لمقابلة توتنهام.. اليونايتد يعاقب بيلباو ويطير لنهائي اليوروبا ليج    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    الحكم بالإعدام على متهم تعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    أجانب النصر ينتظرون قرار رونالدو    ما وراء (فضيحة) إعلان سفارة الصين لرعاياها مغادرة السودان    اختتام أعمال الدورة ال 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة    مبابي على وشك تحقيق إنجاز تاريخي مع ريال مدريد    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالصورة والفيديو.. سوداني يقلد مهارات جندي أمريكي في "الإكروبات" بالكربون ومتابعون: (رغم فارق الإمكانيات والأماكن لكن زولنا خطير)    وزارة الخارجية "لا صفة رسمية لسفير السودان السابق لدى ابوظبي" واحيل للتقاعد منذ اكتوبر الماضي    الخارجية: بيان نظام ابوظبي ردا على قطع السودان علاقاته معها بائس يدعو للسخرية ويعكس تجاهلًا للقوانين والأعراف الدولية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    _119111409__119082842_gettyimages-200487196-001_976549-1    شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (أرغب في الزواج من أربعة رجال لأنو واحد ما بقضي)    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. وحدة الجبهة الداخلية    الاتحاد يفوز على الأهلي في دوري الابيض    المدير التنفيذى لمحلية حلفا الجديدة يؤمن على أهمية تأهيل الأستاد    رئيس اتحاد المصارعة وعضو الاولمبية السودانية يضع النقاط علي الحروف..الله جابو سليمان: انعقاد الجمعية حق كفله القانون وتأجيل انتخابات الاولمبية يظل نقطة سوداء لايمكن تجاوزها    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان المُقسّم... وإشارات الحرب!..نقطة \"النفط\" عند كثيرين هي أخطر نقاط \"الدم\".
نشر في الراكوبة يوم 28 - 07 - 2011

اعتباراً من 9 يوليو 2011 أصبح السودان سودانين! الأول جمهورية السودان في الشمال، والثاني دولة جنوب السودان في الجنوب، حيث تغيرت الخريطة في القارة الإفريقية بشكل ملفت للنظر، وما يأمله كثيرون الآن هو انتهاء أزمة حرب ال 50 عاماً بين الشمال والجنوب.
وقد تفاوتت مشاعر الإخوة السودانيين بين حزن على اقتطاع الجنوب، وتسامح مع نيل أهله استقلالهم بعد سنوات من الحروب الطاحنة مع الشمال.
وهنالك من يرى أن الحكم العسكري في الشمال منذ 1956 لم يؤهل السودان لأن يكون دولة منتجة وصناعية، على رغم ما روجته بعض وسائل الإعلام المريضة من أن السودان "سلة الغذاء العربي"! ويتخوف البعض من أن دولة الجنوب -بحكمها العسكري- نسخة مشوهة من دولة الشمال! ذلك أن تركة الحرب ما زالت كبيرة، وعلى الجنوب استيعاب الأعداد الغفيرة من المهاجرين.
كما أن الاتفاقيات المبرمة بين الشمال والجنوب لم تحل قضايا الحدود -خصوصاً في مناطق غنية بالنفط- وقد خاضت القوات السودانية حرباً ضد ميلشيات موالية لجيش التحرير الجنوبي. ومن المشاكل عدم التوافق على منطقة "أبيي" الغنية بالنفط أيضاً، وهي محل نزاع كبير بين الشمال والجنوب. وقد دخلتها قوات الشمال ما شكل أزمة نزوح كبرى للمواطنين باتجاه الجنوب المدقع، حيث زاد عدد النازحين على 100 ألف. كما يتحكم الشمال حاليّاً في تكرير وتصدير النفط، حيث تعبر أنابيب النفط والتكرير أراضيه نحو موانئ التصدير. وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى أن يبحث الجنوب عن طرق جديدة لتكرير وتصدير النفط، إن لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الشمال (حيث يرجح أن تستخدم دولة الجنوب أنابيب النفط الكينية).
وهنالك من يرى أن العقلية التي أدارت الأزمة السودانية/ السودانية، وفشلت في التئام الشمال مع الجنوب، لن تنجح في إقامة علاقات حسن جوار بينهما. وقد ظهر الرئيس البشير بعد يومين من إعلان استقلال الجنوب مهدداً باللجوء إلى السلاح ما لم يتم إيجاد حل لمنطقة "أبيي" التي لم يُحسم أمرها خلال اتفاقيات الانشطار. وأشار في لقاء مع "هيئة الإذاعة البريطانية" إلى أن منطقة "أبيي" هي مصدر لنزاع محتمل مع جمهورية جنوب السودان!
وكان أبوبكر القاضي، رئيس المؤتمر العام لحركة العدالة والمساواة ومستشار رئيسها للشئون العدلية وحقوق الإنسان، قد أبدى أسفه لتعامل حكومة السودان (الشمالية) مع الأطراف الأخرى بالطريقة ذاتها والمنهج نفسه اللذين تعاملت بهما مع الجنوبيين مما قادهم للمطالبة بحق تقرير المصير ومن ثم الاستقلال. ووصف علاقات "المركز" مع "الأطراف" بأنها "علاقات استعمارية"، وليست علاقة أمة واحدة منسجمة ومبنية على قيم العدل والمساواة.
