عبدالعزيز المازري المشروع الساقط… والمجلس الصامت!" *في بداية فترته، انبهر جمهور الهلال بمجلس السوباط، ورأى فيه وجوهًا جديدة، وعودًا كبيرة، وحركة توحي بأن عهد "التسيير" و"العشوائية" قد انتهى، فصدّق الناس أن هذه فرصة حقيقية لإعادة بناء الهلال على أسس حديثة، بلا وجوه قديمة، ولا فواتير، ولا فوضى.* *ولأن الإنسان بطبعه يطمح، مضى الجمهور خلف الحلم، مغرورًا بالصفقات والتصريحات والإعلام المبتسم، ومقتنعًا بإدارة تؤكّد أنها تحمل مشروعًا مختلفًا، وتعمل بصمت، وتدير الأمور بعقلية حداثية.* *لكن الآن، ونحن على مشارف نهاية هذا المجلس، تتكشّف الحقائق وتتساقط الشعارات، لتظهر نهاية ثقيلة الوطأة، سترحل وهي تخلّف عبئًا أشد من الذي استلمته، فقد كانت ديون المجلس السابق لا تتعدى حقوق لاعب أو اثنين، بينما اليوم باتت القضية كارثة شاملة بمقاييس الانفجار.* *عقودات طويلة، وأجانب بلا هوية، تجاوز عددهم 12 محترفًا لا يُعرف من منهم لاعب ومن منهم ضيف شرف، يرافقهم معارون بلا عدد، واستحقاقات مالية ضخمة تطرق الأبواب في صمت خانق، لتكشف عن مشروع شخصي بُني على أنقاض كيان اسمه الهلال، مشروع استعراضي لا تطوير فيه ولا هوية.* *ثم جاء خبر فلوران، بتلميحات عودته إلى فيتا كلوب وتداوُل أنباء عن رفضه لتجديد عقده مع الهلال، لنقولها بصراحة ومرارة: الحمد لله الجات منك يا فلوران!* *ولأول مرة منذ سنوات، يُحسَب للرجل أنه قيّم نفسه بنفسه، وعرف أنه لم يعد مقنعًا ولا مقبولًا، وأن ثلاث سنوات كانت كافية ليُدرك أن ما قدّمه هو أقصى ما يستطيع، وأن مشروع العليقي الذي رُكّب على ظهره قد فشل وسقط ولم يعد له ما يُقال.* *صمته الآن يُحسب له أكثر من كل التبريرات التي ظل يروّجها إعلام التلميع، فهو لم ينسحب رسميًا بعد، لكنه اختار الابتعاد في هدوء، بينما مجلس الهلال وإعلامه لا يزال يلف الفشل بورق لامع اسمه "مشروع".* *والمعلومات المؤكدة تفيد بأن فلوران رفض العرض الجديد لأنه لم يعد يصدق الحكاية أصلًا، ولم يعد يحتمل قرارات فردية تصدر من مدير قطاع يُدير الهلال كما لو كان شركة خاصة، تسجيلات بلا خطة، حرب على اللاعب الوطني، وصفقات بلا رؤية، في مشهد لا علاقة له بالتطوير ولا الاحتراف.* *المشكلة لم تكن في فلوران وحده، بل في من برمج له وبرّر له وغطّى عليه، ومن جعل منه درعًا للفشل، وتحاشى محاسبته، بينما ظل يبيع للجمهور وهمًا اسمه مشروع، تديره عقلية الشخص الواحد وذهنية القمع والتبرير.* *هذا المشروع لم يُبنَ على كفاءة، بل على محسوبيات، ولم يشرك أبناء النادي بل أقصاهم، ونفّر الجمهور، وحارب النقّاد، وأغلق أذنيه عن كل رأي يخالف المديح، لينتهي الحال بمشروع غريب لا نرى فيه غير التكديس والصراخ.* *الهلال كيان، لا يُدار كأنه مختبر تجريب، ولا يُختصر في شخص يفرض الوصاية، ولا يُختطف باسم العلاقات العامة أو "الهدوء الإداري"، فالهلال لا تقوده التغريدات ولا ترفعه الجلسات المغلقة، بل تبنيه عقول تعرف تاريخه وتفهم حجمه.* *ما نراه اليوم إدارة تفتح الأبواب للمطبّلين وتغلقها في وجه الجمهور، وترى في كل رأي مخالف خيانة، وتلبس الفشل كأنه إنجاز، وتمضي مرفوعة الرأس، كأن شيئًا لم يحدث.* *وفي الوقت الذي تُهاجم فيه الأصوات الناقدة، ويُوصف النقد بأنه تخريب، تخرج إلينا جراثيم إعلامية من شقوق الجهل، يبرّرون السقوط، ويعتلون المنصات كأنهم أوصياء، بينما لا يعرفون من الهلال سوى مدح الأشخاص وتسويق الفشل.* *لكننا لا نُخاطب الأقزام، بل نُخاطب جمهور الهلال الحقيقي، ذلك الجمهور الذي يعرف، ويقرأ، ويفهم، ويعلم أن الهلال لا يهتز بمدح السوباط، ولا يُقاس على أكتاف العليقي، فالهلال باقٍ، وهم الراحلون.* *وللإنصاف، نقول إن السوباط قد لا يكون رجل كرة، لكن لا أحد ينكر حبه للهلال ولا كرمه ودعمه، لذلك وجدنا له بعض العذر، لأنه اجتهد وإن أخطأ.* *أما من لا عذر لهم، فهم أصحاب التاريخ والمعرفة، أمثال المهندس الفاضل التوم والبروفيسور حسن علي عيسى، الذين خَبِروا الهلال وعاشوا تفاصيله، ثم غابوا عن المشهد في لحظة احتاجهم فيها الكيان، لحظة كان يجب أن تُقال فيها الكلمة وتُرفع فيها الراية.* *صمتهم اليوم يُشبه الخذلان، ورضاهم بما يحدث تواطؤ، وغيابهم عن تصحيح المسار تقصير لا يليق بتاريخهم، فالهلال لا يُدار بالصمت، ولا تُحمى رسالته بالمجاملات.* *السكوت عن الخطأ خطيئة، وترك العليقي يتفرّد بكل شيء خيانة لروح الشورى التي بُني عليها الهلال، فهذا كيان لا يُدار برأي واحد، ولا يُقمع فيه الصوت المخالف، ولا يُهان فيه جمهور صنع التاريخ وبنى المجد.* **كلمة حُرّة أخيرة:** إذا كان مشروعكم العظيم لا يحتمل سؤال مشجع، ولا يستوعب نقد كاتب... فابشروا بموسم جديد من "التطبيل"... لكن هذه المرة، على إيقاع **دفّن الهلال!**