أمر توفير الدواء من المشكلات التي ظلت ترهق خزينة الدولة وكاهل المواطن على السواء، للكلفة العالية للتصنيع والاستيراد.. العديد من السياسات التي وضعتها الدولة من أجل النهوض بقطاع الدواء من إعفاءات جمركية ورسوم بجانب دعم نقدي، إلا أن كل ذلك لم يؤدِ إلى استقرار سوق الدواء، خاصة في ما يتعلق بالوفرة الدوائية. وزير الدولة بوزارة الصناعة عبدو داود قال خلال حديثه في خيمة الصحفيين التي نظمتها مؤسسة طيبة للإعلام حول مستقبل الصناعة الدوائية الوطنية: "إننا نعمل على أن نضع الصناعة الوطنية في ما يجب أن تكون عليه". حديث الوزير من الجوانب النظرية ممكن، إلا أن الواقع يقول إن الصناعة الدوائية تحتاج إلى الكثير من السياسات والدعم لتصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والتصدير. في ذات الاتجاه يضيف عبدو داود رداً على تخلف الصناعة الوطنية بقوله: "نحن الثالث على مستوى أفريقيا حسب إحصاءات اليونيدو". ويشير الوزير إلى أن الصناعة الدوائية الوطنية تنتج أكثر من (750) صنفاً دوائياً حتى 31 مارس 2017م، تزيد الأصناف كل فترة مما ينتج محلياً، وهناك (128) صنفاً وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي منها بنسبة (100 %) و(289) صنفاً، مكتفين منها بنسبة (80- 90 %)، بقية الأصناف نسبة الاكتفاء فيها تتراوح ما بين (40 – 50- 60 %)، وأضاف أن ضعف الإنتاج في بعض المصانع يعود لعدم تشغيلها بالطاقة التشغيلية الكلية، لافتاً إلى سعي وزارته إلى تشغيل المصانع بطاقتها القصوى عبر توفير تمويل بالعملة الأجنبية والمحلية، إنتاج الدواء من حيث الكمية ننتج (60 %) من ناحية مالية تساوي (40 %) من جملة المبالغ المنفقة في قطاع الدواء. مشكلات الصناعة الدوائية الوطنية يصفها علي بابكر رئيس غرفة المصنعين بأنها غياب رأس المال الوطني عن الدخول في مثل هذه الصناعات، يقول إن رفع جودة المنتج المحلي تحتاج إلى زيادة الصرف، باعتبار أن كل المصانع تأسست برأس مال ضعيف، لذا إنتاجيتها ضعيفة، مبيناً أن المصفوفة التي وضعتها وزارة الصحة أشارت إلى تكوين محفظة لتمويل الصناعة الدوائية. الآن المصانع تمول نفسها بنفسها ولا توجد مصارف تمول الصناعة الدوائية ولا حتى المصارف التجارية، فهناك ضعف في رؤوس الأموال يحتاج إلى تدخل الدولة لدعم رؤوس أموال المصانع، وهذا لم يحدث حتى الآن، كما هناك دعم تمثل في وضع العديد من الإجراءات الإدارية والإعفاءات لكن قطاع التمويل لم يتحرك في قطاع الصناعة الدوائية، ومسألة التصنيع الدوائي غالية، لابد أن تتدخل الدولة في شكل تمويل تدفع بهذه السياسات، في العام الماضي سجل (51) صنفاً وفي هذا العام سجل ما يزيد عن (170) صنفاً. ويشير علي بابكر إلى أن إجمالي رأس مال المستخدم في هذه الصناعة ما بين (450- 500) مليون دولار، وعدد المصانع العاملة حتى الآن (22) مصنعاً، هناك أربعة مصانع ستدخل الإنتاج عقب رمضان، وتحت التصديق ب(7) مصانع وتحت التشييد 17 مصنعاً، وهناك مصنعان للمستلزمات