القوز يقرر السفر إلى دنقلا ومواصلة المشوار    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    ⛔ قبل أن تحضر الفيديو أريد منك تقرأ هذا الكلام وتفكر فيه    إلي اين نسير    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان محدداً ب 7.5 جنيه وفقاً للسعر الرسمي تحرير دولار الدواء.. العلاج ينضم ل(ساحة التحرير)
نشر في الراكوبة يوم 02 - 11 - 2016

غرفة المستوردين: على الحكومة أن توفر الدولار أو (تفكو)
حماية المستهلك: يجب أن يوفر وزير المالية أولوياته بدلاً من اللجوء للحلول السهلة
اقتصاديون: سياسة التحرير ألقت بظلال سالبة على الأسواق
مصدر صيدلاني رفيع: الدواء لم يكن مدعوماً ليرفعوا عنه الدعم
الخرطوم: عاصم إسماعيل - هويدا حمزة
دأبت مطابخ صنع القرار داخل الحكومة على إنتاج وصفات مثيرة بحق، أو أن توقيتها جالب للدهشة. وهو أمر تكرر في كثير من المرات، إلى أن باغتت الحكومة المراقبين والمختصين بقرار يُفهم منه بدرجة كبيرة أن الحكومة (نفضت) يدها عن دعم الدواء، مع أنه سلعة ليست كباقي السلع يختارها المواطن بطوعه، وإنما يُجبر على استخدامها، ولكن مع ذلك كله أقدمت الحكومة على قرارها القاضي بتحرير سعر الدولار المخصص للأدوية، وبدلاً من حصول شركات الدواء على الدولار بالسعر الرسمي المحدد ب 7.5، وهو ما يعني أن تلك الشركات ستضطر لشرائه ب15 جنيها بزيادة 100% الأمر الذي يعني أن سعر الدواء سيزيد بذات النسبة، وهو أمر سيرهق المواطن المنهك أصلاً.
يا توفرو يا تفكو
الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين علي صلاح أكد موقف الغرفة التجارية الداعم لتحرير جميع السلع بما فيها الأدوية، وقال ل(الصيحة) أمس، إن تحرير السلعة يخلق روحاً تنافسية جيدة، منوهاً الى أن توفر الدواء بأسعار أغلى أفضل من انعدامه مع انخفاض أسعاره، وزاد: (نحن في اتحاد الغرف التجارية وحتى نخلق الاستقرار في سعر الصرف نطلب من المالية ضخ العملة الصعبة التي كانت تضخ في السوق للبنوك أو الصرافات، وإذا الحكومة عجزت عن توفير الدواء ومنعت المستوردين يستوردوا بالسعر الموازي حانشتغل كيف؟ يا توفرو يا تفكو).
الكي آخر العلاج
رئيس اتحاد الصيادلة دكتور صلاح إبراهيم لفت إلى أنهم كاتحاد حتى – أمس - ليس لديهم خبر رسمي ولم تخاطبهم أي جهة بل قرأوا عنه في الوسائط الإعلامية، وقال ل(الصيحة) أمس، إن انعكاسات القرار تتمثل في زيادة سعر الأدوية بنسبة 100% ومن ثم فالقرار مرفوض للاتحاد لأنه سيشكل عبئًا على المواطن.
سألنا دكتور صلاح: (أليس من معالجة أخرى بخلاف الحل المقترح؟) فقال: (كان يمكن أن تكون هناك معالجات لتخفيض سعر الدواء بزيادة من 510% من صادرات الذهب لسعر الدواء لأن ال10% من الصادرات غير البترولية التي كانت المخصصة لدعم الدواء غير كافية أو إنشاء محفظة باسم الدواء ب 350 مليون دولار، وكان يمكن أن توفرها الدولة بسهولة ولكن وزارة الصحة لجأت لآخر العلاج (الكي).
الملاحظ أن الحكومة أشارت إلى أنها اتجهت إلى تحرير سعر صرف دولار الأدوية مع الابقاء على أسعار المجلس.
