كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق المهدي : نظام البشير يدير البلاد باستراتيجية «رزق يوم بيوم».. النظام ندم ندما شديدا على اعتقالى
نشر في الراكوبة يوم 23 - 10 - 2016

أكثر من عامين و3 أشهر قضاها الصادق المهدى، رئيس الوزراء السودانى الأسبق، زعيم حزب الأمة القومى، في القاهرة بعيدا عن الخرطوم فيما يمكن أن يطلق عليه «منفى اختيارى»، حيث وصلها في يوليو 2014 عقب قيام السلطات السودانية بالإفراج عنه بعد فترة اعتقال.
المهدى، الذي يصنف كأحد القيادات التاريخية في السودان، يكشف في حوار مع «المصرى اليوم» عن اتخاذه قرارا بالعودة للخرطوم، مؤكدا: «قرار عودتى للسودان اتخذته، وتم تشكيل لجنة من الحزب لتضع الإطار المناسب لعودتى بعد غيبة في الخارج».
واعتبر «المهدى» أن الحوار الوطنى السودانى «معيب» ونتائجه تلزم من اشتركوا فيه ولا تلزم قوى كثيرة جدا مهمة، على حد قوله.. وفيما يلى نص الحوار:
■ ختام مؤتمر الحوار الوطنى كان الحدث الأبرز في السودان في الأيام القليلة الماضية.. في رأيك هل ستكون نتائجه بداية لحل أزمات السودان أم ستزيد الأمور تعقيدا؟
- النظام في السودان فرض أجندة أحادية، ذات مرجعية إخوانية، وهذه الأجندة وجدت معارضة حادة جدا، فكانت هناك معارضة في الجنوب بسبب أن هذه الأجندة حاولت أن تفرض هوية إسلامية عربية على الجنوب، وكما يعلم الجميع أن أهالى الجنوب ليسوا مسلمين في الأغلب أو عربا، وهذا حول المشكلة في الجنوب إلى حرب أعمق وبرعاية خارجية وأدى في النهاية إلى انفصال الجنوب.
وبعد انفصال الجنوب واجه النظام مشاكل كثيرة، منها: مشاكل في دار فور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والقوى السياسية ففكر في الحوار، وقد زارنى الرئيس البشير في أغسطس 2013، وسألنى ما هو المخرج، وأنا ذكرت له المخرج في 3 قضايا «السلام بمعنى وقف الحرب، والحكم والدستور» وهى محتاجة أن يتفق عليها من الجميع بحيث عدم عزل أي أحد أو أن يهيمن عليها أحد، وفى يناير 2014 أطلق الرئيس البشير مبادرة «الوثبة» التي تقوم على إشراك الجميع في الحوار، ولكننا في حزب الأمة انتقدنا هذه «الوثبة» في أمرين أولهما عدم توافر الحرية والأمر الثانى أن يكون الحوار تحت رئاسة محايدة وليست تحت رئاسة حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، لذلك رفضنا المشاركة في هذا الحوار، لكن الحوار استمر بعدد من الأحزاب الأخرى وعدد من الحركات التي كانت مسلحة وتركت السلاح، ونحن في حزب الأمة والجبهة الثورية كونا ما يسمى «نداء السودان» الذي لم يقبل هذا الحوار الداخلى.
■ لكن الاتحاد الأفريقى أطلق هو أيضا مبادرة للحوار السودانى- السودانى؟
- لقد تقدم مجلس السلم والأمن الأفريقى التابع للاتحاد الأفريقى بمبادرة وعين هيئة عليا للإشراف على الحوار السودانى بخلاف الحوار الداخلى، ونتيجة لهذا المجهود تم الاتفاق وسميت خريطة الطريق وهى أجندة لكى يقوم عليها حوار وطنى، والنظام السودانى وقع عليها في مارس 2016، ونحن في نداء السودان وقعنا عليها في أغسطس 2016، وصار واردا على أن يقعد اجتماع برئاسة رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ثامومبيكى، والفكرة في هذا الحوار أن يحقق إجراءات بناء الثقة من وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين وإطلاق الحريات والاتفاق على أجندة للسلام والاتفاق على الحكم، وبعدها ينتقل الحوار للداخل.
