ابتدرت اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية بالبرلمان يوم أمس (الأربعاء) جلسات سماعها حول مناقشة التعديلات التي أودعتها رئاسة الجمهورية للمجلس الوطني الشهر الماضي والخاصة بتعديل المواد المتعلقة بالحريات. وفي سبيل اعتماد التعديلات، وبلورة الرؤى، استمعت اللجنة التي ترأسها نائبة رئيس البرلمان د. بدرية سليمان، إلى اللجنة العليا لمراقبة تنفيذ توصيات الحوار الوطني. ولكن يبدو أن ما جرى في جلسة الأمس لم يعجب الأمين السياسي للشعبي كمال عمر، ما دفعه إلى الخروج مغاضباً من الاجتماع، وهو ما ينذر ببوادر أزمة بين المؤتمرين الوطني والشعبي حول التعديلات، لا سيما وأن خلافاتهما ظلّت حاضرة قبل إجازة توصيات الحوار في العاشر من أكتوبر من العام الماضي، بسبب بنود الحريات. اتهامات ل(الوطني) قبل أن تجيز الجمعية العمومية للحوار الوطني توصيات الحوار في العاشر من أكتوبر العام المنصرم، اتهم رئيس لجنة إسناد الحوار عضو المؤتمر الشعبي، د. عمار السجاد، قيادات بحزب المؤتمر الوطني بحذف بعض مخرجات الحوار من التوصيات قبل إجازتها، وخاصة المتعلقة بلجنة الحريات الأمر الذي خلق خلافات كبيرة بين المؤتمرين. وظل السجاد مسانداً لتنفيذ توصيات الحوار الوطني، وظل المؤتمر الشعبي يعتبر أن ورقة الحريات التي أجازتها الجمعية العمومية للحوار الوطني هي ملك لهم لأن الراحل حسن الترابي هو من قام بكتابتها. تجدد الخلافات أثناء اجتماع اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية مع اللجنة العليا لمراقبة تنفيذ توصيات الحوار بالقاعة الخضراء بالمجلس الوطني، يوم أمس (الأربعاء) خرج الأمين العام للمؤتمر الشعبي كمال عمر مغاضباً من الاجتماع، مبدياً سخطه من منهج اللجنة المتبع في مناقشة التعديلات، الأمر الذي ينذر بإمكانية تفجر خلافات جديدة بين المؤتمرين الشعبي والوطني حول التعديلات المطروحة، خاصة وأنها تجد معارضة من بعض قيادات الوطني بحسب حديث أعضاء في اللجنة الطارئة. وقبل أن يغادر كمال عمر خارج البرلمان لحق به في (بهو) المجلس الوطني رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، عمر سليمان آدم، ولحق بهما القيادي بحزب التحرير والعدالة تاج الدين نيام، الذي تحدث لكمال عمر مطالباً إيّاه بالعودة لمواصلة الاجتماع، شارحاً له حال العمل السياسي الذي يحتاج للصبر، ونجح نيام في تهدئة غضب كمال، وأقنعه بالعودة ودخول القاعة الخضراء مجدداً لمواصلة الاجتماع. غضب واحتجاج بعد انتهاء الاجتماع بين اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية، واللجنة العليا لمراقبة تنفيذ توصيات الحوار، همّ الصحافيون الذين يغطون جلسات المجلس الوطني لمقابلة كمال عمر واستنطاقه حول الأسباب التي دفعته للخروج مغاضباً من الاجتماع، لم يتردد في الرد وقال كمال: إن خروجه غاضبًا سببه عدم وجود ما يسر في البلد، وقال إن خروجه يعود لأنه احتج داخل الاجتماع على بعض النقاط، لكن احتجاجه لم يلق أذناً صاغية، الأمر الذي دفعه لحمل أشيائه ومغادرة القاعة. مشيراً إلى أن خروجه يعتبر في خانة الدفاع عن توصيات الحوار الوطني لأنها تعتبر تصوراً للمستقبل والحريات والتحول الديمقراطي. وأكد كمال عمر أن غضبه نابع من حرصه على مخرجات الحوار الوطني، ومن