وهنا يجيب صلاح بقوله: (المقصود أن المجلس هو من سيحدد الأسعار بعد أن يبرز المستوردون مستنداتهم التي تبيِّن تكلفة الاستيراد وليس مسموحًا لشركة بأن تحدد السعر وفق مزاجها).
ليس صحيحًا
القرار الحكومي فتح الباب مشرعاً أمام كل التساؤلات، وفي هذا المنحى يبرز الاستفهام حول ما إذا كان المستوردون قد خاطبوا المحكمة الدستورية وطعنوا في لوائح المجلس القومي للصيدلة والسموم التي تحدد سعر الدواء ثم طالبوا بإلغاء تلك اللوائح حتى يتمكنوا من بيع الأدوية بالأسعار التي تعجبهم. وهنا ينفي الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين علي صلاح هذا الأمر، ومضى قائلاً: (لا ما عندي فكرة).
أما رئيس اتحاد الصيادلة دكتور صلاح إبراهيم فعلق على السؤال بقوله (الكلام غير كده وحسب علمي أن مجلس الأدوية حتى الآن لم يدخل في الموضوع وليس هناك خطاب رُفع للمحكمة الدستورية، وذاك أمر آخر). وهنا يبرز سؤال محوري، حول الكيفية التي جعلت وزارة الصحة تصدر قراراً بتحرير سعر صرف دولار الدواء دون إخطار المجلس القومي للأدوية والسموم وهو الجهة المعنية بتحديد الأسعار؟ فأجاب حتى الآن الخبر غير مؤكد بالنسبة لنا ولا نستطيع أن نؤكد مدى صحته أو نفيه، ولكن إذا حدث فمرفوض لنا لأنه سيشكل عبئاً كبيرا على المواطن).
الوزير يلجأ للحلول السهلة
(حماية المستهلك ترفض تحرير أسعار الأدوية)، العبارة بين القوسين استهل بها الأمين العام لجمعية حماية المستهلك الصيدلاني دكتور ياسر ميرغني حديثه ل(الصيحة) أمس، وأضاف: (هنالك قرار من المحكمة الدستورية برفض تحرير أسعار الأدوية، وذلك برفض العريضة التي تقدمت بها شعبة مستوردي الأدوية منذ عام 2014م، والدواء سلعة ذات خصوصية ولا يختارها المستهلك، وكون أن آلية توزيع العملات الأجنبية لاستيراد الأدوية فشلت في مهمتها فذلك لا يعني تحرير الأسعار، وزير المالية الذي لا يرتب أولوياته ويفشل في توفير 250 مليون دولار لاستيراد الأدوية يجب عليه أن لا يلجأ للحلول السهلة لذلك نحن ضد رفع الدعم عن الأدوية).
حديث دكتور ياسر يقودنا مباشرة إلى السؤال عن البدائل المقترحة لرفع الدعم عن الأدوية، وهو ما أجاب عليه الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، بأن الحل في تحديد الأولويات وأن الدعم يجب أن يكون في الأصناف المنقذة للحياة أولاً ثم الأدوية المهمة والأساسية، وقبل ذلك كله دعم الصناعة الوطنية وإيقاف استيراد الأصناف التي نصنعها محلياً وفك احتكار تسجيل الأصناف المنقذة للحياة في المجلس مثل بخاخات الأزمة وأدوية الصرع.
وقريباً من هذا المنحى فإن مصدرًا رفيعاً في المجال الصيدلاني فجر مفاجأة حين قال لنا إن سعر الدواء الموجود في السوق لن يتأثر بتحرير سعر الصرف الدولار للدواء لأن الدواء لم يتم تسعيره في يوم من الأيام بسعر البنك، وبالتالي لم يكن هناك دعم أساساً، ولكن خدعة الدعم هذه صُممت لمجابهة جماعات الضغط، للقول إنهم سيستوردون بسعر البنك ولكنهم في حقيقة الأمر لا يستوردون).
قرار مفاجئ
وكانت لجنة الصحة بالبرلمان قد طرحت بالتنسيق مع غرفة المستوردين إضافة 5% من صادرات الذهب إلى نسبة ال10% من الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية لتوفير النقد الأجنبي، وربما هذا ما جعل رئيسها دكتور صلاح سوار الدهب، يستغرب صدور قرار تحرير الدواء.