الحوار الداخلى أعطى للنظام حجما كبيرا وكأنه بلغ نهايته، والملاحظ على نتائج الحوار الداخلى أنه لم يحقق المأمول منه، بمعنى أن يكون حوارا جامعا لا يعزل أحدا ولا يهيمن عليه أحد، ثانيا أن الحوار كان معتمدا على توصيات 6 لجان، ولكن الوثيقة التي خرجت عن الحوار خالفت كثيرا من هذه التوصيات، إذن بمقياس الاستحقاقات للحوار التي ذكرتها في السابق صار هذا الحوار معيبا، وبمقياس تطبيق توصيات لجانه كان ناقصا، ثالثا لم يلتزم بتنفيذ ما وقع عليه النظام في الخارج، ولهذه الأسباب نتائج الحوار تلزم من اشتركوا فيه ولا تلزم قوى كثيرة جدا مهمة، وعليه فإذا اعتبر النظام نتائج الحوار الداخلى هي نهاية الحوار وعلى الجميع أن يقبلوا بنتائجه ففى رأيى سيؤدى إلى استقطاب حاد جدا في السودان، بمعنى إذا النظام اعتبر أن الحوار انتهى، وفى ذات الوقت القوى الكبرى في السودان ستعتبر أن هذا الحوار لا يخصها وغير معنية به، فمن الممكن أن تقوم بتعبئة مضادة للنظام، وهذا قد يؤدى لانتفاضة شعبية، خصوصا أن ظروف البلاد محتقنة للغاية أمنيا، فالنظام يقوم بالصرف على المهام الأمنية في اليوم ما يساوى دخل الحكومة في شهر، وهذا وضع اقتصادى خانق، ومن الأشياء التي تدل على هذا الوضع الاقتصادى الخانق ارتفاع سعر الدولار بشكل كبير وتدهورت قيمة العملة الوطنية.
أضف إلى هذا هناك مشكلة خارجية، فالنظام السودانى ضمن قائمة رعاية الإرهاب كما وضع في 63 قرارا صدرت عن مجلس الأمن الدولى أغلبها صدرت تحت البند السابق، بالإضافة إلى أن عددا من مسؤوليه ملاحقون من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
وأشير هنا إلى برنامج الدول المديونة الفقيرة، وكان من الممكن من خلاله إعفاء السودان من ديونه الخارجية «حوالى 50 مليار دولار»، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان التي تكلفه سنويا حوالى 745 مليون دولار، وهذه كلها أمور كان من الممكن حلها إذا تم الاتفاق على إيقاف الحرب وتحقيق استقرار ديمقراطى، وإذا لم يتم التوصل لهذا الاتفاق السياسى كلها أمور ستشكل عوامل ضغط على النظام.
وأعتقد أن الخيار العاقل للنظام أن يقول إن هذا الذي تم يلزم من شاركوا فيه، أما من لم يشاركوا فنحن «أى النظام» ملتزمون بالحوار معهم تحت مظلة خريطة الطريق التي تم التوقيع عليها، إذ يمكن أن يتطور الموقف للتوصل إلى اتفاق سياسى يوقف الحرب ويتم الاتفاق على حكومة انتقالية وكيفية كتابة الدستور، هذا أمر يمكن حدوثه.
■ هل تم بالفعل اتصال هاتفى بينك وبين الرئيس عمر البشير؟
- نعم، وتم هذا الاتصال يوم 10 أكتوبر الجارى.
■ ماذا دار في هذا الاتصال؟
- حديث مجاملات، فقد قال لى البشير «نحن نعتقد أن مكانك ومكان حزب الأمة شاغر ونتطلع أن يكون هناك حضور له»، فقلت له «نحن حريصون على أن يكون الحوار شاملا، فالحوار الحالى لا يشملنا ولكن نتطلع إلى الحوار المتفق عليه بموجب خريطة الطريق.
أي أن الحديث الذي دار بينى وبين الرئيس البشير تبادل آمال، هم يريدوننا أن نحضر الحوار ونحن نريدهم أن يلتزموا بخريطة الطريق.
■ هل الاتصال يؤشر إلى بادرة حسن نوايا من جانب النظام السودانى؟
- لا شك في أن النظام السودانى يتعامل معى بصورة تؤكد معرفتهم بوزننا الشعبى، ودائما هناك حرص على مشاركتنا في القضايا الوطنية، رغم أننا مصنفون كمعارضة، وهذا الاتصال ليس الأول، حيث يتصل بى قيادات من المؤتمر الوطنى سواء للتهنئة بالأعياد أو غيرها من المناسبات.
