عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    اهلي جدة الاهلي السعودي الأهلي    أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوقي بدر يوسف وهاجس الكتابة النقدية
نشر في الراكوبة يوم 17 - 10 - 2013

'قراءة ببليوجرافية في الأعداد الخاصة بالقصة بمجلة الهلال' يعد أفضل ما في الكتاب لما فيه من تأصيل لجوانب وزوايا من تاريخ القصة وفنيتها وتطورها.
القاهرة من السيد العيسوي
علامة الرضا
"بين هاجس الكتابة وجمالياتها تكمن الرغبة في التعبير، والرغبة في التعبير في مجال الأدب هي واحدة من الأسس الذاتية والنفسية لدى المبدع لتحريك الساكن والثابت في مجال التجربة الإبداعية من خلال عالمه الخاص شاعرًا أو قاصًا أو روائيًا أو ناقدًا".
بهذه الكلمات التي تعبر عن العلاقة بين أطراف العمل الأدبي يفتتح الكاتب شوقي بدر يوسف كتابه (هاجس الكتابة. . دراسات في القصة القصيرة) الذي يهديه إهداءً حميمًا – ربما يدل على تقلص مساحة القراء- إلى المبدعين الذين تناولتهم هذه القراءات.
يبدأ الكاتب بالوقوف أمام "محمود البدوي ونبض القصة القصيرة" ويرى أن البدوي يمثل في ذاكرة الحياة الأدبية مكانة فنية متميزة لها خصوصيتها من خلال بصمة قوية وضعها في ساحة القصة القصيرة في فترة كان هذا الفن ينتقل من مرحلة الريادة إلى مرحلة أخرى ومن ثم يربطه بإنجاز جيله ، حيث أصل من خلال فنه القصصي رؤية خاصة به أودع من خلالها خلاصة ما استطاع هو وجيله أن يشكلوه من وقائع ودعائم هذا الفن، وأن ينتقلوا به من منطقة التسجيل إلى منطقة الرؤية الفنية من خلال لغة رابطة تجمع بين المألوف والغرائبي، وتنقل من سلوكيات الحياة مشاهد حية تجلت فيها أغوار النفس الإنسانية بكل ما تحمل من إشكاليات وقضايا. وتركز على روافد القصة عنده، خاصة الرافد الواقعي والرومانسي. كما يتأمل فنه من حيث العلاقات التي تنشأ بين الشخصيات، ومن زاوية الدوافع الخفية والسلوك الإنساني للشخصيات التي يضع يده عليها. ولا ينسي أن يوضح كيف أنه أعاد اكتشاف البيئة المصرية في قصصه، خاصة عالم الريف.
ثم ينتقل إلى "علامة الرضا" وظاهرة التشكيل في القصة القصيرة ليغوص في العالم الفني للقاص الروائي محمود عوض عبدالعال الذي استخدم من أدوات القص الحديث لغة شاعرية تعتمد على الرمز اللغوي المحمل عليه دلالات الواقع. وأسلوب تيار الوعي بتقنياته السيكولوجية المعروفة، واللغة التشكيلية المنحوتة من صخرة الشعور والمراد بها الإيهام والإيحاء وليس المحاكاة والتسجيل، والزمن النفسي المشحون بمجموعة من الدلالات التي تطغى بإشاراتها على الزمن المتلاحق المنتظم في لحظات الشعور. بكل هذه الأدوات استطاع أن يشكل عالمه الفني وأن يفجر العديد من الكوامن المختزنة في الأعماق، كما يذهب إلى أن القصة القصيرة ومفاتيحها عند محمود عوض عبدالعال مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنبض المجتمع ومحتوياته السلبية والإيجابية، وإن كانت كميات الفن التي استخدمها محمود عوض في هذا العالم المتشابك من إبداعه الروائي والقصصي، والذي ميزه وسط جيله قد غلفت هذا الإبداع بنسيج من هالات الغموض وتهويماته، إلا أن هذا الغموض ليس موصدًا لدرجة أن يدفع المتلقي إلى هاوية الإحباط في التناول، إذ إن مفاتيح هذه الأعمال تتبدى واضحة في اللغة التشكيلية، وفي ذلك الحدث المختبئ وراء نسيج العمل بمهارة ودربة، وفي هذه الجمل التشكيلية الحوارية المنحوتة ببراعة متناهية، وفي تلك الإشارات الزمنية التي تعطي للمتلقي دليلًا للتلقي والتواصل مع العمل.