كون التعديلات نابعة عن ارادة المحاورين، وأن التعديلات الدستورية المقترحة التي تناقشها اللجنة نابعة من مؤتمر الحوار ومخرجاته، وتخص الجميع، وليس المؤتمر الشعبي وحده وتابع: (أتينا للدفاع عن المخرجات وقدسيتها لأنها تمثل الحوار الوطني، وقدسيتها أقوى من أي مؤسسة دستورية)، وقطع عمر بأن المؤتمر الشعبي لن يقبل إضافة "شولة" للمخرجات، مؤكداً عدم أحقية اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية الإضافة أو الحذف من التعديلات التي وردت في خطاب رئيس الجمهورية باعتباره رئيس الآلية العليا لتنفيذ مخرجات الحوار، وتابع: (رئيس الجمهورية دفع بتوصيات الحوار للمجلس الوطني ولا خيار للمجلس سوى إجازة هذه التعديلات وتنفيذها). توضيحات رئيس اللجنة العليا لدراسة التعديلات الدستورية نائب رئيس البرلمان د. بدرية سليمان قالت في تصريحات للصحافيين بالبرلمان إن الخروج من الاجتماعات أمر عادي لا شئ فيه، فكل أعضاء اللجنة يخرجون ومن ثم يعودون لمواصلة الاجتماع، وهذا بالفعل ما حدث لكمال عمر فهو خرج من الاجتماع وعاد إليه مرة أخرى. قاطعة بعدم معرفتها بخروج كمال غاضباً من الاجتماع وقالت (هو لم يقل لي إنه زعلان من مناقشة أمر ما داخل الاجتماع) وتابعت: (يا اخوانا مش إنتوا كنتوا واقفين مع كمال عمر قبل شوية، أنا كنت مواصلة جلستي وما وقفتها، وما عارفه هل طلع غاضب أم لا). وفي سياق ذي صلة، قالت بدرية سليمان إن الاجتماع أثيرت فيه بعض التساؤلات التي تتعلق بالتفاصيل واللغة، والتناقض بين النصوص، والحديث عن البند (13) الخاص بتعيين الولاة الذي ورد في التوصيات ويتعلق بالأحكام اﻻنتقالية، وتنص المادة (13) على أن (يعيّن رئيس الجمهورية مستويات الحكم كافة لحين قيام الانتخابات في 2020م لمستويات رئيس الجمهورية وولاة الولايات والمجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية). تقول بدرية إن بعض أعضاء اللجنة يتحدثون عن أن تعيين الوﻻة يستمر بحسب نص المادة (179) من الدستور، وأشارت بدرية إلى أن إجراء تعديل على النص اﻻنتقالي المحدد في المحور (13) لم يكن واضحاً لأعضاء اللجنة الطارئة لمناقشة التعديلات الدستورية، إلا أن أعضاء اللجنة العليا لمراقبة تنفيذ توصيات الحوار أوضحت المعنى المقصود من التعديل وهو أن لرئيس الجمهورية الحق في تعيين المسؤولين في المستويات كافة بمن فيهم الولاة إلى حين انتخابات 2020. حديث خاص وقال كمال عمر إن الورقة التي دفع بها حسن الترابي حول الحريات لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، لكنها تتعارض مع التخلف السائد في مجتمعنا، قاطعاً بعدم مقدرة أحد في البرلمان إسقاط التعديلات التي خطها الترابي وتابع: (إذا حدث هذا حينها لكل مقام مقال ولكل واقعة تصرف سياسي). واتهم عمر في حديثه مع (الصيحة) اللجنة العليا لدراسة التعديلات الدستورية برئاسة بدرية سليمان بمحاولة إدخال نصوص وعبارات تمس جوهر المخرجات، وقال (هذه النقطة اعترضت عليها ونحن فى المؤتمر الشعبي لن نقبل إضافة شولة، لأن المخرجات هذه قتلت بحثاً وتم الاتفاق عليها) مشيراً إلى أن المصطلحات التي تريد اللجنة إدخالها في التعديلات تؤدي إلى تغيير المعنى وتحويل النصوص إلى نصوص عديمة القيمة وعديمة الحماية الدستورية (حد تعبيره). الصيحة