في موقف خليجي هو الأول منذ اندلاع الأزمة في سوريا، أصدرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بيانا يدين الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، الأمر الذي أوقع أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. ويأتي هذا الموقف الخليجي، ليكسر قاعدة ما سماه المتظاهرون السوريون «الصمت القاتل»، في إشارة إلى الصمت العربي الذي رافق الأزمة السورية منذ بدايتها. وقالت دول مجلس التعاون في بيان بثته أمس، إنها تتابع بقلق بالغ تدهور الأوضاع في سوريا، والاستخدام المفرط للقوة هناك. وكان البيان الخليجي الصادر أمس، مفاجأة لكثير من المراقبين، لأن هناك تأكيدا رسميا من قبل أمين مجلس التعاون الخليجي، بأن أي موقف تجاه سوريا سيتم بحثه على مستوى مجلس وزراء خارجية الدول الخليجية، حيث سبق للدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن صرح في وقت سابق بأن أي موقف تجاه الأزمة السورية سيتم بحثه على مستوى المجلس الوزاري. إلا أن مصدرا مقربا من أمين عام مجلس التعاون قال ل«الشرق الأوسط» بأن الموقف الخليجي الذي صدر أمس ضد النظام السوري، تم بالتشاور مع وزراء خارجية السعودية، والكويت، والإمارات، والبحرين، وعمان، وقطر، وهو ما يعني أن بيان الأمس يمثل وجهة نظر جماعية لدول مجلس التعاون للأزمة السورية الحالية. وكان لافتا عدم نسبة البيان لأمين مجلس التعاون الخليجي، حيث كان في صيغته أشبه ب«بيان وزاري» من دول مجلس التعاون تجاه الأزمة السورية الحالية، طبقا لتوصيف المصدر. وجاء في البيان الخليجي ما نصه «تتابع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقلق بالغ وأسف شديد تدهور الأوضاع في الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتزايد أعمال العنف، والاستخدام المفرط للقوة، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري الشقيق، وإذ تعرب دول المجلس عن أسفها وحزنها من استمرار نزيف الدم في سوريا، لتؤكد حرصها على أمن واستقرار ووحدة سوريا، وتدعو إلى الوقف الفوري لأعمال العنف وأي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة، وإجراء الإصلاحات الجادة والضرورية، بما يكفل حقوق الشعب السوري الشقيق ويصون كرامته، ويحقق تطلعاته». من جهة أخرى، من المنتظر أن تصدر جامعة الدول العربية بيانا شاملا اليوم، بشأن الأوضاع في سوريا. وقالت مصادر بالجامعة ل«الشرق الأوسط» إن البيان يتضمن إدانة للممارسات ضد المدنيين والمطالبة بإصلاحات، وأشارت إلى أن الجامعة لا تريد أن يتكرر السيناريو الليبي في سوريا. الشرق الاوسط أكد أن العالم لن يصبر على "سياسة القتل البطيء" التي يتبعها نظام الأسد خاشقجي: بيان "التعاون" بشأن سوريا بداية إعلان عن تحرك خليجي وسعودي كبير أكد الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي أن بيان الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بشأن الأوضاع في سوريا هو بداية للإعلان عن تحرك خليجي وسعودي كبير. وكان مجلس التعاون الخليجي أصدر بياناً دعا فيه سوريا إلى الوقف الفوري لإراقة الدماء والبدء بإصلاحات حقيقية، وأضاف البيان أن دول المجلس تعبر عن القلق البالغ والأسف الشديد حيال الاستخدام المفرط للقوة في هذا البلد. وقال خاشقجي: "بيان الأمانة العامة لدول الخليج هو بداية للإعلان عن تحرك خليجي وسعودي كبير، وليس سراً أنه قبل صدور هذا البيان جرت اتصالات سعودية وخليجية، وأنا أعلم عن اتصالات سعودية عاتبة بشدة على نظام بشار الأسد، ولكن عندما شعر السعوديون أنه لا فائدة من تلك الاتصالات مضوا قدماً بمرحلة ثانية، وهي إصدار هذا البيان من خلال مجلس التعاون الخليجي". وقال إن البيان الخليجي أوضح الغايات المطلوبة من النظام السوري، وهي البدء بإجراءات إصلاحية ووقف إطلاق النار واحترام كرامة الشعب السوري، بمعنى أن تمر 5 أو 6 أيام من المظاهرات السلمية دون سقوط أي متظاهر، وبعد ذلك يمضى في الإصلاحات، لأن الإصلاحات الآن غير مقبولة من الشعب السوري، كما حدث في ميدان التحرير بالقاهرة، حيث مضت أيام عدة دون سقوط قتلى بعد فشل موقعة الجمل الشهيرة. وتابع: "النظام السوري ما زال يقتل شعبه، لكن بذكاء، بحيث لا يستفز المجتمع الدولي قدر الإمكان مع استمرار نشر الرعب في الشارع السوري، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إخافة الناس ومنعهم من التظاهر، لكن العالم كما يبدو لا يقبل سياسة القتل البطيء". وعن عدم توجيه إنذار من قبل دول الخليج إلى سوريا على غرار ما فعلت تركيا، أوضح خاشقجي أن "الأتراك قادرون على التدخل عسكرياً في سوريا سواء بشكل فردي أو بمشاركة حلف الأطلسي، لكن لا يزال على الشعب أن يستمر في المطالبة حتى يصل الحافز بدول العالم إلى التحرك، ومع أن التدخل العسكري صعب جداً ولا يجب أن نستعجل به ما لم تحصل (سربرنيتشا)". وأضاف: "أعلم أن كلامي هذا مؤلم للإخوة السوريين لأنني أقصد ب(سربرنيتشا) هو أن العالم لم يتدخل لنجدة البوسنة إلا بعد عامين، وعقب حصول مذبحة ذهب ضحيتها أكثر من 11 ألف شخص، وتم وضع الحد لتلك الحرب، ومن الملاحظ أن النظام السوري مدرك لهذا الشيء فلم يستخدم مثلاً مروحيات وأقصى شيء استخدمه هو القصف بالدبابات، مع ملاحظة أن عدد القتلى في حماة انخفض بعد أن قتل في اليوم الأول من رمضان نحو 147 شخصاً، ليلجأ بعد ذلك إلى التخفيف من عدد الضحايا". وقال خاشقجي إن الأزمة السورية قبل الوصول إلى مرحلة التدخل العسكري الأوروبي ستشهد العديد من المراحل والخطوات الاحتجاجية الدولية، مثل سحب السفراء والمزيد من الغضب والاحتجاجات العلنية ،لا سيما من مسؤولين سعوديين وأردنيين، وكما قلت العالم لن يصبر إلى ما لا نهاية على سياسة القتل البطيء التي يتبعها النظام السوري، دون أن نعرف متى وكيف سيكون الرد الدولي الحاسم؟ وعلى الشعب السوري أن يصبر وأن يستمر في النضال من أجل حريته حتى يصل المجتمع إلى مرحلة الغليان للتدخل.