ويطبق ذلك على مجموعته القصصية حيث تقدم المجموعة صورة نفسية، وتأخذ لحظة تنويرها من عنوانها، وتستخدم تيار الوعي والإحاطة باللحظات الباهتة في النفس، ليختفي الزمن الواقعي ويظهر الزمن النفسي المحمل بدفقات الشعور وطقوس اللغة والدلالات الرامزة داخل القصة، وحينئذ لا ريب أن توصف الفترة الواقعة بين عام 1967- 1973 بأنها صحراء زمنية. ومن ثم يهتم القاص في رواياته وقصصه بهذا الديكور النفسي الذي ينتخبه بمهارة ودراسة من داخل شخوصه ليحيل به نسيج العمل إلى علامات مضيئة وموحية، وبالتالي تأخذ بعض قصصه شكل اللوحة الدالة الرامزة التي تأخذ من القضايا الصغيرة لتصب في القضية الكبرى وتحيل الذات إلى صور ومكونات، وهذا يؤدي إلى أن تنزلق بعض قصصه إلى النسيج السيريالي ذي الرموز العاطفية التي استخدمها الكاتب للإيهام والإيحاء وليس لتسجيل حدث بعينه ذي ملمح بصري محدد.
المسكوت عنه
ثم ينتقل الكاتب إلى (المسكوت عنه في حفل زفاف في وهج الشمس) للقاص الروائي مصطفى نصر، مركزًا على بعض الدلالات الحسية، ويرى أن السكوت عنه في مجموعة (حفل زفاف في وهج الشمس) للقاص الروائي مصطفى نصر هو نفسه ما يمارسه أبطال المجموعة من قهر وعهر وقسوة، حيث ينتخب الكاتب في مجموعته من الأبطال الذين يفرزهم الواقع في مواقف قدرية لا يستطيعون طبقًا لتجربتهم المعيشية أن يتحكموا في قدرتهم على مواجهتها، فهم يسيرون إلى مصائرهم بمحض اختيارهم لايدفعهم إليها سوى رغبتهم في تحقيق القدرة على تحقيق الأحلام المشروعة التي تدفع بهم جميعًا إلى زاوية النسيان، حيث الظل المصنوع من التجربة الإنسانية المهمشة، ويخلص إلى أن المجموعة تقدم صيغة خاصة من صيغ الحياة يتناولها بالتحليل.
ثم ينتقل إلى (البناء الفني في مجموعة "عويل البحر") لسعيد بكر، حيث تتميز صناعة القص عند الأديب سعيد بكر بخاصية لا يستطيع ممارستها إلا قاص على درجة كبيرة من الوعي بأدوات هذه الصناعة، وأديب على درجة عالية من الحساسية باستخدام تلك الأدوات، هذه الخاصية هي خاصية الصياغة التجريبية المحملة على الواقع من خلال التعامل الحذر مع لغة هي أولًا وأخيرًا تهدف إلى تشكيل اللحظة القصصية الحكائية المؤثرة، وإقامة بناء فني مليء بالدلالات والمعاني المستمدة من محور هذا الواقع.
صورة الآخر
ثم ينتقل الكاتب إلى صورة الآخر في "مجموعة الموتى لا يكذبون" للقاصة والروائية لنا عبدالرحمن، والتي يرى من خلالها كيف تثير الكتابة الأنثوية في تجلياتها الإبداعية العديد من التساؤلات الجوهرية، والجدل حول مدى وجود خصوصية ذاتية فيما تكتبه المرأة من إبداع، ومدى التوافق والتناغم الذي تحدثه هذه الخصوصية في نسيج النص الأدبي عما يرفده الرجل ويعبر عنه في كتاباته السردية على وجه الخصوص.