الوجه الآخر للكارثة
على الضفة الأخرى يرى خبراء اقتصاديون أن قرار تحرير سعر دولار الدواء سيزيد رهق المواطن ويشكل خطراً على حياته، ولفت بعض المختصين إلى أن أسعار الدواء ليس لها علاقة بسياسة التحرير بل تخضع لأسباب تتعلق بالشركات المستوردة نفسها، إلا أن آخرين يرون أن الخطوة من شأنها أن تقلل أو تنعدم من خلالها بعض الأدوية كما تشهد بعضها أسعاراً كبيرة في الوقت الذي ينادي كثيرون بضبط مسألة استيراد الأدوية وتفعيل القوانين المنظمة لهذا السوق.
انتقد خبراء اقتصاديون خطوات تحرير أسعار الدواء، مشيرين إلى أن الخدمات الصحية تعد من أهم الخدمات الأساسية التي يجب على الدولة توفيرها للمواطنين، في وقت يرى فيه بعضهم أن الخطوة تلقي على كاهلهم بأعباء إضافية في الحصول على العلاج اللازم. وقالت الخبيرة الاقتصادية والمحاضرة بجامعة الجزيرة د. إيناس إبراهيم ل(الصيحة) أمس، إن سياسة التحرير الاقتصادي التي انتهجتها الدولة ألقت بظلال سالبة على الأسواق بشكل عام وتسببت في رفع أسعار السلع والخدمات، وليس أسعار الأدوية فقط وأشارت إلى أن التحرير قد يكون أسلوباً اقتصادياً ناجحاً في بعض البلدان بعد توفر شروط معينة وبلوغ الأداء الاقتصادي لمستوى رفيع، وقالت إن السودان ليس مؤهلاً لهذا الأمر، مشيرة إلى أن تأثير التحرير على الأسعار أمر بائن وغير منكور، ودعت لوضع معالجات مدروسة للتخفيف من حدة هذه الآثار، لأنها ترتبط بمعاش وحياة المواطن بشكل مباشر، لافتة إلى أن سوق الدواء يجب أن يخضع لمتابعة لصيقة وإشراف مباشر من الجهات الرسمية بالدولة سواء من وزارة الصحة أو بقية الأجسام التابعة لها، في التصنيع والاستيراد والتوزيع، علاوة على ضرورة تحديد الأسعار النهائية للمواطن، ودفعت بمقترح لإلزام أصحاب الصيدليات بوضع ديباجة على الأسعار على أن تكون صادرة من السلطات المختصة، لافتة إلى أهمية إبعاده عن الشركات التجارية والسماسرة، غير أنها عادت وقالت إن الشركات الخاصة يمكن أن تنشط في سوق الدواء شريطة الالتزام بالضوابط الرسمية الصادرة التي تمنع التلاعب في أسعار الدواء، مؤكدة على وجود تباين وصفته بالكبير في أسعار الدواء من شركة لأخرى، وفي ذات الوقت أقرت بصعوبة القضاء على ظاهرة تباين أسعار الأدوية من صيدلية لأخرى، وقالت إن سياسة التحرير الاقتصادي فتحت السوق لكل من يريد العمل في المجال دون التقيد بالضوابط، وأبدت استغرابها للتباين الكبير في السعر طالما كانت أغلب الشركات العاملة في سوق الدواء محلية وتعمل في ذات البيئة وبنفس الشروط التي تنتج بها بقية الشركات أدويتها.
