الناقد الاردني ابراهيم خليل يرى أن ثمة مفارقات كثيرة في قصص الريماوي تضفي أحيانا عليها شيئا من السخرية، والتهكم، الذي يلذ للقارئ. العرب عواد علي في كتابه الجديد "مراوغة السرد وتحولات المعنى– فصول في القصة القصيرة"، يقرأ الناقد الأردني إبراهيم خليل، في ستة عشر فصلا، نصوصا قصصية لكتّاب وكاتبات من الأردن وفلسطين والمغرب، هم: محمود الريماوي، جمال ناجي، محمود شقير، سامية العطعوط، يوسف ضمرة، جلنار زين، هند أبوالشعر، الزهرة رميج، محمد زفزاف، مي بنات، سوزان الراسخ، جمال أبوحمدان، نجوى قعوار، جمعة شنب، ومحمد خليل. في الكتاب الصادر حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون في عمان، تطرق الناقد في مبحثه السردي من خلال أبواب مختلفة نذكر منها ما عنونه ب"الكوميدي والعجائبي في ثلاث مجموعات للريماوي"، و"محمود شقير وإشكالية القصة القصيرة جدا"، و"بيكاسو كافيه لسامية العطعوط قصص تقترب من السريالية"، و"سيزيف العربي في قصص المغربية الزهرة رميج"، و"محمد زفزاف في "الأقوى" الرؤية السردية لواقع مطارد". في تحليله لقصص الريماوي يذهب الناقد إبراهيم خليل إلى أن القارئ يستطيع أن يتلقى من النص القصصي للريماوي ما فيه من رسائل واحتمالات عدة، وفقا لوعيه، وقدرته على التواصل مع اللغة التي كتبت بها، والأدوات الأخرى التوضيحية المستخدمة فيها استخدام الرسام للخطوط والألوان. ويشير إبراهيم خليل إلى أن الريماوي عرف كيف يستخدم السرد بحنكة في التقاط النموذج الإنساني الذي يلتصق بذاكرة القارئ، والتقاط اللحظة الزمنية المناسبة التي تصلح أن تكون محورا للقصة. ويرى خليل أن ثمة مفارقات كثيرة في قصص الريماوي تضفي أحيانا عليها شيئا من السخرية، والتهكم، الذي يلذ للقارئ، فيزيد من تعلقه بالقصة أو بشخوصها أو بالحدث. وتستوقفه ظاهرة لافتة في القصص الأخيرة للريماوي، يمكن وصفها بخفّة الروح، أو الدعابة، والميل إلى تقديم الفكرة الجادة في إهاب يشاكل التنكيت، لا التبكيت، فالكاتب يسلط الضوء على حدث أو حوادث، تتضمن لمحات تضفي على القصة ما يثير المتعة والسرور لدى القارئ. يشبّه خليل الفكرة التي راودت محمود شقير في "باحة صغيرة لأحزان المساء" بالفكرة التي تراود شاعرا يجمع عددا كبيرا من قصائده في ديوان، أو عددا من دواوينه في آخر باسم الأعمال الشعرية. وذلك لأن مجموعته هذه توليف من ثلاث مجموعات هي "طقوس للمرأة الشقية" (1986)، "صمت النوافذ" (1991)، و"مرور خاطف" (2002). ومن يقرأ هذه القصص، التي كتبت ونشرت في أزمنة متباعدة، يقف على حقيقة هذا الفن الأدبي، وما فيه من ملامح أدبية فنية جرى استحداثها استجابة لدواعي التجريب، والبحث عن كتابة جديدة، تتجاوز المألوف والسائد. ويؤكد خليل أن من يقرأ قصص مي بنات في مجموعتها "كل شيء ساكن" يجد أجواء الانتفاضة الفلسطينية تهيمن عليها، وعلى شخوصها، وعلى ما تسرده من حوادث، وترويه من مواقف، وما ترصده من تحولات، وما تقف لديه من أماكن تسهم بفضاءاتها المفتوحة في تحديد الإطار الزمني والبيئي للحوادث. ويرى أن القارئ يكتشف وجود أثر لعنوان مجموعة سامية العطعوط الغريب "بيكاسو كافيه"، الذي يجمع بين اسم لفنان عالمي معروف والمقهى، يتمثّل في أن الرواي- وهو شخص يتكرر- يشعر في بعض القصص بشعور التائه الغريب في كل مكان يذهب إليه أو يغادره، فالواقع المحيط به واقع غامض، عصي على الفهم، ممتلئ بالرؤى المحبطة والكوابيس. كما يعتقد إبراهيم خليل بأن القاصة الزهرة روميج في مجموعتها "صخرة سيزيف" تفصح من خلال البنى الدرامية للقصص، التي لا تقتصر على جانب واحد من حياة الناس، عن وجوه شبه كثيرة وكبيرة بين البطل العربي– أو البطلة- وبطل تلك الأسطورة الإغريقية الموغلة في القدم. أما مجموعة "الأقوى" لمحمد زفزاف، فهي، حسب رأي خليل، تعبّر تعبيرا فنيا قويا عن هوة البؤس التي كانت تتردى فيها حقوق الإنسان المغربي في سبعينات القرن الماضي. فضلا عما توحي به لغتها من موضوعيّة وصدق مذهلين. ويرى أن من الأمور اللافتة للنظر في قصص المجموعة تلك الإشارات العابرة، التي تبدو غير مقصودة لذاتها، ومع ذلك فهي تحمل الكثير من المعاني التي تشير إلى مغزى الحكاية في النص، وما جرى من أجله التخييل السردي.