وزير الخارجية يستقبل مدير عام المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة    منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير منظمة كفاية /كلوني حول فساد القيادات الجنوبية لديه مصداقية عالية ، و خالي من الغرض والهوى .
نشر في الراكوبة يوم 22 - 09 - 2016

+++ تقرير منظمة كفاية هو اعلان بفشل جميع القادة الجنوبيين ، ( حكومة و معارضة ) ، و اقرار بخطأ انشاء الدولة الجنوبية من الاساس.
هذا المقال الهدف منه قراءة الاوضاع السياسية في سودان وادي النيل القديم ( اي قبل انفصال جنوب السودان ) بعد وصول دولة جنوب السودان الي حالة الدولة الفاشلة في زمن قياسي ( خلال عامين من الاستقلال ) ، و بعد صدور تقرير منظمة كفاية الامريكية التي اربتطت باسم الناشط / جورج كلوني ، فتقرير منظمة كفاية ياتي في زمن مفصلي ، هو فشل كل الجهود الدولية الامريكية ، و التهديدات الصادرة بالويل و الثبور وعظائم الامور للدولة الجنوبية ، و فشل الجهود الاقليمية / الايقاد في خلق حد ادني من التعايش بين الحكومة و المعارضة الجنوبية ، و آخرها مغادرة رياك مشار مدينة جوبا ، و وصوله للخرطوم ، كافضل مكان آمن ( ولو مؤقتا ) للعلاج و الاستجمام . هذا المقال يحاول استقراء الابعاد السياسية لهذا التقرير الصادر من الجهات التي صنعت دولة الجنوب ( فجنت علي الجنوبيين اولا ، و علي المسيحيين في السودان عموما و الجنوب خاصة ) ، فالتقرير يرسل رسالة استغفار عن ذنب انشاء دولة جنوبية بلا مقومات دولة ، و يمهد الارضية اللازمة لتصحيح الاوضاع في دولة جنوب السودان ، و السودان القديم ( من نملي الي حلفا بصورة عامة ) .. باقامة دولة الوحدة الطوعية ، و المواطنة ، و التنوع .. فالي حيثيات المقال التي بنينا عليها هذه النتائج :-
اولا : تقرير منظمة كفاية / جورج كلوني يمتلك درجة عالية من المصداقية ، لانه خالي من الغرض و الهوى : .
1 - تقرير منظمة كفاية / جورج كلوني الذي تناول ملف الفساد ، و اثرياء الحرب في دولة جنوب السودان ، لم يشكل صدمة او مفاجأة لاي شخص يعرف الاوضاع في المنطقة ، فالفساد المالي للحكام يعتبر ثقافة في المنطقة ( السودان الشمالي ، تشاد ، جنوب السودان .. الخ ) .. و لكن الجديد ، و المفاجئ هو ان يصدر التقرير من منظمة كفاية ، و من جورج كلوني ، و من مؤسسات امريكية ، في مجملها تعتبر هي الجهات التي صنعت دولة الجنوب ، لذلك فهي ليست مغرضة .. و لا تستهدف تغويض دولة الجنوب المسيحية بالباطل .. بل ان الجهات الامريكية التي ابرزت التقرير الي حيث الوجود هي مظنة الاخلاق و القيم الرفيعة لانها ذات علاقة باللوبي المسيحي الذي استولد ، و انتج دولة الجنوب المسيحية .
2 - و يعزز مصداقية التقرير انه سبق للرئيس سلفا كير نفسه ان طالب 75 قياديا جنوبيا برد 4 مليار دولار .
3 - منظمة الشفافية الدولية ادرجت دولة جنوب السودان ضمن قائمة اكثر ( 10 دول في العالم فسادا ) .
4 - فساد القيادات الجنوبية بالكيفية الواردة في تقرير منظمة كفاية يحمل بصمات وجينات فساد حكومة الخرطوم ، فحكومة جوبا تحمل ( DNA ) فساد الدولة الام التى تمخضت منها خلال فترة انتقالية و شراكة لمدة 6 سنوات ، تعلمت منها اساليب الاستيلاء علي عائدات البترول التي لا تنزل في الميزانية العامة للدولة ، فحكومة الخرطوم فاسدة في نفسها ، مفسدة لكل من شاركها او عاش تحت سلطتها .