كما يرى أن هذه المجموعة جاءت امتدادًا عضويًا لمجموعتها القصصية الأولى "أوهام شرقية" في توجهها العام، وبنفس مضامين العلاقة الأزلية السائدة بين المرأة والرجل، ويرى أن فيها رؤية جديدة، أو بمعنى أدق تجربة لها طزاجتها، ولها خصوصيتها في التعبير عن صورة الرجل في الإبداع القصصي من خلال نفس العلاقة التي تصدت لها جميع الكاتبات دون استثناء. كما يربط في هذه الرؤية بين ماهية رؤية الذات الكاتبة للعالم بصفة عامة، وماهية رؤيتها لصورة الرجل بصفة خاصة ، وما يقوله يتولد عن هذا وذلك ويتراكم في ذاكرة الجرح الإنساني. ثم علاقة ذلك بالقالب الفني الذي يعتمد على تجربة الفانتازيا والعبثية في انتقاء الأحداث، والبحث عن الخيالي في الواقعي، والمهارة في القبض على التفاصيل اليومية الصغيرة .. إلخ.
ثم ينتقل الكاتب إلى عبثية الحياة في مجموعة "حكايات البيباني" لمنير عتيبة، ويثير مسألة أن الموقف هو الذي يفسر اختلاف مستوى النقد من كاتب إلى آخر، لأن القاص الذي يعرض عمله أمام النقاد يفرض عليهم لغة النقد ومستواه، فإذا كان العمل واهيًا فإن مستواه يتسرب إلى لغة النقد، ويصاب الناقد بالبطء والوهن، أما إذا كان قاصًا خصبًا، فإن الناقد يدخل معه ميدانًا واسعًا تتفجر فيه ينابيع النقد كما تفجرت من قبل ينابيع الفن، ويخوضان معًا (الناقد والقاص) تجربة العصر بإيقاعاته الجديدة.
ومن خلال المجموعة، يحاول أن يتلمس ولو جزءًا يسيرًا من إشكالية وأسئلة القصة في الثقافة العربية، ويرصد آليات نسيج السرد الجديد منها كنموذج للكتابات القصصية التي بدأت تتوهج في الساحة الأدبية، هذا التوهج الجديد المتمثل فيما قطعته القصة القصيرة من أشواط في التطور والتبلور. ويشير إلى رغبة القاص في التجريب ولغته التي تلعب دورًا مهمًا في نسيج النص وبنيته لتحيل الموقف إلى مغامرة إبداعية وتجريب.
ثم ينتقل إلى (تشظي الذات الأنثوية في مجموعة "أحب نورا أكره نورهان") لعزة رشاد، حيث يركز الكاتب على بنية نفسية معينة تشيع في المجموعة هي بنية تشظي المشاعر وتشتتها في أكثر من اتجاه مما يعني تمزق الذات الإنسانية (الأنثوية) أمام مظاهر الوجود.
ويربط هذا بانشطار محور الدلالة في ضوء لحظات التوتر في أكثر من موقف، وتصاعد الحالة النفسية، وما يؤديه هذا وذاك من بحث في إشكالية العلاقة المضمرة بين القاصة وشخصياتها، ولهذا انعكاساته على البناء الفني من حيث البعد الغرائبي والنسق الملتبس، وعدد الزوايا النفسية للشعور الواحد، والإبحار في أعماق النفس بوساطة تيار الشعور والمونولوج الداخلي وتداعي الخواطر وغيرها من التقنيات التي تعبر عن الذات المتشظية، المفتتة، القموعة، العائشة حقيقتها الأنثوية في آلية، والتي ربما تتحرر منها عن طريق موروث محتشد من الاستيهامات، والتخيلات، والأحلام، يجاوز اللحظات النفسية المأزومة داخل ذوات شخصياتها، يصاحب ذلك المهارة في الإحساس العميق بالدوافع النفسية المناسبة عند كل شخصية من شخصياتها.
