كما نوهت لاحقا فإن أمر المتشابه و المثانى فى القرآن ليس بجديد و لكن ربما تسليط الضوء عليه هو الجديد, لم أكتشف جديدا و هذا الامر ليس بقنبلة أو فرقعة, و ما كان الله سبحانه بين دفتى قرآنه ليتركنا بدون شفرة لغوية تحفظ معانى كلماته من التغيير عبر الزمن و اللغة كائن حى لا يستقر على حال ,أنظرأيها القارئ الكريم لهذه الأبيات من معلقة طرفة بن العبد فى العصر الجاهلى و هى بلغة عربية فصيحة و لكنا لا نكاد ندرك منها شئ:- تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِي حَدَائِقَ مَوْلِيِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ، وَتَتَّقِي بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَا حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْرَدِ فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ، وَتَارَةً عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ ليس من الحكمة ترك تراث السلف الدينى كله أو رميه و لكن لابد من التنقيح و التصحيح و إلا مثلا لصدقنا أن إبنة ملك بابل قد مسخت كوكب الزهرة أو أن الهر قد خلق من عطسة الاسد فى سفينة نوح كما تقول بعض كتب التفسير المشهورة, فى شأن المثانى إختلف المفسرون من السلف فى معنى (مثانى) فبعضهم قال سبع مثانى هى سور محددة تكرر فيها القصص و الحكم و المواعظ و النذر و الاحكام و قال البعض الآخر أن السبع المثانى هى آيات سورة الفاتحة لقوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر, و قد ورد التفسير هكذا فى الطبرى : حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب. حدثني سعيد بن يحيى الأمَويُّ، قال: ثني أبي، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال في قول الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي فاتحة الكتاب ، فقرأها عليّ ستا، ثم قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة ، قال سعيد: وقرأها ابن عياش عليّ كما قرأها عليك، ثم قال الآية السابعة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فقال ابن عباس: قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، أن أباه حدّثه، عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: فاستفتح ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، ثم قرأ فاتحة الكتاب، ثم قال: تدري ما هذا( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ). القرآن لا يختلف بعضه عن بعض فلغويا فى القرآن إثنين و مثانى لا تعنى إلا إثنين أو مزدوج ثم ألاية السابقة تتحدث عن إيتاء النبى الكريم شيئين مختلفين مع أنهما إيناء من الله سبحانه و قد أوتى النبى حصرا الوحى و هو القرآن فما الشئ المختلف أو المميز فيه؟ قطعا هى سورة الفاتحة فلا تصح الصلاة إلا بها و السؤال الذى يطرح نفسه هنا هل آياتها مثانية المعنى؟ فلنر: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الله هو المعبود و هو منبع الرحمة. الحمدلله رب العالمين(2) الله هو الرب و العكس صحيح, معنى الالوهية و الربوبية يحتاج لمقال طويل و لكن باختصار ففى آيات القرآن نجد أن إسم الجلالة الله يذكر كثيرا عند التدخل المباشر مثلا عند نزول الوحى أو خرق السنن و إجتراح المعجزات و الرب يذكر دائما عند إضطراد السنن الطبيعية المعروفة. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) الرحمن هو الذى شملت رحمته كل الخلائق و الرحيم رحمته خاصة للمؤمنين الطائعين. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) هو ملك يوم الدين و مالك يوم الدين فى قراءة أخري و فى آية أخري هو (الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن) هو ملك الدنيا و ملك الآخرة. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) نفردك بالعبادة و نطلب منك العون. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) إهدنا الاستقامة فى الدنيا و العبور على الصرط فى الآخرة صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ظاهر الآية يدل على كل من أنعم الله عليه حتى بنعم الدنيا, ولكن باطنها يقول الذين أنعمت عليهم هم من أسلموا و حسن إسلامهم لقوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا(3) المائدة. أما القول بأن القرآن يشبه بعضه بعضا فقد ورد ذكره بنفس المعنى فى قوله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) النساء وورد فى (مناهل العرفان فى علوم القرآن) ما يلي: وأما أن بعضه حكم وبعضه متشابه فمعناه أن من القرآن ما اتضحت دلالته على مراد الله تعالى منه ومنه ما خفيت دلالته على هذا المراد الكريم فالأول هو المحكم والثاني هو المتشابه على خلاف يأتي بين العلماء في ذلك بيد أن الذي اتفقوا عليه ولا يمكن أن يختلفوا فيه هو أنه لا تنافي بين كون القرآن كله محكما أي متقنا وبين كونه كله متشابها أي يشبه بعضه بعضا في هذا الإتقان والإحكام وبين كونه