الوقائع و القرائن اعلاه تؤكد حقيقة هامة هي ان تقرير منظمة كفاية / كلوني عبارة عن شهادة ( عدم صلاحية لكافة القيادات الجنوبية ، في الحكومة و المعاضة علي السواء ) ، و من ثم ، يعتبر هذا التقرير مؤشرا لاجراءات دولية صارمة سوف يتخذها المجتمع الدولي عبر مجلس الامن ضد القيادات الجنوبية ( في الحكومة و المعارضة ) ربما تشمل انشاء محكمة جرائم حرب لمحاكمة امراء الحرب و اثرياء الحرب في دولة جنوب السودان .
ثانيا : علي الرغم من ان تقرير منظمة كفاية الامريكية / جورج كلوني قد تضمن حقائق دامغة بالارقام ، الا ان هذا المقال ليس القصد منه ابدا .. ابدا .. محاكمة القيادات الجنوبية بموجبه ، فهذا شان يخص شعب جنوب السودان في الوقت الحالي ، كما يخص مجلس الامن الدولي ، و لكن هذا المقال يهدف الي قراءة الاوضاع في جنوب السودان خاصة ، و السودان كله ( بشماله و جنوبه ) بعد هذا التقرير الخطير الذي اجزم بان ستكون له تداعيات سياسية خطيرة في كل سودان وادي النيل ، وذلك حسب التحليل التالي الذي سيرد في هذا المقال بحول الله :
1- تقرير منظمة كفاية / كلوني تعبير عن اقراراللوبي المسيحي الامريكي بخطئه في انشاء دولة الجنوب من الاساس ، و تعبير عن الياس من اصلاح هذه الدولة الفاشلة ( حسب رؤية التقرير) !!
أ - في سنة 1947 رتبت بريطانيا ( راعية الكنيسة في كل مستعمراتها التي لا تغيب عنها الشمس ) رتبت مؤتمر جوبا و اقنعت الجنوبيين بالعيش مع الشمال في دولة موحدة ، علي اعتبار ان السودان الموحد المتنوع بشماله المسلم الذي انتج الدولة المهدية الجهادية ، و جنوبه المسيحي ، يمكن ان ينتج دولة ( مواطنة ) متوازنة ، و متنوعة ، بجيش قومي وطني يضم كل السودانيين من الجنوب و الشمال .
ب - و علي الرغم من ان الجنوب قد بدا التمرد / الثورة / التحرير منذ عام 1955 ، الا ان اتفاقية اديس ابابا 1972 كانت بترتيب من ( مجلس الكنائس العالمي ) ، و قد انتجت اتفاقية الحكم الذاتي لعام 1972 المعروفة باتفاقية اديس ابابا ، انتجت دولة جنوبية ( شبه مستقلة ) ، تتمتع بالحكم الذاتي ، كانت دولة ديمقراطية برلمانية ، في اطار دولة السودان الشمولية المايوية المحكومة بالاتحاد الاشتراكي التنظيم الفرد الاوحد . و لكن شعر مجلس الكنائس العالمي الذي رتب اتفاقية ابابا ، شعر بالاحباط حين انتهي نظام نميري الي تطبيق الشريعة الاسلامية ( في كل السودان) بما في ذلك الجنوب ، صحيح ، نال الجنوب وضعا استثنائيا ( بالامر الواقع ) ، و لكن قانون عقوبات 1983 ، وقانون الاجراءات الجنائية لعام 1983 ، هذه القوانين المعروفة بقوانين سبتمبر لم تستثن الجنوب من تطبيق الشريعة الاسلامية
ج - في عام 1977 اقام نظام نميري المصالحة الوطنية مع الجبهة الوطنية ( حزب الامة / الاتحادي الديمقراطي /و الاخوان المسلمين ) علي اساس ( الشريعة الاسلامية ) ، ثم اعلن النميري القيادة الرشيدة ( اي القيادة التي لا تشرب الخمر ) ، و شكل لجنة تعديل القوانين لتتماشى مع الشريعة الاسلامية ، و اعلن ( النهج الاسلامي لماذا ؟ ) ، و النهج الاسلامي كيف ؟ ) .. فتوصل الجنوبيون الي قناعة تامة بان النميري سيمضي في تطبيق الشريعة للنهاية ، الامر الذي سيجعل الجنوبيين مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم ، لذلك تمرد الجنوبيون بقيادة الشهيد د جون غرنق قبيل اعلان النميري تطبيق الشريعة في سبتمبر 1983.
