خواتيم الأسبوع المنصرم، حلّ الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، د. علي الحاج محمد، ضيفاً على ديار الأب الروحي لجماعة "الإخوان المسلمون" بالسودان، الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد بمنزله في حي شمبات. وتعد الزيارة الأولى التي يقوم بها الحاج لرموز سياسية عقب انتخابه أميناً عاماً للشعبي. زيارة متبادلة في فبراير 2015م سجل الراحل د. حسن الترابي زيارة خاطفة للمركز العام لجماعة "الإخوان المسلمون" بالعمارات، والتقى في تلك الزيارة بالمراقب العام للجماعة ساعتذاك د. الحبر يوسف نور الدائم، والقيادي البارز الشيخ علي جاويش. وجاءت الزيارة بعد قطيعة طويلة بين جماعة "الإخوان المسلمون" والترابي امتدت لأكثر من ربع قرن، مع تباعد كبير في المواقف ما بين الترابي والجماعة منذ بزوغ فجر الحركة الإسلامية السودانية، كان حصيلة ذلك التباعد خروج مجموعة التربية بقيادة جعفر شيخ إدريس من صفوف "الإخوان المسلمون" لتكون بعيدة بالمرة عن المجموعة السياسية التي يتزعمها الراحل حسن الترابي. وبعد عامين من زيارة الترابي للمركز العام لجماعة "الإخوان المسلمون" سجل خلفه د. علي الحاج زيارة خاطفة لصادق عبد الله عبد الماجد بمنزله في شمبات دون الإفصاح عن أسباب الزيارة وسر توقيتها والهدف الأساسي منها. ما بين الترابي وصادق حينما نعى الناعي د. الترابي في فبراير 2016 حضر الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد إلى مقابر بري اللاماب، وهو يتوكأ على عصاه من أجل أن يلقي نظرة الوداع على رفيق دربه في نشر الدعوة والعمل الإسلامي في السودان. ورغم الحشود الجماهيرية الضخمة بالمقابر والدواعي المرضية التي كانت تلازم شيخ صادق إلا أنه أصر على الوصول إلى قبر الترابي وألقى نظرة الوداع عليه. والمتتبع لسنوات الخصومة والجفوة التي امتدت طويلاً بين الشيخين، يعرف أن تلكم الفترة لم تشهد أي زيارات متبادلة حتى لو كانت اجتماعية، واستمر الخصام بينهما حتى رحيل الترابي عن الفانية. والشاهد في الأمر أن كلا الرجلين مارس نوعاً من الانضباط والتحلي بالروح الإسلامية بعدم الفجور في الخصومة عبر تبادل الشتائم، بل ظل صادق عبد الماجد يرفض الحديث عن الترابي سواء سلباً أو أيجابًا وهو عكس ما يفعله جعفر شيخ إدريس وآخرون في معاركهم مع الترابي . زيارة صامتة اللافت في الزيارة التي سجلها د. علي الحاج لشيخ صادق عبد الله عبد الماجد بمنزله بضاحية شمبات البحراوية، أنها لم تشهد أي زخم إعلامي، في ذات الوقت لم يتم الإعلان عنها مبكراً، وكانت أشبه بالزيارة السرية ولم يصطحب الحاج معه قيادات ذات وزن سياسي واكتفى ببعض أعضاء مكتبه الخاص بينما كان في استقباله كل من الحبر يوسف نور الدائم المراقب العام للجماعة، وحسن عبد الحميد عضو الأمانة السياسية، وأحمد الحبر عضو هيئة الشورى وكلا الطرفين لم يحددا الهدف من الزيارة مما حدا بالبعض لتأطيرها في الإطار الاجتماعي، وإن كانت لا تخلو من أبعاد سياسية . ما وراء الزيارة الزيارة المباغتة التي سجلها علي الحاج لشيخ صادق عبد الله عبد الماجد أثارت عدة تساؤلات من شاكلة هل يسعى الشعبي لجمع الصف الإسلامي، أم هي زيارة ذات طابع اجتماعي فقط، بينما ربطها آخرون بعمل الشعبي على إنجاز المنظومة الخالفة. وقلّل القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، صديق محمد عثمان، من الأبعاد السياسية للزيارة وقال ل (الصيحة) إنه لا يظن أن هنالك بعداً أو دلالات سياسية للزيارة، وإنما هي زيارة اجتماعية في المقام الأول، واردف قائلاً إن علي الحاج معروف عنه حفظ الود مهما بلغ الاختلاف. في المقابل يقول عضو الأمانة السياسية لجماعة "الإخوان المسلمون" أمية يوسف إن الزيارة ذات طابع سياسي في المقال الأول، وذات صلة بالعلاقات الأزلية بين الإسلاميين عطفاً على التقارب السياسي بين الشعبي و"الإخوان المسلمون" الذي بدأ بعد زيارة الترابي لديار الإخوان في 2015م. وأضاف أمية في حديثه مع (الصيحة) ببروز كثير من القضايا بعد الحوار الوطني حيث انكسرت كثير من الحواجز التاريخية، مبيناً أن المستقبل سيكون للكتل السياسية الكبيرة خاصة في حالة توفر مناخ ديمقراطي، مستبعداً أن تكون الزيارة نواة للمنظومة الخالفة، بعد رحيل الترابي، حيث باتت الخطوة متعسرة وإن كان سيتم تعاون في مستوى الحد الأدني بين الحزبين دعوياً وسياسياً. ومضى في ذات الطريق القيادي بالشعبي، المهندس عبد العال مكين الذي أوضح أن هناك أبعاداً سياسية للزيارة التي ستمهد لفعل سياسي مشترك بين الحزبين، وأشار في حديثه مع (الصيحة) إلى أن زيارة علي الحاج لصادق عبد الله لم تخلُ من البعد السياسي، وإن جاءت في إطار اجتماعي. ويتفق المحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد مع رؤية صديق عثمان القائلة بأن الزيارة تخلو من أي بعد سياسي، منوهاً إلى أنها زيارة اجتماعية محضة، وقال ل (الصيحة) إن علي الحاج عرف بالعمل الاجتماعي مع كل القوى السياسية، وظل يحتفظ بعلاقات اجتماعية مع الشيخ صادق رغم الخلافات التي حدثت بينه وبين الترابي. زيارة متوقعة الزيارة التي سجلها علي الحاج لشيخ صادق عبد الله ينتظر أن تعقبها زيارة أخرى لدار جماعة "الإخوان المسلمون" في مقبل الأيام، حيث كشف عضو الأمانة السياسية بالشعبي عبد العال مكين عن زيارة متوقعة للأمين العام للشعبي نواحي دار "الإخوان المسلمون" مبيناً أن قيادة الإخوان طلبت منذ فترة الجلوس مع الحاج من أجل أجراء بعض التفاهمات السياسية، مبيناً أن الترتيبات تمضي لتنسيق الزيارة القادمة التي توقع أن تشهد تفاهمات سياسية بين الحزبين. الصيحة