لا توجد علاقة
وخلافاً لما ذهبت إليه الدكتورة إيناس إبراهيم، فإن رئيس اتحاد المستوردين صلاح علي يشير إلى أن سياسة التحرير الاقتصادي من حيث المبدأ لا يمكن أن تضر بسوق الدواء وحده، وإنما في إطار كلي، مشيراً إلى أن إشكالية تباين أسعار الدواء لا تتعلق بالتحرير الاقتصادي بقدر ما تتعلق بأسباب أخرى، ودعا صلاح البنك المركزي للتحكم بشكل أكثر فاعلية في هذا الأمر، والتدخل لمراقبة وفحص سجلات الشركات، خاصة بعدما ثبت أن بعض الشركات غير موجودة على أرض الواقع، وهي شركات وهمية، لافتاً إلى تخصيص البنك لدولار خاص للاستيراد الدوائي، ولكن ما الضمانات في أن تلتزم كل الشركات بعدم التصرف في هذه المبالغ في أنشطة أخرى أو مزجها مع أموال أخرى، داعياً لمراجعة أنشطة شركات الدواء العاملة وتوفيق أوضاع بعضها، عازياً الأمر لوجود عدد من الشركات الوهمية التي تتخفى تحت ستار العمل في سوق الدواء أو تعمل ولكن بشكل جزئي، مشيراً إلى أن بعض الأدوية لا تدخل في دعم الدولة عبر الدولار المخصص للعقاقير الطبية، معتبراً عدم شمول جميع الأدوية يسهم في رفع أسعار البقية التي تقع خارج نطاق الدعم الحكومي.
رأي من الواقع
وفي جولة (الصيحة) على بعض الصيدليات، أجمع صيادلة على أن القرار يضيف أعباءً جديدة على المواطنين. وهنا يقول الدكتور علي محمد إن الزيادات غير مقبولة على الإطلاق، لافتاً في حديثه مع (الصيحة) أمس، إلى أن المواطن ليست له القدرة على مجاراة الأسعار، وضرب مثلاً بأن أحد المرضى جاء واشترى دواء باثنين الف جنيه، ولقت إلى وجود بعض الحقن سعرها 180جنيهاً، وقال إن بعض المرضى تُكتب لهم ثمانٍ من هذه الحقن في مرات كثيرة، مشيرًا إلى أن رفع الدعم سيزيد أسعار الأدوية، وستنهار سيولة الشركات المختصة في جلب الأدوية مع قرار رفع الدعم، وأضاف: الآن هنالك أدوية لم تستطع الشركات توفيرها بسبب الغلاء، وختم حديثه بأن المواطن لن يقبل ارتفاع أسعار الأدوية
أما الدكتور صيدلاني عثمان مصطفى فقال إن قرار رفع الدعم عن الأدوية يؤدي إلى نقص في وجود الأدوية، لافتًا في حديثه ل(الصيحة) أمس إلى أن هناك أدوية غير متوفرة وبعضها غير موجود والبعض الآخر وقف استيراده بسبب رفع أسعارها سابقاً، متوقعاً أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الندرة، مشيراً إلى أن الزيادة القديمة كانت أكثر من 40% وبعد رفع الدعم ستزيد أكثر، لافتاً إلى أنه إذا تم رفع الدعم عن الأدوية فلن نستطيع إحضار الأدوية الغالية أصلاً وهي تعتبر منقذة للمريض.
براءة الصيدليات
ورأى صاحب صيدلية بمنطقة وسط الخرطوم أن الصيدليات العاملة هي آخر جهة يمكن توجيه اللوم لها بشأن تباين أسعار الدواء، وقال ل(الصيحة) أمس، بعدما طالب بحجب اسمه، إن الصيدليات لا تحدد السعر في الأصل بل تحدده الشركات، مقراً بوجود نسبة مقدرة من الأدوية لا تأتي عبر شركات محددة، وبرأيه فإن ذلك يجعل الشركات صاحبة الامتياز تضع الأسعار وفق ما تراه مناسباً حتي وإن لم تتماش أسعارها مع الوضع الاقتصادي للمواطن. وأضاف: بحكم تخصصي كصيدلي أرى أن الحل يكمن في تدخل الدولة بشكل أكثر فاعلية وإحكام سيطرتها علي سوق الدواء عبر قصر الاستيراد والتوزيع على القنوات الرسمية، وقال: لا مانع من إتاحة الفرصة لشركات القطاع الخاص طالما كانت متقيدة بالضوابط الرسمية.