كانت خطة المتمردين الجنوبيين في عام 1983 هي تعميم التمرد / الثورة / التحرير في كل الهامش السوداني ، خاصة المتاخم لجنوب السودان ، لذلك ، فان ثورات الهامش كلها ، ( في جبال النوبة و النيل الازرق ، وشرق السودان ، و في دارفور ( منذ حركة الشهيد داؤود بولاد) ، ثم حركة التحرير و العدل و المساواة ) ، خرجت جميع هذه الحركات من رحم الحركة الشعبية لتحرير السودان ، و ذلك بهدف اضعاف الدولة السودانية ، و تفتيتها بما يمكن من انفصال الجنوب ، و قد استخمدت الحركة الشعبية شعارات مخادعة ( السودان الجديد ) ، ظاهرها الوحدة ، و باطنها الانفصال.
ج - بمجيء الانقاذ عام 1989 ووصول الاخوان المسلمين للسلطة ، تأكدت قناعة السياسيين الجنوبيين التي رسخت في اعماقهم منذ عام 1983 ، واستطاعوا ان ينقلوا هذه القناعة للعالم المسيحي ، و تحديدا اللوبي المسيحي في امريكا ، وهي ( صعوبة / استحالة ) التعايش بين الشمال المتطرف اسلاميا مع الجنوب المسيحي ، فاشتغل الجنوبيون علي الانفصال . صحيح الدكتور جون غرنق ، الذي هو تربية الجيش السوداني ، و الاستاذ في كلية الزراعة جامعة الخرطوم ، كانت لديه قناعات وحدوية ، و طموحات شخصية بان يحكم السودان الموحد (من نملي الي حلفا) ، و لكن قطعا كانت توجهات الجنوبيين عموما نحو الانفصال ، لذلك تمت ( تصفية غرنق جسديا ) فور انتهاء مهمته ، وهي ( الوصول بالدولة الجنوبية عبر اتفاقية نيفاشا الي جنوب منفصل مع وقف التنفيذ لحين انقضاء الفترة الاتقالية ، و الاستفتاء علي تقرير المصير ) .
د - اخطأ القادة الجنوبيون ، و من ورائهم اللوبي المسيحي في امريكا بصورة خاصة ، اخطأوا في سعيهم لفصل الجنوب لمجرد ان الشمال طبق الشريعة الاسلامية ( بطريقة غبية ) ، و هذه هي الادلة :
(1) ان تقسيم السودان لاسباب دينية سيهدد افريقيا كلها بالتفتت و الانقسام ، و ذلك لان حالة الدولة الافريقية التي يكون شمالها مسلم و جنوبها مسيحي ليست قاصرة علي حالة السودان ، و انما تشمل دولا اخري مثل تشاد ، نيجيريا ، الكمرون ، و اثيوبيا ، و يوغندا ..الخ .
(2) كان واضحا ان ( شعوب جنوب السودان ) هى امة تحت التاسيس ، و ان الجنوب كله في ( مرحلة ما قبل الدولة ) ، ليس بين القبائل الجنوبية تاريخ مشترك ، و لم يعيشوا تحت دولة او امبراطورية واحدة ، و قد تجلي ذلك في تكوين جيش الحركة الشعبية ، الذي ظل تكوينه علي اساس قبلي واضح .
