فيما سبق كانت توصف بكونها الجميلة اسما ومعنى.. تغنى الشعراء ونثروا قصائدهم على ودمدني السني.. من رحمها جاءنا أبو الأمين وأبو عركي وسانتو وحموري وسنطة وغيرهم كثيرين.. موطن سيد الأتيام والرومان وسينما الخواجة والوطنية، لكن مهلاً، فالمقارنة لا تصح، والمسافة شاسعة ما بين الأمس واليوم. تمددت ود مدني واتسعت رقعتها واحتضنت كل أهل السودان ولم يجدوا غير الأم التي فتحت ذراعيها لهم واحتضنتهم بكل شوق. ولكن ماذا عنها اليوم؟ ماذا عن المفتونة بجمالها؟ هل تمردت على أهلها أم هم الذين غضبوا عليها فرموا على وجهها الأوساخ والنفايات وخرجوا منها في ليلة العيد، وتركوها تغرق في وحل القاذورات؟ برك المياه الآسنة تحيط ببعض العمارات في قلب السوق العمومي.. حتى المصرف الرئيس لم يسلم من الإزالة بحثا عن مصدر المياه التي تسري فيه ومنذ أشهر مضت، وإن كان التنقيب مضنيا بسبب شح إمكانيات المحلية التي توقفت وتراجعت آلياتها عن البحث بعد أن تركت المجرى دون سترة وتضرر منه أصحاب المحلات التجارية الذين لجأوا لعمل ممرات وسياج آمن لزبائنهم خوفا من الوقوع أو السقوط في هذا المجري الذي شيد منذ العهد الاستعماري تصريفا لمياه أمطار الخريف لتصب على مجري النيل. حسناً، يشكو أهل المدينة من تراكم الأوساخ في الأحياء بسبب غياب عربات النفايات أيام العيد وكذلك تواجد برك المياه مما أدى لتوالد الباعوض والحشرات وتفشي مرض الملاريا بين الأطفال. وإن كانت (اليوم التالي) حضورا في قلب السوق حيث مشاهد أكوام الأوساخ وغياب عربات وعمال هيئة نظافة وتجميل ولاية الجزيرة وإن وجدنا البعض متوقفا أمام الإدارة وعلمنا بأن الأسطول العامل لا يعمل الآن بسبب بعض الإجراءات الإدارية والمالية والعربات التي تعمل الآن أقل بكثير من حجم المطلوب وهي لا تغطي المدينة كلها. يقول مصطفى حمد علي (مواطن): ما تراه الآن في وسط السوق من تراكم للأوساخ من كراتين وبلاستيك وفوارغ مشارك فيه المواطن والتجار فلا بد من وضع قانون صارم حفاظا على صحة الإنسان وجمال المدينة وغياب المسؤول فاقم المشكلة.. وأشار بيده نحو أرض توقف فيها العمل منذ سنوات: "شوف الحال دا الأرض دي فيها مشاكل والآن بقت مكبا للأوساخ في وسط السوق".. علمنا بأن الارض (القطعة) كانت في السابق لإدارة الجوازات والجنسية وتم تخصيصها لإحدى الشركات منذ سنوات ولكن وقع نزاع وتوقف العمل فيها وصارت مكبا للأوساخ. سوق ودمدني يعيش أسوأ أيامه وحالاته فهل من مغيث؟.. حتى تجمع فوضى المكان في سلة واحدة ويقذف بها بعيدا ويعود للمدينة جمالها ونضرتها أم إنها ستتوارى خجلا بعد أن اهترأ ثوبها؟ اليوم التالي