الطبية، الإجمالي يفوق ال(32) مصنعاً. في 2013 وضعت وزارة الصحة الاتحادية لخطة الاكتفاء الذاتي، وذلك للوصول بالأدوية الأساسية وكان المستهدف الوصول إلى (70 %) في عام 2019م، وجملة إنتاجنا تساوي ضعف المستورد، ومن حيث الشكل العام ننتج مليارين و(500) حبة مقابل (1.119) مليار حبة، وتنتج المصانع المحلية نحو (459) مليون كبسولة مقابل (250) مليون كبسولة، رغم الاستهلاك الكبير نجد أن الصناعة الوطنية تغطي نحو (60 – 70 %) من الاستهلاك. ولفت بابكر إلى أن الصناعة الوطنية تنتج نحو (19) نوعاً من خطوط الحبوب، الصناعة الدوائية لم تدخل في مجال المحقونات وهي نسبة كبيرة من جملة الأدوية المستهدفة، واحد من أسباب اللجوء للصناعة المحلية كامن قومي لأغراض سيادية، بالإضافة إلى إحكام الرقابة على المصانع، والصناعة المحلية توفر فرص عمل. تحتاج زيادة الإنتاج الدوائي بالبلاد إلى مزيد من السياسات والدعم الحكومي المباشر، ويقول صلاح سوار الذهب عضو لجنة الصحة والسكان بالمجلس الوطني، إن الدخول في استثمارات أجنبية عبر التصنيع التعاقدي دون شروط يعد خصماً على الاقتصاد الوطني، ويضيف: "نحن ضد الاستثمار الذي يكون خصماً على الاقتصاد"، وذلك من خلال تحويل أرباحها بالعملة الأجنبية خارج البلاد، لذا كان الشرط للمصانع الأجنبية أن يتم التصدير خلال خمس سنوات من بداية الإنتاج، المصنع المحلي يوفر أدوية ذات جودة، والمصانع الوطنية إنتاجها ضعيف، ويشير إلى أنه لابد أن يستمر الاستيراد والتصنيع جنباً إلى جنب وأن تنهض الصناعة المحلية. ويمضي بأن الدواء المستورد أرخص من الدواء المصنع محلياً؛ لأن المصانع الأجنبية تنتج كميات كبيرة تؤدي إلى خفض الأسعار عكس المصنع المحلي محدود الإنتاج، لذا لابد من خطة لدعم الصناعة المحلية، وأن تصل إلى التصدير، لابد من دخول رؤوس أموال في الصناعة الوطنية، المشكلة في أن بنية المصانع الداخلية ضعيفة، ودعمنا للصناعة المحلية لابد أن يكون لصالح توفير الدواء، للأسف جميع المصانع تتنافس على أصناف محددة، لابد من وضع سياسات تسهم في دفع الصناعة المحلية للوصول إلى مرحلة التصدير. وتشير سمية أكد، وزيرة الدولة بوزارة التعاون الدولي، إلى أن سياسة الدولة وضعت الأدوية في السلع الأساسية للبرنامج الخماسي، خاصة وأن الخلل في الميزان التجاري بين الصادر والوارد، باعتبار أن الدواء من السلع التي تستهلك أموالاً وهي من الفواتير العالية، والإصلاح في قطاع الدواء تم من خلال إصلاحات سياسية لمصلحة الصناعة الدوائية الوطنية المتمثلة في حزمة إجراءات كانت تعاني منها الصناعة الدوائية، تم إلغاء جميع الرسوم المفروضة عليها، وكانت هناك فوارق كبيرة في الدعم بين المستورد والمصانع، وعملت وزارة الصحة على وضع إجراءات منها فتح باب التسجيل للأدوية الجديدة، بجانب قضية البنى التحتية للمصانع الوطنية لتصل بإنتاجها للاكتفاء الذاتي وصولاً لمرحلة التصدير، وأوضحت أن أي منتج لابد أن يفكر في أن يتجاوز إنتاجه السوق المحلي. اليوم التالي