موجهات عامة
وانتقد عدد من المواطنين تحدثوا ل(الصيحة) أمس، انفلات سوق الأدوية، معتبرين أنه لا يخضع لرقابة مناسبة وإن وُجدت فهي ضعيفة ويسهل الإفلات منها والتحايل عليها، والمواطن مجبر على الشراء بالأسعار التي يجدها فالأمر يتعلق بالصحة والحياة، وقال المواطن عباس عبد اللطيف أنه لا يرى سبباً يجعلهم كمواطنين يتحملوا وزر أخطاء الساسة، وقال إن أصحاب الصيدليات يتحججون بعدم مسؤوليتهم من تحديد أسعار الدواء، ويقولون إن الشركات المصنعة هي الجهة التي تحدد، ولكنه عاد ليلقى بتساؤله عن كيفية تحديد الشركات للأسعار بمعزل عن الجهات المختصة التي من المفترض أن تضع خطوطاً عامة وموجهات تتعلق بأسعار الدواء على أن تتعهد الشركات بذلك.
وبدورها، قالت المواطنة فاطمة يس ل(الصيحة) أمس، أنا مريضة بالأزمة منذ أكثر من 14 عاماً واستخدم بخاخ (الفانتولين) وهو نوعين الأول الهندي والثاني إنجليزي كنت أستعمله منذ أن كان سعره 18 جنيهاً حتى وصل إلى 20 جنيهاً ومنها الى 24 جنيهاً قبل أن يصل في الفترة الأخيرة إلى 36 جنيهاً، وفي بعض الصيدليات يباع ب 50 جنيهاً وعندها توقفت منه وصرت اعتمد على جهاز الاستنشاق (نيبولايزر) في المستشفى، وفي بعض الأحيان تعاودني نوبات أزمة قوية عندما أتعرض للغبار أو أي إجهاد ومنها صرت أعتمد على طعانات (الهايدروكوتزون) لقلة سعره. وتوقعت أن تطرأ زيادات كبيرة على سعر الدواء، وقالت إن توفير سعر الدواء كان شاقًا وصعباً قبل الزيادة فكيف سيكون بعدها.!
أما المواطن عمر تاج الدين فقال ل(الصيحة) إنه يعول أسرتين وعندما يمرض أحد أفراد الأسرة يعاني معاناة كبيرة في توفير قيمة الدواء، مشيراً إلى ابنه البالغ من العمر 9 سنوات يعاني من مرض ثقب بالقلب، وقررت له عملية بمستشفى حكومي بثمن كبير، وقال: في الوقت الذي تملكني الهم في توفير هذا المبلغ، تفاجئنا السلطات بقرار سيقود – حسبما أبلغنا المختصون – إلى زيادة سعر الدواء، وختم تاج الدين حديثه قائلاً: لو كان المسؤولون من أعلاهم إلى أدناهم يتعالجون في المشافي المحلية أو أنهم يصرفون الدواء من الصيدليات السودانية مثلنا لشعروا بالمسؤولية، لأنهم يتعالجون ويعالجون أبناءهم وأصهارهم خارج السودان، والمصيبة أن ذلك من مخصصاتهم التي تؤخذ من مال الشعب المغلوب على أمره".
وتحدثت المواطنة (س.ع) وهي مطلقة، قائلة بأن لديها ابناً يعاني من الصداع الدائم وذكرت أنه يستعمل مسكنات غالية الثمن، نضطر أحيانا لتوفيرها بالاستلاف، فإذا أضيفت عليها زيارة جديدة فهذا يعني أنه ابني يموت من الصداع النصفي.
وختمنا جولتنا الاستطلاعية بأحد المراكز الطبية، وهناك جلسنا إلى دكتور مضر عمر بابكر فقال إن التأثير المباشر لرفع الدعم عن الدواء سيكون على المواطن أولاً وهنالك نوع من الأدوية سينعدم والتكلفة ستكون غالية، لافتاً إلى أن المريض سيلجأ الى استبدال الدواء ويستخدم الأعشاب البلدية، وكانت هنالك برامج توعية المواطنين لاستعمال الأدوية الحديثة، لكن بعد رفع الدعم سيلجأون للبديل أو ترك الدواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.