(3) لقد تقاتلت الفصائل الجنوبية ضد بعضها البعض منذ تسعينات القرن الماضي ( من منظور قبلي بحت ) ، الدينكا ضد النوير ، فتصالح النوير بقيادة رياك مشار ( تفاوضوا مع الشهيد الزبير ) ، تحت لافتة السلام من الداخل ، و لحق بهم الشلك بقيادة لام اكول ، و كانت القراءة واضحة وهي ان ( الجنوبيين لا يجمع بينهم شيء سوى معاداة الشمال ، و انهم اذا انفصلوا سيأكلون بعضهم البعض ) ، و هي قراءة واضحة لم تكن بحاجة الي شطارة كبيرة للوصول اليها .
ه - قامت مجموعات الضغط الامريكية باستولاد الدولة الجنوبية المسيحية ، علي امل ان يعيش الجنوبيون كمواطنين من الدرجة الاولي في وطنهم ( جنوب السودان ) ، و خلال عامين فقط من استقلال دولة الجنوب تجددت النزاعات القبلية بين قيادات دولة الجنوب التي صنعت الاستقلال، وهي نزاعات موجودة سلفا كما سبقت الاشارة اليها ، و نتج عن هذه النزاعات القبلية ( حرب ابادة ) بين قبيلتي الدينكا و النوير ، فالتصفية الجسدية تمت علي اساس الهوية ، فانكشفت الحقيقة المرة للوبي المسيحي الذي انشأ الدولة المسيحية في جنوب السودان ، وهي انه اخطأ حين انشأ هذه الدولة ، لان جنوب السودان لم يكن دولة في اي لحظة في التاريخ قبل عام 2011 ، و لا يمتلك مقومات دولة كما سبقت الاشارة الي ذلك في الفقرة السابقة . .
ثالثا :تقرير منظمة كفاية موجه لصانعي القرار في امريكا ، و اوروبا لتفادي موت شعب الجنوب ( جوعا ) لتصحيح خطأ انشاء دولة الجنوب ، و ايجاد قيادة جنوبية بديلة :
الحلول لمشاكل المنطقة تضعها عادة امريكا ، و هذه الحلول الامريكية ليست دائما صحيحة ، و لكن ميزة الامريكان و الغربيين عموما ان لديهم الشجاعة علي مواجهة اخطائهم و الاعتراف بها ، و الانتقال للخطة البديلة . تقرير منظمة كفاية / كلوني هو ( حكم ، سند تنفيذي ) ضد القيادة الجنوبية الحالية ( حكومة و معارضة) بعدم الصلاحية كما سبق القول ، و هذا الحكم يلزم صانعي القرار في امريكا باعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة كلها لسد الفراغ الناتج عن تحول الدولة الجنوبية الي دولة فاشلة و عاجزة عن القيام بمسؤولياتها تجاه المواطن الجنوبي بتوفير الامن ، و الطعام و خدمات الصحة و التعليم .. الخ . لذلك سارعت امريكا الي خلق سلام و استقرار في شمال السودان لضمان توفير الطعام لشعب جنوب السودان المسيحي . طبعا هذه الخطوة اسعافية ، و المشاكل في جنوب السودان بحاجة الي حلول جذرية من المرجح ان يكون الحل الجذري هو اعادة توحيد القطر السوداني علي اسس جديدة .
رابعا : ما هو مصير دولة جنوب السودان بعد مغادرة رياك مشار جوبا ( الي الخرطوم) ، و بعد ان وصف الرئيس سلفا كير خطة مجلس الامن بجلب 4000 جندي لحماية جوبا بانها استعمار عديل كدة ؟!!
