ارتفع سعر الدولار من 12 إلي 15 جنيه، وكان السعر الرسمي الذي حدده البنك المركزي للدولار يساوي 7 جنيه إلا شوية، فطلع علينا البنك ببدعة إسمها الحافز، ومعناها أن كل من يبيع دولاراً لأي بنك يمنح السعر الرسمي زائداً 8 جنيهات تسمى الحافز، ومعناها يا تجار السوق الأسود أنا البنك الأسود .. بنك في شكل تاجر عملة، الثاني في برندات السوق الأفرنجي والأول في مبناه الفاخر بالمقرن. ولكن السوق الأسود فات الحافز، ووصل إلي ما فوق ال22 جنيهاً، وأسعار السوق (ولعت)، وكل صاحب سلعة صار يعادلها بالدولار، ولكن البنك الذي انهزم في الجولة الأولي بالضربة القاضية يقول أنه لن يغير سياساته، ووجب عليه أن يقول أنه غير قادر على تغيير الأوامر التي صرفها له صندوق النقد الدولي، وكان عليه أن يقول بروح رياضية أنه (انبطح) لأمريكا كما انبطحت الحكومة، ولكنه سكت دهراً ثم نطق مرة ثانية ليقول أن المضاربة في الذهب هي سبب ارتفاع سعر الدولار، ومتى كان الذهب يباع بالدولار، حتى يزداد الطلب عليه فيرتفع سعره؟؟ وماذا كانوا ينتظرون غير انهيار قيمة الجنيه، وهم يعومون العملة، ويلغون السعر الرسمي؟!! والتعويم الذي يشترطه صندوق النقد الدولي يتيح للدول الرأسمالية الحصول على مواد خام رخيصة، ومعناها أرباح أكثر، أما على صعيد الشعوب التي تنتج هذه الخامات الرخيصة فالفقر والغلاء ينتظرها نتيجة تخفيض عملاتها. نفترض أن سعر قنطار القطن يساوي 800 جنيه، وأن الدولار يساوي 10 جنيهات، معنى ذلك أن سعر القنطار يساوي 80 دولاراً، وهو أدنى سعر سيتم تصدير القطن به للأسواق العالمية. ونفترض أن المسؤولين الإنقاذيين وبناء على شروط أسيادهم الأمريكان خفضوا سعر الجنيه، وابتدعوا الحافز فصار الدولار يساوي 20 جنيهاً، معنى ذلك ان سعر قنطار القطن يساوي 40 دولاراً ..من الذي استفاد؟ بالطبع السوق الرأسمالي الذي أصبح يشتري القطن السوداني بنصف قيمته السابقة. ومن الذي أصابة الضرر؟ غالبية الشعب الفقير، فالسلعة التي كانت تدخل بلادنا وقيمتها دولار واحد، وكانت تباع بعشرة جنيهات، أصبحت تباع ب 20 جنيهاً وقس على ذلك. وجوال السماد الذي يأتي من الخارج سيتضاعف سعره، وأيضاً الآلات الزراعية والجرارات، والخامات الصناعية المستوردة...وبالتالي ترتفع أسعار المنتجات المحلية بنسبة 100%. وتركب الحافلة، فيقول لك الكمساري أن فئات النقل قد زادت، والسبب الدولار، وسيد اللبن سيرفع سعر الرطل لأن الدولار زاد، وكباية الشاي تحت الشجرة يزداد سعرها بزيادة الدولار، والعيشة ينقص وزنها لأن الدقيق يستورد بالدولارات، والدواء ينعدم في الإجزخانات، وبنك السودان يقول لا تغيير في السياسات، وإناث الإبل وصلت الإمارات، والكوليرا في تمبول ومتوجهة إلي شمبات، والعصيان قادم والمظاهرات. [email protected]