الأدب المقاوم
ثم ينتقل الكاتب إلى (مجموعة "القلادة" والأدب المقاوم) للقاصة الفلسطينية بشرى محمد أبو شرار التي يراها تكتب بوحي من الإشكاليات والقضايا اليومية الساخنة لهموم الوطن السليب، حيث مساحة الوطن والنضال والنفي والمعاناة اليومية، ويضمها إلى ركب الكاتبات الفلسطينيات اللائي تحدثن عن القضية الفلسطينية في رواياتهن وقصصهن مثل سميرة عزام، وثريا ملحس، وسحر خليفة، وليانة بدر، وسلوى البنا، وليلى الأطرش، ونداء خوري، ونعمة خالد، وغيرهن ممن يكتبن استجابة لواقع يعيشه الشعب الفلسطيني من معاناة وقمع وقهر ومداهمات مستمرة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي. كل هذه الألوان من العذاب بالإضافة إلى المقاومة والثورة يولد مايعرف "بأدب المقاومة" في المصطلح النقدي المعاصر.
يركز الكاتب في قصصها على عملية تجسيد التوهج والاشتعال الذي يصوغ الحياة الفلسطينية بكل توجهاتها وأبعادها وهواجسها الإنسانية، من خلال مجموعة من المواقف النضالية والإيحائية التي تبرز الوجه الحقيقي للإنسان الفلسطيني الملتحم بأرضه، كذلك عفوية الحياة الفلسطينية اليومية في جانبها الاجتماعي كما في مجموعة "أنين المأسورين" و"جبل النار" ورواية "أعواد ثقاب". كما يعد كتاباتها على خط المقاومة امتدادًا لكتابات أخيها الشهيد ماجد أبو شرار.
ثم ينتقل إلى (القصة النسوية القصيرة جداً .. دراسة ومختارات وشهادات)، حيث يسلط الضوء على القصة القصيرة جدًا التي تسعى إلى إيجاد تجربة جديدة تتولى الاقتصاد في اللغة والإيجاز في حجم متن القصة لتجسيد وتوصيل رؤية تستطيع أن تتواءم مع إيقاع العصر، وتوجهات واقعه، وحداثة مضامينه. وهي محاولات بدأت من قبل بجهود لمحمد المخزنجي من مصر، ووليد الرجيب من الكويت، ومحمود شقير من فلسطين، ثم خاضت المرأة غمارها من خلال تقطير وتكثيف لغوي لحدث شبه مراوغ، وبنية قصصية وامضة ومقتصدة إلى حد كبير، تعتمد فيها الكاتبة على عالمها الخاص، وتجربتها الأنثوية حيال نفسها، وحيال الآخرين، خاصة علاقتها الأزلية بالآخر (الرجل) وهي تعبر في خصوصية هذا الإبداع عن عالم مؤول ورامز، يحمل في طياته حضور المرأة وطبيعة عالمها الخاص، وتناغم مشاعرها، ورؤيتها الأنثوية المتجددة لواقع الحياة ومسيرتها.
ويشير إلى إشكالية من إشكاليات هذا النوع وهي الوقوع في أسر الافتعال بدافع الإيجاز على حساب الحدث أو الشخصية أو الموقف الذي يكون عادة ومضة أو لقطة قصيرة تتموضع داخلها فكرة فلسفية، أو تضمين فكري، فيتحول النص إلى حالة جديدة من الخاطرة أو الرؤية المشوهة، ويفقد النص بريقه وتألقه الفني. وهو مايقع فيه كثير من كتاب هذا النوع.