منقسما إلى ما اتضحت دلالته على مراد الله وما خفيت دلالته بل إن انقسامه هذا الانقسام محقق لما فيه كله من إحكام وتشابه بالمعنى السابق. حتما لا يعقل أن يرسل لنا الخالق وحيا أى رسالة بلغتنا ثم تكون مبهمة,هذا أمر غير منطقى. تبقى كلمة واحدة فى قصة سيدنا آدم قبل الاستواء إلى التأويل الحقيقى للقصة و هى (الرؤيا) و ليس الرؤية و مشتقاتها و هى تنقسم إلى عدة أضرب:- مايريه الله سبحانه لانبيائه : وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78), الانعام, المشاهد التى عاينها إبراهيم عليه السلام يستحيل أن يراها إنسان كلها فى نفس اللحظة إلا إن كشفت بصيرته و مصداقا لذلك قال سيدنا إبراهيم لابيه : يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)مريم. وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (9) إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)طه واضح من الآيات أن النار لم يرها غيره (راى و آنست ). و الله سبحانه ليس فى النار فليس كمثله شئ و لا يحده مكان و لا زمان و لابعد. مايريه سبحانه لاصفيائه: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ (13) آل عمران, إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)الانفال , وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)الانفال, نزلت الآيات السابقة بشأن معركة بدر. الشذوذ الوحيد هو فى كلمة تراءت فقد وردت فى واقعة أخرى : فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)الشعراء, و كلمة تراءت هنا جاءت بمعنى الرؤية الحقيقية لأن صيغة (تفاعل) لا تفرق بين الرؤيا و الرؤية و الامر يعود للسياق للتفرقة بينهما. ما نراه فى الآخرة: إِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)الانسن, وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ (36)النازعات. الرؤى المنامية: إذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)يوسف, فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)الصافات, التعبير أرى هنا يدل على رؤي متكررة و ليست واحدة و كان هذا شيئا ذا مغزى للاولين إذ يأذون الرؤيا المتكررة بجدية تليق بها. العلم الملائكى: لقد حاز أهل ما بين النهرين على معارف كثيرة أدهشت العلماء فى مجالات كثيرة منها علم الفلك و لقد أشار القرآن لذلك أيضا فى قوله تعالى : أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا(16)نوح, رأى بعض المفسرين أن نوحا عليه السلام لم يك وحده فى الدعوة الى الله فقد أرسل الله ملائكة أيضا لقوله تعالى: وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)هود وبينما فى العنكبوت: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26), و لم يك ذلك غريبا فى ذلك الزمان فقد كان الانسان يحتاج الى الملائكة و المعجزات كثيرا فى بادئ الامر و مثل ذلك قصة الملكين ببابل:وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ(102) البقرة. العلم الشيطانى: يتمثل فى تعليم الناس السحر و الوسوسة فى الصدور و منعهم من حمد الله على نعمه و الاهم من ذلك إزاحة لباس التقوى من على القلوب: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)الاعراف, يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف. مدركات الفكر البشرى عن الماضي و الحاضر و المستقبل: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) الفيل, إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6)المعارج, وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) القصص, بالمناسبة- حادثة الفيل حصلت قبل مولد النبى الكريم ب51 يوما. القدرة على الابصار بالعين: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40)النور, فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)الشعراء, أى عندما صار الجمعان فى مرمي البصر(تقريبا 5 كيلومترات). يتبين لنا أن الرؤيا فى القرآن تشمل طيفا واسعا أغلبه متعلق بالبصيرة و الفكر وقليله متعلق بالقدرة على الابصار بالعين و هى فعل سلبى passive و يختلف عن مجرد النظر فأنت قد تنظر و لكن قد لاتري ببصرك أو بصيرتك أو فكرك. أهمية التحليل اللغوى لآيات القرآن الكريم تكمن فى أن القرآن هو معجزة الرسالة الخاتمة و هى معجزة عقلية , إكتشاف الترابط الوثيق بين معانيه يعمق الايمان و يفتح مدارك الانسان و يربطها بكثير من معارف اليوم, كذلك يضبط معانى الكلمات و الآيات, والاهم من ذلك ففى غياب الدراسات النقدية و التحليلية لتراث السلف الذى أسبغت عليه صفة القداسة و فى وجود الكثير من التحديات الماثلة أمام الفكر الاسلامى المعاصر, يصبح من المهم جدا تقليل الاجزاء الغامضة من كتاب الله بسبب الاعتماد التام على كتب السلف على مافيها من أخطاء و بعد عن عالمنا الحالى و نختم فى المقال القادم بتكملة القصة الحقيقية لسيدنا آدم عليه السلام فى ضوء ماورد من متشابهات. صلاح فيصل