج، الآن العالم كله تجاوز هذه المحطة، الآن العالم يتكلم عن الألسنية، وفكرة السياق المتكامل، ولذلك الناس تجاوزوا مرحلة التغيير الفلسفي الحتمي. + بمعني ماذا يا دكتور؟ _ التفكير الفسلفي الحتمي يقول هنالك عامل واحد عندما يتغير تتغير بقية العوامل تبعاً له، وبالنسبة للماركسية إذا تغيرت وسائل الإنتاج تتغير كل البنية الفوقية بما في ذلك الدين والأخلاق والعلاقات الاجتماعية. + لماذا ارتبطت النظرية الماركسية بالإلحاد، وهل هذا الادعاء صحيح؟ _ الحتميات سقطت، مافي زول الآن بيتكلم عن الحتميات، والماركسية ليست أكثر إلحاداً من الفلسفات المادية الأخرى، هنالك فلاسفة محلدون مثل برتراند راسل وهو ليس ماركسيا ولا قريبا منهم، بل كان ليبراليا، أنا ما شايف إلحاد ماركس أشد عمقاً من الحاد برتراند راسل. + هل ثمة قطيعة بين الشيوعية والدين بما جعل ماركس يردد تلك العبارة (الدين أفيون الشعوب)؟ _ الوضعية أكثر عداءً للدين، ونفياً له، وربما لأن الماركسية من نظرية مادية تماماً، والمادية قديمة في الفكر الإنساني، منذ هرقليطس، وهذه العبارة (الدين أفيون الشعوب) مستلة من كلامه، وهنالك جانب آخر مدح فيه ماركس محمدا صلى الله عليه وسلم وقال إن دينه كان تقدميا، وممكن الدين يكون أفيون الشعوب لتخديرها، وممكن يكون منشطا، والفكرة ممكن تكون دافعا وواعظا وممكن تخليك عاجز. + ولكن الآن الإسلاميون متهمون أكثر باستخدام الدين في تخدير الشعوب وتمرير أجندتهم السياسية والاقتصادية؟ _ طبيعي أن يقول خصومنا إننا نخدر الشعوب باسم الدين، ولكن لماذا الدين؟ إنت ممكن تستخدم أي فكرة في تخدير الشعوب. + أي فكرة مثل ماذا؟ _ ممكن تستخدم القومية، والليبرالية بتاعة دعه يمر، نشر التهم ليس مهماً، المهم أن تقام البينة على الاتهام، وطبعاً مافيش حد بيقول أنا أبرئ الإسلاميين في أي زمان، وأي مكان. + ما الذي فعله الإسلاميون للمجتمع السوداني وقد كان مجتمعاً محافظاً في الستينيات والسبعينيات؟ _ بالله ما تتكلم عن الفترة ديك وإنت ما عشتها.. + ألم يكن مجتمعاً محافظاً ومتديناً؟ _ بل كانت صفوف العاهرات في الخرطوم، والخمور تفتح لها بيوت الأعراس، مافي شك أن المجتمع الآن أكثر تديناً بما لا يقاس في الستينيات والسبعينيات. + ما الذي لفت نظركم وأنتم طلاب في تلك الفترة؟ _ كنا طلبة في جامعة الخرطوم، وفي الأول السبعينيات بعض الطالبات، وبنات الأقاليم ما كان بيجن، اللبس كان فاضحا، حتى بمقاييس اليساريين اللبس كان فاضحا، وفي حاجة اسمها (الميني جوب) وبعضهن بالثوب الشيفون الخفيف، وبعضهن حاسرات تماماً، أما الأولاد الواحد لو كان ما بيشرب يتهم بأنه (كوز) طوالي. + ألم تكن تلك حرية شخصية؟ _ طبعاً إذا في زول عنده معايير تانية غير معايير المجتمع السوداني ممكن يقول حرية شخصية. + أهو نفس المجتمع الذي تعايش مع الخمور؟ _ دا ما المجتمع، دا نوع من المجتمع، المجتمع السوداني عامة كان فيه وجوه تدين ووجوه تخلف، حتى التدين كان فيه وجوه تخلف لأنه من غير علم، وجامعة الخرطوم النخبة نفسها المجتمع غيرها، لأنه بيفرض عليك تتكيف مع قيمه. + هل تعتقد أن هنالك تغييرا كبيرا الآن في ما يتعلق بجامعة الخرطوم؟ _ الآن مافي واحدة تتجرأ تلبس (ميني جوب) حتى وإن كانت ملحدة. + وإن فعلت ذلك فما الذي يضيرها؟ _ سوف تعزل اجتماعياً. + دعني أسألك بصراحة: هل شاهدت حفلة عرس ورأيت فيها الأزياء؟ _ عادي من بعيد بشوف وبسلم عليهن، لكن مافي أي مقارنة بيناتهم وما رأيناه في السابق، وعادة السودانيين في الأعراس بخففوا الحزام شوية. + ليه في الأعراس تحديداً؟ _ لأنها فرصة لتلاقي الجنسين حتى يحصل تعارف وزواج، وهي أصلاً عادة قديمة في المجتمع، والذي يتاح في الأعراس لا يتاح خارجها. + أفهم من كلامك أن الأمر في الأعراس مبرر؟ _ أبداً، هي عادات اجتماعية، وكثير من العادات الاجتماعية ليست لها مبررات. + أنت تزوجت في نفس تلك الظروف والأجواء تقريباً؟ _ نحن عرسنا عرس كيزان، ما مكن يكون فيه حاجة، نحن جبنا زين العابدين طه، غنى أناشيد دينية. + لماذا يتزوج الإسلاميون في العادة من داخل التنظيم؟ _ أنت أصلاً المجتمع الذي تعيش فيه، وتتعرف علي أشخاص تتزوج منه، وهنالك إسلاميون كبار تزوجوا من الخارج، لأن العلاقة الاجتماعية ربطتهم بآخرين. + ألا تتفق معي أن مجتمع الإسلاميين مغلق؟ _ صحيح، مجتمع الجماعات المنظمة كلها مغلق، حتى مجتمع الشيوعيين كان مغلقا، كانت حياتهم الاجتماعية تتمحور حول التنظيم، ودي موجودة عند الإسلاميين أكثر من غيرهم. + ليه تحديداً أكثر من غيرهم؟ _ لأنهم بيفتكروا دا نوع من الحماية للأخلاق الشخصية، بحيث إنك تعيش في مجتمع لا يقبل منك إلا ما هو أسلامي. + علاقتكم بالمرأة يا دكتور كانت تحكمها بنية وعي، لا أريد أن أقول تناسلية، ولكنها مختلفة، ما رأيك؟ _ غير صحيح، وهذا ليس خاصاً بالإسلاميين، وإنما الثقافة الاجتماعية السائدة فيها تحفظ شديد تجاه العلاقة بالجنسيين، ولكن للأسف التحفظ دا زال أكثر مما ينبغي أن يزول. + ألم تكن تعاني من مسألة التعامل مع المرأة والإيمان بحقوقها الكاملة؟ _ أنا ما كانت عندي مشكلة في التعامل مع المرأة لأني جيت من مكان تاني. + لماذا الإسلاميون يهتمون بالتعددية في الزواج ويغضون الطرف عن التعددية السياسية؟ _ كلام فارغ، الزواج دا قرار شخصي، وحسب بيئة الشخص وثقافته، إذا كان فيها تعدد بيعدد، والان لو فتشت الإسلاميين سوف تجد (90 %) منهم غير مقتنعين بالتعدد دون شروط، والتعدد في الزواج عند الشيوعيين موجود. + في رموز الحزب الشيوعي هل ثمة معددون مثنى وثلاث؟ _ نعم، ولكن ما عايز أسمي عشان ما يبقى الموضوع شخصي، وهي في النهاية عادة اجتماعية، ولكن قيادات الإسلاميين فكرتهم كانت متحفظة على التعدد من دون شروط، وشيخ حسن رقم واحد. + دعني أسألك سؤالا شخصيا، عندما كنت في الحزب الشيوعي هل كنت تمارس الشعائر التعبدية من صلاة وصوم وغيرها؟، ولك الحق في عدم الإجابة.. _ إذا قلت كل من في الحزب الشيوعي يمارس بانتظام الصلاة غير صحيح، فيهم من يواظب وفيهم من لا يواظب، ولكن في الجملة الالتزام بالشعائر ضعيف جداً وسط اليساريين عامة، وقبل كدة سكرتير الحزب الشيوعي عندما سئل هل تصلي قال لا أصلي. + ولكنها طريقة الراحل نقد في الإجابة وربما كان يقصد أنه في تلك اللحظة لا يصلي؟ _ إذا كنت بصلي ما يقول بصلي، على كل حال السؤال مافي لزوم ليه، لأن الصلاة بالذات حاجة بين الإنسان وربه، ومافي حكومة بتسألك عنها، لكن المحافظة عليها كمان مقياس للتدين، والذي لا يحافظ على الصلاة لا يحفاظ على أشياء كثيرة كيف انتقلت من الشيوعية إلى الحركة الإسلامية ؟ _ مافي انتقال كبير لأن المدخل ما كان فلسفي، ومعظم الإشتراكيين السودانيين مدخلهم اجتماعي فكري. + مثل ماذا ؟ _ مثل نصر المظلومين، وفكرة العدالة الإجتماعية، والعدالة الإجتماعية نفسها موجودة ومشتركة بين التيارات. + أليس هنالك فوارق طبقية تستدعي ذلك الزخم من الشعارات ؟ _ أبداً، السودانيون بيوتهم مبنية بشكل وأوضاعهم بتتشابه، يعني مافي طبقية زي ما حاصل في مصر مثلاً. + من الذي جندك للحركة الإسلامية؟ _ مافي شخص محدد جندني. + كيف أصبحت إسلامياً ؟ _ صاحبتهم بعض الوقت، وتدريجياً أصبحت منهم، وأنا لم أخرج لأصبح معهم، حتى كنت متحفظاً على الأخوان المسلمين وبفتكر إنهم متكلفين، ومتشددين أكثر من اللازم، وما بعيشوا حياتهم بشكل طبيعي. + لو طلبنا منك أن تقدم نقداً لتجربة الإسلاميين في الحكم ؟ _ الحركة الإسلامية تنظيم اجتماعي، فيه إيجابيات وسلبيات، وهذا ينطبق على الآخرين، بعدها بيتفاوت الناس في قوة تنظيمهم، وفي صدقية قياداتهم. + شعبية الحركة الإسلامية الآن هى شعبية سلطة ومتى ما تركت السلطة انفض الناس من حولها ؟ _ ليس صحيحاً ذلك، بل من ناحية انتشار الفكرة، الفكرة انتشرت أوسع، ولكن سياسياً ليس بالضرورة، عشان كده إنت لمن تدخل في مواقع التواصل الإجتماعي تجد (70%) من المعارضة للنظام الحالي هم إسلاميون. + ولكنها معارضة قوية ومؤثرة ؟ _ هم من دون النظام دا ما كانوا إسلاميين، لأن النظام هو الذي أحدث تحولاً في طرائق التعليم والتوجه، خلاص دخلوا في مناخ وشعار إسلامي، وأصبح خطابهم ومعايرهم للحكم إسلامية. + هل تريد أن تنفي وجود معارضة أخرى في الشارع غير الإسلاميين ؟ - يكفي انتصاراً للحركة الإسلامية أن الشيوعيين الآن ما بيقدروا يحاكموها إلا بمعايير إسلامية، وهذا دليل نجاح. + ألم تفشل تجربة الحركة الإسلامية والشاهد حالة السخط والسخرية من أداء حكومتها ؟ _ ربما تكون فشلت في أمور جزئية أخرى، لكن على الأقل الأمر الجوهري الآن الإسلام يكون الحاكم في المعايير. + وماذا عن أحكام الشريعة، لا أثر لها في المعاملات ؟ _ الهدف الأكبر ليس تطبيق أحكام الشريعة، الهدف الأكبر تحكيم الشريعة، أما مسألة التطبيق فهى مسألة فرعية. + ما الذي تقصده بتحكيم الشريعة ؟ _ بمعني أن يقبل الناس أن يكون الحاكم بيننا هو الشريعة، أما تطبيقها دي أحكام فرعية، بتقدر ما بتقدر، عايز تعمل ما عايز تعمل، أو عندك دوافع ومصالح تمنعك من فعل هذا. + دعنا ننتقل إلى أمر أخر، أمين كسر حاجز العداء بين المثقف والسلطة وأصبح سلطوياً جداً ؟ _ الكلام عن السلطة وكأنها هى الحكومة ما كلام دقيق، السلطة في مجتمعنا موزعة خالص خالص، وفي ناس وزراء في الحكومة ما عندهم سلطة زي ناس في مسيدهم. + دعني أكون أكثر دقة، أمين وسيد الخطيب مثلاً وجودهما داخل الحكومة لا يزعج القيادة بينما واجبهم كمثقفين يحتم عليهم انتقاد وتصويب الخطاب والسياسي ؟ _ نحن لسنا في أعماق الحكومة نحن في هامشها. + ولكنك كنت تقلدت عدة مناصب ؟ _ إذا عندنا دور جماعي محتاجين نتعامل فيه بحكمة وذكاء حتى ينتج ثماره، وليس لكي يصبح إعلانا ليرضي بعض الناس، ولن يرضى كثيرًا من الناس. + هنالك من يعتقد أن دكتور أمين شخصية تبريرية ؟ _ أنا بقول الحقيقة التي أراها، يا أخي معظم الجدل السياسي عبارة عن مغالطات، والناس البيتكلموا إني أبرر، أتحدى أي شخص يتكلم عن أفكاره بوضوح له أو عليه مثلي. + لماذا توقف برنامجك التلفزيوني (المنتدى الفقهى) ؟ _ أوقفته أنا لأنني كنت أسافر كثيراً وانشغلت. + هل ثمة مؤامرة عليه ؟ _ هو المؤامرات في السودان ضعيفة، لأنها تحتاج إلى أسرار، والأسرار لا تحفظ، كل حاجة تغطيها بتنكشف من مكان آخر. + ما الذي يلهم أمين أكثر ليكتب قصيدة ؟ _ لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال، لأن القصيدة تهجم عليك في لحظة شعورية معينة، زمان لمن كنا شباب والمشاعر متوهجة تتكرر لحظة الإلهام مراراً. + هل كتبت شعر الغزل ؟ _ نعم كتبت، جزءاً منه مرتبطاً بمرحلة عمرية، وما تتصور زول شيخ الآن يمشي يتغزل في فتاة، إلا من باب النسيب النظري. + كيف قرأت المبارزة الشعرية لعدد من الدبلوماسيين السودانيين في وزيرة الخارجية المورتانية ألناها وقتها ؟ _ هى حاجة عادية، وبدت نوع من المداعبة بين السفراء، بداها عبد الله الأزرق عشان يبسط السيدة الوزيرة. + وهل انبسطت ؟ _ طبعاً انبسطت، لان المورتانيين بحبوا الشعر، وكانت مسرورة وعلقت الشعر دا كله في بيتها. + ولكن ذلك الغزل تسبب في حرج ونقد شديد ؟ _ الإنتقدوهم ديل ناس حاسدين ساي، وغالبهم يكتبون الشعر. + هل تستمع للأغاني الآن ؟ _ طبعاً، والاستماع للأغاني حاجة طبيعية ما عندها علاقة بالعمر، صحيح ممكن المزاج يتغير من تفضيل معين لتفضيل آخر بمرور الزمن. + من الذي يشدك نحوه من الفنانين ؟ _ نحن لسه متأثرين بثقافة جيلنا في الاستماع، فيها جناح عربي وجناح سوداني، والسوداني معظمه حقيبة، لكنني بصورة خاصة كنت أقرب لمحمد الأمين. + ما رأيك في تجربة فنان شاب وملهم وهو الراحل محمود عبد العزيز ؟ _ محمود لا أستطيع ان أحكم على تجربته الغنائية لأننا خارج جيل الاستماع له، ولكنه شخص مؤثر جداً على جيله، وهو بيغني للحقيبة ولديه أغنيات خاصة توافق مزاجية الجيل الجديد. + لو دلفنا إلى التجربة الصحفية الحكومية وأنت وقفت على أكثر من تجربة، الأنباء، الرائد والعاصمة ؟ _ أنا ما عندي تجارب خاصة، أنا صحفي كتبت في الأيام، واشتغلت بالداخل والخارج، أستطيع أن اقول مافي حد اشتغل في الصحافة مثلي، وقد عملت في الصحافة محرراً وكاتباً ورئيس تحرير ورئيس مجلس ادارة، واشتغلت مستشاراً صحفياً للرئيس. +ألم تكن تمتلك صحيفة العاصمة؟ _ كان عندي أسهم فيها. + لماذا فشلت تلك الصحيفة ؟ _ لأنهم لم ينفذوا الفكرة التي اتفقنا عليها، نحن كنا عايزين نعمل صحيفة للخرطوم، تستهدف أخبار ونشاط وحياة ناس الخرطوم، لكنها طلعت مثل بقية الصحف، صحيح في المرحلة التأسيسية كنت موجوداً، لكن بعدها انشغلت. + وماذا عن الأنباء؟ _ الأنباء ما كانت فاشلة،، وأنا كان عندي رأي أن الصحافة الحكومية لا يمكن أن تنجح، والناس عايزين الرأي الآخر، إلا إذا عملتها مثل الأهرام المصرية، تصرف عليها وتتركها من حيث الإنفاق والتوزيع كأنها مؤسسة حكومية، وأنا كتبت مذكرة قلت ليهم أما أن الحكومة تعمل أسهم مع ناشرين آخرين، وتصنع صحفاً عادية، أو تعمل مثل الأهرام المصرية، تأخذ الأخبار بصورة مختلفة وتنطق بإسم الدولة. + بماذا ردوا على مذكرتك ؟ _ لم يعلموا بها. + ما هو رأيك في اتجاه دمج الصحف في مؤسسات محدودة ؟ _ صحفنا بوضعها الراهن ليس لها مستقبل، هذه دكاكين ساي، ما بتمشي لقدام، لأنها لا تستطيع تطوير قدراتها الفنية، ولا ترفع مستوى الصحفيين، ولا توفي لهم حتى بحقوقهم، وهى عالة على الإعلانات في قطاع الإتصالات، إذا قفلوا منها البلف بتموت. + أنت تحكم على التجربة الحالية بصورة قاسية ؟ _ الصحافة الحالية، بعض رجال الأعمال عايزين يتجملوا، أو أفراد عايزين يعملوا مغامرة إعلامية، انا مع وضع قانون لتجويد الخدمة الصحافية، والأفضل ان تكون شركات مساهمة عامة ترتقي بالعمل الفني والصحفي. + حسنا يا دكتور، ما هى خطوتك المقبلة ؟ _ أنا أصلاً قاعد هنا نص نص، قاعد بس عشان ملف دارفور، وهذا الامر سينتهي في شهر سبعة، وسوف أذهب حيث بدأت تأسيس مركز بحوث، ودا مجالي. + هل بالضرورة أن يكون لديك مشروع خاص وأنت موجود في الحكومة ؟ _ هو أصلاً من دون مشروع خاص ما بتقدر تعيش، إنت هسه مفتكر نحن منتظرين نصرف عشرة آلاف من الحكومة؟ لازم تدبر أمورك، مافي موظف في الحكومة بيعتمد على مصدر دخل واحد، وإلا ما بيقدر يعيش. + كنتم أبناء موظفين عاديين ولكن الأن أوضاعكم تغيرت بصورة مذهلة ؟ _ أنا في أول عمري كان دخلي أضعاف دخلي الآن، وكنت صحفياً في بريطانيا آخذ مرتب من جهتين حوالي خمس آلاف دولار، وما حصل في تاريخي في كل وظائف حكومة السودان تقاضيت مثل هذا المبلغ، وفي سنة تسعين تركت الوظيفة، حيث كان ممكن اشتغل في الأممالمتحدة، وأتقاضي ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف دولار، لكن هؤلاء سفهاء الأحلام ولذلك أتجاهلهم. + وماذا عن صورك القديمة ؟ _ في ناس بيحبوا ينشروا صوري القديمة وبيقولوا ديل كانوا كيف وبقوا كيف، وهم يعلمون أنا في ذلك الوقت كنت بدرس في أمريكا، وهذا أمر لا يتاح لكل الناس. + ماذا عن صورتك مع شيخ حسن وهو يكيف لك وضع الكارفتة ؟ _ هى ما صورة كارفتة، كانت مناجاة بيني وبينه، أنا بالمناسبة معظم الوقت ما بلبس كارفتة، ولكن تلك رحلة رسمية إلى الصين. + لاحظت أن الشائعات تطاردك كثيراً إلام تعزو الأمر ؟ _ لأن مافي أخلاق في الصراع السياسي، في واحدة ألفت أكذوبة وذكرت إني قلت مدارس كامبريدج حقتي وبعت حواشة أبوي، وهى ما عندها فكرة أن أبوي موظف سكة حديد ما عنده حواشة. + أليس لك علاقة بمدارس كامبريدج ؟ _ كامبريدج صاحبها معروف ومعلوم للناس، صحيح كنت رئيس مجلس الإدارة، وصاحبها هو خالي، وعندي علاقة متصلة معه، وبعدين لو عندي استثمار المشكلة شنو؟ وعندما أخرج بحاول أعمل مشروع ناجح. + ما رأيك في البرامج الرمضانية ؟ _ الآن القنوات معظمها تكثر مسابقات القمار، هذا ميسر، إنت ترسل رسالة، بيتفقوا مع شركات الإتصالات يأخدوا قيمتها ثلاثة أضعاف ويقتسموا الأموال بينهم، وجزء منها تذهب جوائز، هذا النوع من الميسر ينتشر أكثر في رمضان. + هل تتابع المسلسات بصورة راتبة ؟ _ المسلسلات التي تعرض لا تحمل قيمة إيجابية، ليس بالضرورة أن تكون مسلسلات تاريخية، وإنما فقط تحض على القيم الإيجابية، والغناء أيضاً هو نوع من تزجية الوقت والترويح، عندما يتحول طوال الوقت إلى غناء مثل ما يحدث في قنواتنا السودانية، وبذلك المستوى ينحط بالذائقة، ويتغاضى عن معايير الجودة يصبح بلا معنى اليوم التالي