ونحن في السودان لدينا خصلة ليست موجودة في كثير من القوى السياسية في العالم العربى وهى درجة عالية من التسامح والتعامل مع الآخر بنوع من المودة الاجتماعية، فهذه مسألة معروفة في السودان، وهى لا تعنى أن هناك اتفاقا سياسيا.
■ هذا يدفعنا إلى شروطك للعودة للخرطوم؟
- أنا ليست لدى أي شروط للعودة، فقد كنت أرغب في العودة عندما يتفق على وقف العدائيات، بحيث أعود للخرطوم وقد حققنا وقف الحرب، حيث كنت أنوى العودة وأنا أصطحب معى بعض الذين حملوا السلام باعتبار أنهم الآن يريدون أن يكونوا ضمن عملية بناء السلام في البلاد، فكنت أربط عودتى بعملية وقف العدائيات، وبما أن ذلك تعذر الآن فأنا أفكر في العودة ليس في إطار وقف العدائيات أو أي عمليات من هذا النوع، وإنما في إطار أن لدى مسؤوليات شعبية وتنظيمية، ضرورى جدا أن أمارسها في الداخل، ولذلك كونت لجنة من الحزب لتنظم مسألة عودتى، بحيث تنظم الكيفية والتوقيت المناسب، وكما ذكرت لك فمبدئيا قرار عودتى للسودان اتخذته، واللجنة ستضع الإطار المناسب لعودتى بعد غيبة في الخارج.
■ هل لديكم ضمانات لعدم قيام الحكومة باتخاذ أي إجراءات ضدك خاصة أن خروجك من السودان جاء بعد فترة اعتقال؟
- أنا لا أريد أي ضمانات، وأعتقد أن الاعتقال لأى إنسان مكافح رأسمال سياسى، وليس هناك شك في أن النظام ندم ندما شديدا على اعتقالى وكلهم عبروا عن هذا الندم، وبالنسبة لنا فهذا الاعتقال حقق لنا مكاسب سياسية، وبالتالى فإن الاعتقال لا يخيفنى، فأنت لا يمكن أن تهدد «سمكة بالغرق»، ولست مشغولا بهذا الأمر، صحيح أن النظام من الممكن أن يتخذ موقفا من موقفين أولهما أن يأخذ موقفا وديا ويعتبر عودتى «غصن زيتون» أو أن يأخذ موقفا عدائيا ويعتبر أن العودة مع عدم وجود اتفاق دعم للمواجهة، ويتخذ من هذا موقفا، أنا لا أدرى ماذا سيفعلون ولا أنتظر منهم تطمينات، لأننى كما ذكرت لك سابقا لا أعتقد أن الاعتقال في هذه الظروف بالنسبة لى سياسيا أمر سيئ، وإنما تزيد من التماسك الشعبى والوحدة الشعبية إذا حدثت، ولذلك أنا سأذهب بصرف النظر عما سيرى النظام.
■ كيف قرأت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤساء أوغندا وتشاد وموريتانيا في الجلسة الختامية للحوار السودانى؟
- هذه النظم جميعها تسعى لأن يكون هناك توافق بينها فأمنها يقتضى ذلك، وفى رأيى كل الذين حضروا الجلسة الختامية للحوار كانوا في إطار «نحن معا ولا نتدخل في شؤون بعضنا البعض»، وبالتأكيد أمن هذه النظم يقتضى التفاهم فيما بينهم، وأعتقد أن النظام صرف أموالا كثيرة جدا لكى يكون هناك مشهد شرعية إقليمية من حضور هؤلاء الرؤساء، ومؤكد أن النظام السودانى حيثما تكون هناك مناسبة في دول الجوار سيحضر، أي أنهم يتجاملون في هذا النوع مع بعضهم البعض، وهذا أمر مفهوم.
■ كيف ترى تطور العلاقات بين القاهرة والخرطوم في الفترة الحالية؟
- هناك ملفات أساسية، النظامان في السودان ومصر مختلفان فيها اختلافا أساسيا، على رأس هذه الملفات «الإخوان المسلمون»، فهم يشاركون في الحكم في السودان والنظام السودانى نفسه ذو مرجعية إخوانية، وفى مصر يعتبرهم النظام إرهابيين، وهذه أمر لا يمكن تجاوزه.
