بعد طول انتظار اطل من خلال شاشة التلفزيون السوداني وجه الجنرال عوض ابنعوف و اذاع البيان الاول للانقلاب العسكري باسم اللجنة الامنية المكونة من الجيش و الشرطة و جهاز الامن و قوات الدعم السريع و ليس باسم الجيش كما جرت العادة في الانقلابات العسكرية السابقة. اطلالة ابنعوف شكل صدمة قوية للمعتصمين امام مبنى القيادة العامة بالخرطوم و قابلوا ما جاء في البيان الاول برفض قوي و اكدوا عزمهم بمواصلة الاعتصام حتى تشكيل مجلس انتقالي بتمثيل مدني من اشخاص لا يمثلون امتدادا للعهد البائد و الذي لم يبد حسب ما جاء في البيان اذ اسند تسيير دولاب العمل في الحكومة المركزية و الولايات للذين تم التمكين لهم من عضوية الحركة الاسلامية مما اعطى انطباعا لدى الثوار ان ما تم الاعلان عنه هو مرحلة الانقاذ/2. ابن عوف في بيانه الاول خلط طيبا بخبيث فقد اعلن انهم تجاوزوا انشقاق القوات النظامية و الحلول الامنية التي كان يرغب فيها رأس النظام ما كان سيؤدي لخسائر كبيرة في الارواح، لذلك انهم قرروا: 1) اقتلاع النظام و التحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن. و ما يعاب على هذه الجزئية ان رئيس النظام لم يتم ايداعه السجن الرسمي بكوبر و معه من رموز النظام. 2) تشكيل مجلس انتقالي عسكري لادارة البلاد لمدة عامين، و تعطيل الدستور، اعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور و اعلان حظر تجول لمدة شهر و حل مؤسسة الرئاسة رئيسا و نوابا و مساعدين، و اتبعها بحل مجلس الوزراء و حل البرلمان و مجالس الولايات ، و حل حكومات الولايات و مجالسها التشريعية و اسند للصف التنفيذي بادارة الوزارات الاتحادية و حكام الولايات و من يساعدونهم…و استمرار القضاء و المحكمة الدستورية (لاحظ تعطيلىالدستور)!!!! و هنا نجد ان البيان الاول أشبه بحية رقطاء ذات رأسين قطع احدهما مجازا و بقي الآخر في حالة ذعر و اضطراب يذكرني بلوحات تشكيلية سريالية لبيكاسو و سلفادور دالي.. و لنناقشها سوءات البيان الاول كالآتي: *- اذاع ابنعوف البيان الاول للانقلاب بصفته وزيرا للدفاع في النظام الذي اعلن اقتلاعه و الذي شغل فيه وظيفة النائب الاول لرئيس الجمهورية و وزير الدفاع و الذي ادى القسم عليه امام الرئيس البشير لشغل الوظيفتين، فكيف استثنى نفسه من اقتلاع النظام و من حل الحكومة التنفيذية؟ هنا يتضح ان ابنعوف تعطلت لديه قدرات التفكير و انه ينفذ سيناريو سيئ الاعداد ما يؤكد ان من بالمجلس الانتقالي هم مجرد دمى تحركها ايد خفية تظن ان الذكاء موفور لها حصريا و ان الشعب السوداني قد اصبح مجرد قطيع من نعاج حسبما اعدوه من مناهج تعليمية و مناهج اعلامية مضللة و نظام امني لا اخلاقي باطش مهمتها جميعا تخدير العقل و المزاج الشعبي السوداني و طبعه بطابع التبعية و إلهائه بمتاعب معيشية و حياتيه تحصر تفكيره في غريزة التشبث بالبقاء احياءا في خرق بالية مسلوبة الارادة. **- ابن عوف اعلن اقتلاع النظام و عدد اوجه الاقتلاع بحل كذا و كذا كما جاء في صدر المقال، و فات عليه ان هنالك تراكمات نفسية و حسابات راكمتها سنوات نظام الانقاذ مما يحتم محاسبة لا تغفل قضية واحدة ، فلما لم يعلن ابنعوف في بيانه الاول حل حزب المؤتمر الوطني و الحركة الاسلامية السودانية اللذين أسسهما و رأسهما رأس النظام المخلوع عمر البشير ، كما لم يعلن حل المليشيات المسلحة التابعة لحزب المؤتمر الوطني و التحفظ على قادة تلك التنظيمات السياسية و العقائدية و العسكرية المليشاوية. ***- حل الحكومات