في خطوة تعتبر تعويضا مجزيا لما فقدته الدولة من مصادرها النفطية بعد انفصال الشطر الجنوبي عنها، أعلنت الحكومة السودانية رفع صادراتها من الذهب الخام إلى 4 مليارات دولار سنويا ابتداء من العام المقبل، فيما كشفت شركات تنقيب عالمية في مجالي التعدين والنفط والغاز، النقاب عن وجود مخزونات كبيرة جدا من الذهب والكروم والحديد إلى جانب مخزونات تجارية من النفط والغاز في مختلف الولايات السودانية. ويشكل الذهب الذي تسجل أسعاره في البورصات العالمية مستويات تاريخية غير مسبوقة (أكثر من 1800 دولار للجرام يوم أمس) يشكل حاليا 85% من إجمالي الصادرات السودانية غير النفطية، حيث بلغ إجمالي صادرات الدولة من المعدن الأصفر 532,4 مليون دولار بنهاية الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، مرشحة أن تتجاوز حاجز المليار دولار بنهاية 2011، فيما تعمل الدولة جاهدة على إنشاء مصفاة للذهب مطلع العام المقبل، وفق التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير المعادن د. عبدالباقي الجيلان. أكد ذلك القائم بأعمال السفارة السودانية في البحرين الذيد عبدالرحيم سرالختم في تصريح ل «أخبار الخليج» أمس، وقال إن بلاده تركز اليوم على اعتماد الذهب مصدرا رئيسيا للدخل ضمن سلة متنوعة من المصادر غير النفطية، إلى جانب الإنتاج والتصنيع الزراعي وصناعة اللحوم والحبوب، بالإضافة إلى أن الدولة ما زالت تنتج 115 ألف برميل من النفط يوميا يتم تكريرها داخليا، فضلا عن المبالغ النقدية التي سترد إلى الدولة كعوائد لاستخدام دولة الجنوب أنابيب تصدير النفط التي تمر عبر الأراضي الشمالية إلى مصانع التكرير في شمال شرق السودان، حيث تعتبر أطول خط لأنابيب النفط في الشرق الأوسط وإفريقيا. وأكد سرالختم استمرار التدفق الاستثماري العربي والعالمي إلى السودان في شتى القطاعات الاقتصادية، وقال «تعتبر دول الخليج العربية أكبر مستثمر في بلاده، حيث تقدر استثماراتها بعشرات مليارات الدولارات في مختلف المجالات الاستثمارية على مستوى الحكومات والأفراد، ففيما تركز الحكومات الخليجية استثماراتها في السودان حتى اليوم على البنى التحتية وبناء الطرق والسدود واستصلاح الأراضي الزراعية، يتجه الأفراد نحو الاستثمار في التعدين والسندات والزراعة والثروة الحيوانية وتجارة الحبوب. وتقدر الأراضي الزراعية الصالحة في السودان بنحو 100 مليون هكتار، أي ما يشكل نحو 48% من الاراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي، لعل أهمها مشروع الجزيرة الذي يعد أكبر مشروع زراعي في الشرق الأوسط، وتستحوذ الإمارات العربية وحدها على نحو 58% من الاستثمارات الخليجية في المجال الزراعي في السودان. وقال سرالختم إن بلاده تعتبر حاليا الملاذ الأكثر أمنا للاستثمارات الخليجية والعربية، في وقت تتنامى فيه مخاطر الاستثمار في الدول الأوروبية والآسيوية والولاياتالمتحدة، ففيما تعاني الدول الأوروبية من أزمة ديون سيادية طاحنة مرشحة للتفاقم في أية لحظة، تعاني الدول الآسيوية من تدن كبير في معدلات نموها الاقتصادي، أما الولاياتالمتحدة، فتواجه أزمة حادة بسبب تفاقم العجوزات المالية والارتفاع الحاد في ديونها الخارجية مما أدى بمؤسسات التصنيف الائتمانية إلى خفض تصنيفها من تريبل ايه (AAA) إلى دبل ايه بلس (AA+). كل ذلك يعرض الاستثمارات العربية في هذه المنظومات الدولية والتكتلات الاقتصادية، إلى مخاطر حقيقية، الأمر الذي يبقي المنطقة العربية ملاذا آمنا للاستثمارات العربية. ويعتبر السودان ثاني دولة إفريقية مستضيفة للاستثمارات الأجنبية المباشرة بحسب آخر تقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، وسادس دولة عربية، حيث بلغت قيمة التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى السودان في 2010 آخر رصد سنوي حوالي 3,7 مليارات دولار أمريكي. ودعا سرالختم رجال الأعمال البحرينيين - أسوة بمؤسسات القطاع الخاص الإماراتية والقطرية والكويتية والسعودية - إلى اغتنام فرصها في مجالات الاستثمار التي توفرها بلاده أمامهم، وفق قوانين استثمارية مرنة، يمكن الحصول عليها من السفارة، وهي معلومات سوف يكون الحصول عليها متاحا عبر وسائل الانترنت قريبا. وقال «إننا نسعى بكل الوسائل والسبل، الى أن ترتقي الاستثمارات البحرينية في السودان إلى مستوى طموحات الدولتين اللتين وقعتا 8 اتفاقيات تجارية واقتصادية ودبلوماسية تنتظر التنفيذ، مؤكد أن سفارة بلاده لدى البحرين سوف توفر كل التسهيلات والضمانات اللازمة والتوجيهات الإرشادية المطلوبة أمام المستثمر البحريني على مستوى الأفراد والشركات». من جانب آخر، تطرق سر الختم إلى ما أسماه الثورة التي أحدثتها بلاده في ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية، وقال «لقد نجحت الحكومة السودانية في استقطاب استثمارات خليجية مهمة لبناء سد مروي الذي يعتبر أكبر وأحدث سد في إفريقيا وعلى امتداد حوض النيل، حيث يتم توليد طاقة كهربائية تغطي حاجة البلاد المترامية الأطراف، وهناك خطط لتصدير الكهرباء إلى دول جوار أخرى». كما أن «هناك مشروعا آخر يتم تنفيذه حاليا، وهو مطار الخرطوم الدولي الجديد الذي اكتملت بناه التحتية، وتم ضخ أموال واستثمارات خليجية كبيرة فيه، وهو مشروع ينطوي على أهمية كبيرة، حيث يشكل هذا المطار شريانا رئيسيا للتواصل بين دول الخليج والدول الإفريقية التي بدأت تستحوذ على اهتمام كبير من قبل المستثمرين العرب والأجانب، إضافة إلى عدد من مشاريع الطرق والجسور التي ربطت العواصم التجارية بالسودان بموانئ التصدير الحيوية، مما عزز كثيرا من انسيابية تدفق المنتجات السودانية عبر الولايات وموانئ التصدير». وكشف سر الختم النقاب عن أن هناك مساعي حكومية حثيثة لربط المدن في العاصمة المثلثة (الخرطوم، وأم درمان والخرطوم بحري) بشبكة حديثة من وسائل المترو والترام، الأمر الذي يهيئ وسيلة تنقل سريعة، تسهم في تنمية حركة الإنتاج لمحركات التنمية (القوى البشرية) في المجالات الإنتاجية، وبالتالي إضافة عنصر مهم من عناصر الجدوى الاقتصادية للاستثمارات المحلية والعربية في السودان. ----------------------- أخبار الخليج البحرينية