والأمر الآخر السودان له تحالفات إقليمية ومصر كذلك، والتحالفات الإقليمية لدى الطرفين متناقضة، فالسودان متحالف مع قطر وتركيا، ومصر تعتبر هؤلاء يتدخلون في شأنها، لذلك أعتقد انه لا يوجد في مصر رضا عن هذه التحالفات الإقليمية للنظام السودانى، وفيما يتعلق بالموقف في ليبيا، فالنظام السودانى يدعم فجر ليبيا بطرابلس، ومصر في المقابل تدعم برلمان «طبرق» وتدعم المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبى، وهو ضد فجر ليبيا هذا بند، والبند الآخر عندما تم اتفاق «تيران وصنافير» بين مصر والسعودية، فهذا الاتفاق ثبت حدود مصر عند خط عرض 22 وفيها حلايب وشلاتين، وهذا موضوع خلافى أيضا بين الجانبين، وفى رأيى أن الذي حدث ويحدث الآن أن هناك خلافات جوهرية ولكن مع ذلك هناك ضرورات في رأيى تكتيكية مثل التجارة والمعابر والتعايش بين حكومة وحكومة، وأنا أسميه وجود عوامل تكتيكية تتطلب تعاملا بين حكومتين، وهذا إن لم يمس المشاكل الجوهرية التي لم تعالج فلا يمكن للعلاقات أن تتطور.
■ البعض يردد أن النظام السودانى يحاول تغيير خريطة تحالفاته الإقليمية، فعلى سبيل المثال شارك في التحالف العربى لدعم الشرعية في اليمن وله علاقات متميزة حاليا مع الرئيس الأوغندى موسيفينى؟
■ هل النظام السودانى بمشاركته في هذه الحرب ضحى بعلاقاته مع إيران؟
- في منطقة الشرق الأوسط إيران وتركيا دولتان لديهما ميزات، لابد أن ندخل في نوع من العلاقات الإيجابية معهما، فهما دولتان مهمتان وتلعبان دورا مهما في المنطقة، وفى رأيى على دولنا أن تصل إلى معادلة نوع من التعايش مع أنقرة وطهران، ليس فقط لكونهما دولتين قويتين وإنما باعتبارهما تملكان عمقا في بلداننا، حيث يوجد سنة وشيعة، والمطلوب الآن صلح سنى شيعى بإلحاح شديد، لأن هذا الصراع الطائفى لا يوجد سبيل لحسمه.
وتركيا بلد يقوم على أساس ديمقراطى، وعندها تجربتها، وإيران كذلك عندها تجربتها والاثنتان لديهما عمق في المنطقة.
■ قد يبدو هذا الأمر حاليا أمرا صعب المنال بسبب التدخلات الخارجية في مشكلات المنطقة؟
- لماذا صعب المنال؟ ليس هناك عداء في العالم كان أشد ضراورة من العداء بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا وبين الألمان والفرنسيين، فهم الآن تجاوزوا هذا الأمر، ولم تسل دماء في الأرض أكثر من الدماء التي سالت في أوربا في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث قتل أكثر من 80 مليونا، فإذا كان هؤلاء تجاوزوا مرارات لم تحدث من قبل في تاريخ البشرية، فلماذا نحن لا نتجاوز خلافاتنا؟.
صحيح أن هناك مشاكل كبيرة جدا في المنطقة ولكن يمكن حلها ليس بالطريق العسكرى وإنما بالطرق السلمية وتحقيق السلام، لابد أن ندرك أن مشاكلنا نحن أولى بحلها، والحروب الإثنية والدينية في المنطقة لابد من وقفها سياسيا وليس عسكريا.
■ الفترة الماضية كانت هناك بوادر لحل الخلافات الأمريكية السودانية وحوارات بين مسؤولين أمريكيين وسودانيين، فهل سيتم تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن؟
- الإدارة الأمريكية أكدت للنظام السودانى أنهم يرغبون في علاقات أفضل معه، لكى يساهم في مكافحة عملية الهجرة غير القانونية لأوروبا والمساهمة في جهود محاربة الإرهاب في المنطقة، ولكن هذا يمكن بشرطين، الأول وقف الحرب ومصالحة الشعب السودانى، والشرط الثانى أن يلعب النظام السودانى دورا إيجابيا في حل مشاكل جنوب السودان، إذن هناك أسس لكى تحقق اتفاقا مع الأمريكان ولكن تحتاج إلى استحقاقات في رأيى النظام في السودان لم يدفعها.