الاتحادية و الولائية استتبعهما بتكليف وملاء الوزارات و الولاة و مساعديهم لتسيير دولاب العمل الحكومي، مما يعنى استمرار التمكين لمنسوبي الحركة الاسلامية السودانية مما يعد ثغرة كبيرة في البيان الاول الذي حررته الاقلام الخفية التي وراء هذا المجلس العسكري الانتقالي. ****- اعلان تكوين المجلس العسكري لم يخل من رموز النظام المقتلع ، ما يؤكد النية لاعادة تدوير النظام و رموز و سياسات النظام الانقاذي البغيض ، كما لم يستشار ممثلو الشعب فيه. لذلك يجب علينا كسياسيين و مهنيين و مستقلين ان نجلس ارضا و نتدارس و نتفاوض مع قادة الانقلاب حول البيان الاول و نطوره وفق رؤية وطنية و سياسية ذات زاوية منفرجة تتيح للجميع المشاركة في القرار الوطني لحكم السودان وفق الخطوات الآتية: 1) يجب الاستمرار في الاعتصام كمرجعية شعبية ثورية للتغيير. 2) مطالبة المجلس العسكري الانتقالي باعادة النظر في تركيبته باستبعاد كافة الرموز التي كانت تتولى مناصب سياسية او انها تنتمي للحركة الاسلامية و حزبها و التحفظ عليها لمحاسبتها. 3) اعادة تسمية المجلس العسكري الانتقالي بتسميته (مجلس الخلاص الوطني) و تمثيل كافة كيانات المعتصمين و الحركات المسلحة في المجلس مناصفة. 4)تمديد الفترة الانتقالية لمدة 4 او 5 سنوات. 5)ان تتولى كيانات المعتصمين المهنية و السياسية بالتنسيق مع (مجلس الخلاص الوطني) اختيار حكومة تكنوقراط تنفيذية تتكون من كفاءات وطنية مشهود لها بالخبرة و الاستقامة و العفة. 6)ان يتم اختيار مجلس تشريعي من (120)شخصية وطنية بواقع (10) اشخاص لكل قطاع من القطاعات العشرة بين قوسين( قانونين و اقتصاديين و اداريين و قوات نظامية و مزارعين و عمال،و تربويين و اطباء و سياسيين و صناعيين و المرأة و الشباب) ليتولى التشريع و اجازة القرارات التي يصدرها مجلس الخلاص الوطني او الحكومة التنفيذية و اجازة الدستور الدائم و اجازة قانون الاحزاب و قانون الانتخابات مع اعادة النظر في القوانيين المجحفة. 7) اعادة العمل بالدستور المؤقت الذي كان سائدا قبل انقلاب الانقاذ المشؤوم. 8)اعلان حل حزب المؤتمر الوطني و المليشيات الحزبية التابعة له و للحركة الاسلامية مع اعفاء كافة العناصر الامنية الموالية لهما و ايلولة كافة مقاره و اصوله للحكومة و تموين لجنة قومية تتولى حصر مخالفات هذا الحزب تمهيدا لمحاسبته و احالة امره للقضاء. 9)تعديل قانون الدفاع الشعبي و تحويله لجيش احتياطي مع اعفاء قياداته المدنية و محاسبتهم ماليا. 10)التأكيد على قومية الاعلام و سحب تراخيص القنوات الفضائية غير الحكومية لارتباطها بالنظام السابق و وضع الحراسة الدائمة عليها و التحقيق في مصادر تمويلها نع اعتقال اصحابها. 11) تحويل كافة المعتقلين الى السجون النظامية تحت ادارة وزارة الداخلية. 12) اعفاء رئيس جهاز الامن و قادة جهاز الامن المعروفين بولائهم للحركة الاسلامية و حزب المؤتمر الوطني و اسناد رئاسة جهاز الامن و افرعه لشخصيات قومية معروفة بحنكتها و التزامها بالقانون مع تعديل المادة (25) من قانون الامن برفع الحصانة عن منتسبيه و مراجعة هذا القانون لتحويل هذا الجهاز لجهاز امني رشيد. 13) اعفاء كافة القناصل و نوابهم و كافة السفراء المعروفين بانتمائهم للحركة الاسلامية و احلال كفاءات وطنية مكانهم. هذا ما اقترحه على قوى المعتصمين و على القوات النظامية الاتفاق عليه من اجل دولة مستقبل السودان. هذا جهدي في الدفع بالخلاص الوطني و الله من وراء القصد. جنب الله السودان الشرور و الانقسام.