@ كل يوم يمر، تثبت الحكومة أنها لم تستوعب بعد الطريقة الامريكية المتخلقة من الفلسفة البرجماتية التي تُغَلّب المصلحة الذاتية فوق كل المصالح. السياسة الامريكية كما هو معلم لا يرسمها الرئيس والذي هو مجرد ممثل وسط جوقة كمبارس يؤدون المشهد المرسوم علي خشبة الرئاسة و الرئيس المنتخب رونالد ترامب ليس استثناء من القاعدة ولكنه أختير بعناية لمرحلة تتطلب شخص بمواصفاته لتمرير الكثير من السياسات باستغلال سلبياته كشخصية متهورة و متسرعة مثير لخصومه وفي ذهنهم شخصية الرئيس الاسبق رونالد ريجان الذي لا يختلف عن ترامب في تهريجه كثيرا ليحقق الكثير للأمريكان وبالتالي اصبح الرئيس الامريكي الاكثر شعبية بانجازاته . @ هنالك سؤال قد يفرض نفسه عقب إعلان الرئيس المنتهية ولايته ، باراك اوباما الذي اعلن عن الرفع الجزئي للعقوبات الامريكية ، و هو هل تصبح تنفيذ هذه قراراته تلك ملزمة للرئيس الجديد ترامب ؟ و الاجابة تستخلص من روح القرار برفع العقوبات و الذي اقترن بتنفيذ بعض الاشتراطات التي تم تحديدها بحقوق الانسان و الحريات و وقف الحرب و الغوث الانساني وغيرها وهي في مجملها تمثل اشتراطات تجعل الحكومة مترددة في تنفيذها او تحاول الالتفاف كعادتها في اللعب بالوقت وهذا ما لن يفوت علي ادارة الرئيس ترامب الذي يستغل ترحيب الجانب السوداني بالرفع الجزئي لمزيد من التنازلات التي قد تستدعيها مجريات الامور السياسية والاقتصادية سيما وان ترامب ما يزال في بداية الطريق . @ الحكومة العميقة في أمريكا هي الحكومة الفعلية الحاكمة ، التي ترسم السياسة الامريكية ولا تلبث ان تتدخل في الوقت المناسب في حالة خروج الرئيس عن النص سيما وان ترامب رجل اعمال ناجح و لم يمارس السياسة ولابد من اصداره لقرارات تؤثر في الاستراتيجية الامريكية التي تتعلق بالعلاقات الدولية وبالفعل قد ثبت تدخل الحكومة العميقة في تجميد قانون (جاستا) الخاص تجميد الاموال السعودية باعتبارها (دعمت الارهاب) تحت تصرف الادارة الامريكية وتراجع ترامب عن قراره بتحويل السفارة الامريكية الي القدس وما سيترك هذا القرار من تأثيرات سالبة علي حلفاء امريكا المخلصين . تراجع ترامب المتهور عن قراره بإلزام المكسيك دفع ضريبة 20% علي صادراتها التجارية لأمريكا لمقابلة بناء السور الذي اقيم في حدود البلدين . @القرار الاخير الذي اتخذه ترامب بمنع دخول رعايا عدد من البلدان المرتبطة بدعم الارهاب و من بينها السودان و منع منح فيزا الدخول أثار روح الاحباط وسط المواطنين السودانيين الذين استبشروا ورحبوا برفع العقوبات . علي الرغم من تبرير ادارة ترامب بأن القرار قصد منه في خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 اشهر سيتم خلالها تقييم موقف كل دولة إلا أن ذلك لا علاقة له بالرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية و التي ستعود بالنفع أيضا علي المواطن و الاقتصاد الامريكي إلا أن الامن القومي الامريكي ينظر الي منع دخول السودانيين مع عدد من رعايا 7 دول تم ذكرها بأنها ضرورة تفرضها الاحداث الارهابية التي قام بها المهاجرون في فرنسا و المانيا و بلجيكا و غيرها والسودان ما زال في قائمة الدول الراعية للارهاب و ان الحكومة تصدر جوازات السفر السودانية لكل من هب و دب خاصة السوريين و عدد من قيادات الارهاب من الحركات الاسلامية ولعل ذلك سبب وجيه جدا لن يجعل الحكومة العميقة في امريكا التدخل في أمر لا جدال حوله يتعلق بالامن القومي الذي لا يختلف حوله الامريكيون . @ يا مكاوي .. في السودان الطريق بقي قبل الرفيق ؟ [email protected]