لقد بدا يتكشف لدول الايقاد ، و لامريكا ان الخطة الرامية الي فرض التعايش بين الحكومة و المعارضة ( بتثبيت المعارض / رياك مشار في منصب النائب الاول لرئيس الجمهورية) ، خطة غير قابلة للتطبيق علي ارض الواقع . السؤال : هل يقبل الايقاد و امريكا بالامر الواقع الذي فرضه الرئيس سلفا كير بتعيين تعبان دينق ( من قبيلة النوير ) و نسيان رياك مشار ؟!! و هل سيسكت رياك مشار ، و يترك دولة الجنوب تنعم بالسلام ؟؟ الراجح ان رياك مشار لن يستسلم ، و سوف يحارب من اجل السلطة .. و هذا سيعني مزيد من النازحين واللاجئين ، وسوف يفر المدنيون الجنوبيون المسيحيون الي شمال السودان ، الامر الذي يقتضي تحقيق السلام و الاستقرار في السودان ، ليس حبا في عمر البشير المطلوب للعدالة الدولية ، و لكن من اجل توفير مناخ امن في شمال السودان ليتمكن من اطعام الجنوبيين المسيحيين . لذلك فان امريكا ستفرض السلام في السودان فورا ، و هو الامر المرغوب فيه من قبل كل الاطراف السودانية .
قراءة متشائمة تقول ان تقرير منظمة كفاية / كلوني هو مقدمة لانشاء محكمة جرائم حرب لمحاكمة قادة الحكومة و المعارضة علي السواء ، و معاقبتهم علي جرائم الحرب التى ارتكبوها خلال فترة العامين الماضيين ، و التي شهدت جرائم حرب و قتل علي الهوية متبادلة بين قبيلتي الدينكا و النوير ، فالتقرير موجه لصانعي القرار في امريكا و اوروبا ، لاتخاذ اجراءات صارمة ضد القيادات التي شملها التقرير ، و من اجل ايجاد بديل ، و الذي ربما يشمل اعادة دمج شطري السودان في دولة فيدرالية بصلاحيات واسعة للجنوب ، و توحيد الجيش السوداني و دعمه ليستطيع السيطرة علي الحدود و توفير الامن لكل سوداني من نملي الي حلفا .
وتقول نفس القراءة المتشائمة ان تقرير منظمة كفاية / كلوني الهدف منه تهيئة الارض في جنوب السودان لكنس كل القيادات الفاسدة التي شملها التقرير ، و انتاج قيادات جنوبية جديدة ( نظيفة لم تتلوث بالفساد المالي ، و لم تشارك في الابادة ) ، ان دولة الجنوب الممزقة بحاجة الي ( شخصية كارزمية ، من طراظ د جون غرانق ) ، لها القدرة علي الاعتراف بكل اخطاء الماضي ، بما في ذلك خطأ الانفصال ، و الدعوة الي اعادة وحدة تراب الوطن علي اسس جديدة .
بالمقابل ، فان الوحدة تقضي تعامل عقلاني مع دولة الشمال البراقماتية ، التي تستطيع تحت الاغراءات ان ( تقلب180 درجة ) ، فهي التي في لحظة باعت ( علاقتها الاستراجية ) مع ايران ، و حماس ، و الجهاد الاسلامي ، و فتحت حوارا مع اسرائيل ، و انضمت الي معسكر السعودية ، و بذات الطريقة تستطيع ان تنفذ الشروط الامريكية ، خاصة انها هذه المرة ليس مضرة بالبلاد، و لا تتعارض مع المصلحة العليا للبلاد ، ( تحت التهديد بالمحكمة الجنائية و تبعاتها قبلت حكومة الخرطوم بكل الاملاءات الامريكية من توقيع نيفاشا حتي اجراء استفتاء تقرير المصير ، و هي كلها امور ضارة بالمصلحة العليا للبلاد ) ، و خلاصة القول ، ستقبل حكومة الخرطوم بالسلام في دارفور و المنطقتين ، ( تحت الاغراءات الامريكية الاوروبية ) و سوف توقع علي وقف العدائيات ، و التحضيري ، و تطلق سراح الاسري و المحكومين السياسيين ، و تقبل بالتحول الديمقراطي الذي سيؤدى حتما الي فصل حزب المؤتمر الوطني عن الدولة ، و القبول بحكومة انتقالية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الكامل غير المنقوص . و التحول الديمقراطي كفيل بخلق مناخ الوحدة الجاذبة ، التي تبدا هذه المرة بحسن استقبال الجنوبيين الفارين من دولة الجنوب الطاردة .
ابوبكر القاضى
كاردف / ويلز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.