ولأن الدراسة منحصرة في مصر يذكر تجارب لزينب صادق وعائشة أبو النور وسحر الموجي وهالة البدري وسمية رمضان، ثم يقدم نصوصًا للقصة القصيرة جدًا لعفاف السيد وابتهال سالم ونجلاء علام وصفاء عبد المنعم ومي خالد وأم العز السنيني وأسماء شهاب الدين ومنى رجب وهيام عبد الهادي ومني الشيمي. ومن الشهادات على هذا الفن يقدم شهادة ل د. هيام عبد الهادي وأخرى لمي خالد.
ثم ينتقل إلى الرغبة في الانعتاق في مجموعة "تكات الخريف" لصابرين الصباغ، حيث يرصد الكاتب ما توليه القاصة من عناية بقضايا المرأة والرغبة في التمرد والبعد عن عالم الرجل والوصول إلى مرحلة أسمتها بعض الكاتبات مرحلة التشبه بالرجل ومن ثم الارتباط به مرة أخرى.
ويقف أمام المناطق النفسية الغائرة والعميقة في شخصيات المجموعة، فحين تفتقد المرأة الاهتمام من الطرف الآخر تشعر بالعذاب وتصل إلى مرحلة الرغبة في الانعتاق من الذات البور (خاصة حينما تكون عقيما). ثم ينتقل إلى آليات الكتابة الأنثوية، مشيرًا إلى أن هوية المرأة تعتبر في ذاتها، والتعبير عن هذه الهوية هو الإبحار داخل ذاتها حيث البحث داخل هذه الذات عن مكونات الهوية الأنثوية واستنطاق المسكوت عنه. ويربط ذلك لدى الكاتبة باللغة الشعرية والمجازية والموضوعات المنتخبة بذكاء من عالم المرأة على اختلاف محاوره ومصادره، وبانتقاء لحظات حية، وبتقنية النهايات المفتوحة التي تعطي فسحة من الوقت للتفكير والتأمل والتأويل حول معطيات النص وطبيعة الحدث، لتظل ذبذبات النص تطارد وعي المتلقي بعد النهاية والختام.
كما يقف أمام (لحظة الأزمة وهواجس الذات في مجموعة "عرس الببغاء") للقاص الحماقي المنشاوي الذي يرصد داخل لحظات القصة لحظات الأزمة التي تعتبر عنصرًا أساسيًا من عناصر القصة القصيرة الحديثة، وما يصاحبها من الهواجس والتداعيات. ومن ثم يركز على الشخصيات المأزومة بطبيعتها والتي تحركها نوازع نفسية خاصة، ربما ترتبط بعقد دفينة مستحكمة تشوش مصدر السلوك الإنساني وإرساله، الأمر الذي يستدعي حرفية إعادة تركيب التفاصيل وخلق أزمنة سردية ذات مستويات شعورية عدة والتمكن من إدارة الحوار النفسي في كل موقف، وإيقاف الزمن البيولوجي لبعث زمن نفسي آخر.
قراءة ببليوجرافية
وحين يصل الكاتب إلى (قراءة ببليوجرافية في الأعداد الخاصة بالقصة بمجلة الهلال) يكون قد أنهى كتابه، حيث يتتبع الأعداد التي خصصتها هذه المجلة الرصينة والعتيقة للقصة.. دراسات ومختارات منذ نشأتها، ويستعرض القصص والدراسات والمواضيع والملفات والأسماء في هذه الرحلة.
وقد يعد هذا المبحث – من الناحية العلمية البحتية – أفضل ما في الكتاب لما فيه من تمهيد للتأصيل لجوانب وزوايا من تاريخ القصة وفنيتها وتطورها في العصر الحديث على أيدي أدباء كبار ونقاد كبار مثلوا علامات بارزة، ولما فيه من جهد تجميعي تحليلي وافر للكاتب، يوفر على عشاق فن القصة ونقادها كثيرًا من الجهد في البحث عن اللآلئ.
يذكر أن كتاب "هاجس الكتابة .. دراسات في القصة القصيرة" للكاتب شوقي بدر يوسف صدر عن وكالة الصحافة العربية بالقاهرة ويقع في نحو 160 من القطع الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.