وقد دان بعض الكُتاب السودانيين انفصال الجنوب واعتبروه مؤامرة دولية نظمها المستشارون الإسرائيليون الذين عملوا خلف الكواليس بقصد الإساءة للشعب السوداني. في حين أرجع بعضهم جذور الأزمة التي حصلت عام 1947 إلى دور الإنجليز في مؤتمر "جوبا" الذي أشيع أن أعضاءهُ اختاروا الوحدة مع الشمال! ويبررون ذلك بأن نائب الرئيس نميري "أبيل ألير" قد صرح بأن الجنوبيين لم يختاروا الوحدة في مؤتمر "جوبا"، ويرى أن الجنوبيين قد تم "سوقهم" سوقاً إلى الوحدة رغم عنهم. وهنالك من رأى في تقسيم السودان تشطيراً للثقافة والتراث السودانيين، وجعل السودان الجنوبي سجناً كبيراً للجنوبيين محظوراً على إخوانهم الشماليين.
وكانت إسرائيل من أوائل الدول التي اعترفت بالنظام الجديد في الجنوب، بل لقد استفز العرب مشهد العلم الإسرائيلي في احتفالات الجنوب! وهذا يدلل عن أن المستقبل قد يحمل لنا "بشائر" التغلغل الإسرائيلي في هذا الجنوب، وقد يتطور الأمر إلى تحالفات عسكرية واتفاقيات تدريب وتصدير للأسلحة! خصوصاً في ظل امتعاض إسرائيل والغرب والولايات المتحدة من حكم الشمال، وسعيهم لملاحقة البشير قضائيّاً عبر محكمة الجنايات الدولية.
ويتخوف البعض أيضاً من حدوث قلاقل وانتكاسات في إقليم كردفان، و"أبيي"، واحتجاجات من دول حوض النيل إذا ما أقبلت دولة الجنوب على إجراءات تؤثر على تدفق نهر النيل حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط. وقد قيل قبل سنوات إن الحرب القادمة ستكون حرباً على المياه لا النفط! ولكن يبدو أن الحروب القادمة ستكون على النفط والمياه معاً! وقد أعدت الولايات المتحدة برنامجاً لمساعدة الجنوب بقيمة مبدئية تقدر ب300 مليون دولار، وسيتم الكشف عن معونات أخرى في مؤتمر سبتمبر المقبل.
كما سيتطلب الأمر وضع قوات حفظ سلام دولية قوامها 7000 فرد على الحدود إضافة إلى شرطة مدنية قوامها 900 فرد. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الخرطوم أنها ضد استمرار وجود قوات حفظ السلام الدولية، معلوم أن هذه القوات موجودة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وأماكن أخرى في الشمال. وفي هذا المقام رد الأميركيون بضرورة تواجد هذه القوات لفترة إضافية، بهدف توزيع المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. ويبدو أن الذي يدور في "رأس الخرطوم"، هو غير المعلن أميركيّاً!
لقد تسرب أن الجنوبيين لن يواصلوا قبولهم بتقاسم النفط من منطقة "أبيي" مع الشمال -حسب اتفاقية السلام عام 2005- ذلك أن ثلاثة أرباع النفط السوداني تأتي من الجنوب. ويرى اقتصاديون أنه إذا تحقق ذلك فإن الشمال سيفقد 36% من عائدات النفط، ولكن إذا وضع اتفاق بهذا الشأن، فإن الشمال سيعوض ذلك عبر قيمة استخدام الجنوب لأنابيب النفط والمصافي والموانئ الموجودة في الشمال.
ويأمل السودان الشمالي أن يعود إليه الاعتبار الدولي وأن يخرج من دائرة العقوبات وإلغاء ديونه التي بلغت 39 مليار دولار! بعد أن وافق على تلك الخطوة الجريئة التي أحزنت كثيرين من أبناء الشمال. ولكن هذا الأمر سيعتمد حتماً على ملامح التغيّر في السلوك الدبلوماسي الخارجي لحكومة السودان، ومدى قبول السودان التعامل مع "الأعداء" الأوروبيين والأميركيين الذين سيحلون "ضيوفاً معززين" في خاصرته!
إن الإشكالية عموماً في مناطق الأقليات في العالم العربي هي أنها لا تصمد في الوحدة، تماماً كما حدث في كردستان العراق، ومناطق أخرى. ولأن الأيادي الأجنبية دوماً تجد لها منفذاً لتعطيل أية وحدة. ولكن على مدى التاريخ فإن الانفصال تكون أضراره أكثر من الوحدة، وهذا ما ستأتي به الأيام، لأن نقاط الخلاف ما زالت قائمة بين الشمال والجنوب، ولعل نقطة "النفط" عند كثيرين هي أخطر نقاط "الدم".
جريدة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.