■ موضوع سد النهضة أحد الموضوعات المقلقة للشعب المصرى فهل تعتقد أن الموضوع في طريقه إلى الحل أم إلى مزيد من التعقيد خاصة بعد اتهامات بعض الأطراف الإثيوبية لمصر بأن لها دورا في الأحداث التي تشهدها إثيوبيا وهو الأمر الذي نفاه الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- هذا أمر مؤسف، ولعلك تتذكر الاجتماع الذي عقده الرئيس السابق محمد مرسى مع عدد من رؤساء الأحزاب، والاجتماع كان مذاعا على الهواء وهم كانوا يعتقدون أنه اجتماع سرى، والبعض تحدث في هذا الاجتماع عن إثارة الأورومو أو التعاون مع إريتريا، فالأثيوبيون منذ ذلك الوقت عندهم تصريحات من قادة سياسيين مصريين أنه يمكن أن تفعل مصر ذلك، وهذا النوع من الهواجس موجود لدى الإثيوبيين مثلما هناك هواجس هنا في مصر بأن الإثيوبيين يتعاونون مع إسرائيل، فهواجس من هذا النوع موجودة.
وفيما يخص موضوع سد النهضة نحن في مصر والسودان خلقنا حيثيات لحرب باردة، لأننا عقدنا اتفاق 1959 لتوزيع مياه النيل، وتم تهميش دول المنبع في وقت كانوا يرغبون فيه في المشاركة ولكن لم يتم إشراكهم في الاتفاقية، وتم توزيع مياه النيل على أساس ثنائى، وفى رأيى هذا خلق مقومات حرب باردة في الحوض حيث إنه لا يوجد شىء يجمع دول الهضبة الاستوائية مع الهضبة الإثيوبية إلا موقف ضدنا، ولكن مع هذا كله رئيس الوزراء الإثيوبى السابق ميليس زيناوى قال لى «أنتم في السودان ومصر عزلتمونا ورفضتم أن تتحدثوا معنا في مصير مياه النيل ونحن على الأقل شركاء فيها، سيأتى يوم كما تصرفتم بشكل منفرد سنتصرف نحن أيضا بشكل منفرد»، ونقلت هذا الكلام للرئيس السابق حسنى مبارك فقال لى مبارك «من يمد يده للنيل سنقطعها».
■ هل كان هذا حديثا مباشرا بينك وبين الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟
- مباشرة.. نقلت له ما ذكره لى زيناوى، وفى رأيى أن الإثيوبيين بعد ذلك نفذوا هذا التهديد، وكان يمكن تجنب هذا الموضوع منذ خمسينيات القرن الماضى إذا فتحنا موضوع المياه ودخلنا في ضرورة أن نناقش قضية النيل كقضية حوضية ليست ثنائية بين مصر والسودان وحدهما، ومناقشتها كقضية تنموية فهذه الدول لها تطلعات تنموية، ونحن لم نقم بذلك والآن هم واجهونا بتطورات ما حدث، والسد جزء من البرنامج التنموى الإثيوبى، وفى رأيى هم مستعدون أن يقبلوا أن يتم ملء السد وكيفية إدارته بصورة لا تؤثر على انسياب المياه شمالا، فهذا يمكن الاتفاق عليه.
■ ما تتحدث عنه هو نقاط الخلاف في المفاوضات بين البلدان الثلاثة؟
- كما ذكرت لك هذه الأمور يمكن الاتفاق عليها، وليست هذه هي المشكلة، فالمشكلة الحقيقية هي أن حصة مصر من مياه النيل 55 مليار متر مكعب من المياه وهذه الحصة كانت تكفى مصر عندما كان عدد سكانها 30 مليون نسمة وعدد السكان تجاوز الآن ال 90 مليونا، إذن المشكلة ليست حصة مصر وإنما زيادة الحصة، والمطلوب الآن بحث كيفية زيادة المياه.
والمياه الموجودة حاليا يمكن زيادتها بالاتفاق. ليس هناك أحد يمكن أن يغالط في توفير ال 55 مليار متر مكعب من المياه، لكنها كما ذكرت ليست كافية لمصر فإذا كانت كافية في عام 1959 فليست كافية الآن.
ويمكن لإثيوبيا عن طريق السد أن تنتج كهرباء زيادة عن استهلاكها وهذه الزيادة يمكن تصديرها لمصر والسودان، فعلينا في مصر والسودان أن نفكر بمنطق حوضى وتنموى حول المياه وزيادتها والأرض الزراعية والكهرباء والأمن الغذائى، وهذا كله يحتاج إرادة سياسية في البلدان الثلاثة ونظرة واقعية، ونحن محتاجون أن ننتقل إلى وضع فيه ثقة متبادلة، فالمسألة ليست فقط السد.
المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.